عاجل من الميدان : تدميرمتحرك الخرسانة ومحاصرة المليشيات بغابة الزرزور

Quote: صحيفة الرائد: العم عوض لطفي .. تجربتي في الجنوب العم عوض لطفي .. تجربتي في الجنوب samer on 22 / 12 / 2010 09:44:00 كنت أول من أدخل زراعة البن والشاي في الجنوب تنقلت بين غابات أعالي النيل والاستوائية دربني والد الوزير الزهاوي إبراهيم مالك العم عوض محمد لطفي يحكي لنا عن تجربة استمرت زهاء العشرين عاماً من الزمان يجوب المدن الجنوبية بين مريدي والزرزور ويي يفلح أرضها ويهذب غاباتها إنصهر في بوتقة ساكنيها من الشلك والدينكا فإختار منهم العامل والصاحب والأخ قاسمهم الأرض فقاسموه الدار والعيش والرفقة ألف مزارعها ليكون صاحب أول مشروع بن في الجنوب بعد أن درس إمكانية زراعة البن والشاي والكاكاو ليسطر له الرئيس عبود خطاباً(سوف توفر للسودان 3ملايين جنيه عملة صعبة ) *حدثنا عن نفسك عمنا عوض ؟ عوض محمد لطفي أكملت دراستي بكلية غردون في العام 1940والتحقت بمدرسة الغابات انذاك ثلاث سنوات وذهبت للتمرين في غابات بنذقة جنوب سنجة وكان مدربي عمنا إبراهيم مالك والد الوزير الزهاوي لمدة سنتين. *ما هي طبيعة عملك ؟ كل عملي كان مرتبطاً بالغابات حيث كانت تصدق لنا بحوالي فدانين لزراعة الخضروات وعلى ما أذكر كانت ترسل لينا البذور من محل شوقي للبذور بالخرطوم ونقوم بزراعة الفواكه الافرنجية والمحلية مثل الباباي والبرتقال والقريب والليمون وكنا كذلك نقوم بقطع خشب الغابات لفلنكات السكة حديد ومن المعروف أن بنذقة كان فيها أكبر غابات سنط وأكبر منشار خشب يعمل بالبخار ونرسلها إلى جوبا ،وعملي في المنطقة خلق لي علاقات جميلة مع الانجليز مثل هولمن مهندس الوابرات التي تعمل في الخريف بين السوكي والروصيرص ودكتور اثميس. *متى بدأت علاقتك بالجنوب ؟ ويسترسل العم عوض في حديثه إن علاقتي بالجنوب بدأت منذ أن إختارني مدير الغابات لأن محافظ الغابات المسئول من كوستي كان محتاجاً إلى موظف كفء في جوبا وقال لي المدير (أناإخترتك أنت للمهمة دي موافق ؟) قلت ليه أنا موظف حكومة أنت تأمرني وأنا أنفذ لكن ما بختار، وبذلك اخترت أمشي الجنوب لتكون نقطة انطلاقتي وبداية علاقتي بالجنوب الحبيب إلى نفسي لأقضي فيه فترة من عمري لا أنسى تفاصيلها بل ظللت حتى الآن أذكر أدق تفاصيلها منذ العام (1943). *ثم كيف تم سفرك إلى الجنوب ؟ وقاطعني العم عوض أولاً قبل سفري حدثت حكاية دعيني أرويها لك مجرد ماقلت خبر سفري للجنوب وفي الزمن (داك) كان قليل جداً أن الناس تمشي وتستقر في الجنوب وكنت متوقع ألقى إعتراض من الوالد ولكن فاجأني بالموافقة وقال لي( تعال نمشي مشوار لسوق أم درمان عند "مصطفى قابل" تاجر معروف في أم درمان واشتري لي كل مستلزمات الزواج وقال لي قبل ما تسافر لازم تتزوج بنت عمك وتأخذها معاك للجنوب) وبعد ذلك رجعنا إلى المنزل وحدث والدتي وإخوتي وفعلاً ذهبنا إلى رفاعة وحدث العقد ولكن العزومة اعتذرت عنها واتبرعت بتكلفتها ليوم التعليم ببخت الرضا وسافرت إلى الجنوب مباشرة بعد الزواج. *صف لنا رحلتك من كوستي إلى الجنوب ؟ كانت البداية من كوستي بمخصوص الباخرة إلى مركزي في غابة (الزرزور) وسميت بهذا الاسم لانه في بعض المواسم ياتي إليها (الزرزور) بكميات كبيرة وسكن في أشجار غابتها حتى إن الدينكا كانوا يصطادوا فيها الزرزور بالكوكاب وكان من المفترض أمشي حتى كدوك واستلم من الموظف هناك (بالشروك) وهو عبارة عن ساق شجرة مجوف من الوسط ولكن أراد الله أن أستلم في الزرزور وكان بصحبتي زوجتي ووالدتها والمربية واستقرينا في الزرزور. *ما هو شعورك وأنت لأول مرة في الجنوب ؟ في الحقيقة أنا كنت متخوفاً في بداية الأمر ولكن وجدت ترحيباً كبيراً من الدينكا والشلك مما أزال مني التخوف رويداً رويداً واندمجت في الجنوبيين وكان كل عمالي في المزرعة من الشلك والدينكا بمختلف أعمارهم ووجدتهم ناس طيبين وبحبوا العمل، وكان عمري وقتها 22 سنه وبمجرد وصولي استلمت بندقية نوع قديم مع العهدة لأن سكني كان في وسط الغابة وفي حيوانات متوحشه لذلك كان لابد أن يرخص لي بسلاح أحمي به نفسي . *أذكر لنا أطرف المواقف التي مرت بك ؟ في الحقيقة كان موقفاً محرجاً أكثر من إنه طريف لما باشرت عملي في الزرزور وكان عمالي من الجنوبين رجال ونسوان وأطفال يعملون معي في المزرعة وعندما وجدتهم نشيطين في العمل قمت بزيادة مرتباتهم فأصبح الرجل قرشين والمرأة قرش ونصف والولد قرش ولما سمع مفتش ملكال الانجليزي الخبر إني زدت المواهي للعمال طلب يقابلني وقال لي (انت المالية دي حقت ابوك تزيد المرتبات على كيفك؟؟ وطالبني أرجع القروش الصرفتها زيادة للعمال، واعتذرت لعمالي من الدينكا والشلك ووردت القروش ورسلت نمرة الإيصال للمفتش في ملكال. *شكل حياتك الاجتماعية في الزرزور ؟ كنت بقوم بزراعة الفواكه والخضروات في مزرعتي ولكن كنت بشتري اللحم من كدوك ونحتفظ به منشف وكل المواد الاستهلاكية الأخرى التي يحتاجها البيت لأن الزرزور كانت مجرد مركز وليست محطة كبيرة مثل كدوك وزوجتي كانت لديها الكثير من الجيران والجارات اللائي كانت تتعامل معهن على قدر من الطيبة وحسن المعشر والتزاور خلق بيننا صلات اجتماعية قويه. *حدثنا عن تجربتك في الاستوائية ؟ ثم انتقلت بعد تجربتي في أعالي النيل بمنطقة الزرزور التي استمر فيها عملي لمدة سنتين إلى يي في الاستوائية التي استقريت فيها حوالي (16) سنة متواصلة ووجودي فيها أعطاني فرصة لدراسة زراعة البن والشاي والكاكاو عقب استقالتي من الغابات واتجهت إلى عمل مزرعتي الخاصة بالجنوب وزرعت فيها البن والشاي وأذكر أن الرئيس عبود أرسل لي برقية (علمت أنك قمت بزراعة البن والشاي وبذلك سوف توفر 3ملايين عملة صعبة للبلاد) وأرسل لي ناس البرير وأبو العلا لنزرع مع بعض البن وكان عندي وقتها ثلاثة تركترات ومعدات زراعية ولوري مازالت حتى الآن في الجنوب . *متى عدت من الجنوب ؟ كان كل مالي وأعمالي ومزرعتي وأسرتي في الجنوب وقضيت فيه فترة ليست بالقليلة الفتها وتعودت على العيش فيها ولكن اندلاع الحرب في الخمسينات هو الذي أبعدني منها وجعلني أبرح مكاني وأترك مزرعتي بالجنوب حتى أن أولادي أحمد وعمر أتربوا في الجنوب وعرفوا لغة الجنوبيين وكان بشرحوها لينا.