|
Re: دارفور و تسونامي سقوط الأنظمة الإستبدادية: أفق جديد ... (Re: احمد ضحية)
|
دارفور و تسونامي سقوط الأنظمة الإستبدادية: أفق جديد لمعالجة شاملة (3)... أحمد ضحية نشير هنا مرة أخرى إلى ما توصل إليه دكتور عبد الله علي إبراهيم, حول المشهد السياسي السوداني ,وتوصيفه للممارسة السياسية فيه "بنهاية السياسة" (1) وكما نرى أن الحالة السودانية , بتعقيدات السياسي فيها وتداخلاته ,وتشابكاته مع الإجتماعى . والإقتصادي والثقافي , يجعل دراسة ظاهرة الصراع في السودان , مفتوحة على كل المستويات , ما يطرح ضرورة توافر شروط داخلية , في البيئة السياسية ,تحث على السلام والوفاء بالوعود والتخلي عن لغة الإستعلاء والعنتريات. ومع ذلك بلوغ السلام هو أسهل من الحفاظ عليه , في ظل هذه التشابكات والتعقيدات ,التي تضرب بجذورها, في تاريخ تكون الدولة السودانية . فالضغط وحده لن يحقق السلام , رغم أنه قد يدفع الأطراف المتحاربة , إلى مائدة الإجتماع , فالمجتمع الدولي له دور حيوي ومركزي , يلعبه في الحفاظ على السلام عندما يتحقق . ذلك أن قضية السلام برمتها ,لا يمكن فصلها عن واقع التحلل . وضرورة إعادة البناء الكامل لكل البلاد , إقتصاديا و إجتماعيا و سياسيا . وسيكون الأساس الإ قتصادي القادر على توصيل السلع العامة , مساندا وحاثا على وجود بيئة من الإستقرار الإجتماعي والسياسي , وعلى العكس مهما يكن نبل المثاليات , التي تخلق خلال عملية السلام , فإن الإقتصاد الضعيف سيقوضها . ومما تقدم يتضح مثالان للمسئولية الدولية : إعادة البناء والتنمية , وقبل كل ذلك معالجة الأوضاع الإنسانية (2) وبالرغم من وجهة النظر المتشائمة , التي يعبر عنها الكثيرون , ويهاجمها القليلون , وبغض النظر عن الواقع الماثل , للوضع الراهن ( اى التعصب الديني والاثني المثير للشقاق , والحرب المتفاقمة وإنهيار القانون والنظام , وإفلاس الدولة إقتصاديا , والإضطراب الإجتماعي , وتحلل مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية ...) وبالرغم من كل ذلك ,أن الإجماع العام حول وحدة بقاء دارفور موحدة مع شمال السودان , ربما يتفكك, وبصورة درامية متسارعة, كما أوضح إستفتاء الجنوب مؤخرا. ومع ذلك, لتستمر دارفور موحدة مع الشمال ,لن تتحقق "هذه الرغبة" في اللغة, والشعارات والوعود, التي رأينا كيف أعادت مناوي مرة أخرى,إلى جبهات القتال كما أعادت الجنوب من قبل مرارا وتكرارا ,وأنتهت به إلى تبني خيار الإنفصال, بل أن ما تبقى من السودان بأكمله – بعد أن إنفصل الجنوب – إذا إستمرت العقلية التي ظلت تحكم السودان ,منذ 1956 تفكر بذات الطريقة,فلابد أنها ستؤدي إلى كوارث جديدة غير متوقعة حتى! لذلك لابد من أفق جديد ولغة جديدة وعقلية جديدة ليبقى ما تبقى من السودان بلدا موحدا , ولو في شكل فيدرالي أو كونفدرالي . فكل النزاعات التي جرت وتجري الآن في السودان,هي تعبير عن رفض المهمشين للهيمنة بواسطة نخب الوسط (3) وما لم تغير نخبة الوسط, الطريقة التي ظلت تفكر بها تجاه أطراف البلاد ,والتي تميل غالبا للحلول العسكرية والأمنية في مواجهة أزماتها المزمنة.. مالم تتغير هذه الطريقة في التفكير ,وتتغير معها لغة التخاطب الإستعلائية ضد المعارضين والمتظاهرين والثوار, سيكون مصير دارفور مشابه لمصير الجنوب وإن طال الزمن!. على الرغم من الحالة التراجيدية التي تميز المشهد السوداني , في العقود الأخيرة , وحالة التحلل المتقدمة , التي تغلغلت في كل مناحي الحياة - الإجتماعية والسياسية والإقتصادية – ومع ذلك واقع الثورات التي تعتري الشعوب الآن , وتدفع بالشارع السوداني للإحتقان أكثر فأكثر , تعطي لمحة من الأمل يمكن تمييزها :كبذرة المانجو . تنبت في تحللها . وهي تشير بوضوح إلى إنهاء التحلل الراهن.. ومثل هذا التفكك , سيقود في النهاية , إلى عمل سريع . ربما يحدث دمارا الى ما هو أبعد من المليون ميل مربع . خصوصا في ربيع التحرر العربي الراهن, الذي تفجرت فيه كل إنكسارات وهزائم وغبائن التاريخ العربي بصورة غير مسبوقة, ما دفع بليبيا للخروج من كهفها السحري! وقد تقدم المقاربة التي تؤسس نفسها في " بلد واحد " لكل ولايات عديدة , التي تقودها ممارسة ديموقراطية, قادرة على إستيعاب الواقع المتعدد للمجتمع السوداني , البديل الوحيد المجدي لحالة التحلل الراهنة , والحماية ضد إحتمال عدم الإستقرار المدمر مستقبلا (4) .. والنقطة المهمة التي نطرحها , هي أنه لو كان للسودان أن يقسم , فليس ثمة ضمانات , ألا ينتهي هذا إلى لا شيء - حسب رهانات المناورات, الخيالية وغير الواقعية لنظام الجنرال البشير- فقد تخيب هذه الرهانات "العسكرية والأمنية" بأن يتحول السودان إلى العديد من أشباه الدول !!.. بحيث يتخطى الأمر حدود إنفصال الجنوب أو دارفور, أو الحكم الذاتي لجنوب النيل الأزرق. علاقة المركز بالأطراف : أجد أنه من المناسب هنا إلقاء الضؤ على علاقة ( المركز ) بإقليم (دارفور ) , بالإشارة إلى وصف السيد بونا ملوال , الزعيم الجنوبي المعارض , الجبهة الاسلاموية ,بأنها قد حملت الأجندة الإسلاموية والعروبوية والجلابية ( المجربة الفاشلة ) للحكم , إلى نهايتها الدموية . والتدخل الأميركي والأوروبي الآن , في أزمة دارفور ( بعد صمت طويل ) ,قد يوحي بأن نبوءة بونا ملوال , ممكنة التحقق , في ظروف التدويل الراهنة لا لقضية دارفور فحسب , بل لكل قضايا الهامش في السودان ,كمعادل موضوعي لثورات المهمشين في المنطقة(ليبيا,اليمن,سوريا,إلخ) ,و رغم أن التدخل الأميركي الأوروبي في دارفور,أستطاع النظام في الفترات السابقة محاصرته ,بالرضوخ للإبتزاز الغربي , يخص أجندة إنفصال الجنوب "المنتج للنفط" من جهة ,وتعاون الخرطوم مع أجهزة الإستخبارات العالمية في ملف الإرهاب , إلا أن الغليان الراهن في المنطقة, من المؤكد ستتبلور نتيجة له سياسة غربية جديدة تجاه المنطقة بأكملها, خصوصا الأجزاء المتفجرة كدارفور. لذلك ربما أن مجريات الصراع في دارفور , ستأخذ منحى جديدا ,خصوصا إذا أخذنا بعين الإعتبار تبدلات الموقف الفرنسي والأمريكي, تجاه حالة الغليان في المنطقة ,من التحفظ إلى دعم ثورات الشعوب. وخصوصا أن أميركا وفرنسا ,تعرفان منذ وقت مبكر حقيقة أوضاع دارفور (التطهير العرقي ,الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية) , الأمر الذي غالبا ما يعجل بمعالجة الأوضاع , في حالة تصعيد الحركات المسلحة في دارفور لعملياتها ,ضد الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام , إلى جانب التصعيد الإعلامي من قبل الدارفوريين , مرة أخرى لمشكلة السودان في دارفور. على الرغم من أن أميركا وقفت تتفرج بصمت لوقت طويل,بسبب إنشغالها بملف جنوب السودان وحرصها على إنفصال مرن. تخوفا من تأثيرات الصراع في دارفور , على مجريات خطتها للسلام
|
|
|
|
|
|