الشعبية نجمة تزين سماء مدينة الخرطوم بحري (الجزء الثاني)

Quote: شاهدت الجزء الثاني من رائعة الزميل الراحل مهيد بخاري «عبد الحي حي» سيناريو مصطفى احمد الخليفة والذي جسد في العمل نفسه شخصية عبد الحي، والحقيقة لايزال يدهشني الممثل المتميز فيصل احمد سعد في صناعة التفاصيل الدقيقة للشخصية الكوميدية (مبارك ـ صاحب الدكان) ،استطاع فيصل ان يحوّل هذه الشخصية الهامشية ثانوية الدور الى علامة فارقة ولافتة في مسارات الفيلم، فشخصية مبارك تعاملت مع المكان وفضاء التمثيل (الدكان) بتفاعل تلقائي، وقد لاحظت ان المكان عندنا في الدراما التلفازية يظل فضاءً مجمداً يفتقر لحياة الممثل التي تبث الروح فيه، كما ان الحوارات بين فيصل (مبارك) وصديقه (منعم) جاءت سلسة وخالية من الـ Over الذي صار من اكبر سلبيات الدراما التلفازية. فيصل احمد سعد يستطيع ان يصنع كاركاتيرا كوميديا قويا ومتماسكا وراسخا في الذاكرة، (المحتسب) مثلا من الشخصيات الكوميدية الخالدة في ذهن شخصية (كبسور) شخصية (المقريء) في دش ملك، وجميعها لا يوجد تشابه بينها في التشخيص او الاداء او الروح العامة. * ناس وأحداث: أتابع بشغف واستمتاع سلسلة «ناس واحداث» التي يكتبها للاذاعة الاستاذ شاذلي عبد القادر. وشاذلي كاتب متميز للدراما الاذاعية، خاصة الكوميديا، وما يميز كتاباته الدرامية ان شاذلي مهموم بقضايا المجتمع المعاصر، وبانسان المدينة على وجه التحديد، وفي كتاباته رصد للتحولات الاقتصادية والاجتماعية منذ ظهور طبقة الاثرياء (اشتري وخزن)، وسيد تمساح ،حتى «جبل جارو» . ناس واحداث تناقش قضايا حيوية في قالب شديد البساطة، وقد حققت هذه الحلقات تفاعلاً جماهيرياً مع جمهور الاذاعة على خط ساخن، واثبتت هذه الحلقات ان الدراما يمكن ان تدخل ضمن الخدمات البرامجية التفاعلية (On line). * عبير الأمكنة: فيلم للدكتور احمد عبد العال سيناريو عادل ابراهيم محمد خير، اخراج قاسم ابوزيد، بطولة يحيى فضل الله، نادية احمد بابكر.. رغم ان هذا الفيلم يعود لبدايات الفيلم التلفزيوني، لكن تظل قيمة هذا الفيلم الفنية قيمة خالدة، فالسيناريو كان محكماً ،والقصة تحتوي على فكرة فيلمية بالاساس وهي فكرة الزمن كفكرة كونية وانسانية جوهرية وقدرة الانسان على العودة بالزمان القهقري متى ما توفرت الارادة ، ورغم ان شخصية يحيى فضل الله تعيش في أزمنة ماضوية الا انها قادرة على تغول شهادتها على الحاضر.. اختيار المخرج للامكنة كان موفقا (بيت الخليفة، شط ابوروف، المنازل القديمة في ام درمان، الفندق الكبير Grand Hotel ، ثم تحقق المعجزة ان يخلع الزوجان العجوزان غبار الزمن ويعودان لمرحلة الشباب، ثم يحط الطائر الذي يطرق الباب منذرا بالموت على مهد الطفل الصغير في اشارة رمزية الى ان فكرة الموت لا ترتبط بالزمان. * الاختيار: فيلم للصديق الراحل مجدي النور بطولة محمد عبد الرحيم قرني والفيلم يتحدث عن تحول القيم بين جيلين يمثل قرني الجيل الأول جيل الحركة الوطنية، والذي تخرج في كلية غردون وتربى على مجموعة من المبادئ.. يحدث صراع حول المال ويمثل محمود عبد اللطيف كابو دور الابن المثالي، الذي يمشي على خطى الآباء ، كشف الفيلم عن قدرات الأداء التمثيلي العالية للفنان محمد عبد الرحيم قرني وتقمصه لابعاد الشخصية وروحها والعصر الذي عاشت فيه والمبادئ التي تربى عليها ذلك الجيل الذهبي. يذكر أن قرني شارك مجدي النور فيلمه الأول «صهيل العقاب» ، وجسد الشخصية المحورية بمشاركة الفنانة ناهد حسن. * وليمة العقارب: لاحظت أن تجربة هذا الفيلم لم تحظ بالاضاءة والتوثيق الكافي، ففيلم وليمة العقارب يعتبر باكورة الانتاج التلفازي في قطاع الأفلام ، وهو الفيلم الذي أعاد التعريف بضرورة وجود دراما تلفازية، واعاد الثقة في الخبرات السودانية وقدرتها على صناعة النجاح من اخراج جلال البلال.. وفي ظني أن التلفزيون عليه إعادة هذا الفيلم لتذكير الناس بقوة البدايات.