|
Re: ... وتم فتح ملف الفساد الوزاري في مجال التعليم غير الحكومي (Re: فتحي البحيري)
|
اضواء ومفارقات التعليم الاهلى والشعبي والخاص (1)
تاج السر مكي
التعليم الحديث بمعناه المتعارف عليه بدأ في السودان مع الحكم التركى المصرى (التركية السابقة) في القرن التاسع عشر وكان ناظر مدرسة الخرطوم رفاعة رافع الطهطاوى الذي درس التلاميذ الرياضيات والجغرافيا والتاريخ وارسل بعضهم للقاهرة لتعميق دراساتهم ولما انتصرت الثورة المهدية الغت ذلك التعليم واقتصرته على تعليم القرآن والسنة المطهرة وكتاب الغزالى احياء علوم الدين. وعاد التعليم الاوروبي من جديد للمدرسة السودانية في فترة الاستعمار الثنائي لكنه اقتصر على تزويد الادارة البريطانية بصغار الموظفين والمهندسين – لكن كان القائمون بامر التعليم قد مددوه ليشمل الاهتمام بقضايا البيئة وتدريب عقول البنات والاولاد على التفكير العلمى .. وعندما انفجرت انتفاضة 1924م وكان قوامها المتعلمون من صغار الموظفين وضباط قوة دفاع السودان تراجع الاهتمام بالتعليم واصبح قاصرا على ابناء شيوخ القبائل ورجالات الادارة الاهلية وترتب على ذلك اثار عملية منها اغلاق المدرسة الحربية وتوقف تدريب صغار الاداريين وفقدان مصلحة المعارف لخدمات جميع المدرسين المصريين .. لم يكن من الغريب اذن ان لا تؤسس اي مدرسة وسطى خلال الفترة 1920م إلى 1932م وظلت المدارس الاولية كما هي منذ عام 1920م وتم تخفيض عدد موظفى الحكومة والمرتبات والمصروفات على الخدمات بما في ذلك التعليم. ظهر مستر قريفث مؤسس معهد بخت الرضا واشار إلى ان المشكلة الرئيسية للتعليم الذي توفره الحكومة هو اعتماده على الحفظ والتلقين الذي يجعل من الطلاب ببغاوات تكرر بعض العبارات دون ادراك معانيها وبدأت مرحلة من الاصلاح التعليمي وبدأ الاهتمام بالانشطة اللاصفية لبناء شخصية المتعلم وغرس بعض القيم الهامة ونأت هذه الفلسفة التربوية عن الممارسات التي تجعل الامتحانات جزءا لا يتجزأ من النظام التعليمي واصبح المنهج اقرب إلى منهج النشاط العلمى منه إلى منهج المعلومات الصفية المعتمد على الكتاب المدرسى وشرح المعلم مما اتاح للتلاميذ جمع المعلومات وتحليلها ورصد الظواهر الطبيعية واكتساب الخبرة والتوصل إلى الحقائق عن طريق التجربة بدلا عن التلقين. ان ما قدمه مستر قريفث يعتبر منهجا متقدما لانه يقوم على فلسفة لا تزال بعض البلدان ، حتى المتقدمة فيها ، تسعى لتطبيقها في نظمها التعليمية ، وهكذا سار الاصلاح في التعليم في السودان في تحسين حال المدارس المحدودة التي شيدها المستعمرون مع تردد في التوسع المطلوب ونهضت دعوة بين مدارس الخريجين المختلفة للتوسع في التعليم وكان الابروفيون انشطهم على الاطلاق وبدأ التفكير في انشاء مدرسة اهلية ابتدائية بام درمان وجمعت جلود الاضاحى ووهب احمد حسن عبد المنعم دارا لتبدأ فيها المدرسة الاهلية وتبرع الوطنيون لها بسخاء وبدأ التعليم الاهلى في السودان يدرس المناهج التي وضعها مستر فريفث واعوانه من الوطنيين امثال عبد الرحمن على طه ، ومكى عباس وغيرهم ، كانت الفلسفة التربوية مرنة وتفسح الطريق امام التطور.
|
|
|
|
|
|
|
|
|