|
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة (Re: خالد الحاج)
|
خاطرة بين المسافات - الطيب صالح اذ يعانق زفزاف - خالد عويس في خلال حفل علي شرف ضيوف الجنادرية بداية العام الحالي، اخترت أن أجلس الي جانب الروائي الطيب صالح.. لم يكن قد مضي علي رحيل (ليوبولد سنغور) بضعة أشهر، سألته عنه، بايماءاته الهادئة حدثني عن لقاءاتهما واستغرقت معه تماما في رصده العميق للثقافة الافريقية وتلاقحاتها مع الثقافتين الانجلوسكسونية والفرانكفونية، وتيار (الزنوجة) الذي أسسه سنغور الي جانب مبدعين أفريقيين آخرين. وفي بيروت، برغم أن المناسبة كانت سياسية، الا أن الوجه الثقافي لوزير الخارجية المغربي شجعني علي الخوض معه في شؤون ثقافية من بينها (أصيلة) والطيب صالح... في ذلك اليوم استمعت الي واحدة من أعظم الشهادات بحق الطيب صالح !! الطيب صالح ليس من اولئك النفر الذين يشكلون عبئا علي المهرجانات الثقافية التي يحضرونها باستمرار، وليس علي شاكلة من يأتون لمجرد المجيء، فأصيلة ــ مثلا ــ اكتسبت (أصالة) ثقافية بحضور نخبة حرصت علي تطبيع وجودها، واكساب تجربة أصيلة أبعاد انسانية عميقة من خلال المعاني الكونية التي يحملونها. ليس بالضرورة أن تكون المشاركة الثقافية ذات طابع رسمي مؤطر بالأوراق والبحوث، فالطيب صالح ــ مثلا ــ من الذين يحدث وجودهم احتكاكا وتلاقحا مثمرا من خلال حلقات النقاش المفتوحة التي يؤمها مثقفون لا تتيح لهم جلسات (التثاقف) الرسمية امكانية التحدث بحرية حول شتي الموضوعات التي تلّح علي الذهن، في حين أن تداعيات جمّة وانثيالات حرّة تخلق أجواء حوارية راقية وتهدم نسق الأستاذ ــ التلميذ، تفرض وجودها عندما يتحلق جمع من المثقفين حول طاولة تشهد أفكار خلاقة لو عني بعض برصدها لربما ظفر بقيمة معرفية أكبر من حفلات الخطابة واستنفار العضلات الثقافية!! أذكر، في الجنادرية الأخيرة، استمر جدل حول الثقافة السودانية وانطواء المبدع السوداني ساعات طويلة في بهو فندق قصر الرياض بين الطيب صالح والروائي السوداني ابراهيم اسحق والشاعر نصار الحاج والناقد المصري راضي جودة والشاعر العراقي يحيي السماوي، ثم نوقشت قضايا اسقاط الاعمال الادبية علي شخوص المبدعين (موسم الهجرة انموذجاً) والابداع العراقي المهاجر، وكان لقاء الطيب صالح بابراهيم اسحق حدثا في حد ذاته كونهما يلتقيان للمرة الاولي. دار حوار عميق بين الرجلين حول الابداع في جنوب السودان واتفقا بأن الاحتفاء الظاهر بأعمال ادبية غير عميقة المعني يعكس خللا سياسيا في المقام الاول في حين ان اعمالا جديرة بالاعتبار لكتاب جنوبيين لم تنل ما تستحقه من عناية، وجهت سؤالا للروائييّن عن تقييمهما لرواية (طائر الشؤم) لفرانسيس دينق وهي الرواية التي احدثت ضجة حين صدرت وفهمت من سياق حديثهما انهما يميلان الي فهم اهميتها من زاوية سياسية اذ لا تمثل قيمة فنية عالية ولفت نصار الحاج الي ان اعمال اقنس لوكودو ــ مثلا ــ اجدر بالدراسة لما تحتويه من معاني عميقة واصالة فنية. انثال هذا الدفق عن الطيب صالح وانا أقرأ مقالا للدكتور منصور خالد تناول من خلاله اختيار (موسم الهجرة الي الشمال) ضمن اعظم مائة عمل ادبي علي مر التاريخ الانساني وكيف ان الطيب صالح لم يول اختياره اهمية وتعامل مع أمر وضعه الي جانب هيمنغواي وتولستوي وغيرهما كأمر غير ذي اهمية!! ثم رصدت مشاعر الطيب وهو يتسلم جائزة زفزاف في أصيلة وكم كان متواضعا وهو يعبر عن تمنياته بأن يكون اهلا لهذه الجائزة!.. هذا الرجل...... القادم من اعماق الريف السوداني مختزنا في عروقه تجربة آلاف السنوات وكنوز من الاساطير المنسية! المنغمس في تعرية ذاته من اجل الوقوف امام باب المعرفة!! العائش في لندن والملتصق بكل ذرة تراب سودانية!! المضمخ بعطر الزهد والعازف عن ريش الطواويس!! طريقة الطيب صالح في الحياة هي جزء من (الحياة) في فنه و(الحياء) في حياته ..!! الطيب اذ يعانق زفزاف... تكريم لزفزاف في قبره ولفتة مغربية (اصيلة) تجاه قامة من القامات التي علّمت الاجيال العربية كيف يكون (الفن) ذا قيمة انسانية كبري و(الفنان) ملتزما تجاه قضايا الوجود والانسانية وقريبا اليهم بتواضعه وبساطته. اما حان الوقت لان يكافأ الطيب بجائزة عالمية بعد اختياره ضمن اعظم مائة شخصية ادبية!! اما آن لــ(نوبل) ان تستمزج (خيلاء) سارتر بــ(تواضع) الطيب صالح!؟ اما آن لموطن الطيب ان يحتفي احتفاء يليق به ويعبّر عن امتنان السودانيين لما قدمه الطيب من (نعمة) فنية احتفل بها العالم وعجز السودانيون عن الايفاء بأبسط الحقوق تجاهها!؟ اليس من حق الطيب ان تؤسس جامعة ويشاد مسرح ويستحدث مهرجان وتستنبط جائزة وتشاد مكتبة ضخمة في السودان باسمه!؟ اليس من حقه ان تصبح رواياته جزء صميما من العملية التعليمية في السودان ويمنح دارا فخمة يأوي اليها وهو المشتاق حد الموت لنيل يهواه وسمرة يبجّلها وحنّو سوداني يستحقه!! ان الشعوب العظيمة هي التي تدرك ان تكريم ابنائها العظماء هو جزء من عظمتها ومجدها ..!! للطيب قيمة ادبية عالمية تجعل منه (ثروة قومية) لا تقل اهمية عن (النفط) و(مشروع الجزيرة)!!! ..... ومثل هذه (القمم تستحق) ان تعامل معاملة (المدخرات) الغالية و(الرصيد) الثمين فالي متي يفرط السودانيين في ثرواتهم القومية؟؟
جريدة (الزمان)
وبرضو بجي راجع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 12-27-03, 12:37 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | الجندرية | 12-27-03, 04:38 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | Agab Alfaya | 12-27-03, 08:57 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 12-27-03, 09:59 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | haleem | 12-28-03, 09:57 AM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | Tabaldina | 12-28-03, 12:20 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 12-28-03, 11:55 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 12-30-03, 10:32 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | الجندرية | 12-31-03, 11:53 AM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 01-02-04, 11:46 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | انا بنت النيل | 01-04-04, 09:53 AM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | خالد الحاج | 01-05-04, 03:23 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | خالد الحاج | 01-08-04, 01:45 PM |
Re: من إرشيفى الخاص... قديم متجدد للطيب صالح ... مهداة إلى عجب الفيا والشلة | WadalBalad | 01-09-04, 06:37 AM |
|
|
|