|
يا أبيض يا أسود وأدب الخلاف
|
نحن شعب عاطفي لا يعرف الوسطية,وهنالك الكثير من الدلايل والحكي يبين ذلك , نحب .. نحب بلا هوادة ولا محاذير , نكره.. نكره بلا هوادة أيضا وبلا محاذير . عندما كنا في المرحلة الجامعية كان الوسط الطلابي في الإسكندرية يحوي جميع ألوان الطيف السياسي , كان وسطا يختلف تماما عن الوسط الطلابي في جامعتي الخرطوم والقاهرة الفرع حينها , حيث أركان النقاش والصحف الحائطية بما في ذلك من عراك وشجار , سيخ وخناجر وعصي وكل أدوات الإختلاف السياسي في هاتين الجامعتين . كنا ضيوف في دولة لا تعرف الخلاف السياسي إلا في الصحف والبرلمان وعلي إستحياء وبهامش محدود من الحرية جادت به الحكومة المصرية وما تزال تمن عليهم به , لو أردت أن تصدر صحيفة طلابية عن الكشافة أو البيئة مثلا كان عليك أن تجهز الصحيفة وتأخذ عليها موافقة مسئول النشاط بالكلية ثم العمادة ثم تذهب بها لتأخذ موافقة أمن الكلية , وبعد كل هذا الجهد لا تعلقها علي الحائط بل تبحث لك عن أربعة أحجار لتثبت بها الصحيفة علي الأرض وتقف عليها حارسا ما شاء لك ثم تطويها وتذهب بها لتعود في اليوم الثاني لو أردت , لكل ذلك كان دار الإتحاد الطلابي هو مركز نشاطنا وكنا نختلف بشدة ونتنافس ما شاء لنا وعندما نخرج خارج الدار كنا أهل وأحبة , فينا الأخ المسلم , والبعثي , والشيوعي , وأنصار السنة , نتزاور ونفقد بعضنا , تذكرت كل ذلك وأنا أعايش الخلاف بين الإخوة هنا في (منتدي الحوار ) وإن كانت الحكاية لم تصل بعد لمرحلة الضرب , نختلف لا ضير في ذلك فهذه طبيعة الأشياء , ولكن الضير كل الضير أن نكره بعضنا البعض , نصنف , نقاطع ونتصيد أخطاء بعضنا البعض , بلا هوادة ولا محاذير أيضا , (منتدي الحوار؟) .. أحمل فكرا ويحمل غيري فكرا مغايرا .. لا أهضم فكرهم وأراه لا يناسبني , أفكاري لا تعجبهم ويرونها سفيهة , لا بأس من كل ذلك علي ان يجمعنا أقله كلمة طيبة وقولا حسنا ,وخلاف مؤطر بقواعد الإحترام المتبادل , هل تبحث عن قتال بلا معني وبلا جدوى ؟ هنالك بأرض الوطن ثلاثة جبهات يدور فيها قتال من هذا النوع أحمل سلاحك واذهب لتقاتل , (منتدي الحوار ؟) ليس مكان لشجار اللهم إلا بالكلمة والكلمة الطيبة , بعض الأشياء لا يمكن قياسها بأبيض أو أسود , بعض الأخوة أختلف معهم فكريا وسياسيا , هل يعني مشاركتي إياهم أفراحهم وأحزانهم خصما علي مبادئي ؟ وإذا كتبوا شيئا أراه معقولا في قضايا أخري غير السياسة هل تعني مشاركتي لهم أني أهادنهم واني أغض الطرف عن سلبهم لحقوقي ؟ وهل المطلوب هو أن اقف ضدهم في كل حال وفي كل موقف وإن قالوا حسنا ؟ ولما الحوار من أساسه وما جدواه إذا كانت الكيمان مفروزة وكل عرف مشربه ؟ أنا هنا لا أتحدث عن مطلق , ولا أطلق صرخة عفا الله عما سلف , ولكني لا أعادي من جادلني بكلمة ولا أرمي الإتهامات علي عواهنها , هل من يجيبني ؟
|
|
|
|
|
|