كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: الرحيل المُر (Re: الكيك)
|
العدد رقم: 1176 2009-02-20
علي أبو سن ومصطفى سعيد في كتاب (المجذوب.. والذكريات) (1/2)
عبد المنعم عجب الفيا
علي أبو عاقلة أبو سن، من آل أبو سن زعماء قبيلة الشكرية المعروفين. عمل مذيعاً بالقسم العربي بإذاعة لندن في أواخر الخمسينيات ثم التحق بوزارة الخارجية للعمل دبلوماسياً في الستينات حتى أعفي من منصبه في أول عهد نميري وبعدها عمل بالمصرف العربي بالخرطوم ثم بالجامعة العربية. لم يكن لي سابق معرفة بعلي أبو سن ولم أشاهده إلا مرة واحدة في إحدى الندوات بدار أساتذة جامعة الخرطوم عقب انتفاضة أبريل 1985م فقد كان من الناشطين في تلك الفترة.
أذكر عندما نزلت بأرض مصر في ربيع 1999م وجدت السودانيين يتحدثون عن كتاب "المجذوب.. والذكريات" ورسائل المجذوب إلى ديزي الامير وغادة السمان. وكان علي أبو سن قد نشر كتاب "المجذوب.. والذكريات" في جزءين سنة 1997م وقد طبع الكتاب ونشر على نفقة المؤلف ولعله لهذا السبب لم يوزع على نطاق واسع. ولكنه كتاب شيق وقيم ومثير للجدل ولا أظن أنني قرأت كتاباً لكاتب سوداني في السيرة الذاتية يضارع هذا الكتاب متعة وتشويقا وإثارة. وأظن أن هذا الكتاب سيفجر جدلا لا ينتهي. وسيظل مدار حديث الناس لأمد طويل. ولا عجب فالكاتب أديب ودبلوماسي وسياسي وإذا اجتمعت هذه الصفات الثلاث في كاتب، فما يكتبه لا يكون إلا مثاراً للمتعة والإثارة والتشويق. ولعل الأسلوب ذو النفس الروائي الذي اتبعه علي أبو سن في الكتابة يعد عنصراً مهماً من عناصر المتعة والتشويق.
أما عنصر الإثارة في الكتاب فيأتي من الصراحة التي تصل إلى حد التجريح والحديث عن الذات باعتداد وثقة غير مألوفة والكشف عن جوانب لم تكن معروفة في حياة المشاهير من رموز التاريخ والسياسة والأدب والفن مثل السيد الحسن وبابكر عوض الله والأزهري وجمال عبد الناصر وعوض الكريم أبو سن ومالك بن نبي ومنصور خالد وعمر مصطفى المكي والطيب صالح وغادة السمان وحسن الكرمي وليلي طنوس وأحمد قباني والجاغريو وأعضاء لجنة النصوص بالإذاعة السودانية الذين كان عضواً معهم هو والمجذوب من أمثال حسن نجيلة والعبادي وعبيد عبد الرحمن وغير هؤلاء.
وأظن أن هذه الجرأة وهذه الصراحة المتناهية في الحديث عن الذات والآخرين هي الثغرة التي ستنفذ منها سهام النقد والهجوم على الكاتب إذ كثيراً ما يقف القارئ وهو يطالع الكتاب ليسأل نفسه عن ما إذا كان الكاتب محقاً في الحديث بكل هذه الصراحة عن شخصية من الشخصيات ويزداد التساؤل إلحاحاً عندما يطالع رسائل المجذوب إلى روزماري تلك الفتاة الإنجليزية التي لم يرها المجذوب ومع ذلك يقع في حبها ويتبادل معها الرسائل في وجد صوفي غير عادي. وبالرغم من القيمة الأدبية لهذه الرسائل التي تكشف سعة إطلاع المجذوب على الفلسفة والأدب الغربي وتملكه لناصية اللغة الإنجليزية إلا أن شبح التساؤل حول أحقية الكاتب في نشر هذه الرسائل يظل منتصبا أما القارئ أثناء القراءة وبعد الفراغ منها.
ولعل جرأة الكاتب في نشر رسائل المجذوب إلى روزماري هي التي دفعت برجاء النقاش إلى الكشف عن رسائل المجذوب إلى الكاتبة ديزي الامير. كما شجع غادة السمان على التصريح ببعض مراسلاتها مع المجذوب.
ولعل أكثر فصول الكتاب تشويقاً وإثارة للجدل الفصل الذي يتحدّث فيه عن ذكرياته مع الطيب صالح في لندن وعلاقته بمصطفى سعيد كشخص حقيقي ربطته به علاقة صداقة وزمالة أثناء عمله كمذيع بهيئة الإذاعة البريطانية ال بي بي سي. وتارات أخرى كثيرة يتحدث عن نفسه وعن علاقاته بالمجتمع الإنجليزي ونسائه وكأنه مصطفى سعيد الذي جاء وصفه في الرواية بل إنه يشير صراحة إلى أن الطيب صالح اتخذ من علاقاته النسائية مادة لصياغة بعض ملامح سيرة مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة، يقول: ".. أصبح الطيب صالح يتصيد قصص مغامراتنا –أحمد قباني وأنا- ويطلب منا أن نحكي تفاصيلها له يومياً بطريقة مملة وكأنه يكتب مذكرات عنها"، ويواصل قائلاً "كان ينظر إلينا باعتبارنا وجهين لعملة واحدة فنشأت في ذهنه رؤية روائية لنا".. طبعاً العبارة الأخيرة (رؤية روائية) هي بيت القصيد..
وكان علي أبو سن قد التحق بالعمل مذيعاً بهيئة الإذاعة البريطانية سنة 1959 حيث التقى بالطيب صالح الذي سبقه للعمل هنالك بقسم الدراما بالإذاعة مند سنة 1953. وبعد فترة انضم إليهما المذيع السوداني اللامع في زمانه أحمد قباني وكان الشاعر والإذاعي صلاح أحمد محمد صالح قد سبقهم جميعا إلى هنالك. وقد وصف الطيب صالح علي أبو سن في إحدى خواطره التي كان يكتبها بالصفحة الأخيرة بمجلة "المجلة" بقوله: "..من أرومة باسقة في السودان. متوقد الذهن، كان يقرأ نشرة الأخبار وكأنه يتفضل بها على الإنجليز". وفي كتاب.. (على الدرب.. ملامح من سيرة ذاتية) يقول الطيب صالح عن علي أبو سن: "عمل معنا فترة في ال بي بي سي وهو أديب مرهف الحس، وراوية للشعر إلى جانب ذكاء شديد ودقة ملحوظة وهو من أوائل من اطلعوا على محاولاتي القصصية".
وفي هذا السياق يذكر علي أبو سن أن الطيب صالح قال له ذات مرة إنه كتب قصة قصيرة ويريد رأيه فيها. كان ذلك سنة 1961 وكانت القصة هي (دومة ود حامد) أعجبته القصة وطلب من الطيب صالح نشرها لكنه رفض فكرة النشر وحاول نزع الورقة من يد علي أبو سن، ولكن أبو سن رفض إعادة القصة إليه إلا إذا وافق على نشرها، وبعد ثلاثة أيام جاءه الطيب صالح ضاحكاً وقال: "يا سيدي خلاص أنا وافقت لكين منو البينشرها لينا؟"
ونشرت القصة أول ما نشرت في العدد الأول من مجلة "حوار" وبعد فترة من نشرها وصل خطاب من جمال محمد أحمد وكان وقتها سفيرا في أديس أبابا يقول له فيه: "قل للطيب صالح أن قصته أعجبتني بقدر ما غاظتي" فأنبسط الطيب صالح لرأي جمال وأطمئن لموهبته القصصية وقال لعلي أبو سن الآن أستطيع أن أواصل الكتابة ونشر ما أكتب. وقد أكد الطيب صالح هذه الرواية في مقاله في تأبين جمال محمد أحمد. نشرت بكتاب (في سيرة جمال، كاتب سرة شرق).
ولكن ما هي العلاقة بين مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال وبين علي أبو سن صاحب كتاب (المجذوب.. والذكريات)، هل حقاً أفاد الطيب صالح في رسم شخصية بطله من حكايات علي أبو سن في المجتمع الإنجليزي؟ أو بعبارة أخرى هل يجوز لنا نظرياً ومن حيث المبدأ القول بأن هذه الشخصية الروائية أو تلك فيها شيء من الواقع؟
للإجابة على هذه التساؤلات لا بد من الحديث أولاً عن العلاقة بين الفن والواقع. الفن القصصي والروائي تحديدا. لا جدال أن الواقع الذي يحياة الناس في مختلف بيئاتهم وأوضاعهم الاجتماعية وطرائق تفكيرهم هو المادة الخام التي يستمد منها الفنان عالمه القصصي والروائي هذا الواقع بالنسبة للقاص كالحجر بالنسبة للنحات واللون بالنسبة للرسام. قد يلتقي العالم القصصي والروائي الذي يخلقه الفنان مع الواقع هنا وهنالك وقد يتقاطع معه في أغلب الأحيان وذلك حسب (الرؤية الفنية) للكاتب.
وقد عبر الطيب صالح عن رؤيته لطبيعة العلاقة بين الواقع والفن تعبيراً رائعاً حينما علق على رواية (عرس الزين) بقوله إن الغرض من كتابة الرواية أصلاً هو أن يرد الجميل لمجتمع قريته الذي أحبه.. "الغرض الاحتفاء بمجتمع أعرفه وعشت فيه، الشخصيات فيه أهلي كما عرفتهم إلى حدٍّ كبير. بيد أن في العمل طبعاً عنصر الفن المتعمد، أي الدفع بالشخصية إلى أقصى مدى ممكن، أقصى حدود تحملها".
هنا يقرر الطيب صالح أنه يستمد رسم شخصيات رواياته من صور الناس الذين عرفهم وعاش معهم لكنه يضيف عبارة في غاية الأهمية تلخص القضية كلها وهي عبارة (الفن المتعمد) أي الدفع بالشخصية الواقعية إلى أقصى مدى ممكن. وهذا ما يطلق عليه النقاد (الرؤية الفنية) وهي التي ترسم الحد الفاصل بين الشخصية في الرواية والشخصية في الواقع. عليه يمكن من حيث المبدأ ومن الناحية النظرية وصف شخصية روائية ما بأنها فيها شئ من الواقع مع الأخذ في الحسبان مسألة (الفن المتعمد) والدفع بالشخصية إلى أقصى مدى ممكن التي أشار إليها الطيب صالح. فكأنما علي أبو سن عندما وصف الطيب صالح بقوله: "فنشأت في ذهنه رؤية روائية لنا" كان مدركاً لطبيعة العلاقة بين الواقع والفن، بين مصطفى سعيد خارج الرواية ومصطفى سعيد داخل الرواية.
ولقد عبر الطيب صالح في كتاب (على الدرب.. ملامح من سيرة ذاتية) عن فلسفته في الكتابة الروائية بقوله: "تجدني دائماً أقول أنني أعتمد على أنصاف الحقائق والأحداث التي يكون جزء منها صحيحا والآخر مبهماً.. هـذا يلائمني تماماً.. بمعنى آخر يكفيني جملة سمعتها عرضاً في الشارع لأستوحي منها فكرة للكتابة، ليس بالضرورة أن أجلس مع صاحب الجملة لأستمع إلى قصة كاملة… تكفي جملة واحدة أسمعها وأنا في الطريق، فقد تثيـر في نفسي أصداء لا حدود لها".
حديث الطيب صالح هذا عن اعتماده على أنصاف الحقائق والأحداث في الكتابة الروائية كأنما يعزز حديث علي أبو سن عن تصيد الطيب صالح لقصص مغامراتهما النسائية وهو وأحمد قباني وإصراره على أن تحكى له تفاصيلها وكأنه يكتب عنها مذكرات حتى "نشأت في ذهنه رؤية روائية" لهما..
أذكر أنني نشرت مقالاً قبل فترة عن تداخلات سيرة الطيب صالح الذاتية وشخصية بطل (موسم الهجرة إلى الشمال) مصطفى سعيد، اعتمدت فيه على ما ذكره الطيب عن نفسه من سيرة في كتاب (على الدرب) وخلصت فيه إلى أن الطيب أضفى بعضا من ميوله الفكرية والأدبية على شخصية بطله مصطفى سعيد مثل ميوله إلى الاشتراكية الفابية ودراسته الاقتصاد بالمدرسة التي أنشأها حزب العمال وانضمامه إلى أحد أندية الكويكرز وحبه لشعر أبي نواس ومسرح شكسبير. فإذا كان الطيب صالح قد استمد بعض ميول مصطفى سعيد الفكرية والأدبية من تجاربه وميوله الشخصية فهل استمد مغامراته وغزواته النسائية من حكايات ومغامرات علي أبو سن التي كان يلح في الاستماع إليها؟ هل كانت هذه الحكايات والمغامرات تمثل أنصاف الحقائق والأحداث التي صاغ منها جزءاً من شخصية مصطفى سعيد؟
(يتبع)
----------------------------------------------------- العدد رقم: 1176 2009-02-20
موسم الهجرة إلى الرفيق الأعلى
د . أحمد خير
الطيب " الصالح " ذهب وإبتسامة على شفتيه ! فارق هذه الدنيا الفانية فارس القلم والكلمة الطيبة الأديب العالمى الطيب صالح أو " الصالح " كما يحلو أن يسميه بعض الإخوة العرب. أكيد انه قد فارقها وهو يضحك مع صديق أو قريب أو رفيق ، فما رأيتك ياصديق " المتنبى " و " المعرى " إلا ضاحكا أو مبتسماً ! كيف لا وأنت قد رافقت المتنبى فى غزواته والمعرى فى محبسيه ، مرة طليقاً يحلق فى الأفق وأخرى جالساً تتمعن فى أحوال عالمنا العربى وسوداننا المحشور بين المطرقة والسندان !
لك الله فى أعلى عليين بقلبك الصافى الذى ماعرف الحقد ولا مسته كبرياء التربع على قمة الأدب العالمى ! يا صالح ياطيب ، أراك بسحنتك المشوبة بسمار أرضنا الطيبة ونيلنا الحامل لذكريات صباك ! أراك ترفل عائدا لدارك لتبقى بعد أن مل جسدك الترحال ! لتبقى بين الرفاق من الذين إتبعوا خطاك أو أولئك الذين طافوا معك القرى والبوادى حاملين الفرحة للقلوب العامرة بحب الحروف المعبرة عن واقع كشفت عنه الغطاء وكنت النطاسى الذى إستبدل المشرط بالحرف فماسالت دماء، بالرغم من سماعنا لأنة المحرومين من ترانيم صرير القلم على الورق ليصور أحلى الكلمات !
عفوا سيدى ان قصرت فى تصوير الطيب صالح الإنسان ، لا الكاتب الذى ماجاراه أحد إلا وغلبه فى صمت بالرغم من حسد الحاسدين وشماتة الشامتين الفاقدين للحس الإبداعى !
لقد علمتنا الأيام ان العظماء قد عهدوا أن تلاحقهم الألسن والأقلام ، وان تستمر ملاحقتهم كلما عظم شأنهم وإتسعت دائرة شهرتهم ! ومن عظمتكم كنتم تقابلون الإساءة بإبتسامة ، وهذا لعمرى صفة من يمتلك الدنيا بين راحتيه ، صفة العالم بأن الحياة فيها الأخيار كما فيها الأشرار ، وأن خيار الناس من يقول كلمة طيبة فى حق من أساءوا إليه !
كان " وآه من كان " الطيب صالح يؤمن بأن الغد سيأتى مهما طالت اللحظات أم قصرت ، لذا فلابد للإنسان من أن يتوكل على الله ويعيش اللحظة ويترك الغد لرب العباد القوى العزيز الذى يدخل الطمأنينة فى قلب من يحب من عباده .
رحل الطيب الصالح وترك سيرته العطرة وأعماله الخالدات التى نحتت فى الأدب العربى والعالمى مكاناً لها ، ورفعت معها إسم السودان لتتغنى به الحروف والكلمات فتصدح فى القاعات والمكتبات ويمتد صداها عابرا القارات ليسمع حتى من به صمم !
أرى الطيب الصالح يخاطب أعضاء منظمة العرب من خريجى الجامعات الأمريكية فى حفلها السنوى الذى أقيم فى واشنطن وهو يقول بسخريته المحببة إلى النفس " لقد تساءلت قبل وصولى إلى هنا عن الأسباب التى دعت منظمتكم الموقرة تقديم الدعوة لشخصى الضعيف للحضور إلى أمريكا لمخاطبتها بالرغم من أننى لم أتخرج من جامعة أمريكية ! وبالطبع هناك أفضل منى للقيام بهذا الدور! وبكل أسف لم أجد إجابة سوى أن عالمكم قد أصيب بالجنون ، أو ربما أنا المجنون ! ... " عندها ضجت القاعة بالتصفيق والضحك ! ثم تكررت دعوته مرات ومرات وفى كل مرة كانت دائرة الإعجاب تتسع وتتسع !! ذاك هو الطيب صالح الفريد فى نوعه ، العارف والمتعمق فى خفايا وأغوار النفس البشرية !
نفتقدك اليوم ياطيب ياصالح بالرغم من أن جسدك الطاهر لم يلامس بعد ثرى وطننا الحبيب الذى كم إشتاق إليك طوال زمن هجرتك إلى الشمال وإلى الغرب والشرق والجنوب ! وبرغم الدهشة التى عقدت اللسان ، ليس فى إرادة المولى ولكن لعظمة الفراق المعمق للجرح والمتعدى حدود الزمان والمكان ! سيفتقدك المقهى الثقافى فى معرض الكتاب الدولى بالقاهرة والجمع الملتف من حولك يستمع ويستمتع بما تحكيه من حكايات عن عالمك وعالمنا فى الريف والبوادى والحضر ! كما ستفتقدك مؤتمرات جمعية الدراسات السودانية فى أمريكا وأنت تأتيها حاملاً قلبك المتسع لكل ألوان الطيف ، وكان هذا هو سر عظمتك ياطيب ياصالح ياصاحب القلب الطيب والروح الطيبة التى ملت الإغتراب فعادت لثرى أرضنا الطيبة التى ضمت قبل أيام شاعرنا الأديب الراحل النور عثمان أبكر (رحمه الله رحمة واسعة) ومالنا إلا أن نقول : هنيئاً لأرضنا الطيبة المستقبلة للفرسان فى زمن تكسرت فيه الرماح !
لك ياطيب ياصالح خالص الدعاء بأن يتقبلك المولى قبولاً حسنا بشفاعة سيدنا محمد عليه أفضل السلام ، وبدعاء كل مترحم عليك ، و " إنا لله وإنا إليه راجعون ".
-----------------------------------------------------
العدد رقم: 1176 2009-02-20
قولوا حسناً (التربال) العظيم..
محجوب عروة كُتب في: 2009-02-20
أجمل وصف قاله المرحوم الطيب صالح عن نفسه هو صفة (التربال). نعم، تربال.. من كان يصدّق أو يجرؤ أحد أن يتخيّل أن (تربالاً) شاباً في أحد مزارع قرى الشمالية (المنسية) التي تسكن جوار النيل الخالد والتي لم يسمع بها أحد في العالم وربما في هذا السودان الواسع الشاسع يخرج منها هذا الكاتب والأديب الأريب والروائي الباهر ليقدم للعالم أعظم روايات القرن العشرين بصورة أدهشت الجميع فصار ذلك (التربال) البسيط كاتباً ذا شأن عظيم على مستوى العالم.. إذن ما أعظم وما أجمل وما أنبل أن يصير أحدهم بالتعليم وبالمعلم من مجرد (تربال) لا يجيد غير عزق الأرض إلى شخصية عالمية ذات (أفق بعيد) وتصبح هنا (الثقافة Culture) بديلاً عن (الزراعة Agra culture) فتحول بالخيال الخصب صحارى الجدب الفكري وضمور الأدب إلى واحات وساحات من الإخضرار الثقافي وغذاء للعقل والروح.. فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. من لهذا العمل الخير إلا الطيب الصالح وأمثاله من عباقرة الرواية هذه واحدة.. والثانية لقد استطاع هذا (الطيب الصالح) و(طيب الخصال) كما كان يطلق عليه زملاؤه في الدراسة ثم في دروب الحياة، استطاع أن يجبر الكثيرين ممن يعشقون الأدب والإبداع أن يعلموا أن السودان بلد (ولود) وينتج الأدب الرفيع مثلما يقدِّم للعالم منتجات غذائية مثل (الصمغ العربي) هذا الغذاء الطبيعي (Organic food) الذي لا تدخل فيه الكيماويات، فسمع العالم واستمتع بالروايات مثل موسم الهجرة إلى الشمال وعرس الزين ومريود ومنسي... إلخ، الروايات التي أجبرت عشاق الأدب ليترجموها بل صار أحدهم (عرس الزين) فيلماً مشاهداً استمتع به الكثيرون من عشاق السينما.. والثالثة التي ربما لا يلتفت الكثيرون هو ذاك الذي يجبرنا في هذه اللحظات المشبعة بالحزن أن نتذكر (المعلم) ذلك الجندي المجهول الذي حوّل ذلك الصبي اليافع من مجرد تربال يعزق الأرض إلى أحد عظماء الأدب في القرن العشرين إنها بضع حصص هناك وهناك (زرع) فيها أولئك المعلمون منذ المدرسة الأولية عقل (تربال) (منسي) إلى عقل مترع بالعلوم والأدب خاصة شعر أبي الطيب المتنبي فكان هذا الروائي المبهر.. الرجل المتواضع طيب الخصال والرجل الطيب الصالح.. نعم، إنه التعليم والتربية والمعلم والكتاب.. تحول الإنسان البسيط أو (التربال المنسي) إلى أحد العظماء في مجال الأدب والرواية والثقافة والكتابة الصحفية.. شغل الدنيا ولم تزده إلا تواضعاً.. إحترم وإحترف العلم والأدب والثقافة فاحترمه الناس لا بسبب جاه أو منصب أو مال من مقتنيات الدنيا الفانية.. فكان يتأسى دائماً بقول المتنبي: ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه * إني بما أنا باك منه محسود صدقت أبا الطيب (أحمد بن الحسين) (إني بما أنا باك منه محسود) وشكراً للطيب الصالح وطيب الخصال أن استدعيت لنا هذا البيت المعبّر من كنوز أبي الطيب المتنبي.. اللهم أنزل شآبيب الرحمة على فقيدنا وأجعل قبره روضة من رياض الجنة وأنزله منزلاً يستحقه مع الصديقين والشهداء والصالحين، فقد قال رسولنا الكريم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم (أقاربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون..). وأحسب أن فقيدنا منهم ولا نزكي على الله أحداً.
السودانى
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-19-09, 04:46 AM |
Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-19-09, 04:49 AM |
Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-21-09, 12:37 PM |
Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-19-09, 04:52 AM |
Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-19-09, 04:59 AM |
Re: الطيب صالح ...موسم الحزن والرحيل ...ماذا قالوا عنه ؟......للتوثيق | الكيك | 02-19-09, 05:05 AM |
الرحيل المُر | عبدالله الشقليني | 02-19-09, 05:02 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 05:32 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 05:36 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 05:39 AM |
Re: الرحيل المُر | محمد فضل الله المكى | 02-19-09, 05:39 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 06:19 AM |
Re: الرحيل المُر | اسعد الريفى | 02-19-09, 06:44 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 07:45 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 10:31 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 10:38 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 10:41 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 10:50 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-19-09, 11:22 AM |
Re: الرحيل المُر | نصر الدين عثمان | 02-19-09, 12:00 PM |
Re: الرحيل المُر | Alfarwq | 02-19-09, 12:55 PM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-20-09, 11:19 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-20-09, 03:12 PM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-20-09, 04:24 PM |
Re: الرحيل المُر | عبدالباقى الظافر | 02-21-09, 05:26 PM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-22-09, 05:41 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-22-09, 11:31 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-22-09, 06:10 AM |
Re: الرحيل المُر | waleed nayel | 02-22-09, 06:13 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-22-09, 06:19 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-22-09, 06:50 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-24-09, 06:13 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-24-09, 06:33 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-24-09, 08:13 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-24-09, 08:32 AM |
Re: الرحيل المُر | جعفر محي الدين | 02-24-09, 09:24 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-24-09, 11:15 AM |
Re: الرحيل المُر | munswor almophtah | 02-25-09, 00:07 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-25-09, 04:59 AM |
Re: الرحيل المُر | ضياء الدين ميرغني | 02-25-09, 05:46 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-25-09, 08:59 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-25-09, 10:58 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-26-09, 05:16 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-26-09, 05:20 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-02-09, 05:19 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-02-09, 07:44 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-02-09, 07:49 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-02-09, 08:03 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-03-09, 05:19 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-03-09, 05:54 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-09-09, 07:38 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 02-25-09, 10:58 AM |
Re: الرحيل المُر | Hadeer Alzain | 03-14-09, 08:28 PM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-15-09, 05:44 AM |
Re: الرحيل المُر | Hadeer Alzain | 03-15-09, 10:05 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-17-09, 05:19 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-19-09, 04:30 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-19-09, 05:00 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-31-09, 06:52 AM |
Re: الرحيل المُر | الكيك | 03-31-09, 06:55 AM |
|
|
|