الشعبية نجمة تزين سماء مدينة الخرطوم بحري (الجزء الثالث)

Quote: أسماء في حياتنا تعتبر الألقاب في المجال الرياضي حالة فريدة في السودان، وثقافة مرتبطة بلاعبي كرة القدم في السودان، رغم أن السودان لا يُعتبر من الدول التي تُشكل فيها الألقاب مكانة اجتماعية مهمة. فالمصريون والأتراك والأوربيون على سبيل المثال يولون اهتماما كبيرا بالألقاب الاجتماعية، حيث يندر أن يذكر اسم شخص دونما إضافة لقب أمام اسمه.. وقد يكون هذا اللقب مهنيا كالأستاذ أو الباشمهندس أو قد يكون حرفيا كالأسطى أو المعلم أو قد يكون اجتماعيا كالبيه أو الباشا وغير ذلك مما جرى على ألسنة الناس. أما السودانيون عموما فلا يشكل اللقب لديهم حالة شائعة فيما عدا بعض المجالات المحدودة كالمحامين والمعلمين ورجال الدين والمهندسين وحتى هؤلاء لا يوصفون بهذه الألقاب المهنية إلاّ من جانب الطبقة المثقفة أو المستنيرة بينما لا يأبه العامة بذلك كثيرا، أو لعل البعض ينظر إلى اللقب وكأنه نوع من الاستجداء المهين، خاصة إن كان اللقب مصري المنشأ والتداول. لكن صورة فريدة من ذلك تتمثـل في ميادين الرياضة وكرة القدم بصفة خاصة، إذ يندر أن تجد لاعبا لا يحمل لقبا مضافا إلي اسمه، وهذه الألقاب قد تأتي من باب التشبيه أو بسبب ارتباطها بحادث معين في حياة الفرد. واغلب هذه الألقاب مردها إلى مرحلة مبكرة من العمر، حيث تلازم في غالب الأحوال مرحلة الصبا.. حيث يكون اللقب في كثير من الأحايين اختزالا لفترة تاريخية من حياة الفرد أو اللاعب.. وبكل المقاييس تعتبر الألقاب صورة فريدة تميز السودان عن غيره من الدول في المجال الرياضي.. بل إن اللقب في أحايين كثيرة يكون فكرة ذكية تلامس الواقع ، وتعبر بصورة دقيقة عن الشخص المُلقب. ولو تأملنا ألقاب اللاعبين في مختلف الدرجات، فسنجد أن لكل لقب قصة واقعية، حدثا كان ذلك أو تشبيها أو موقفا. وتنفرد الرياضة عن كل المجالات بنصيب أوفر عن غيرها في ذلك، لأنها تشكل بيئة خصبة للتنافس والتشجيع والكيد والمكر والدعابة. بعـض دُور الرياضة لا تخلو من بعض المتخصصين في صنع هذه الألقاب، الذين يطلقون هذه الألقاب في صورة هي أقرب للدعابة والمرح، وكذلك من باب إشاعة الظرف بين الناس. ومعلوم كذلك أن رفض اللاعب للقب الذي يطلق عليه يكون مدعاة لالتصاق اللقب به أكثر وذلك ربما من باب الكيد البريء أو المداعبة والمناكفة، وهذه الألقاب في أحايين كثيرة تغلب على الاسم الرسمي وتغطي عليه.. ولذلك أمثلة كثيرة للاعبين نجهل أسماءهم الحقيقية بفعل التداول المكثف للقب على حساب الاسم الرسمي.. بينما يتوارى الاسم الحقيقي ولا يكون معروفا إلا لدى المقربين وفي إطار التعامل الرسمي، كمكان العمل أو المدرسة والجامعة أو نحو ذلك. والألقاب قد تكون أسماء لحيوانات أو طيور أو زواحف وغير ذلك (كالدحيش والضب والأسيد وكديس وفوزي الأسد.. بطة) أو أسماء لأحياء سكنية (كالصبابي.. وأبوروف.. المهدية.. أبوسعد) أو كذلك أسماء لبعض النباتات (كقرن شطة.. سُنطة.. نبقة.. صمغة.. فولة) وحتى السيارات والآليات تم تداولها مثال ذلك (مازدا والبلدوزر وهينو والدبابة) ولا تقتصر الألقاب على ذلك فقط ، فحتى (إبليس وشواطين) وجدا طريقهما إلى ملاعبنا. وعليكم أعزائي تأمل هذا العنوان الذي ورد بصحيفة الصحافة في سبعينيات القرن الماضي حينما التقى هلال العاصمة بهلال الحصاحيصا في مناسبة انتقال لاعب من هلال الحصاحيصا للهلال العاصمي: (الهلال يهزم الهلال 1/ صفر.. الدحيش يحرز هدف المباراة وإبليس وشواطين يتألقان) ماذا لو حمل أحدهم هذا العدد إلى قطر عربي بطائرة ذلك الصباح؟.. تري ما الذي كان سيدور في خلد من يقرأ ذلك العنوان؟ أتراه سيظن بنا خيراً؟ ترى ماذا يمكن أن يقول عن رياضتنا وإعلامنا؟.. ولعله كان سيبدأ بالبسملة تعوذا. الإعلام باعتباره أداة انتقاء وتعليم كان ينبغي عليه ألا يتداول هذه الألقاب إلا ما كان متماشيا مع الذوق العام، حتى لا يكرس بعض الصور السالبة التي تصاحب هذه الألقاب، خاصة الرديء منها.. فالإنسان أكرم من أن يكون (إبليسا أو شيطانا أو حيوانا) لذا فقد أعجبت أيما إعجاب بمدير التلفزيون الأسبق المهندس الطيب مصطفى حينما أمر بعدم تداول الألقاب الرياضية المسيئة من خلال التلفزيون، ولقد كان الرجل محقا في ذلك فالإعلام مهنة قوامها الانتقاء والتعليم، وغرس القيم الفاضلة في المجتمع. (شكوكو) لقب لا صله له بالرياضة فمنذ عهد الطفولة أطلقه عليّ الممثل المرحوم محمد رضا حسين الذي كان صديقا لعمي، حيث كان يلقنني منولوجات الممثل المصري محمود شكوكو، ثم أصبح يناديني بشكوكو كلما أرادني أن أردد أمامه أحد هذه المنولوجات بلكنة مصرية ... وبالتالي انتقل منه اللقب الى أقراني ثم شاع وعم القرى والحضر. التحية لأحمد (كربوج) وبكري (كيدس) وعادل (تيلة) وفائز (قرقر) ومحمد (الدشين) وعادل (بوضية) وعلي (كولمبس) وعثمان (قمبيز) وهاشم (الجولط) ونجيب (بقدون) وسعيد (السخلة) ومحمد (طحنية) ومحمد (طبلية) وعز الدين (كمونية) وعادل (فسيخة) وعصام (الجبة) و(جوبي) ومعاوية (أمبقية) وآخرين كثر لا يسع المجال لحصرهم. .................. ملء السنابل تنحني بتواضع ** والفارغات رؤوسهن شوامخ ....................... صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو) [email protected]