كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
السودان بين الاحياء والتحديث.. إختيار موفق لعنوان يشحذ مفارز عديدة لمشكلات مزمنة ومعقدة .. منها السياسي والاجتماعي والثقافي على النحو الذي يطرحه علينا الأستاذ السعيد.. عنوان هو في حده كتاب كثيف الصفحات.. طرحت علينا صفحة من إحدى ملازمه العديدة.. حاول وهو يدرك أهمية كافة ملازم الكتاب من حيث الضرورة.. ولذا استدرك في البدء قائلا:
Quote: لا أدري كيف دخلت في هذه المنطقة ولا أدري إلى أين سيقودنا هذا الممر الضيق |
.. ولاكون صادقا معكم .. لم استوعب مغزى استدراكه سوى مؤخرا.. عندما تتابعت الأفكار والأسئلة.. وتوالت رؤى المتداخلين.. وتفككت عقد التعبير.. وليت مشاكلنا الوطنية تتفكك عمليا .. مثلما تتفكك عقد أفكارنا وألسنتنا.. حقيقة لست بصدد تلخيص أو تقييم ما طرح بمسؤولية وتجرد من قبل المشاركين في هذا البوست.. أو حتى إدعاء إمتلاك الحل.. فكلنا في مرحلة تقصٍ لمسببات الأزمة.. غير أنني طامح في إطار ذلك .. توسيع منافذ الحوار الدائر بعد إذن صاحب البوست والإخوة المشاركين.. فهنالك ملزم له أثره الواضح في تكوين الشخصية السودانية الثقافية الحديثة .. وحين أقول الحديثة .. أعني الشخصية التي تكونت على إثر المد التبشيري المسيحي.. وما أعقبه من مد إسلامي وهجرات عربية .. هذه التقدمة ضرورية قبل الكشف عن الملزم الذي أعنيه.. .. راجع ليكم كلامي ما خلص.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: محمد على طه الملك)
|
Quote: ألم يحن الوقت للمطالبة بإبعاد منظور الواقع عن واقعيته والعمل على إرباكه وخلخلته ونزع صفة الالفة عنه وتغريبه بطريقة تعيق سرعة إدراكه وتجلب الانتباه لدهائه "في التاريخ" وتحرض التفكير.!!. |
هذا السؤال جاء في وقته وهو ليس بمعجز .. غير أنه يستلزم البحث بعمق وتجرد.. للوصول لجذر المشكلات وتعيينها.. من تلك.. هذا الملزم الذي نوهت إليه في المداخلة السابقة.. وهو ملزم يهتم بتعميق البحث.. لتشريح أهداف المؤسسات التعليمية التي انتظمت في البلاد من القرون الوسطى.. وأسست شخصية الفرد الثقافية في السودان.. ولا أجافي الحقيقة إذا قلت .. أن هذه الشخصية الثقافية .. هي اللاعب الأول فيما صرنا إليه من أزمات.. معلوم تأريخياً تصدر مؤسسة الخلاوي والمدارس التبشيرية في السودان .. لنظام ومناهج وأهداف التعليم في الجزء الأكبر من البقعة منذ القرون الوسطى.. باستثنا جيوب قليلة ظلت على حال ثقافتها القديمة.. ولا يغرب عن البال أن تلك النظم التعليمية .. تجلى أثرها في النظم السياسية التي تسيدت في أجزاء واسعة من البقعة.. من سلطنات وممالك ومشيخات.. وعندما ضمّت مصر الخديوية البلاد لأملاك الباب العالي.. لم يكن مقصدها إنشاء دولة في السودان.. لهذا لم تعني سياستها في السودان بتأهيل نظام ومنهج التعلم الكائن أو تطويره.. إلا بالقدر الذي يكفي لسد النقص في الوظائف الدنيا في ديوانها الكتابي والحسابي.. لهذه الغاية نشأ ما عرف وقتها بالكتاتيب في المراكز الإدارية الكبرى.. لم يتجاوز دورها التعليمي أهداف الكتابة والقراءة باللغة العربية وبعض الحساب.. بينما ظل تعليم الخلاوي هو السائد في الأوساط العامة.. ولهذا لم يكن مستغربا من خريجيها أن يعيدوا سيطرتهم على النظام السياسي.. فكانت الدولة المهدية التي أزاحت الحكم الخديوي.. غير أنه لم يعهد عنها اتجاها لتطوير النظام التعليمي .. أو تطوير أهدافه التي بقيت رهينة التربية الدينية .. واستشراف معانيها في مسالك التقشف والتذلل للخالق .. وإزعان المريد لتعاليم شيخه ومعلمه واتبّاع منهجه.. غير أن التأريخ سجل لقادتها مسعاهم الاصلاحي.. في تنقية الفكر الصوفي مما علق به من شعوذة وممارسات خاطئة.. بينما مضى النظام التعليمي على ذات النمط الذي عرف به سابقاً.. الى أن اعيد استعمار البلاد بواسطة التاجين المصري والبريطاني.. في هذا العهد شهد النظام التعليمي تطورا .. حيث تم تحديث النظام بانشاء المدارس النظامية .. وتحديث مناهجها الدراسية.. وهيكلة درجات التعليم الى مدارس أولية ومتوسطة .. وأخيرا كلية عليا عرفت بكلية غردون.. مع ذلك.. لم يتجاوز هدفهم من العملية التعليمية سقف حاجتهم لشغل الوظائف الدنيا .. وبقدر أقل الدرجات الوظيفية الوسيطة.. وعلى الرغم من استهجان المجتمع ومحاربته لأشكال التحديث .. غير أن البعض وبوجه خاص سكان المدن الكبرى.. استفادوا من ذلك.. وتحقق لابنائهم الحصول على تأهيل جيد.. مكنهم من شغل الوظائف الادارية والكتابية والحسابية في دواوين الحكم.. ولما كانت أهداف التعليم في الحكم الثنائي لا يعنيها تطوير المجتمع وتنميته.. ظل تعليما انتقائيا يهتم بتوفير كوادر دنيا ووسيطة لدواوين الحكم.. دون إعاقة لنشاط الخلاوي والمدارس التبشيرية .. فمضيا يلعبان دورهما التقليدي بين العامة.. .. لسه كلامي ما خلص.. بس من فضلكم نقطونا بـ( اب) الواحده دي .. عشان البوست ما يغطس لامن ارجع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
Quote: ولما كانت أهداف التعليم في الحكم الثنائي لا يعنيها تطوير المجتمع وتنميته.. ظل تعليما انتقائيا يهتم بتوفير كوادر دنيا ووسيطة لدواوين الحكم.. دون إعاقة لنشاط الخلاوي والمدارس التبشيرية .. فمضيا يلعبان دورهما التقليدي بين العامة..
|
لقد أنتجت تلك السياسة مع تتابع الاجيال ثنائية ثقافية .. دمغت ثقافة كيانات المجتمع ذي المرجعية الاسلامية والمسيحية.. وغدت الكلية الاجتماعية في سائر الوطن.. تواجه مداخلا للتنازع والشد الثقافي من محورين.. محور ثقافي يستصحب تعاليم الدين ويدمج بينه وبين حضارة العصر ومنجزه العلمي.. ومحور آخر في غالبه شعبي .. عاجز تماما عن تجاوز محددات ثقافته الصوفية الموروثة أو الكنسية العتيدة.. أو تقاليد موروثاته الثقافية المحلية القديمة.. هذان المحوران مازالا يؤثران بصورة عملية في الشأن الثقافي والسياسي الكائن الى اليوم في البلاد.. للأسف لم تنجز العهود الوطنية التي خلفت الاستعمار.. الدور المنوط بها لتلافي تلك المثالب.. فكان من الطبعي أن يشتد إوار الصراع بين المحورين.. ويبلغ مداه مرحلة المواجة التي غدونا في حضرتها الآن.. إن الكتل الطائفية التي تصدرت العمل السياسي.. والكيانات العلمانية المنافسة لها.. ومدرسة الإسلام السياسي التي خرجت من عباءة تيار ثقافي حديث.. كلها افرازت لواقع ثقافي مأزوم أنتجته ثنائية التعليم.. إن المدرسة الاسلامية الحديثة.. بدأ ظهورها بقيام المعاهد الدينية .. التي كانت بمثابة تطوير وتحديث لنظام الخلاوي ومناهجها.. سعى لانشائها نفر كريم من أبناء الوطن.. نالوا إجازات عالية في علوم الفقه من الجامع الازهر.. ثم مضي تطوير درجاتها الى أن بلغت المرحلة الجامعية في العهود الوطنية المتأخرة.. يقولون كل إنسان أسير ثقافته.. ولإن تغلب ثوار الخلاوي على نظام الحكم الخديوي فيما مضى.. فقد أغلق ورثتهم من الاسلاميين المعهديين.. الأبواب مرة أخرى في وجه مثقفي منهج التعليم الحداثي.. شدّ من أزرهم شيوع الثقافة الدينية وفق منهجها الخلواتي بين العامة.. تعمدت هذا السرد التأريخي.. لتقصي الجذور التي نبتت عليها الشخصية الثقافية للفرد السوداني.. ولعل تقصي تلك المرجعيات ضروري لتعين الأزمة الوطنية.. سواء من جانبها الثقافي .. أو الاجتماعي.. أو السياسي.. فثلاثتهم يشكلون معا البنية الرئيسة لمبررات الاجتماع البشري.. وخلصت لنتيجة مفادها.. أن كافة النظم التعليمية التي أسهمت في تشكيل شخصية السوداني.. منذ القرون الوسطي والى يومنا هذا.. لم تتجاوز مقاصدها التعليم الديني والتربية الاجتماعية و التوظيف .. وكلها مقاصد غير منتجة حين النظر إليها من زاوية اقتصادية.. لقد أصبح من المعلوم أن الهدف من التعليم هدف استثماري.. تحيطه الدولة بما يلزمه من نظم ومناهج ورعاية مباشرة.. لكي تجني ناتجه في تنمية موارها الاقتصادية ورفاهية كياناتها البشرية.. لم يعد الهدف من التعليم النظامي تفريخ متعلمين أو أنصاف متعلمين غير منتجين.. ولعل من أهم واجبات التنويرين في هذه المرحلة.. تنبيه القائمين على أمر الدولة.. للخلل الذي أحدثته نظم التعليم بشقيها في بنيتنا الثقافية.. إن من أوجب واجبات الدولة الحديثة.. استشراف الأهداف المرجوة من السياسة التعليمية.. والتي هي في الأساس تأتي متطابقة مع تلبية حاجيات المجتمع .. وتحقيق استقراره ورفاهيتة.. وتلك هي الغايات من عقد الاجتماع البشري.. إن غابت انفرط عقدها وصارت الدولة الى زوال. .. بس خلاص.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: محمد على طه الملك)
|
Quote: عفوا أستاذنا صلاح.. ماطرحته في هذا البوست من مضامين وأسئلة تنحت في ذاكرة واقعنا المأزوم.. كانت هي مدخلى وبقية الكرام .. وهي في لبوس حتميتها وأهوال عائدها كافية في تقديري.. لكي ترفع عن الدولة عيّها.. فتقيم منصات الحوار .. وسمنارات أوراق العمل .. وتفتح لها الجامعات مراكز البحوث .. إذ لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وأنفسنا أسيرة واقعها .. وهو الواقع الذي شحذتنا لتقصيه وسبر أغواره.. فإن لم تواتينا القدرة العملية على اجتراح الحلول.. يكفينا تسمية المشكلات وترسيم أُطرّها.. حتى تجد لها الأذهان المقبلة حلولا ناجزة وناجعة..
|
شكراً .. الاستاذ: الملك هذه شهادة افتخر بها .. خصوصاً من شخص في مقامكم الفكري والمعرفي ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
كتب الملك :
Quote: وعندما ضمّت مصر الخديوية البلاد لأملاك الباب العالي.. لم يكن مقصدها إنشاء دولة في السودان.. لهذا لم تعني سياستها في السودان بتأهيل نظام ومنهج التعلم الكائن أو تطويره.. إلا بالقدر الذي يكفي لسد النقص في الوظائف الدنيا في ديوانها الكتابي والحسابي.. لهذه الغاية نشأ ما عرف وقتها بالكتاتيب في المراكز الإدارية الكبرى.. لم يتجاوز دورها التعليمي أهداف الكتابة والقراءة باللغة العربية وبعض الحساب.. بينما ظل تعليم الخلاوي هو السائد في الأوساط العامة.. ولهذا لم يكن مستغربا من خريجيها أن يعيدوا سيطرتهم على النظام السياسي.. فكانت الدولة المهدية التي أزاحت الحكم الخديوي.. غير أنه لم يعهد عنها اتجاها لتطوير النظام التعليمي .. أو تطوير أهدافه التي بقيت رهينة التربية الدينية .. واستشراف معانيها في مسالك التقشف والتذلل للخالق .. وإزعان المريد لتعاليم شيخه ومعلمه واتبّاع منهجه.. غير أن التأريخ سجل لقادتها مسعاهم الاصلاحي.. في تنقية الفكر الصوفي مما علق به من شعوذة وممارسات خاطئة.. بينما مضى النظام التعليمي على ذات النمط الذي عرف به سابقاً.. الى أن اعيد استعمار البلاد بواسطة التاجين المصري والبريطاني.. في هذا العهد شهد النظام التعليمي تطورا .. حيث تم تحديث النظام بانشاء المدارس النظامية .. وتحديث مناهجها الدراسية.. وهيكلة درجات التعليم الى مدارس أولية ومتوسطة .. وأخيرا كلية عليا عرفت بكلية غردون.. مع ذلك.. لم يتجاوز هدفهم من العملية التعليمية سقف حاجتهم لشغل الوظائف الدنيا .. وبقدر أقل الدرجات الوظيفية الوسيطة.. وعلى الرغم من استهجان المجتمع ومحاربته لأشكال التحديث .. غير أن البعض وبوجه خاص سكان المدن الكبرى.. استفادوا من ذلك.. وتحقق لابنائهم الحصول على تأهيل جيد.. مكنهم من شغل الوظائف الادارية والكتابية والحسابية في دواوين الحكم.. ولما كانت أهداف التعليم في الحكم الثنائي لا يعنيها تطوير المجتمع وتنميته.. ظل تعليما انتقائيا يهتم بتوفير كوادر دنيا ووسيطة لدواوين الحكم.. دون إعاقة لنشاط الخلاوي والمدارس التبشيرية .. فمضيا يلعبان دورهما التقليدي بين العامة.. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
الأخ العزيز صلاح،
تحية و تقدير
Quote: قبل النهاية وقبل أن يذهب هذا البوست في خبر كان |
و بما أنى لم أكتشف هذا البوسط الثرى إلا مؤخراً، أتمنى أن يتم نقله إلى الربع الجديد.
مودتى الأكيدة، مع وعد بالعودة إلى هنا فى القريب إن شاء الله..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: Abuzar Omer)
|
Quote: الأخ العزيز صلاح،
تحية و تقدير
Quote: قبل النهاية وقبل أن يذهب هذا البوست في خبر كان
و بما أنى لم أكتشف هذا البوسط الثرى إلا مؤخراً، أتمنى أن يتم نقله إلى الربع الجديد.
مودتى الأكيدة، مع وعد بالعودة إلى هنا فى القريب إن شاء الله.. |
أبو ذر: لك الشكر .. لم أنقل من قبل بوست إلى ربع آخر .. لكن سأفعلها هذه المرة نزولاً عند طلبك وفي أنتظارك .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
Quote: أبو ذر: لك الشكر .. لم أنقل من قبل بوست إلى ربع آخر .. لكن سأفعلها هذه المرة نزولاً عند طلبك وفي أنتظارك . |
Quote: التغيير قادم شاء من شاء وأبى من أبى (على النمط التونسي أو الليبي.. وغالباً على السوداني فقد سبقنا الجميع ..). |
ربنا يجبر بى خاطرك أستاذنا العزيز صلاح. أنا من أنصار الكتابة اليوم عن أعمال الغد. حتى لا يأتى الغد و نرسم فى وجوهنا التساؤل الحاير ( و ماذا بعد؟). على العموم يا سيدى (أنهم يرؤنه بعيدا و نراه قريبا)..
على وعد بتواجد دائم هنا، إن شاء الله..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
أستاذنا العزيز صلاح السعيد، سـلام
نقل الموضوع للعام الجديد، أسعدنى جداً، فلك الشكر.
Quote: الآن.. لا يمكن الحديث "إلا جزافاً" بأننا "دولة وطنية" شئنا أم أبينا لم يحدث ذلك ولن يحدث في ظل التكريس للحماقة وفي ظل الإلغاء والقتل والشطب. الآن السودان يعاني من التعويق المحلي الداخلي ومن الاستدعاء ألقسري للإعاقة الخارجية. |
الجملة الأخيرة، تلخص أزمة و نفق مظلم نحو الغد. هنا أود أن أتساءل، هل هنالك سبيل "للدولة الوطنية"؟
و ماذا نملك من مقوماتها الآن؟
و هل هنالك أمل فى تغيير يلبى التطلعات ينجز بالحوار مع السلطة؟ أم أن التحديث ينشد طريقاً جديداً لا يمر بالمحطات القديمة؟
مودتى الأكيدة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: Abuzar Omer)
|
استاذي صلاح السعيد وكوكبة كتاب السودان ما بين الإحياء والتحديث "بدون فرز" سعيد باطلالة هذا الجهد في هذا الربع الجديد وإمكان استمرار ما بدأنا .. وعذرا استاذ السعيد إذ طلبت من بكري نقل البوست دون الرجوع لك ومشورتك ، وظني اكيد من عدم اعتراضك .. فقد شغلتني المعايش وجبروتها طوال الشهر المنصرم من وضع حرف هنا او الايفاء بوعود كنت قد قطعت على نفسي (مستحقة الايفاء). ولي عودة اكيدة وددت ايضاً الترحيب بالباشمهندس / اباذر ولحماسه وانضمامه للكوكبة فاهلا بيك وبي قلمك يا صديقي قبل الخروج : عام سعيد عليكم جميعاً وعلى من تحبون .. جعله الله عام خير وأمن وسلام عليكم جميعا وعلى شعبي الحزين .. رفع الله ظلمه وألمه ومحنته وبدل حاله من عسر إلى يسر .. احلام بعام تعود فيه رايات الديمقرايطية وحقوق الإنسان مرفرفة فوق كل الوطن .. احلام بوحدة ابناء هذا الشعب وعودة بناء ما تهدم وما دمر .. واحلام بسيادة العدالة والقانون وأحترام حقوق العباد .. احلام بوقف القتل والتشريد والتعذيب وانتهاك حق الناس في حياة كريمة وعيش كريم ، صحة وتعليم ، ومواصلات ، ورفاهية هي ابسط ما يستحق هذ الشعب ! أحلام وأحلام وأحلام أمل بغد أفضل .. سيصنعه يوماً قريباً بيده هذا الشعب الكريم ! محبتي ـــــــــــ تابر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان ما بين الإحياء والتحديث (Re: Aymen Tabir)
|
طالعت هذا الرابط بموقع سودان للجميع وهو عبارة عن مقال/دراسة للاستاذ / عبد اللطيف علي الفكي ، اعجبني ووجدت انه يصب في ابعاد مختلفة من حوارات دارت هنا وللمنفعة العامة رايت اضافته لجملة المساهمات الفكرية الممتدة هنا ، بأمل توسيع دوائر الحوار ، فالشكر للاستاذ/عبد اللطيف علي الفكي على القيمة المعرفية الدسمة في هذه الدراسة والتي هي علامة أصيلة في انتاجه الفكري .
Quote:
سيادة الديمقراطية المفاهيم اللغوية المشتفة من الجذر (س و د) لينتج لنا عبارة (سيادة) لا يقود إلى التحقيق الفعلي لمفهوم السيادة مفهوماً نعيشه في حياتنا الديمقراطية اليومية؛ بل مفهوم السيادة يأتي من تاريخ تطور عمليات الديمقراطية عبر تجارب الشعوب. وهي التي تعني أن السيادة تجعل خطاب الأحزاب الديمقراطية متقارباً وليس متباعداً متنافراً؛ كأن يقول سلفي مصري مثلاً سنفرض الشريعة على الناس ومن لم تعجبه فليذهب إلى بلد آخر. هذا تباعد وتنافر غاية في السذاجة وهو يقال في جو ديقراطي أتى به عبر انتخاب أتت به الإرادة الشعبية وليس السلفيين. أول ما تقوم به السيادة هو انعدام فرض الضد؛ فالسيادة لا تعني الأغلبية. لأن هناك أشياء سيادية لا تصلح فيها إجراءات الأغلبية والأقلية؛ وهي الأشياء الأحادية التي لا تكون قاسماً مشتركاً بين شعوب المكان. سأورد مثالاً يعمل على خرق سيادة الديمقراطية مورس في خلال فترة الديمقراطية الثالثة 85-89. هذا المثال بشقيه أ وب كان رد فعل لإنجاز معاهدة السلام بين الحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان في نوفمبر 1988؛ وهو عمل سيادي بين حزب وحركة مسلحة تقود القتال منذ بداية الثمانينات. ولأنه عمل سيادي تم استقبال وفد الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة محمد عثمان الميرغني في مطار الخرطوم بالآلاف المؤلفة. فقد كانت تقف الحافلات واللواري والبصات التي تحمل المستقبلين من حلة كوكو حتى المطار، وفي جهة الخرطوم من المطار حتى سوبا. ولم تسع ساحات المطار أعداد الناس الهائلة. فماذا كان رد الفعل؟ أ- ولأنني كنت أحد المواطنين المستقبلين، توقعتُ أن تنقل هذا الخبر السيادي المهيب كل أجهزة الإعلام. ولكن غضت حكومة الصادق المهدي الطرف عن كل هذا العمل السيادي العظيم. وكنا نتوقع أن تتوسع دائرة أطراف اتفاقية السلام لتشمل كل الأحزاب لو نوقشت نقاشاً سيادياً؛ لكن هذا الطموح ذهب أدراج الرياح؛ حينما علمت بنفسي ألا صدى لإعلام الصادق المهدي لهذا المشهد. وحتى في نشرة الأخبار لم يورَد كخبر؛ ففي رد الفعل هذا يصبح الصادق المهدي وحزبه غير سياديين. الصادق المهدي يخرق سيادة الديمقراطية عملاً بصغائر الحزب الغريم للاتحادي الديمقراطي. الصادق المهدي ليس سيادياً يرتقي خطابه مصاف سيادة الديمقراطية. هذه الجملة الأخيرة ليست بجملة إطلاق، وإنما تزن السياسي كونه ملتزماً؛ ولأن الالتزام لا يتجزأ، فتلك الجملة لا تعكس إلا حقيقة الرجل. ب- في ندوة عـُـقدتْ بدار جريدة الراية الناطقة باسم حزب الجبهة الإسلامية بتاريخ 15/4/1989 يقول الترابي رداً على معاهدة السلام التي عقدها محمد عثمان الميرغني مع جون قرنق: "لم أكن أظن أن العمر سيمتد بي لأرى هامات زعماء الدين تنحني أمام متمرد وكافر. لم أكن أظن أن العمر سيمتد بي لأرى زعيماً دينياً يطأطئ رأسه ويحني هامته ويسافر إلى بلد كافر ويلتقي متمرد كافر ويلغي شرع الله إرضاءً لمعسكر الكفر والنفاق". أ. ه.
الزعيم الذي يحني هامته هو محمد عثمان الميرغني إمام ديني لطائفة الختمية؛ والكافر هو جون قرن؛ والبلد الكافر هو أثيوبيا؛ ومعسكر الكفر والنفاق هو الحركة الشعبية بزعامة قرنق. فما الميزان الذي كان قاسماً مشتركاً أعظم في وصم كل هذا الكفر بالأفراد والبلاد والمعسكرات؟ إنه جملة "يلغي شرع الله". لم يكن الترابي خارقاً لسيادة الديمقراطية وسياسياً لا سيادياً فحسب، بل رجلاً يشيع الفتنة في التكفير. إنه الخرق الذي عتم هذا العمل السيادي تعتيماً شديداً عن وسائل الإعلام، وحمله محمل الفتنة هو الخرق نفسه الذي أصبح واقعاً فيما بعد إنقلاب الحركة الإسلامية العسكري. لذلك قلنا أعلاه إن الخطاب أصبح شيئاً من ضمن الأشياء المحيطة بنا التي تؤثر في حياتنا واصطدامه بعلاقات الواقع يشجب مستقبلنا. لاحظ جملة التهويل هذه وهي مكررة تقول "لم أكن أظن أن العمر سيمتد بي لأرى"؛ وهو تهويل يطلق عليه المنطق استئناف استدراراً للشفقة. هذا التهويل يحاول أن يجعل "الفتنة" التي أشاعها أن تكون "فتوى" صادرة من مفتي وليس رجلاً لا سيادياً فتاناً. كلمة "فتان" هنا لا تعني مطلق إساءة، بل هي واقع هذا الخطاب؛ فلو وضعنا علاقات المكان التي غض الخطاب الطرف عنها في خطابه كأن يقول " لم أكن أظن أن العمر سيمتد بي لأرى هامات زعماء الدين تنحني أمام متمرد ومسيحي. لم أكن أظن أن العمر سيمتد بي لأرى زعيماً دينياً يطأطئ رأسه ويحني هامته ويسافر إلى بلد مسيحي ويلتقي متمرد مسيحي ويلغي شرع الله إرضاءً لمعسكر المسيحية والنفاق"، فإن الميزان الذي قاس به كلمة "كافر" ميزان لا يعمل مع "ويلغي شرع الله". ومن ثم تبقى فتواه متضاربة لأن المقدمات تتناقض مع النتائج وهو ما يُسمى في المنطق الأغلوطة الشكلية. وهو ما جعله يركب الفتنة لأن علاقات المكان المنطقية لا تسمح له بتلك الفتوى وإنما الفتنة وحدها هي التي تسمح له بذلك. وهو ما يُسوِّغ أو يبرر لنا أن نطلق عليه خطاب الفتنة من خلال مخرجات تحليل خطابه؛ فهذا هو ماعون الرجل هذا هو جرابه الذي ظل يتبوأه، وسيظل. يتخوَّف كثير من الناس نظراً للمثال في شقيه أ وب أعلاه قبيل قيام انتفاضة الإرادة الشعبية ويطلقون عباراتهم "البديل منو"، "تاني نكرر أخطاء الأحزاب"، "الفوضى"، وهي عبارات مهاجرة من خطاب البيان رقم 1 للانقلاب العسكري؛ ويظل أمن هذا الانقلاب العسكري يكرر هذه العبارات لملء تلك الإرادة الشعبية بالاستياء. إنه خطاب يائس ذلكم الذي يتصدّى للإرادة الشعبية. لأن هذه الإرادة هي إرادة الذات المكانية في استقرائها لعلاقات الواقع، وفيما نراه ونعيشه لا شيء أكبر من تلك الإرادة؛ إرادة الذات المكانية التي تجيب عن كل ذلك "البديل هو سيادة الديمقراطية، استمرارها وتطورها". وفي هذا الاستمرار وذلك التطور سوف لن تأتي سيادة الديمقراطية بالمثالين أ وب وهما مثالان أحاديان يفتقران حتى للمفهوم المبتذل للديمقراطية، فأين سيادة الديقراطية منهما؛ هيهات هيهات. من وظائف سيادة الديقراطية أنها تردم مثل هذا التباعد وتُصلحه لأن سيادة الديمقراطية لا ضد لها مثل الحداثة؛ لأنهما الاثنتان تستوعبان علاقات الواقع ولا تفرزان أية علاقات متأخرة عن علاقاتها، وتقفان ضدها. هذا هو منطق السيادة، إنها السيرورة التي لا تكل ولا تفتر. الواقع المكاني هو تلك العلاقات الكامنة التي لا يراها إلا من هو فطن بها، ويرى الواقع المستقبلي للأجيال وليس ما هو تحت قدميه. لأن الواقع ليس هو الظاهر، وإنما تلك العلاقات التي يرفدها إنتاج هذا المكان. فقد ثبت تماماً أن هذا العصر المتطور الآن ما هو إلاَّ زيادة في الوعي. وعي الذات بعلاقات المكان التي هي فيها؛ فهذه الذات المكانية تعيش قيد ما تعطيه تلك العلاقات من تطور يجعلها تمارس حقوقها في كونها هي التي تصنع القرار وليست بجمهور تـملى عليه القرارات. صنع هذه الدائرة التواصلية يجعل الخطاب السياسي خطاباً نوعياً في مستوى مصاف تلك الذات المكانية. الدائرة التواصلية التي تصنعها السيادة الديمقراطية تعني مباشرة أن السيادة للديمقراطية وليس للأحزاب. لذلك فأنواع "التواصل" في تلك الدائرة هي ألا تكون جمهرة خطاب الأحزاب بعيدةً بعضها عن بعض، أو بصورة أكثر تحديداً أن موقع الخطاب في الدائرة التواصلية هو الماسك لخطاب الأحزاب وليس العكس. المقصود من ذلك أن خطابات الأحزاب لا يتناسق بعضها ببعض إلا بارتكاز خطاب كل حزب على السيادة الديمقراطية، وليس على حواصر الحزب الأحادية؛ هذا التناسق متوفر نوعاً ما في الأحزاب التونسية الآن؛ على سبيل المثال خطاب الشابي (أقصى اليسار) وخطاب الغنوشي (أقصى اليمين) يتجانسان في ارتكازهما على سيادة الديمقراطية، بينما هذا التناسق غير متوفر في ديمقراطية مصر الآن؛ فالحزب السلفي (أقصى اليمين) وحزب العدالة والتنمية الصادر من الإخوان المسلمين (أقصى اليمين) لا يتناسق خطابهما. ومع كل ذلك كانت تدعو حركة الشباب المصري إلى تكوين مبادئ تسيير الديمقراطية، ويدعو الإخوان المسلمون إلى الانتظار حتى البرلمان. والسبب في ذلك الاستعانة بالفاتوي الدينية التي هي ليست شيئاً سوى خرق كبير لسيادة الديمقراطية. فلماذا على الخطاب السياسي أن يرتكز على سيادة الديمقراطية؟ لأن الخطاب بمفهومه غير اللغوي قد أصبح شيئاً من ضمن الأشياء المحيطة بنا التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حياتنا. وليس مجرد كلام لا يوسم بأي أثر في الحياة اليومية. فالخطاب استجماع؛ استجماع لموقع التاريخ المحدد لعلاقات المكان، واستجماع لموقع إثنولوجي يرتبط بالعلاقات المكانية نفسها، واستجماع لموقع الوعي بعلاقات المكان نفسها؛ لنقل بعض أمثلة وليس حصراً. فالوعي بالخطاب هو وعي بسيادة الديمقراطية.
تعي الدائرة التواصلية بثلاثة أشياء هي الداعم لتطورها وصقل سيادة الديمقراطية. أولاً الوعي بانقطاع الخطاب، ثانياً الوعي بعدم انقطاع المكان، ثالثاً الهوية لا تقال. ولأن كل خطاب قابل للنفاد، فلكل مرحلة زمنية خطابها. فعلى سبيل المثال أن خطاب مؤتمر الخريجين قد نفد تماماً ولا يصلح للعلاقات المكانية الآن؛ هو في حقيقة أمره قد نفد منذ ولادته طالما أنه لم يرَ السودان شعوباً. انقطاع الخطاب هو بصورة أخرى تشغيل التفاسير الصحاح لعلاقات المكان المتطورة الآن؛ من خلال الخبراء في مختلف المجالات. إذا لم ينقطع الخطاب النافد، فإنه سيصطدم بالواقع؛ حتى لو كان هذا الواقع قيد تفسير هذا الخطاب النافد. هذا يعني أن رؤية أحادية هي التي تقصي كل المكونات لتملي رؤيتها الأحادية حصراً وتريد أن تحقق مظهراً تنخدع فيه في كونه هو الواقع، فإن هذه الرؤية نفسها ستصطدم بالواقع وعلاقاته الخفية التي ظهرت في شكل متناقضات. أما المكان فلا انقطاع له؛ ما يخلق تواصل المكان هو إلفته. لذلك فإن هذا الانقطاع هو انقطاع إلفته، في الشكل التاريخي للمكان، وفي الشكل الحاضر حيث هو ملئٌ بالعلامات التي تقود كل علامة فيه إلى تجانس المتعدد فيه. كل الحكومات ذات الرؤية الأحادية في حكمها هي حكومات دائماً تعمل العكس أي انقطاع المكان في تفريغه من علاماته وتاريخيته، ومن الضد تماما ً تعمل على تواصل الخطاب. فهي حينما تواصل الخطاب تربط نقاط الحاضر بنقاط ماضوية ساحقة في الماضوية؛ دون أن يكون الحاضر قريباً من مصدره الزماني. فإذا تم للدائرة التواصلية انقطاع الخطاب، وتواصل المكان في إلفته، فإن الهوية لا تقال، في هذه الحال. فمهما كان المكان محدوداً، فسوف تجد استثناء يجعلك ألا تتفوه بأي نوع من أنواع الهوية. في الهوية لا يقال الأغلبية والأقلية، أو المركز والهامش، لسبب أساسي هو أن الهوية هي الذات المكانية. والذات المكانية لا تصنيف لها. الذات المكانية في علاقاتها داخل المكان ليست هي الفرد، إنما الذات المكانية هي ارتياح تراكم علاقات المكان، وليس تنافره. فالذات المكانية هي التي تفهم علاقات المكان من خلال الدائرة التواصلية. في الذات المكانية لا يوجد "آخر"، في لغة الذات المكانية هذه الجملة "احترام الآخر" هي جملة خاطئة. لأن عبارة "آخر" تفترض في الذات المكانية طرفين طرف ليس بآخر (يعني ود بلد) وطرف هو آخر. فالذات المكانية ليس لها طرفان. العربي قبل وجود السوداني وحيد اللغة العربية الذي انصهر بعد سبع قرون من توقيع معاهدة البقط كان هو الآخر. أما بعد سبعة قرون حيث انصهر السوداني وحيد اللغة العربية هو الذي خلع فئة [آخر] خلعاً نهائياً ليدخل مصاف الذات المكانية. هذا هو التوسع الطبيعي للذات المكانية الذي استوعب حديثاً في حدود عام 1842 الزبيدية والرشايدة خارج أية عملية من عمليات الانصهار بوصفهما جزءاً من الذات المكانية الحديثة في السودان. أرجو ألا نفهم أن حركة التعريب هي العامل الأساسي في تكوين الذات المكانية، بل علاقات المكان التي تستقبل الوافد سواء استقبالاً مباشراً كالذي حصل لبعض قطاعات شعوب السودان أو استقبالاً غير مباشر دام لمدة سبعة قرون كالذي حدث للسوداني وحيد اللغة العربية.
عبد اللطيف علي الفكي رابط الدراسة "المصدر" http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t...be0f853adf31d8d575d4
|
ـــــــــــــ تابر
| |
|
|
|
|
|
|
|