|
وهل تنقصنا الأحزان ... فجبل منها ... ننصبه للطيب صالح
|
رحل عن دنيانا الطيب صالح, فنقص السودان فصلا من هويته ومفرداته وألوانه, خبى جذر ونشف جذع, توقفت سحابة عن الرحيل والإستدرار, لنستبدلها بعيوننا وهي تهطل دموعا هتونة ... لأجل ذلك الراحل الوسيم ... عميد الأدب السوداني ... ذلكم الرائع الذي أناخ الجمال وأنظار العالم تحت دومة ود حامد , وألقى بملامح المجتمع السوداني على الخارطة الثقافية لشعوب العالم من خلال موسم الهجرة إلى الشمال, وجهز قافلة من التفاصيل الحياتية والمسارات الإجتماعية لإستصحاب مريود وبندر شاه إلى مصافات الإبداع العالمي.
رحيل يشبه أقدرانا وحظوظنا فى هذه الدنيا, فأجملنا أسرعنا ترجلا عنا, فعفاك الله أستاذي الطيب من عنتنا وأحزاننا , نم هادئا مطمئنا ... فقد أديت كامل الرسالة وبكل الجمال, وضعت على صدرنا قلادة شرف لكوننا ننتمى لشعب وأرض ينتمي إليهما الطيب صالح ... حملت إسمنا إلى صحائف الإبداع العالي والسمعة الحسنة والأعمال المائزة, سوف تظل فينا سطرا سطرا , وأخيلة نافذة لإعادة قراءة مصطفى سعيد كل صباح جديد, سوف ندخرك فى مجدك الذي صنعته بنفسك ولنا جمعيا, رحمك ربك الذي سواقك وأخذك ... فليس يمحضنا السواد غير لحظة للبكاء هي كل العمر , ولسنا نتجمل بغير سمت من الأحزان ننقش عليه فؤادا ونصب على أجنابه مدادا , فالطيب الصالح الأخضر هو كل السقيا وحرارة اللقيا وطوق مشاعر وجسر ودنيا ... غير آلام الإنصراف. كيف يا هذا صرت هكذا ... قلما ضالعا فى مجالنا الحيوي ودواة ناقعة من شجوننا ومشاعرنا ... كيف إخترت تلك الألوان بينما مجرى النهر لا يحتمل الثبات وبعض آذاننا لا تحمل أقراط ... فيما ندير حياتنا بالأقساط. لم نكن قبلك لنعلم أن مجتمعنا القروي الصغير الهادئ هو منجم للإبداع والتصورات الفخيمة, ولم نكن لنرى قبلك أن فى إمكاننا أن نلتحق بمجرة كل الناس, فشكرا يا طيب على هذه النقلة النوعية الآلقة, وربنا يقدرنا على جزاك ... بإعتمار مشروع الرواية الطيب صالحية وتسكينها فى عمقنا الأدبي وفي غمار مشاعرنا الإجتماعية وعلى ناصية مفاخرنا الوضيئة . يا وطنا متحركا جلس ... ويا وترا غريدا خمد ... يا قلبا موارا سكت ... ويا دنيا تستعير الآخرة ... ويا آخرة تخطف أعز من في دنيانا ... أعزي نفسي وشعبي ... وأتقبل العزاء من كل العالم ... أصب خيمة للعزاء تحت دومة ود حامد وفي تجاعيد جين موريس وفي خباءآت حوش العمدة ... وأينما تحل مشاعر الوفاء والعزاء ... أنابك ربك يا طيب مغفرة وأجرا عظيما.
|
|
|
|
|
|