|
السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !!
|
(السبت 10 /5/ 2008 م ) سيظل تاريخا محفورا في ذاكرة الشعب السوداني ووجدانه وربما لأجيال قادمة .. انه يمثل ذروة الرفض الشعبي لسياسات عرجاء ظل ينتهجها النظام الحاكم في بلد بحجم قارة يسكنه شعب بحجم أمة .. انه تاريخ حمل في طياته جملة من الدروس والعبر – لمن يعتبر بالطبع – وجاء بأكثر من مغزى وفي أكثر من اتجاه . أول الدروس التي أظهرها أنه ينبغي لهذا النظام أن يعيد النظرفي مجل سياساته ومسلكه لا ازاء معارضيه فحسب وانما تجاه البلد الذي يقف الآن على حا فة الانهيار والضياع .. وأن يخلع عنه ثوب الطهر والعفاف الوطني والمكابرة الزائفة التي جلبت لهذا الوطن المنكوب بأهله ويلات من المحن والاحن والمصائب .. اننا أمام امتحان عسير وخطير أكبر تجلياته أن يكون هذا السودان أو لا يكون .. اذ لا يمكن لشعب عانى ما عانى طوال سنوات خلت أن يكون لديه استعداد على أن يدفع – مكرها – ثمن صراع أجنحة معروفة لا ترى ابعد من أرنبة أذنيها ..فيكفيه من فواتير ظل يدفعها منذ ليلة الانقلاب الأسود في الثلاثين من يونيو عام 1989.. ولا أظن أن هذا الشعب بقادر على تحمل المزيد من الصبر ازاء ما يحيق بوطنه المنكوب أصلا . وفي ذات السياق لا يمكن لشعب أن يساق كالخراف الى مقصلة صراع ( ديوك !!) لن تنتهي مسرحياتهم التراجيدية المتكررة .. لقد ملها وأصابه ( القرف ) منها ومن صفعاتها وتداعياتها التي يبدو أنها لن تضع لنفسها نهاية على الأقل في المدى المنظور . وهنا يبرز سؤالان تتسربلان منطقا عقلانية وهما : الى متى يظل الحال هكذا ؟ وماهي الدروس المستفادة من كل ماجرى ابان هذه الأحداث المؤسفة التي جعلت من جماعة سودانية - لها قضية أقر المجتمع الدولي بأسره بعدالتها - أن تحمل السلاح لتعبر عن نفسها وقضيتها التي أضحت معروفة منذ عام 2003 ؟ . لا شك أن ماقاد هؤلاء الاخوة في ( حركة العدل والمساواة ) الى انتهاج العمل المسلح هو سبب وجيه وقوي يستند حقا على انسداد الأفق السياسي والمماحكات التي كست قضيتهم وجلعت منها (متسولا رثا ) يجوب كل عواصم العالم بحثا عما يقتات به ليظل على قيد الحياة عله يوما يقف بباب من يحسم له أمره وينصفه !!. قضية دارفور قضية واقعية يعيش تفاصيل مأساتها اليومية أهلنا في هذا الاقليم الذي هو جزء أصيل من بلد المليون ميلا مربعا وان كره الكارهون !!.ومن هنا ينبغي على من حملوا على رجال هذ الحركة أن يدركوا هذه الحقيقة وينظرون على أساسها لمجمل ما جرى .. انها قصة ظلم حاق بجزء عزيز من وطن عجز أهل الانقاذ في الخرطوم عن ادراته تماما ولكنهم – في ظل مكابرتهم المعهودة – لا يودون الاعتراف بهذا العجز الذي تجلى - بصورة لا لبس فيها - في عدم مقدرتهم على صد هجوم عسكري قدم من أصقاع بعيدة يقوده المئات من المقاتلين تتقدمهم أرتال من السيارات التي تحمل على ظهرها مختلف أنواع الأسلحة الدفاعية والهجومية !!. وهذا ما يجعل المرء يتساءل : أين قواتهم المسلحة التي ينتمي اليها من هو على رأس السلطة في الخرطوم ؟؟ ثم ماذا لو أن ما قامت به ( حركة العدل والمساواة ) كان من بلد أجنبي أيا كان حجمه ؟؟. ان المفتاح السحري لحل كافة مشاكل السودان المشكلة – بضم الميم وكسر الكاف - لأزمته الراهنة يمكن في وفاق وطني يقوم على أساس العدل والمساواة في ظل دولة تقوم ركائزها على المواطنة الحقة بعيدا عن أي انتماء عقدي أو فكري أو اثني . وقد أثبت تجربة الانقاذ ( الاسلامية ) أنها ليست الخيار المبجل لشعب السودان وانها ليست التجربة المثلى لحكمه بل أكبر حقيقة أثبتتها هذه التجربة – بعد كل هذه السنين – هي أنه ليس بامكان أي تيار أو حزب أو جماعة أن تنفرد بحكم وطن مثل هذا السودان مهما أوتيت من قوة وامكانيات وحتى لو جاءته رافعة راية ( لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ) .. وهذه واحدة من جملة حقائق وددت الاشارة اليها في ثنايا هذا المقال وتذكير هؤلاء الذين يحكمون في الخرطوم وكأنهم مبعوثو العناية الالهية في وطن تتعدد فيه الأثنيات والعرقيات والثقافات والسحنات واللهجات وحتى العقائد ذاتها !!. فان كان الاسلام يدعونا للتراحم فاننا نتقاتل وان كان يدعونا للتراحم فاننا نتباعد ويكره بعضنا بعضا لدرجة القتل أحيانا !! اذن أين الاسلام من كل هذا وذاك ؟؟ ان التغيير الحقيقي – والحال هكذا – لا يمكن أن يحدث الا بتنزيل رؤية كونية تقوم على ماورد في كتاب الله العزيزلا على ما يريده أهل الانقاذ بالطبع والذي تكمن في ثنايا عمقه المأساة المعاشة اليوم في السودان . ومن بين ملاحظات عديدة كشفت عنها ( حادثة غزو الخرطوم في وضح النهار!!) أن سياسة التجييش التي مارستها حكومة الانقاذ بحق شباب – مغرر بأغلبهم – لا يمكن لها أن تشكل لرموزها حماية عند الملمات والشدائد والنكبات – وما أكثرها في عهد الانقاذ كما يعلم الجميع.. وأن الجيش أصبح مجرد أناس هم اليوم في رغد من العيش ويتبارون في حصد الامتيازات التي حرم منها غيرهم من زملاء ( خبرات ) تم تشريدهم بدعوى الصالح العام وهي ( الفرية) التي عمد النظام لممارستها بحق كل من لا يدين له بالولاء وذلك منذ أول يوم دانت له فيها الأمور عقب انقلابه الأسود في الثلاثين من يونيو عام 1989وعاد – مؤخرا – لاعادة النظر فيها و لكن بعد ( خراب مالطا !!) . والحقيقة التي لابد من الاقرار بها هي أن هذا النظام لم يقدم النموذج الأمثل لكل من يظن - في قرارة نفسه - ان الاسلام يمكن أن يكون الحل لمعضلة الشعوب على صعيد الديمقراطية والحرية وكرامة الانسان ورفاهيته في الحياة . ختاما فان أكثر من علامة استفهام واستفهام ستظل تحوم في سماء السودان دون اجابة محددة ربما تكشف عنها الأيام المقبلة . خضرعطاالمنان [email protected]
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-13-08, 02:54 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | كمال علي الزين | 05-13-08, 03:05 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | ebrahim_ali | 05-13-08, 03:25 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-13-08, 08:41 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | كمال سالم | 05-13-08, 03:45 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | اساسي | 05-13-08, 04:31 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-13-08, 08:48 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-14-08, 12:49 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | فيصل نوبي | 05-20-08, 01:30 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-20-08, 01:38 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | فيصل نوبي | 05-20-08, 01:48 PM |
Re: السر المكتوم .. في غزو الخرطوم !! | خضر عطا المنان | 05-24-08, 12:45 PM |
|
|
|