|
Re: نظرية إنحراف العقل والعصور العقلية (Re: حاتم محمد)
|
ب/ الحالة الثانية :ـ
هي الحالة التي يصل فيها الإنحراف العقلي الى أعلى معدلاته , أي يصل الإنسان الى حالة الجنون المطلق , وهي الحالة التي ينطبق فيها المركز دائرة التفكير على نقطة التنصيف بين مركبين أنسانين , بحيث يصبح تأثير المركب الثالث ضعيف جدا لبعد المركب الثالث عن مركز دائرة التفكير
طريقة التفكير
إن مصدر الإنحراف العقلي ينبع من اسلوب طريقة التفكير الذي يتبعه الإنسان , أي أن طريقة التفكير والعوامل التي تؤثر عليها تحدد نوعية الأفعال وردود الأفعال التي يقوم بها الشخص , وأي تغير يقوم به الإنسان في حياته , يجب أن تتبعه آلية معينة في تغير طريقة التفكير , أي أن إنحراف العقل هو إنحراف طريقة التفكير , وكل البشر الذين يعانون من أزمات نفسية , وهم في الأصل يعانون من أزمة في طريقة التفكير التي يستعملونها في عقولهم , وهو الأمر الذي يعقد حياتهم وحياة الآخرين أيضا , وأهم العوامل التي تعمل على إنحراف العقل وطريقة التفكير هي
عوامل العقل الفردي
1/ البحث عن المادة :ـ وهي الطعام , المسكن , الملبس , وأسباب الرفاهية الإجتماعية , ... الخ 2/ البحث عن الآمان :ـ في الدين والعلمانية والأفكار الفلسفية , الجنس والحب , الإنتماء لجماعة ما , ... الخ 3/ البحث عن التمييز :ـ الفخر , القيادة والرئاسة , الأهمية الإجتماعية , التسلط والسيطرة , ... الخ
عوامل العقل الجماعي
1/ البحث عن التمييز :ـ الفخر , السيادة الثقافية , السيادة العرقية , ... الخ 2/ البحث عن الآمان :ـ القوة الإقتصادية , القوة العسكرية , القوة السياسية , التكتلات الدولية , ... الخ 3/ البحث عن المصادر المادية :ـ الوطن , الإستعمار المعنوي أو المادي , الإحتلال العسكري , الحرب الإقتصادية , ... الخ
التطور العقلي
دورة العقل تتبع هذه الدورة البيولوجية , ولكن معدلات إستمرارها تختلف من شخص الى آخر , فهي مثل الدرجات العلمية التي تبدأ بمتلقي العلم , ثم طالب علم , وتنتهي عند بروفيسور , أو كالدرجات العلمية الجامعية ( طالب , باحث , دكتور , بروفسور ) , لكن بالنسبة للتقسيم العقلي فهي تختلف تماما وتكون كالآتي ( خبرات أولية , إكتساب الخبرات , تفاعل عقلي , البحث العقلي , الإستقرار العقلي , الفلسفة العقلية , والعجز العقلي ) وهذه المراحل تسير بخط متوازي مع الخبرات المكتسبة من الحياة العامة , من خلال الخبرات الإنسانية المتجددة والمكتسبة
6/تاريخ العقل
إن المعضلة التاريخية تكمن في تحليل التاريخ وفق المعطيات السياسية , أو من زاوية الفكرة التي ينطلق منها المؤرخ للتقيم التاريخي للمرحلة المعينة , فمن هنا يبدأ الخطأ الذي يقع فيه معظم المنظرين والكتاب الذين يضعون الحلول والأفكار للأزمات التي تعصف بهم من هذه النقطة و فالتاريخ ملئ بالمعضلات التي يستطيع كل إنسان أن يفسرها كما يشتهي ويرغب , ليصل الى نقطة معينة أو ثورة معينة , ولا ننسى أن الكم الهائل من التحليلات التاريخية , قفل عن أخذ الفكرة من الجانب الآخر , أي من دوافع الخصم للوصول الهدف , فعندما ندرس التاريخ نعنى أكثر بأسباب انهيار الدولة , وأسباب انتصار الدولة , ولكن لا نعنى بأسباب قيام الدولة , فكل الدول التي مرت على العالم كانت لها أهداف وأفكار تنطلق من مضمامين تختلف كما ونوعا فيما بينها , منها من نجح في الوصول للهدف ( القوة والقيادة ), ومنها من فشل في ذلك , وكان مصير القادة المقصلة أو حبل المشنقة , وفي حالات نادرة حد السيف , وهو ما يعرف في القانون الطبيعي بشروط القوى أو المنتصر . عموما النقطة التي تاهت داخل طيات الكتب الكبيرة والإدراك التاريخي , هي العوامل التي اجتمعت لتشكل كلمتي ( صراع و مصالح ) فهاتين الكلمتين هما الأسباب الرئيسية لوجود كل الصرعات العالمية الدائرة الآن , والتي دارت من قبل , بمعنى بسيط جدا ( مثل منطق السوق , أي البقاء للأقوى ) وهذا هو المنطق الذي يجعل المنتصر هو صاحب الرأي الأقوى في المسألة , فالآن في عالمنا هذا عندما يتحدث ال######## ( غير المشهور أو صاحب المال والثروة أو القوة ) فإنه بالطبع لن يُسمع , وعندما يتحدث واحد من أولئك اللذين تلمعهم وسائل الإعلام , أو تصنعهم ميادين القتال , فإنهم بالطبع سيجدون من الأقلام ألف , لدفاع عنهم , مباركة مساعيهم العالمية , من أجلهم في واقع الأمر , وللإسف الشديد نحن اليوم في عالم تقوم مصالحه على تجويع وقتل الآخر , مع أن المسألة لاتحتاج إلى هذا الكم من المصائب والموت , فقط لو غيرنا طريقة التفكير التي في أذهاننا , والخوف الذي لا مبرر له سوى الأنانية , وحب الذات , فالنتخيل أن اليوم صدر قانون لمنع الأكل أكثر من الحاجة , هل تعتقد أنه سيكون هنالك جوعى في العالم , لو نظرت في أس أى سلة قمامة حولك , و في قمامة المطاعم تكتشف ما أعني , وكما يقال في ( هنالك من يموت بالتخمة , وهنالك من يموت بالجوع , والغريب يمكن أن يدفنا في نفس المقابر معا , أو في قبر واحد في بعض الأحيان )
لذلك عندما نتحدث عن تاريخ العقل , نعني به كل هذه العوامل ( الإقتصادية , والنفسية , الإجتماعية , والسياسية , ... الخ ) التي أدت لظهور الحدث التاريخي المعين , أو ساعدت لتمكن فئة معينة من البشر لتعوث في الأرض فسادا , فالحاضر اليوم لا يختلف عن الماضي في شئ , ربما تختلف الأسماء والدول , القوة والسلاح , ولكن يظل مضمون الصراع , والهدف من الصراع واحد , على مر العصور التي ذهبت , والأجيال التي تحولت الغبار منثورا
وذلك لأن العقل بشري مازال يدور في فلك طريقة تفكير معينة , وهي ببساطة ( أنا ومصالحي فقط ) وفي الحياة العامة تسير هذه القاعدة على الجميع إلا من رحم ربي , لذلك يقود العالم الآن أرزل الناس في الفكر والمضمون , مع أنهم أكثر البشر يستطيعون التلاعب بعقول العامة من الناس , فالعامة هم ( كما ذكرنا سابقا ) القطيع الذي يتبع الأسوأ دائما , فالذي يدعوا لرزيلة والسيطرة والمال ( ولو على حساب أخيه ) دائما هو الذي يتربع على القمة في أي حال من الأحوال
ولا ننسى أن ثقافة المنتصر هي السائدة , بمعنى أن الإنسان لا يدرك أنه على خطأ إلا عندما يفشل , فالنجاح في أغلب الأحيان يؤدي الى الغرور المباشر , وهذا الغرور يجعل الإنسان يقصي كل القيم السامية والنبيلة ويجعلها في الحضيض , بل ويفرض نوع من السلوك غير المنطقي , ويعتقد أنه ينقذ الإنسانية , و يخدم الضعفاء , والذي يحدث في العالم الآن خير دليل على ذلك , من أجل الوصول للأهداف المادية , لابد من التخلي عن الكثير من الصفات الإنسانية
وتاريخ العقل في مجمله , هو العلاقة التي تربط بين معدل السيطرة على ميزان القوة ومعدل السيطرة على الميزان العقلي , وفأن كانت العلاقة بينهما طردية فهو يعني إنتصار الفكرة المعينة وسيادتها على العالم والجميع , وعندما تكون العلاقة بينهما عكسية فذلك يعني الإحباط والدمار في العقل والمادة , وتعقب هذه الفترة أفكار تحطم كل المورثات السابقة بل تؤدي الى شلل في كل أوجه الحياة , ويتحول الصراع الى صراع داخل البيئة المعينة , أي انهيار الدول والتوازن العالم فيها , مما يؤدي الى إنحراف في طريقة التفكير , وخلل في التوازن الإنساني
|
|
|
|
|
|