|
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! (Re: خالد عويس)
|
النقاش أتى أيضاً إلى (إسلاموية) حزب الأمة. في تقديري أن حزب الأمة لم ينشأ للإجابة على أسئلةٍ دينية لم تكن مثارة أصلاً في منتصف أربعينيات القرن الماضي، إنما نشأ لمواجهة أسئلة تتعلق بالمصير الوطني. الأسئلة الدينية جنباً إلى جانب أسئلة أخرى طُرحت على الساحتين الفكرية والسياسية كلها منذ الستينيات، وكان لزاماً على حزب الأمة بثقله الاجتماعي والتاريخي أن يجيب عليها. صحيح أن بعض رؤى حزب الأمة من الزاوية الفكرية تمت مراجعتها، وبعضها الآخر تتم مراجعته حالياً، لكن هذا كُله لا ينفي جملةً من الحقائق: أولاً: حزب الأمة القومي نشأ نشأة سودانية، جذوره ممتدة في النسيج الاجتماعي والثقافي والديني السوداني. وهو يجيب من خلال فكره على أسئلة تتعلق بالسودان وموجهة إلى دولة ومجتمع قائمين فعلاً على عكس الحركة الإسلامية التي توجه منظومتها الفكرية ومرجعياتها إلى دولة افتراضية لا حدود واضحة لها، وإلى مجتمع افتراضي. هذا الأمر ليس ناتجاً عن رؤية الحركة الإسلامية لذاتها وللمجتمع والدولة فحسب، وإنما أيضاً لطبيعة التعليم (البريطاني) الذي فصل - وجدانياً وفكرياً وثقافياً - بين قسم من النخب السودانية وواقعها الاجتماعي والثقافي والسياسي الحقيقي، لذا تعالت واستعلت عليه، بل استعلت حتى على الأسر التي لم تدخر وسعاً في تعليمها وتأهيلها. هذا إضافةً إلى أن العقل السوداني في غالبه ليس عقلاً ناقداً وتعوزه الموضوعية..وهذا ناتج أيضاً عن عوامل عدة من بينها ما هو تاريخي، ومن بينها ما هو ناشئ عن المنظومات التعليمية. ثانياً: صحيح أن الأحزاب السياسية كُلها تعاني ضعفاً وضموراً غير مسبوقين. لكن، أي حزب سياسي في تاريخ العالم تعرض لديكتاتوريتين (نميري 1969 – 1985، البشير 1989 - ..) استهدفتا المجتمع المدني بأسره وكمّت الأفواه ولم يتعرض لخسائر جسيمة، ولم تحد عملية الإصلاح بداخله. يُحسب لقوانا السياسية كلها أنها ما تزال موجودة في ظل تراجع المجتمع نفسه وتراجع الثقافة والاقتصاد والوعي والأخلاق. القوى السياسية الإسبانية في عهد الجنرال فرانكو، والتشيلية في عهد بينوشيه، والمصرية في عهد مبارك وقبله السادات، والسورية في عهد الأسد، والعراقية في عهد صدام، بل والألمانية في عهد هتلر، والإيطالية في عهد موسوليني، وغيرها من النماذج، أُصيبت بالضمور والتشرذم والاضمحلال. التكلس والجمود وفقدان الإرادة وضعف العمل المعارض، كلها انعكاسات لأزمة أكبر من الأحزاب، إنها أزمة مجتمع بأسره مكبل وأسير لدى الطغيان. ومتى أُستعيدت الديمقراطية ستستعيد هذه الأحزاب حيويتها وقدراتها الفاعلة على الحراك والتجديد والإصلاح. ثالثاً: الجيل الذي أمثله ويمثله أحباب وحبيبات أعزاء وعزيزات عرفهم وعرفهن الناس في أكثر الأوقات عسراً، يكن تقديراً خاصاً للسيد رئيس حزب الأمة. هم وهن يختلفون ويختلفن معه، ويوجهون ويوجهن له الكثير من النقد والمراجعات، لكنهم جميعاً يرونه (الأب الفكري) لهم ولهن. هذه حقيقة لا سبيل لإنكارها أو الالتفاف عليها. فقد شكلت رؤاه الفكرية العماد الرئيس في فكرهم. الرابط هو التحرك بموضوعية في شأن الإجابات المتصلة بالشأن السوداني ومراعاة التعقيدات كلها ما أمكن و...ظرف المجتمع ذاته. أضف لذلك ميزة الاعتدال، ومزاوجة التراث بالمعاصرة. وهذا ملمحٌ أساس في فكر السيد الصادق المهدي. هذا غير ملمح الأصالة السودانية في التصدي لكل القضايا. تصديه لتيارات التطرف والتكفير حالياً يمثل جزءً من هذه اللوحة إلى جانب نظرته للفنون التي كرسها بالأساس الإمام عبدالرحمن ضمن إشراقاته الكبرى في قضية تعليم البنات وتحويل الشخصية الأنصارية من شخصية مصادمة إلى شخصية مدنية تدريجياً وجهوده في إرساء التسامح السياسي (نموذج زيارة وفد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي واستدعائه الأستاذ عبدالخالق محجوب للتفاكر حول واجب الضيافة) والتسامح الديني، وهذا تراثٌ بنى عليه السيد الصادق المهدي. رابعاً: الإصلاح ممكن وممكن جداً في حزب الأمة دون عجلة ودون تباطؤ. من المهم الإيمان بأن حزب الأمة يشبه المجتمع السوداني ككل، فهو ليس حزباً نخبوياً، ولا هو مفصولٌ عن واقع مجتمعه في تقهقره وتقدمه. وعملية الإصلاح في حزب الأمة مرتبطة إلى درجة ما بنظرة كلية للإصلاح، فهو يمثل ثقلاً جماهيرياً لابد من النظر إليه بمنظور إصلاح التعليم وإصلاح الدولة وتنمية الريف وعمليات أخرى، لأننا نتحدث عن كتلة مليونية. يبقى في نظري الخطأ في الظن أن مجرد تغيير وجوه قيادة حزب الأمة أو أي حزب من الأحزاب مؤداه الإصلاح. ويبقى من الخطأ أيضاً أن لا تُحسب عملية الإصلاح بدقة حتى لا تكون النتائج كارثية خاصةً أننا نعيش ظرفاً استثنائيا. شباب حزب الأمة يفهمون ذلك جيداً، لا تعوزهم الثقة الكاملة بالنفس، ولا القدرات الهائلة التي يزخر بها الحزب في مختلف المجالات، لكنهم يحسبون خطواتهم بدقة ودون تغليب لجانب المغامرة والقفز في الظلام. الإصلاح ماضٍ، وحزب الأمة اليوم ليس هو حزب الأمة 1986 ولا حزب الأمة 1996 بل ولا حزب الأمة 2005. هناك تطور ملموس. هناك إخفاقات في بعض الجوانب، لكن عملية الإصلاح تسير بخطى جيدة نسبياً بالنظر إلى الواقع الذي يعيشه الوطن. خامساً: زرتُ مع السيد الصادق المهدي الحصاحيصا، وصحبته في زيارته إلى نهر النيل ورأيت بأم عيني الجماهير التي استقبلت وفده. وهذا يحدث معه في كل مكان يقصده. في ظل النظام الحالي الذي يسيطر على مفاصل الدولة والأمن والاقتصاد تبقى ورقة (الكاريزما) رابحة جداً بدلاً من البحث عن أوراق أخرى تحتاج وقتاً كي تلتف الجماهير حولها. يتبع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-19-11, 07:18 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-19-11, 07:20 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-19-11, 07:21 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-19-11, 07:24 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | تبارك شيخ الدين جبريل | 08-19-11, 08:23 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | الصادق اسماعيل | 08-19-11, 08:57 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-19-11, 11:51 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | محمد على حسن | 08-20-11, 00:04 AM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | تبارك شيخ الدين جبريل | 08-20-11, 00:17 AM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-20-11, 00:21 AM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-20-11, 00:30 AM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | خالد عويس | 08-20-11, 12:49 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | عمر عبد الله فضل المولى | 08-20-11, 01:28 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | عمر عبد الله فضل المولى | 08-20-11, 07:43 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | محمد على حسن | 08-20-11, 08:01 PM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | عمر عبد الله فضل المولى | 08-21-11, 11:17 AM |
Re: ما لم يُقل في حلقة (النيل الأزرق) ! | وليد محمد المبارك | 08-21-11, 11:39 AM |
|
|
|