مشهد من بيت العرقي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2010, 08:11 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشهد من بيت العرقي (Re: عبد الحميد البرنس)

    Quote: قصة - وداعاً
    الثلاثاء, 23 نوفمبر 2010
    عبدالحميد البرنس
    استيقظت متأخراً. الشمس تضع قدمها على عتبة النافذتين. أماندا نائمة. على ملامحها تعبير ميت. لعلها عادت على مشارف الصباح. أتذكر طرفاً مما حدث. لم أكن أفكر في أمر محدد. كنت أقرأ داخل غرفة المكتب بلا مبالاة بعضاً من تلك الرسائل التي ظلّت ترد إلى بريدي الإلكتروني من منفيين غرباء لا يزالون يكابدون شظف العيش في القاهرة. كانتا، أماندا ومليسيا، كبرى شقيقاتها، تستعدان للذهاب وحدهما إلى أحد الملاهي الليلية. مليسيا، لا تصلح لأن تكون حجر الزاوية في بناء بيت. تركتْ في معية زوجها أربعة توائم. وتفرغت تماماً لمغامراتها. لا أتذكر لها لحظة حنين، مثل الضيف، ألقى برحاله بين قوم مجهولين ورحل صوب المجهول بلا ذكرى، بلا شوق، بلا قلب يهفو لنداء يتلمس طريقه بحثاً عن أمومة غائبة. لعلها في هذا تسلك مثلما أسلك مع وجوه الماضي البعيد.

    كان لدي شعور غامض أن طريق أماندا لن تفضي في النهاية إلى شيء. أذكر أنني اعتذرت عن عدم مرافقتهما. كنت مُتعباً. مرأى أماندا وهي نائمة الآن إلى جواري يخبرني أنني لا أزال أسيراً لتلك الهواجس. طبعت على جبينها قُبلة. سرت صوب الحمام. تعودت على عادة ترك باب الحمام مفتوحاً. وقد بدأت أتفهم إلى جانبها أن التوحد بستان ينطوي على الاختلاف والعزل بين أنواعه يُميتها. شيء ما جعلني أوصد الباب هذه المرة. كما لو أن روحاً غير مرئية تتربص بي الدوائر في مكمن ما داخل الشقة. أخيراً، أنهيت تنظيف أسناني بينما أدندن بموشح أندلسي قديم: «أيها الناس فؤادي شَغِف/ وهو في بَغيِ الهوى لا يُنصِف».

    هذا يوم سبت آخر. في الوقت متسع إلى أن تستيقظ أماندا. كنت أسير نحو المطبخ المفتوح على الصالة، محكوماً بالرغبة في صنع كوب من القهوة، لا شيء يعكر صفو الهدوء، سوى أزيز الثلاجة. فجأة وقعت عيناي على رجل. كان ينام على الكنبة. بنظرة، أدركت ما حدث أثناء نومي. كنت أواجه تحديات وجودي كرجل للمرة الأولى. أسود البشرة، طويل القامة، في نحافته شيء من تواريخ الفقر المدقعة وراء البحار. لاح داخل ضوء الصباح المتأخر الكثيف واثقاً غير هيّاب. لا بد أن لديه وقتاً كافياً لخلع ملابسه وارتدائها على نحو لم يفقده أناقته. فتح إحدى عينيه. لم ينسني هول الصدمة أن أرد على تحيته الصامتة بإيماءة. يا للسخرية، قمتا الوقاحة والتهذيب في موقف لا يحتمل الجمع بين النقائض. تركتُه يواصل نومه.

    لم تجتاحني ثورة الأعماق، ولا غلت الدماء داخل عروقي، لم أطلب ثأراً من غريمي، لم أقم بتقديم دمها على مذبح الغيرة، لم ألتهب حتى بقصائد الشرف الرفيع. وجدتني بعدما أيقظتها أقف على رأسه. أذكر أنه اعتدل من نومته جالساً كما لو أنه كان ينتظرني. قلت له بصوت ميت «اخرج الآن من بيتي». بدا متردداً وهو يتقدمني بخطوة. يا للوقاحة، أخذ يصلح ما فسد قليلاً من ردائه. ثم توقف داخل الطرقة. لكأنه يهم بوداعها وراء باب غرفة النوم الموارب. «من هنا»، كنت أشير إلى باب الشقة.

    وجدتها مرتدية ثيابها. لا تزال تحدق إلى الأرض. دعوتها للحضور إلى غرفة المكتب كما لو أنني بصدد اجتماع رسمي. هناك، حاولت الحديث عن «الشرف». لم أفلح. رفعت رأسي بصعوبة. كما لو أنني أراها للمرة الأولى. بكتْ، انتحبتْ، توالت دموعها حتى خلت أنها لن تتوقف. جسدها الذي أعرفه جيداً أخذ ينتفض بشدة. كنت أجلس وراء المكتب الخشبي مواجهاً نافذته الزجاجية. كانت قابعة إلى يسار المكتب. على بعد لمسة مني. قالت «ليس لدي ما أدافع به. لو تنشق الأرض الآن وأغوص داخلها. ما حدث حدث. ليس بوسعي تغييره». قلت: «كم من الوقت يلزمك لحزم حقائبك والرحيل من هنا، يا أماندا؟». قالت «القليل». بعد لحظات مشحونة بالصمت المعدني نفسه «أريدك أن تعلم أنني لم أحب من قبل رجلاً آخر مثلما أحببتك أنت ولا أزال. قد لا تصدقني. لكنها الحقيقة. وما حدث كان مجرد غباء. لا أدري، يا وليم». من جوف تلك الإطراقة الأسيانة «سأحضر للملمة أغراضي ريثما تهدأ قليلاً». في جلستي تلك، وصوت باب الشقة يفتح ويغلق، اجتاحني شعور لا نهائي بالوحشة. لكأن شيئاً زحف في داخلي ومات. ظللت بعدها لثلاث ليال لا أكلم أحداً، لا أحد يكلمني. ظهر اليوم الرابع، بدا كما لو أنني قمت بتصفية أحزاني. كنت مجرد صفحة بيضاء.

    كان العصر يقترب من نهايته، عندما أخذ يتناهى بوق بإلحاح غريب من أرض خلاء تقع غرب البناية مباشرة. خيل إلي كما لو أنني أسمع صوتها. حين نظرت أستطلع الأمر عبر إحدى نوافذ الصالة رأيتها بالفعل. أشارت لي بمقابلتها في الأسفل. هناك، تبينت وجود ثلاث فتيات كن بصحبتها. قالت إنها حضرتْ كي تسلمني النسخة الإضافية من مفتاح الشقة. وقالت بغموض إنني لم أستيقظ لحظة أن جاءت ليلاً لأخذ ما تبقى من متعلقاتها الشخصية وإنها لم تؤذني لأنها لا تزال تحبني. كنت أنصت في شرود. لم يثرني مرأى السيارة التي تقودها. بل طريقتها العملية في الكلام. لكن صوتها لأن فجأة وتكسرت قساوته. قالت وهي ممسكة بباب العربة وقدم على الأرض وأخرى بالداخل:

    «وليم؟، أهذه هي النهاية»؟.

    أومأت برأسي.

    «أكل شيء انتهى»؟.

    أشحت بوجهي بعيداً:

    «لم يُترك لي خيار».

    «يا إلهي، ما زلت أحبك».

    «مع السلامة، يا أماندا».

    في تلك الفسحة الخالية، وقفت أرقب العربة وهي تندفع محدثة صريراً عالياً، تابعتها وهي تنحرف صوب شارع سيرجنت القريب، وحين اختفت وتوارى هديرها في عمق الهدوء الحزين للغروب، أدركتُ بشيء من الحياد أنه لم يعد لي «بعد اليوم» بقاء «في هذه المدينة».


    http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/205110
                  

العنوان الكاتب Date
مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-21-10, 10:09 AM
  Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-21-10, 11:34 AM
    Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-21-10, 11:45 AM
      Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-21-10, 08:07 PM
        Re: مشهد من بيت العرقي حبيب نورة11-21-10, 09:14 PM
          Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-22-10, 05:33 AM
            Re: مشهد من بيت العرقي ناذر محمد الخليفة11-22-10, 05:28 PM
              Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-22-10, 08:16 PM
                Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-23-10, 00:52 AM
                  Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-23-10, 09:00 AM
                    Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-24-10, 10:13 PM
                      Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-26-10, 07:43 PM
                        Re: مشهد من بيت العرقي عبد الحميد البرنس11-27-10, 08:11 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de