|
لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة.
|
أميل كثيرا إلى مجالسة كبار السن ومحادثهم والاستماع إلى قصصهم, لا تنخدع فتحسب إني باحث لديهم عن الحكمة والعبر فوالله لم أجد لدى أكثرهم حكمة ولا يحزنون, بل وجدت حماقات كبيرة وأخطاء تاريخية قاتلة ووجدت أكثرهم باكيا نادبا حظه العاثر على فرصة ضاعت كان من الممكن أن تغير مسار حياته. والواقع إن أسباب مجالستي لهؤلاء بجانب محبتي لهم هو محاولة التنبؤ بما سيكون عليه حالي إذا عشت إلى أرذل العمر. من ناحية الشكل العام الذي سأبدو عليه فليست لدي مشكلة فلدي صورة واضحة عن ذلك استقيتها من ملامح جدي وجدتي رحمهما الله بعد أن قضيت وقتا طويلا أتفرس في ملامح وجهيهما وأحاول رسم صورة تتشكل عناصرها بالمناصفة بينهما. أصبح من شبه المؤكد بالنسبة لي إنني سأصاب بالعمى الجزئي وربما التام بعد الستين تماما كجدتي,, ومن المؤكد أيضا إن أخاديد طولية وعرضية وكرمشة ستحل بطلتي البهية تماما كما حدث لجدي,, ومما لا شك فيه إنني سأقضي سنواتي الأخيرة برفقة عكاز يحفظ توازني بعد التقوس الحاد الذي سيحل بظهري تماما كما حدث لجدتي,, ومن شبه المؤكد إنني سأموت صارخا متأوها وأنبوب (قسطره) محشور في مكان لا يجب أن يكون فيه تماما كما حدث لجدي, ومن الراجح إن خدودي اليانعة ستصبح أرضا خصبة لبضع (نخلات) كتلك التي نمت على ما كان يوما من الأيام خدود جدتي. كما أسلفت فلدي تصور كامل عن هيئتي العامة في شيخوختي والأحداث والتحولات العظيمة التي ستحل بي فسيولوجيا. ما ليس لدي عنه أدني فكرة حتى الآن هو أين سأقضي شيخوختي؟ ومن سيعتني بي ؟ وهل سيفعل ذلك كما يجب أم إن رمية سودة تنتظرني؟ ستظل هذه الأسئلة معلقة على مدى السنوات القريبة القادمة فلم أقرر بعد ماذا سأفعل بحياتي, فأمامي خياران لا زلت اقلبهما وهما أما أن اجمع قدر من المال واقضي سنواتي الأخيرة في دار هادئة للعجزة, وأما أن أخلف عيلا أو أكثر ليقوم بهذه المهمة.
على أية حال هذا شأن معقد ويحتاج لعمل كبير وترتيب جيد فالشيخوخة وأرذل العمر من الأمور المزعجة جدا, وبالنسبة لي قريبا ستبدأ إجابات هذه الأسئلة في التبلور وسأقرر مبكرا أين وكيف سأقضي أيامي الأخيرة. ولكن دعنا نعود إلى شأن سعيد وسعيدة.
|
|
|
|
|
|