كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: غارسيا ماركيز: ضوء يشبه الماء (Re: محمود الدقم)
|
بعد مرور بضعة اشهر، ذهب بهما الامر بعيدا حيث اخذا يطالبان بجلب عدة غطس كاملة بضمنها البدلة الخارجية، القناع والزعانف، اسطوانات غاز التنفس مع بندقية اطلاق هوائية للصيد تحت الاعماق. احتج الوالد منتقدا: - شيء سخيف وغير مرض وضع قارب لايستعمله احد في غرفة المعيشة، والاسخف منه الحافكما بالسؤال عن عدة غوص ايضا. قال خوليو: ماذا لو حققنا نجاحا باهرا في الفصل الاول هذا العام وحصلنا على ميدالية كاردينيا الذهبية ؟ - كلا (قالت الام محذرة ) هذا يكفي... راح الوالد يلومها لابدائها موقفا متصلبا ازاءهما: - لحد الآن لم يحصل الصبيان على شيء مهم، ويكفي معاملتهما كأظفر ماأن ينمو حتى نستأصله وننبذه. قالت الام: - ولكنهما في هذه الحالة سوف يتماديا ن في الحصول على كل مايبغيانه حتى ولو كان كرسي الاستاذ نفسه. في النهاية لم يتفوه الابوان بنعم او بلا، ولكن مع اطلالة شهر جولاي تموز حقق كل من تاتو وخوليو نجاحا رائعا في نيلهما جائزة كاردينيا الذهبية، مع شهادة تقديرية من ادارة المدرسة بعد نهاية الفصل الدراسي الاول. في الظهيرة نفسها ودون ان يسألا ثانية او يطلبا شيئا، وجدا العدة المطلوبة بصناديقها التي تحتويها واغلفتها موضوعة في غرفة النوم.ولذا فما ان حل يوم الاربعاء التالي، واثناء مغادرة الوالدين الى دار السينما لحضور عرض ( التانجو الاخير في باريس) حتى قاما باغراق المكان بعمق قامتين بالضوء وبدت الشقة كأنها تستحم في حمام ضوئي اشبه بسمكة قرش هائلة مروضة،اخذت تنساب بخفة في ذلك التوهج المائي وتسيل تحت ثنيات الافرشة وحواف الاغراض والاشياء المهملة الضائعة لعدة سنين بين الركام وظلام الآثاث الخلفي. في احتفال نهاية العام، وبعد اجتياز مرحلتهما بنجاح وحصولهما على تقدير الفوز العالي، لم يطلبا شيئا ابدا، لأن الوالدين بادرا بالسؤال ان كانا يرغبان بشيء، اجابا بجدية بالغة انهما لايبغيان سوى القيام بدعوة اصدقاء صفهما المنتهي لوليمة صغيرة، لذا صدق الوالد حيث أسر لزوجته متباهيا وقد اشرق محياه: - هذا دليل اكيد على نضجهما، أ لم اقل لك. - من فمك للسماء ( قالت الام ). الاربعاء الاخرى بينما كان الوالدان يشاهدان فيلم ( معركة الجزائر ) لاحظ العابرون شلالا منهمرا من الشرر و الضياء يتساقط على حافات البناية القديمة المختفية بين صفوف الاشجار في شارع (باسيو دي كاستالينا). كانت مساقط الشلالات الضوئية تنهمر فوق الشرفات وتصب في وابل غزير فوق واجهة المبنى المحاذي، وقد غمرت الشارع الواسع بسيل عارم من الاشعة الذهبية أنار سماء المدينة على طول الطريق المؤدي الى
|
|
|
|
|
|
|
|
|