|
|
 19 ديسمبر!
|
صادف يوم امس " التاسع عشر من ديسمبر"ذكرى اعلان الاستقلال من داخل البرلمان ،وهو المبنى الذي يستغله مجلس تشريعي ولاية الخرطوم حاليا ويتم الاحتفال من داخله في مثل هذا اليوم من كل عام .كثيرونه لايعرفون قيمة هذا اليوم ويعرف الناس الاول من يناير كعيد رسمي للاستقلال لكن الميلاد الصحيح لاستقلال البلاد هو 19\12.
حالة الاستقطاب الحاد التي تغطي الساحة السياسية الان شبيهة بما كان يدور قبيل اعلان الاستقلال،لكن عزيمة السودانيين قطعت الطريق امام كل الخيارات وقضت بأن يكون هذا القطر من أوائل الدول التي انتزعت سيادتها من براثن المستعمر ولكن هل ذهب المستعمر بعد ان شيعناه بأغنية" يا غريب يلا لي بلد"؟
الان ايها السادة نواجه واقعا صعيبا ،فالبلاد تستعد لحقبة جديدة تبدأ من التاسع من يناير ،حيث يستعد اخوتنا الجنوبيون لاعلان دولتهم الجديدة بعد أن فشلت كل المساعي التي تجعل الوحدة جاذبة وسوف يتحمّل الطرفان " المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" وزر فصل خريطة السودان التي اعتدنا على رؤيتها ودرسناها في التاريخ والجغرافيا وطفنا اجزائها مع منقو والصدّيق ،وغنيناها مع عثمان الشفيع" يالفي الجنوب حي الشمال" وفعلا الذكريات صادقة ونبيلة!
الذي ينظر الى خريطة السودان بعد "الانشطار" سوف تعتريه مشاعر متضاربة يختلط فيها الخوف بالغضب ،الخوف الذي ذكره الاديب الطيب صالح عندما زار الخرطوم عام 2005م وقال في لقاء مشهود" اخاف من الذين يرسمون خرائط جديدة للبلد" الخريطة الجديدة قبيحة جدا من حيث الشكل وخطيرة جدا من حيث المضمون ،فلانفصال القادم ليس طلاق بين رجل وامرأة وليس اقتسام "تورتة" في عيد ميلاد!
خمسة وخمسون عاما فصلت بين جلوس قادة البلد في قاعة البرلمان ،وجلوسهم في مجلس تشريعي ولاية الخرطوم وشتان بين الجلستين !!ففي نهاية الجلسة الاولى انطلقت الزغاريد لتزف البشرى لكل العالم بالاغنية الاثيرة " اليوم نرفع راية استقلالنا .. ويسطر التاريخ مولد شعبنا" هكذا كان لسان حال الجميع الذي عبر عنه الشاعر عبد الواحد عبد الله ودوزنه لحنا الموسيقار محمد وردي بعد سنين عديدة من لحظة الميلاد.
الواقع أننا ندفع ثمن اشياء غير موجودة ،والسبب الاساسي الذي جعل الجنوبيين يختارون الانفصال ،او يصرون على اقرار حق تقريق المصير في اتفافقية نيفاشا " التي نتفت ريش هذا الوطن وجعلته يفقد ثلث مساحته"السبب الاساسي هو تمسك احد طرفي التفاوض بالحكم الاسلامي في وجود مجموعات لايستهان بها لاتدين بالاسلام ،علما بانه لاتوجد شريعة ولا يحزنون وهذا ليس حديثي بل حديث مولانا خلف الله الرشيد!
مولانا خلف الله الرشيد قال في حوار اجرته معه صحيفة الاهرام اليوم " الجزء الاول الذي نشر يوم امس الاول"لا شيء اسمه القانون الإسلامي طُبق في السودان، وإنما هي خمسة حدود ضُمنت في القانون الجنائي، أقحموها فيه (كده بس) دون أن تتم إحاطتها بإجراءات وضمانات، ولم تسبقها تهيئة للأجواء الاجتماعية والاقتصادية والأمنية"!
اذن ها نحن بعد نصف قرن من الفشل نحتفل بالاستقلال في الوقت الذي نفقد فيه جزءاعزيزا من الوطن وفي الطريق اجزاء اخرى اذا لم يحدث مالا يوقف هذا النزيف!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست