قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 00:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عثمان عبد الرحيم موسى(Osman Musa)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-09-2009, 00:47 AM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش (Re: Aymen Tabir)


    محمود درويش‮..‬ كل هذا الضوء في شاعر واحد

    لم يكن حفل تأبين محمود درويش الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمان، مجرد كلمات رسمية، ومجموعة قصائد غناها مارسيل خليفة، ولقطات مصورة لصاحب "في حضرة الغياب" يلقي فيها قصائده. كان أكبر من ذلك. كان محمود درويش حاضرا بقوة في حكايات الأصدقاء طوال الأيام الثلاثة للرحلة، منذ اللحظة الأولي بدأ الحديث عنه ، وكأنه وزع حكاياته علي الأصدقاء،كان لكل واحد معه حكاية، وموقف، طرفه، تعليق: هنا كان يجلس، هنا التقينا مرة، هنا قال " كذا وكذا"، وهنا..... وهكذا كان درويش حاضرا، في كل شئ. وهكذا لم يكن تأبينه رسميا.. كان مثلما أراد وأحب. وهكذا أيضا، توزعت الحكايات واختلط الرواة.





    عندما اتصلت إلهام زوجة الشاعر السوري ممدوح عدوان بمحمود درويش، لكي يشارك في " أربعين" ممدوح رفض. أبدت اندهاشها فهما أصدقاء. قال: سأحضر ولكن لتتركي لي ترتيب الاحتفال. قال: نحن الشعراء نكره الكلمات الرسمية، ونعشق الموسيقي والنبيذ..ليكن الاحتفال هكذا. وبالفعل سافر محمود وكان له ما أراد. .





    وهكذا تمني أن يكون تأبينه أيضا، كرة محمود " الكلمات الرديئة" ولذا كما يقول مريد البرغوثي " صعد محمود إلي جداريته ليرتاح هناك، لم يعهد لأحد برثائه، جلس في حضرة غيابه ورثي نفسه بنفسه، وكما يريد، لا ليعفي أحدا من المهمة. بل لأنه يخشي الركاكة ويمقتها مقتا".





    الموسيقي والشعر أيضا لم يكونا وسيلته لمواجهة الموت، وإنما أيضا لمواجهة الحصار، يحكي صديقه الناقد والمترجم فواز طرابلسي: " خلال حصار بيروت صيف 1982، كانت اللقاءات شبه اليومية. لم تكن فرصتي للإفلات من شقتي وقد تحولت الي مقر للرفاق وغرفة عمليات عسكرية. وإنما اللقاءات فسحات استثنائية للصداقة والتضامن والأمل. وكان محمود قد انتقل حينها من شقته الي أحد فنادق شارع الحمراء حيث الماء متوافر للحمٌام اليومي، والكهرباء بالكاد تنقطع، وعلي البار بيرة مثلجة وعازفة علي البيانو. هكذا أخذنا نرجم الحصار بالموسيقي والشعر. وفي غرفته في ذاك الفندق تلي عليٌ وعلي سعدي يوسف الآيات الاولي من تلك الملحمة التي سوف تسمٌي "مديح الظل العالي": "إقرأ باسم الفدائي الذي خلقا/ من جزمة أفقا". وفي تلك الغرفة انعقدت حلقات الوداع بين رفاق السلاح والقضية الواحدة علي اختلاف بلدانهم العربية. وحده محمود يرفض مغادرة بيروت: أنا شاعر لست بمقاتل. لكنه سوف يضطر إلي المغادرة بعدما احتلت القوات الإسرائيلية المدينة".





    " أنا شاعر ولست بمقاتل".. لم يقل هذه العبارة فقط أثناء حصار بيروت، كان يرددها دائما.





    الشعر وحده كان وسيلته للمقاومة، وسيلة لكي يتغلب علي الحصار. عندما سألته عن ديوانه " حالة حصار" لماذا يعود فيه إلي الشعر المقاوم الذي يريد أن يهرب منه قال: "كنت أري من بيتي الدبابات والجنود، لم تكن لدي طريقة مقاومة إلا أن أكتب، وكلما كتبت أكثر كنت أشعر أن الحصار يبتعد، وكانت اللغة وكأنها تبعد الجنود لأن قوتي الوحيدة هي قوة لغوية". ولذا كتب درويش عن " قوة الحياة واستمرارها وأبدية العلاقة بالأشياء والطبيعة: "لأن الطائرات تمر في السماء لدقائق ولكن الحمام دائم.. كنت أتشبث بقوة الحياة في الطبيعة للرد علي الحصار الذي أعتبره زائلا، لأن وجود الدبابة في الطبيعة وجود ناشز وليس جزءا من المشهد الطبيعي". يقول غانم زريقات : " كان الشعر هو سلاحه الأمضي في معركة الحفاظ علي الذاكرة، ومواجهة تزييف التاريخ والصراع علي الهوية". ويضيف محمد شاهين الناقد والمترجم الأردني: " الكتابة بالنسبة له كانت خطا أحمر، وكثيرا ما كان يردد أنه لا يستطيع التوقف عن الكتابة، ولو توقف مدة طويلة لشعر بعدم وجوده". ويضيف فواز طرابلسي: "هذا شاعر لا مهنة له إلا الشعر، وإن امتهن الصحافة للقيام بالأود. نادرا ما يترك وراءه نصا بخط اليد. نادرا ما يكتب الرسائل. لا يريد أن يبقي منه إلا شعره. ليس يريد أن يبقي منه شيء إلا الشعر".





    " لسنا في حاجة إلي أمثلة لإثبات الجانب الإنساني لدي محمود درويش، بل إن الإنسانية لديه هي نمط حياة ثابت سواء في سلوكه الشخصي او في شعره". ولكن الأصدقاء لديهم مئات الأمثلة التي تكشف الكثير عن محمود درويش. وحياته. يقول الشاعر والإعلامي زاهي وهبي: " عرفت محمود درويش قبل أن التقيه من خلال أشعاره، ولمٌا التقيته بعد سنوات من الحروب والمحن، ومن الشعر والحب، أحببت فيه أنه لا يجشبه الصورة النمطية للشعراء. مثلما أحببت الشبه الكبير بينه وبين شعره. وجدت أنه لا يكتب قصيدته باللغة وحسب، بل بالسلوك والتصرٌف وبأسلوب التعامل مع الوجود والكائنات. وحين رحت أبحث عن وجه الشبه بين الشاعر وقصيدته، وجدت أنها تلك الغنائية الشفيفة المشوبة، أحيانا بشيء من الانكسار الإنساني أمام عاتيات الأيام، وتلك الروح المشعٌة التي تنتقل بالعدوي الجميلة الي كل من يقترب منها، وذاك الدفاع الرائع والانحياز الجميل إلي معني الحياة).





    وهذا المعني يلح عليه أيضا فواز طرابلسي: " لم يكن يشبه الصورة النمطية الشائعة عن الشاعر. لا أثر فيه للبوهيمية. لا لحية له. ولا شارب. وهو حليق كل الوقت. ليس حزينا ولا مكتئبا، لا يريك وجهه اذا ما سيطر عليه الغمٌ. أنيق منتهي الأناقة. نظيف. جميل. ومجامل أحيانا. منظٌم ودقيق في مواعيده بطريقة مدهشة. ثابت في طقوسه. يكتب صباحا علي مكتبه. يكوٌر يده أمام الورقة، مثل الأولاد أيام الامتحانات، يخفي ما يكتب عن فضولي يتلصص عليه. أو يريد أن ينقل عنه. سألته لماذا. قال لست أدري. ربما خفرا. وربما لأني لست واثقا من أني سوف أبقي ما كتبت. لا يتردد في تمزيق قصيدة لم تصل إلي مستوي يريده. ولا يتردد في إهمال قصيدة اذا ما قرأ قصيدة أفضل منها. مزٌق قصيدة في رثاء بابلو نيرودا بعدما قرأ قصيدة إيتل عدنان "بابلو نيرودا شجرة موز".ويضيف طرابلسي: " يشرب في السهرات ولكنه لم يصل مرة إلي السكر، علي حد معرفتي، ولا يطيل السهر علي كل حال.".





    "كان كريما" يأخذ غانم زريقات دفة الحديث، لم يدع احدا يدفع حساب المطعم إذا لم يكن مدعوا. يضحك غانم. ولكنه كان بخيلا في شئ واحد: " النبيذ.. الذي لم يكن يعشق مشروبا سواه، كان خبيرا به وبأنواعه، وذواقة أيضا. يقول أحمد درويش : دعاني مرة علي الغذاء في أحد المطاعم، وجاء النادل بزجاجة نبيذ. تذوقها وقال له: " هذه مضروبة".. وجاء بأخري. قال الكلمة نفسها، وهكذا تكرر الأمر أربع مرات متوالية، حتي غضب النادل. فقال محمود نحتكم إلي " ذواقة المطعم" الذي جاء وأيد محمود في موقفه، ولذا كان يختار المطاعم التي يتناول فيها طعامه بعناية. ويتذكر غانم مقولة محمود الدائمة: " الطعام إما طيب أو صحي" في إشارة إلي أن الطعام " الطيب كان مقترنا دائما بالدهون وتحذيرات الأطباء له من تناوله، ولكنه لم يكن يعتني كثيرا بهذه التحذيرات.





    يكشف الدكتور محمد شاهين جانبا آخر من حياة صاحب " كزهر اللوز أو أبعد"..لم يكن مغرما كثيرا بترجمة أعماله إلي لغات أخري، كان يقول " المهم ان نكتب بالعربية. وما دون ذلك من النوافل" ولذا فكل مرة كنت أنا الذي أطلب منه أن أترجمه، لم يعرض علي احد أن يقوم بالمهمة. ويضيف شاهين : ترجمت له " في حضرة الغياب " و"كزهر اللوز". وعندما أعطيتهما إياه ليقراهما. لم يكن متحمسا في البداية، ولكن مع إلحاحي عليه قرأ العملين كلمة كلمة، وقد أدهشني إلمامه التام بالإنجليزية. وقدم اقتراحات لترجمة بعض الكلمات، ولكنه أيضا لم يفرض علي تصحيح كلمة واحدة إلا بعد أن يناقشني فيها".





    جانب آخر يكشفه الأصدقاء، ولع محمود بالسخرية. كان ساخرا كبيرا، لكنها لم تصل إلي درجة السخرية الجارحة، لاذع أحيانا، ولكنه كان لديه يقين في السنوات الأخيرة أن العمر ليس فيه ما يستحق أن نتخذ مواقف من الآخرين، ولذا كان متسامحا حتي مع من أساءوا إليه. عندما علم قبل شهور من الرحيل أنه يحمل في قلبه " قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر في اية لحظة، كان يداعب الأصدقاء الذين يصرون أن يذهب لإجراء الجراحة: " أليست قنبلة.. لو انني نذل لتركتها تنفجر وأنا معكم لنموت جميعا". لكن محمود لم يكن نذلا، قرر السفر في مغامرة لم تكن مضمونة النتائج. وعندما كان غانم زريقات يقول له: محمود ألن تتزوج.. بدنا نري أطفالك"..كان يرد: "لسنا في حاجة إلي لاجئين جدد".





    غانم زريقات يعتبره البعض " خازن أسرار" درويش، جاره في السكن، ورفيقه في لعبة النرد، بدأت علاقتهما منذ أوائل السبعينيات، وهو الذي أقنعه بأن يسكن في عمان عندما عاد من باريس، كان معه أثناء حصار بيروت، وأثناء العملية الجراحية الأولي في فينيا، كان رفيقه في أيام المنفي، وجولات المرض، ورحلات الشعر. ولا كان درويش يسميه " أميجو غانم" وكان محمود يعتبره قارئه الأول: " لم أكن شاعر ا ولا ناقدا، ورغم ذلك كان يجرب في ما يكتب، وأحيانا كنت أطلب منه حذف بعض الصفحات. كما حدث في كتابه " في حضرة الغياب" عندما طلبت منه ان يحذف ال 12 صفحة الأولي. وقد استجاب. فقد كنت اشعر أنه يكرر ذاته في هذه المقدمة. وكان هو لا يحب ذلك، لأنه أدمن التفوق علي نفسه، فهو يريد فنا متطورا يخاطب الأغوار العميقة في النفوس، ويبقي أثرها في الوجدان، وكان دائما حريصا علي أن يجمع بين هذا الفن المتطور والانتشار الجماهيري الواسع.





    غانم أقرب إلي أبناء البلد المصريين، لديه حس عال بالفكاهة أيضا، يمتلك الكثير من الأسرار والحكايات والوثائق عن حياة درويش، ورغم ذلك لا توجد صورة واحدة تضمهما معا، " صورة وحيدة التقطها أحد الأصدقاء بكاميرا موبايل، ولكن توزعت ولم أعرف أين استقرت".. حكي: "اختارني ياسر عرفات لرئاسة بعثة الحج الفلسطينية في احد الأعوام. وقد اعترضت بشدة. سألته: لماذا الاعتراض؟ أجاب علي الفور: لأني مسيحي". ضحكنا. وكان حديثنا بالأساس حول علاقة محمود وياسر عرفات، تلك العلاقة التي شهدت شدا وجذبا كبيرين، ولكن محمود كان لديه تقدير ومحبة خاصة لعرفات رغم اختلافه معه في الكثير من شئون الثورة الفلسطينية.. أو كما يقول فواز طرابلسي: " اقترب درويش من السلطة ولكن من دون أن يتماهي معها، أو أن يخدمها. ولسان حاله: (ما أضيق الدولة/ما أطول الرحلة/ما أوسع الثورة).





    يوضح غانم:" عندما حدث خلاف بين إلياس خوري وياسر عرفات، استقال محمود من رئاسة تحرير " شئون فلسطينية" تضامنا مع إلياس، وعندما التقاه عرفات قال له: أنت شاعرنا، فقال له درويش ساخرا: "أنت شاعرنا العام. أي كان درويش يريد أن يقول له " أنت كل شئ، تفصل وتعين من تشاء، ولكن الغريب أن الكلمة أطلقها البعض علي محمود نفسه فيما بعد".





    في الأمسية الأخيرة التي أقامها محمود في رام الله. وحضرها الرئيس أبو مازن بدأ درويش قراءة قصيدته " طباق" عن إدوارد سعيد، وفي منتصف القصيدة حضر أبو مازن، فتوقف درويش عن القراءة قائلا: " لقد وصل الرئيس الآن، وأنا مضطر أن أقرا القصيدة من بدايتها مرة أخري وإذا شعر أي منكم بالملل فلا يلومن إلا الرئيس.. وضحك الجميع، ويبدو أيضا أن الضجة التي أحدثها حضور الرئيس فجأة جعلت الشاعر يتوقف بعد قليل. وقال ضاحكا: " السلطة في كل شئ، حتي القصيدة". وهكذا أن يكون درويش " سلطة شعرية" فقط، لأن طبيعته الشعرية تتنافي من أن يكون جزءا من أيه سلطة. السلطة التي كان يبتعد عنها درويش ربما كانت سببا في مرضه الأخير، الصراع علي السلطة بين فتح وحماس، حتي أن درويش نفسه يمكن أن تصل إلي حد الاقتتال بين الاشقاء . ولهذا أكدت كل كلمات المقربين منه والأصدقاء أن محمود مات قتيلا. يقول غانم زريقات: " أنا أعرف كم أدمي احتراب الأخوة في فلسطين قلب محمود الجريح، حتي أنه كتب حتي أنه كتب قبل رحيله: (أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين إن لم نجد مّنْ يهزمنا ثانية هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسي )..





    وكرر الأمر أيضا مريد البرغوثي: " أنا سأصدق طبيبه الذي أعلن النبأ، وشرح أسباب الوفاة التي قهرت جسده هذه المرة، لكن الشاعر سيد اللغة وسيد الفكرة. قهرته أيضا ركاكة القيادات المتحاربة داخل حفرة الاحتلال السعيد، وقهره الساسة الذين يخجلون من مراياهم كأم هاملت ولا يكفون عن غسل أيديهم كليدي ماكبث، وأيضا قهرته ركاكة النظام العربي الخائف من النصر والمولع بطاعة الغزاة، فبأيديهم جميعا زاغت الأشياء عن أسمائها ونأي عن اسمه كل مسمي، وبأيديهم جميعا صار للموت الذي يطلبنا عشرون اسما". وأكده فواز طرابلسي: "محمود درويش قتيل. وهذه جريمة لا عقاب عليها. وكل ما كتبه محمود عن الموت يدور مدار هذه المأساة: الموت هو الجريمة الوحيدة التي لا مكان لها في القانون الجزائي. إنها الجريمة الوحيدة التي لا عقاب عليها!".





    ربما لهذا السبب كان محمود يدرك قبل سفره إلي أمريكا أن هذه هي معركته الأخيرة مع الموت، لن ينتصر فيها " كان يردد في الأشهر الأخيرة أنه سوف يخسر الجولة هذه المرة وأنه بحاجة إلي بعض الوقت لأنه مازال يختزن الكثير ليعطيه لقضية شعبه ولقضايا العدل والرية والحب والجمال" يقول غانم.





    حتي عندما زيارته الأخيرة لعائلته في الجليل..." ودعنا وهرع مسرعا إلي السيارة التي كانت تنتظره، ولم يرفع عينيه لينظر إلينا كما كان يفعل في زياراته السابقة". يقول شقيقه أحمد درويش.





    حتي أصدقاؤه الذين لم يلتقيهم قبل سفره الأخير شعروا بذلك..يقول بول شاوول:





    "اتصل قبل سفره بيوم بموسي برهومه، وطلب منه أن يتصل بي..وطلب منه أن يخبرني:" سلم لي علي بيروت"... كان غريبا أن يكون سلامه للمدينة بأكملها، ربما هو إحساسه بالغياب".





    تناول محمود غذاءه في بيت غانم زريقات. وودع عائلته، وذهب إلي بيت الشاعر طاهر رياض ليتناول عشاءه وبعد أن انتهت من سهرته التي تأخرت، عاد بكل مفاجئ إلي بيت غانم لكي يودعهم مجددا.." كان أمرا غريبا..ربما كان يتوقع ألا يعود مرة أخري" يعلق غانم.





    ولكن ماذا حدث في بيت طاهر رياض.. يقول الشاعر الأردني زهير أبو شايب.. " لم يكن يبدو عليه أن مقدم علي عملية جراحية خطيرة، كان متألقا كعادته، تحدث عن الشعر، ودخن ثلاث سجائر. ولكن اعترض علي قيام زوجة طاهر بتصويره بكاميرا الفيديو كما اعتادت عن زيارته لهم. احتج : شوا التصوير؟".





    ويضيف زهير: امتدت السهرة حتي الثانية صباحا، قلت له: "عد غانما وسالما". فقال لي: أكيد سأرجع لكن سالما لا أضمن ذلك.





    لم يكن يخشي الموت، ولكن كان يزعجه أكثر يعود بعد العملية الجراحية، مشلولا، كان قد درب نفسه علي أسير بعكازين إذا أصيب بالشلل، ولكنه لم يرق له الأمر، ولذا كان مترردا أمام " العملية" وقرر أكثر من مرة ألا يسافر. ولكنه خضع في النهاية لطلب الأصدقاء الذين ألحوا عليه بالسفر، عندما قرر إجراء الجراحة كان يريد بلدا توافق علي " الموت الرحيم".ولذا " رفض إجراء الجراحة في الأردن أو أي بلد عربي".





    ولكن كان ما كان يشغل درويش قبل رحيله سؤال كان يطرحه علي أصدقائه: لماذا خلق الله للإنسان مليون شعرة، وقلب واحد؟" ولكنه " لم يصل إلي إجابة " كما يقول غانم الذي اختتم حكاياته بجملة تلخص محمود درويش " عاش كبيرا ومات كبيرا".. أو حسب تعبير زهير أبو شايب : " كل هذا الضوء في شاعر"... حياة محمود الثانية هي الأهم الآن. كتبه وأشعاره وتراثه ومواقفه..ربما تحوله إلي ما يشبه " الأسطورة".





    يحكي مريد البرغوثي أنه أستطاع بصعوبة بالغة أن يصل إلي جنازة محمود بعد رحلة شاقة من القاهرة، عمان، وحتي رام الله، وهناك وجد آلاف من الجنود يمنعون المواطنين من الاقتراب، وكانت شقيقات محمود ممنوعات من الحضور بسبب الحصار الأمني. مشهد أصاب مريد بالاكتئاب. جعله يهب إلي الفندق، ولا يغادره ثلاثة أيام كاملة .





    بعد ثلاثة أيام من الدفن غادر البرغوثي الفندق، وأوقف تاكسيا.. قال له: خذني إلي محمود. لم يسأل السائق من هو محمود، التزم الصمت حتي وصل إلي الضريح، ونزل السائق قرأ له الفاتحة.. وانتظر مريد بعيدا بدون أن يطلب منه ذلك" خوفا من ألا يجد تاكسيا يعيده إلي الفندق مرة أخري". ربما كان الأمر صدفة. ولكن في اليوم التالي. فعل مريد الأمر ذاته مع سائق آخر، لم يسأل من هو محمود الذي أصبح محطة فلسطينية مهمة. كنا ننصت جميعا إلي ما يقوله البرغوثي. قبل أن يضيف الشاعر زكريا محمد : "محمود هو أول مسلم يدفن في رام الله".. يضيف الشاعر زكريا محمد: " حتي ياسر عرفات نفسه مدفون بعيدا عنها. رام الله مدينة للمسيحيين تقريبا، تضم مقابرهم، بينما يتم دفن المسلمين في منطقة أخري بعيدة.. كان درويش هو الاستثناء الوحيد.






    أخبار الأدب /28/10/2008
                  

العنوان الكاتب Date
قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 04:14 AM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 04:24 AM
    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 05:22 AM
      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 03:20 PM
        Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 04:10 PM
          Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 08:35 PM
            Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش عبد الحميد البرنس10-08-09, 08:54 PM
              Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش ثروت همت10-08-09, 10:08 PM
                Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش عاطف عبدون10-08-09, 10:35 PM
                  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 01:21 AM
                Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 00:23 AM
                Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 09:14 PM
              Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 10:58 PM
                Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-08-09, 11:29 PM
                  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Aymen Tabir10-08-09, 11:52 PM
                    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 00:47 AM
                      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 01:58 AM
                    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 02:50 AM
                      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 03:09 AM
                        Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 01:44 PM
                          Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش khatab10-09-09, 03:24 PM
                            Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 03:46 PM
                              Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 05:40 PM
                                Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 07:01 PM
                                  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-09-09, 07:24 PM
                                    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 00:01 AM
                                      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 01:06 AM
                                        Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 04:09 AM
                                          Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 04:15 AM
      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 06:14 PM
    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-11-09, 03:53 PM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-10-09, 04:43 PM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-11-09, 02:11 AM
    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-11-09, 02:48 AM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-11-09, 04:49 AM
    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-11-09, 07:29 PM
      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Ash10-14-09, 04:31 AM
        Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-14-09, 06:01 PM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-15-09, 02:58 AM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-15-09, 11:03 PM
  Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-16-09, 04:14 PM
    Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Aymen Tabir10-18-09, 03:33 AM
      Re: قال للموت أنتظرنى . فتأدب الموت من أدب درويش Osman Musa10-18-09, 04:09 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de