|
Re: رسالتي إلى الحمير (Re: عماد البليك)
|
بشار بن برد الشاعر أول من رد الاعتبار للحمار..
(منقول)
مات لبشار بن برد حمارٌ، فقال : كان حِمَارِي أعقل من القضاة، ليس له هفوة ولا زلة، فاعتل على حين غفلة، فمات، فرأيته في النوم، فقلت له: أَلمْ أُنقِّ لك الشعيرَ، و أُبرّد لك الماءَ ؟ فما سبب موتك؟ . فقال: أتذكر إذ وقفتَ بي على الصيدلاني - يعني العطار-؟. قلت: نعم. قال: مَرَّتْ إذْ ذاك أَتَانٌ، فافْتَتَنْتُ بها، ومتُّ مِنْ عِشْقِهَا . قال بشّار : فقلتُ : هل قلتَ في ذلك شيء؟ قال: نعم. وأنشد: هَامَ قَلْبِي بِأَتَانِ ** عِنْدَ بَابِ الصَّيْدَلاَنِي تَيَّمتْنِي يَوْمَ رحْنَا ** بِثَنايَاهَا الْحِسَانِ ذَاتُ غُنْجٍ ودَلاَلٍ ** سلَّ جِسْمِي وبَرَانِي ولَهَا خَدٌٌّ أَسِيلٌ ** مِثْلُ خَدَّ الشَّيْفَرَانِ فِيهِا متُّ ولَوْ عِشْـ**ـتُ إذَا طَالَ هَوَانِي فقيل لبشار: ما الشيفران؟ . قال: هذا من غريب لغة الحمير، فإذا لقيتم حماراً فاسألوه. هذه القصة - كغيرها من طرائف التراث – قد نمرّ عليها ببسمة عابرة ترتسم على الشفاه، ويغفل كثير من القراء عن الوقوف على ما تحمله في طياتها من قضايا لغوية وأدبية واجتماعية جديرة بالدراسة، فطرائف التراث ليست قصصا تحكى للتفكه فحسب، بل وراءها مضمون وعبر، وتحمل في جعبتها مواعظ نستلهمها ممن غبر، وما أشبه الليلة بالبارحة، فبوقفة تأمل سريع نلمح قضية من قضايا الأدب العربي، ذاك الخيال الذي جمح ببشار فاستنطق الحمار العاشق، واختار الحمار لأنه اشتهر عند الناس ببلادته، وكان مضرب المثل في موت مشاعره، قال مجنون ليلى: إِذا أَنتَ لَم تَعشَق فَتُصبِحَ هائِمًا ** وَلَم تَكُ مَعشوقاً فَأَنتَ حِمارُ وقال غيره : إذا أنتَ لمْ تَعْشقْ ولمْ تَدْرِ ما الهَوى ** فقمْ فاعْتَلِفْ تِبْنًا فأنتَ حمارُ أثّر هذا الخيال على ابن شهيد الأشجعي فترسّم تصوير بشار واستنطق البغال والحمير، فذكر في (رسالة التوابع والزوابع ص147 ، 148) أن عانة –أي قطيعًا- من الحمير والبغال حَكّمَته في جودة شعر بغل وحمار، فأنشد البغل: على كلِّ صَبٍّ مِنْ هَوَاهُ دَلِيـلُ ** سقامٌ على حَرِّ الجَوَى ونُحُولُ وما زال هذا الحُبُّ داءً مُبْرحاً ** إذا ما اعترى بغلاً فليس يزولُ بنفسي التي أمّا ملاحظُ طرفها ** فسحــرٌ وأما خدُّها فأسيـلُ تعبتُ بما حُمّلتُ من ثقل حُبّها ** و إني لبغـلٌ للثقـالِ حمُولُ وما نلتُ منها نائلاً غير أنني ** إذا هي ....................... وأنشد الحمار: دُهيتُ بهـذا الحبِّ منذُ هـويثُ ** وراثـت إراداتي فلستُ أريثُ كلفتُ بإلفي منذ عشرين حجـةً ** يجُولُ هواها في الحشا ويعيثُ ومالي من برحِ الصَّبابة مخلصٌ ** ولا لي من فيضِ السّقامِ مُغيثُ وغيَّرَ منها قلبَهـا لي نميمــةٌ ** نماهــا أحمُّ الخُصيتينِ خبيثُ و ما نلتُ منها نائلاً غيـر أنّني ** إذا هي ....................... وذكر أنه سأل العانة عن معنى (هويث) ، فأجابته بأن معناها (هويت) بلغة الحمير . قصة حمار بشار تعتبر شاهدا من شواهد شعوبيته، ونقده المرّ لأبناء عصره، فقلب مفاهيمهم، وقرر أن الحمار له شعور مرهف يرتفع عن شعورهم، يعشق و يحب ويموت جوى، ولا أرى هذا إلا تعريضًا بالأدب العربي، و بقصص الحب العذري، ولم يكتفِ بشار بذلك بل انتقد المجتمع وما يكتنفه من جور وجهل وإسناد المناصب إلى غير أهلها، فجعل الحمار أعقل من القضاة الذين هم قوام استقامة المجتمع، وينبغي أن يكونوا من صفوة علمائه. ونلمح أيضا تعريض بشار بغرائب مفردات العربية التي دأب علماء عصره على التنافس في جمعها، فدسّ كلمة لم تسمع من العرب ونسبها إلى غريب لغة الحمير، وهنا تتجلى قضية واسعة من قضايا اللغة، وهي قضية النحل، حيث لم يهتدِ أحد إلى معنى كلمة (الشيفران)، فاتهموا بشارا بانتحالها، وزعموا أنه اصطنعها لإتمام قافية بيته الشعري، وتناسوا أن بشارا ممن يستشهد بكلامهم، فلو صح ما نسب إليه لكان بعض كلام العرب لا معنى له. وأظنّ أن بشارا كان يعرف معنى هذه الكلمة، وأنها عنده علم أطلقها على حيوان أو إنسان بعينه. ومع ذلك أكاد أجزم أن غاية بشار من هذه القصة لم تعدُ النقد والتهكم، وقد يكون بشار محقا في بعض نقده، وربما نلمح بعض ما أومأ إليه في مجتمعات هذا العصر.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:32 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:38 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:39 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:45 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:52 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:55 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 04:56 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:04 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:06 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:15 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:19 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:30 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:32 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:35 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:49 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:53 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 05:55 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:00 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:06 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:10 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:15 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:25 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:30 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | عماد البليك | 12-19-10, 06:31 AM |
Re: رسالتي إلى الحمير | osama elkhawad | 12-20-10, 06:08 AM |
|
|
|