|
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين (Re: حبيب نورة)
|
أخي حبيب نورة:
حيّاك الله، وجمع لك كومبيوترا آخر (وجه ضاحك). الجو صحو في الاسكندرية . البحر، عبر الشرفة، يتدرج تلونا أمامي، أخضر فيروزي فاتح، أخضر، أزرق، أزرق غامق، ثم رماديّ عند التقائه بقبة السماء. كما لو أن السفن في الأعالي بنايات مقابلة. وأتذكر تلك الحكمة الانجليزية لسبب ما (السفن على الشطء آمنة، لكنّ ذلك أمر لم تُخلق له السفن)، هل لذلك صلة برؤى يسارية ما. لست أدري. كل التقدير لك.
هنا، جزء آخر من حوار مع الصحافية منى سليم:
هل القصة القصيرة جدا هى القادرة الآن أكثر من الرواية الطويلة على امتصاص تشابك أحداث أية قضية من خلال التركيز على لقطة هي لب هذه القضية أو منشأ الجراح كما في قصتك القصيرة جدا "وقفة" التي رصدت بها وقفة زوجين شابين وهو يعد في خفاء و حسرة ما تبقى في جيبه من نقود فتمسك هي يده برفق في وسط زحام المترو؟. كما إننا توقعنا أن تتوسع بصورة اكبر في هذا التوجه من القصص المكثفة جدا في مجموعتك الجديدة، لكن العكس هو ما حدث، فما السبب؟ا
أحاول دائما تجنب وضع المعايير، المعايير تقتل الإبداع، فالأخير على الأقل نظريا يحمل غالبا معياره بداخله الخاصّ، يبني ذلك عبر ركام معايير سابقة داخل نفس النوع، الجدل. لا أكاد أتفق مع تلك المحاولات الرامية إلى تسييد نوع أوآخر في مرحلة أوآخرى، قد لا تتجاوز قصتي بضعة أسطر، وقد تطول لأكثر من أربعين صفحة، لكن معيار القصر أوالطول هنا يتحدد بمزاج النصّ نفسه وقابليته الذاتية. لا أقصد الكتابة لحظة الشروع فيها بصورة معينة، حين تتوقف أتوقف. أكتب النصّ، أزيد تاليا إليه وأحذف منه، قد أكرر ذلك لسنوات، لكنني أكتشف أحيانا وفي اللحظة الأخيرة أن عليَّ بالفعل أن أعود إلى النقطة الأولى، فما تم لم يكن سوى فذلكة عقيمة. كما إن عملية التكثيف هنا مسألة نسبية. تعتمد كا أشرت على ما تفرضه التجربة نفسها. والتكثيف أهميته تنبع وفق تصوري على أنه يجعل من النصّ أفقا مفتوحا للتأويل بحسب الخلفية الثقافية والمعرفية لكل قاريء.
جاء في قصتك، "إني لأجد ريح نهلة"، أشكال من جماليات التراث والتشبيهات القرآنية ، كيف ترى ذلك؟.
حسنا، تلك لم تكن بأية حال مجرد جماليات وزخارف ديكورية، فثمة نصوص داخل النص للمتنبي وابن زيدون وابن حزم الأندلسي وغيرها، لكنها تشكل مكوِّنا جوهريا على مستوى البناء المعرفي والنفسي لتلك الشخصية، وهي الشخصية التقليدية السائدة تاريخيا لطالب يدرس في كلية "دار العلوم"، تلك المؤسسة التي أخذ علي الجارم يمتدح فضلها قائلا "وجدت فيكِ بنت عدنان دارا.. ذكَّرتها بداوة الأعراب"، وبنت عدنان هنا المعني بها "اللغة العربية". كما أنها، أي تلك النصوص، كما أتصور، لم تكن ساكنة وسلبية داخل النصّ، بل تمّ قولبة دلالاتها الأصلية بواسطة السياق العام. إنها محاولة تثويرية للتراث نفسه من الداخل، ولا أدري هنا مقدار تحققاتها بدرجة أوأخرى. في كل من قصصك يأتي إحساس بالجو العام الذي كتبت به، فهناك "ملف داخل كمبيوتر محمول" التي جاءت أثناء تنقلك بين تنويعات موسيقية شرقية وغربية تفاعلت مع سماعها بالكتابة؟ اما قصة "خفاء" فجاءت وكأنك كتبتها على الموبايل اثناء عملك الليلى، فهل لك طقوس خاصة اثناء الكتابة أو أجواء معينة تستهويك؟. في تصوري الخاص، أرى أن مسألة "الجو العام"، مسألة لا علاقة لها هنا بطقس الكتابة، فقد أشرع في كتابة نصّ مثل "خفاء" بينما أتأمّل من بلكونة ما تلك الظاهرة الطبيعية التي يدعونها "جبل المقطم"، أي أكتب عن حدث ما وقع في مكان ما داخل مدينة كندية من موقع ما داخل القاهرة. ولعل الكتابة عن التجربة عن بعد كاف تمنحها ما أسماه ماركيز مرة "جنون الشعر وكيمياء الحنين". لكن "الجو العام" يشكل على هذا النحو بالنسبة لي كقاريء أن يضعني الكاتب منذ الوهلة الأولى داخل ما يمكن تسميته "المعايشة". كقاريء أتوقع أن أحسّ وأتذوق وأتشمم وأنصت لمستويات نبرات الصوت وأتنفس تلك التجربة المقدمة ككتابة. فإذا قمت مثلا بسلوك مباغت كشخصية داخل النص، لا يكفي فقط القول أن هذا الانفجار تم نتيجة مرور عشر سنوات على المعاناة جراء تجربة معينة، فالجملة الوصفية لا تصنع على نحو جوهري جوا عاما، ينبغي معايشة تلك السنوات العشر عبر تخليق العلاقات وثمة حيل هنا لا تحصى.
كتبت في مجموعتك الأولى قصة "حيْرة"، وهي قصة قصيرة عن معاناة سيدة عجوز تنتظر عودة الابن من الحرب وفي المجموعة الثانية بعد ثماني سنوات جاءت سيدة اخرى من خلال قصة قصيرة جدا هى "وجه" حين توقفت هذه المرة أمام وجه شاب مار بالشارع، فهل هى نفس السيدة؟ و هل انت تستكمل احاسيسك من مجموعة الى اخرى؟.
لا شك أن هذا السؤال قد باغتني، لكنني حين أتأمّل المسألة الآن عبر هذه المسافة، أكتشف الآن فقط أن الغياب في نصّ "حيرة" كان غيابا مسببا بالحرب، بينما يبدو لي في هذه اللحظة أن الغياب في نصّ "وجه" غيابا غير مسبب ومطلقا، وربما خاليا تماما من إمكانية العودة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-08-10, 10:17 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-08-10, 10:21 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-08-10, 11:17 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-10-10, 01:13 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-16-10, 06:39 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-21-10, 07:40 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-21-10, 10:15 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-22-10, 09:45 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-22-10, 11:02 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-22-10, 04:41 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 06:18 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 09:24 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | ابو جهينة | 12-23-10, 11:24 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 12:20 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 02:41 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | لؤى | 12-23-10, 08:17 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-23-10, 08:31 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-23-10, 08:32 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-23-10, 08:33 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-23-10, 08:35 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | حبيب نورة | 12-23-10, 08:37 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 08:45 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-23-10, 09:35 PM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-24-10, 00:03 AM |
Re: لمياء شمت، عبر صحيفة الرأي العام: حكائية عبدالحميد البرنس .. ثالوث الغربة والوحشة والحنين | عبد الحميد البرنس | 12-24-10, 08:09 AM |
|
|
|