كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: حصاد نصف قرن من الاستقلال (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
التنمية الصناعية – 1 –
فيما يلي مقتطفات من الورقة التي قدمها الأستاذ/ عبد المنعم خليفة خوجلي بعنوان " مناخ الاستثمار وتحديات التنمية الصناعية في السودان "
مناخ الاستثمار في السودان يضع تقرير الاستثمار العالمي ( World Investment Report ) حول التدفقات العالمية الذي تصدره منظمة الأنكتاد السودان في مرتبة متقدمة ، وذلك بفضل الاستثمارات الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة في مجال النفط والمعادن ؛ بينما يحتل موقعاً متأخراً بتطبيق معظم المعايير الأخرى ، ليس فقط بالمقارنة مع دول العالم عامة ، وإنما أيضاً بالمقارنة مع الدول العربية والإفريقية كذلك . وقد كان ملفتاً بشكل خاص الترتيب المتدني للسودان في تقرير مؤسسة الشفافية العالمية وفقاً لمؤشر مدركات الفساد Corruption Perception Index.
بشكل عام يضع المستثمرون اعتباراً لـلعناصر التالية : - الاستقرار السياسي واستقرار الاقتصاد الكلي - نظام الاستثمار الأجنبي المباشر في البلد المعني . - التنافسية الصناعية . - الموارد الطبيعية والبشرية .
ومن الملفت أن الاستثمارات الأجنبية ظلت تتدفق نحو السودان بينما كانت الحرب الأهلية في الجنوب لا تزال مستعرة ، وذلك قبل توقيع اتفاقية السلام . غير أن هذه الحقيقة لا تنفي الأهمية الكبرى لعامل الاستقرار في خلق المناخ الاستثماري المواتي الجاذب للاستثمار في مجال الصناعة التحويلية ؛ إذ أن الصناعة التحويلية تحتاج إلى الاستقرار لكي تعمل بشكل طبيعي وتكون في خدمة الاقتصاد والمجتمع، بأكثر من الصناعات الاستخراجية كالنفط والمعادن ، والتي يكفي لانتظام العمليات الاستخراجية فيها توفير الحماية الأمنية المكثفة لمنشآتها ، خاصة إذا لم يهتم المستثمرون بإحداث تنمية اقتصادية شاملة ، أو على الأقل تنمية محدودة في مناطق النفط ذاتها.
إن مناخ الاستثمار العام لا يزال متأثراً بشكل كبير بظروف الحرب في الجنوب ومخلفاتها ، وأيضاً بالتوتر السائد في الغرب وفي الشرق وفي مناطق أخرى من السودان. استراتيجية إعادة تأهيل وتنمية الصناعة
• من المهم تبني استراتيجية لإعادة تأهيل وتنمية الصناعة تنطلق من الواقع ، وتستند على التقييم السليم للإمكانيات الكامنة والفرص من ناحية ؛ وعلى المعوقات والعناصر السالبة من الناحية الأخرى.
• ترتكز الاستراتيجية على الاستغلال الأمثل للميزة النسبية التي يتمتع بها السودان والمتمثلة في الإمكانات الزراعية والحيوانية، خاصة وأن الموارد الأخرى محدودة نسبياً ، كالطاقة والتمويل والموارد البشرية والمقدرة التكنولوجية . وأن يتم التركيز على التصنيع الزراعي بهدف توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء والكساء .
• إعادة تأهيل الصناعة السودانية من خلال البحث الجاد عن أسباب عدم الكفاءة وتدني الأداء بالذات لمصانع القطاع العام ( الغزل والنسيج ، والجلود ، والصناعات الغذائية ) ، بدلاً من القفز إلى نتيجة أن الحل هو خصخصتها . يمكن البحث عن الارتقاء بكفاءتها وزيادة تنافسيتها من خلال تعزيز التعاون بينها وبين معاهد ومراكز الأبحاث والتطوير .
• إيلاء أهمية قصوى للتنمية الإقليمية وانتشار النشاط الاقتصادي على نطاق السودان كله ، حتى يتكامل اقتصاد جنوب السودان وبقية الأقاليم في الاقتصاد الوطني ، لأن في ذلك تدعيم للوحدة الوطنية . والعنصر الرئيسي لتحقيق ذلك هو تطوير البنية التحتية، وخاصة شبكة الطرق الجيدة . وهنا يبرز دور الصناعات الصغيرة والحرف الريفية وفعاليتها في تحقيق التنمية الإقليمية متى ما تم تبنيها كنهج أصيل ، ومن ثم توجيه سياسات الحوافز والائتمان لخدمة تلك الصناعات .
• تأسيس صناعات ذات جدوى ونفع حقيقي للمواطنين في المناطق المختلفة وللاقتصاد الوطني ، وليس مجرد إرضاء المواطنين في الأقاليم من خلال توطين صناعات غير مجدية وغير مناسبة في مناطقهم ؛ خاصة لما في ذلك من إهدار للموارد وعدم تحقيق الهدف المنشود . وهنا نشير إلى تجارب الصناعات الغذائية التي تأسست في كريمة وواو وكسلا وبابنوسة ، والتي قصد منها مراعاة التوزيع الجغرافي العادل ( خاصة وأن عدم التوازن في التنمية كان بارزاً منذ فجر الاستقلال ) ؛ وأيضاً مصانع النسيج الستة التي أنشئت في منتصف السبعينات . لقد فشلت هذه التجارب، وبقيت لنا منها الدروس التي ينبغي أن نستفيد منها جيداً في توطين الصناعات المناسبة والمدروسة جيدا في المناطق المناسبة خدمة لهدف التنمية الإقليمية وتعزيز الوحدة الوطنية.
• رفع درجة تأهيل الموارد البشرية من خلال التركيز على زيادة القدرات العلمية والتكنولوجية. حيث أنه تأكد بجلاء أن مقومات المنافسة التقليدية ما عادت تصلح أساساً لتنمية صناعية على المدى الطويل، حيث أصبحت الموارد الرئيسية للنمو المستقبلي هي البشر، والمعرفة ، والبيئة العلمية .
• تأهيل وتطوير المؤسسات التنموية التي ستعنى بإدارة المشروعات المشتركة المرتقبة ، والتي ستكون حكومة السودان أو حكومة جنوب السودان طرفاً فيها تجاوباً مع العون الخارجي المرتقب من المانحين والمجتمع الدولي ، وتهيئة وجذب الكوادر المؤهلة وذات التجارب الإقليمية والعالمية في إدارة مثل هذه المشروعات المشتركة . تنبع أهمية ذلك من أن التدفقات الاستثمارية المرتقبة لمثل هذه المشروعات سوف تفوق كثيراً رؤوس الأموال الخاصة التي سوف تقبل نحو مشروعات القطاع الخاص . ومهما بلغت قوة توجهات التحرير الاقتصادي لدي الحكومة ، فإن المرحلة القادمة سوف تتطلب أن يكون للحكومة دور أساسي في التنمية الصناعية وفي المشروعات الإنتاجية المشتركة لا بد من الاستعداد للاضطلاع به بفعالية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|