الشعبية نجمة تزين سماء مدينة الخرطوم بحري

Quote: لوحة من لوحات التربية الجماعية في الشعبية: ناس الشعبية سلام,,, الجيل الأول من أبناء الشعبية يستحق أن نقف له باحترام, فهو جيل تعلم معنى العمل منذ نعومة أظافره, و هو جيل فهم معنى الوقوف صفاً بصف مع الوالدين و مساعدتهم على أعباء المعيشة و المصاريف و هم ما زالوا في مراحل دراستهم الأولية.. وقد تحسس طريقهم الجيل الثاني و الثالث, و لأسباب تتعلق بطريقة التربية على ما اعتقد مات ذلك المفهوم مأسوفاً عليه. المهندس معمر عبد الرحمن , معلم الفيزياء المشهور ببحري هو من الجيل الذي نشأ على ذلك المفهوم و لنا قصة معه أرجو أن تتسع صفحات بوستنا الغالي لضمها إلى درره النفيسة.. كان الأخ معمر من الذين يعملون في الإجازة الصيفية, و لأنه كان ما يزال غضاً لا يقوى على الأعمال الشاقة في تلك الفترة العمرية حيث انه لم يبلغ العاشرة بعد, فقد عمل في بيع التسالي بسينما الصافية..ذات يوم تحايل علينا أنا و جارنا (السابق) حافظ أبو القاسم الذي درس المختبرات و يعمل حالياً في الشرطة برتبة النقيب على ما اعتقد... طلب الأخ معمر أن نذهب معه لبيع التسالي عند باب السينما .. لا ادري لماذا أصر الأخ معمر على أخذنا معه فهو يعلم تماماً بالقوانين الأسرية في الشعبية و يعلم أن أذان المغرب إذا حان و أنت خارج البيت فهذا يعني ضرب مبرح لا محالة.. المهم اقتنعنا أنا و الأخ حافظ على الذهاب معه بشرط العودة قبل المغرب , ذهبنا إلى السينما و بدا معمر في ممارسة مهنته المؤقتة و ما هي إلا لحظات حتى وجدنا أنفسنا نساعده في البيع...اصفر لون الشمس و كأنها ترسل تحذيرها لنا و لكن كيف نرجع و نحن لم نكمل بيع التسالي بعد؟؟ اقترح أخونا صاحب القصة مرة أخرى أن ندخل إلى داخل السينما فهناك البيع أسهل..تحججنا بعدم وجود (قروش) , ثم أننا لم نخطر أحدا بأننا ذاهبون إلى بيع التسالي بالسينما..لا اعلم لما اقتنعنا بالدخول هل لأنها محرمة علينا في ذلك العمر ام هو حب المعرفة ام تمرد على النمط الذي كنا نعيشه..حقيقة لا اعلم. دخلنا السينما و قد كان الفتى محقاً, فقد أكملنا بيع التسالي في فترة وجيزة حتى أنني لا اعرف كنه الفلم المعروض في ذلك اليوم إلى يومنا هذا..هممنا بالخروج لنتفاجأ بان الباب مغلق و لا يتم فتحه إلا عند الاستراحة.. لحظات عصيبة لا يعلم بها إلا الله مرت حتى تم فتح الباب..زمن قياسي يتحدى كل الأرقام القياسية هو الذي احتجناه لقطع المسافة بين السينما و حلة الشعلة و اذكر و أنا اركض و أتمتم بآية الكرسي أنها أول مرة اقرأها و يساورني شك في أنها لن تنقذني من هذه الورطة.. بدأت مضارب الحي تلوح في الأفق و قد كنت أتوقع بعض الجمهرة قرب دارنا..صدق حدسي و لكن بصورة اكبر من توقعي فما أن دخلنا الحلة حتى وجدناها عن بكرة أبيها في الشارع..مجموعات حسب الفئات العمرية و لكن أندادنا لا يوجد منهم احد.. أحسست بثقل في أرجلي و رعشة تسري في جسدي و برودة بالرغم من كمية العرق المتصبب من جسدي و تسارع ضربات القلب نتيجة الركض..فأصبحت اجر قدمي- وحالي مثل رفيقي - كما يجرها المحكوم عليه بالإعدام في طريقه للمقصلة..اختلف الأمر في بضع دقائق ما بين رغبة في سرعة الوصول إلى عدم الرغبة في ذلك و نحيل الأمر للدكتور أمير ليفصل لنا الحالة من ناحية طبية. استقبلونا كما يستقبل المعتقلون في أقسام الشرطة عقب مظاهرة مخربه فحق التأديب مكفول للجميع بحكم الجوار..كانت ليلة عجيبة مارسوا ضدنا فيها كل ألوان الإرهاب.. عن نفسي – و اعتقد أن ذلك ما حصل مع رفيقي- بدأت انظر للوجوه علني أجد عين حانية تبرئي ظهري من الحد و لكن خاب أملي.. كانت نظراتهم ما بين مستنكرة و غاضبة و متوعدة..أخزت نصيبي من جيراننا بالشارع و دلفت إلى البيت مسرعاً و ما زلت ابحث في الوجوه عن أمل, نظرات لهفة من الوالدة و الأخوات و لكن يتخللها مباركة و موافقة صريحة لأخي الأكبر بعقابي حتى لا أكررها.. سيمفونية عجيبة عزفناها في تلك الليلة المشئومة أنا و جاري فقد تفنن أهلنا في تأديبنا خصوصاً وأن كل الحلة ما زالت صاحية تسترق السمع لمعرفة ما حدث لنا.. أشرقت شمس اليوم التالي و علامات السوط ما زالت تزين ظهورنا و ما أن رأينا الأخ معمر حتى كشف لنا عن ظهره لنجد لوحة جميلة رسمها سوط أخوه الفنان لأنه بالرغم من السماح له بالذهاب للسينما بداعي العمل إلا انه عومل معاملة من يغرر بغيره , فكانت أسرع محاكمة تمت فيها الإدانة و الحكم و التنفيذ في نفس الوقت,فله و للأخ حافظ التحية من منبر الحاج حمد و للجيل الأول من أبناء الشعبية و من سار على نهجهم. تخريمه: يا عبدون أنت أبو الشموس تبع ياتو جيل و كان بشتغل شنو؟ لكم كل الود,,, مجدي نقد,,,