نعومي كامبل والرئيس عمر البشير

Quote: تقرير: برام بوستهوموس- إذاعة هولندا العالمية/ يوم الخميس القادم تمثل عارضة الأزياء الشهيرة نعومي كامبيل أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للشهادة ضد الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور. من المتوقع أن تحظى شهادة النجمة البريطانية أمام المحكمة باهتمام إعلامي كبير، لم تحظ به جلسات المحكمة السابقة. بريتوريا، 26 سبتمبر 1997: حفلة عشاء فخمة يتوسط الحضور فيها نيلسون مانديلا. بين الحاضرين: غريس ماشيل، في ما بعد زوجة مانديلا. وبين الحاضرين أيضاً رجل وامرأة سيمثلان الخميس القادم أمام القضاء الدولي: هو متهماً وهي شاهدة. هو: تشارلز تايلو، كان في التاسعة والأربعين من العمر حين حضر حفلة مانديلا تلك، وكان قد انتخب للتو رئيساً لليبيريا، البلد الصغير في غرب أفريقيا. مسيرته نحو السلطة بدأت في يوم عيد الميلاد من عام 1989، حين دخل البلاد على رأس قوة عسكرية صغيرة، قادماً من ساحل العاج المجاورة. أعلن تايلور حينها أنه سيشق طريقه عبر غابات ليبيرا الكثيفة نحو العاصمة مونروفيا. وكانت مسيرة دامية عبر الغابات: قتل، اغتصاب، نهب، تجنيد أطفال. في عام 1997 فاز تايلور في الانتخابات الرئاسية وكان شعار حملته الانتخابية: "إنه قتل أمي.. إنه قتل أبي.. سأصوت له." تلك المسيرة الدموية لن تكون موضوعاً للحديث في جلسة المحاكة يوم الخميس الخامس من أغسطس. هي: نعومي كامبيل، كانت في السابعة والعشرين عندما التقطت لها صورة فوتوغرافية مع تايلور. ملكة عروض الأزياء، أجمل نساء العالم، معتادة على عبارات الإطراء والغزل، وعلى الهدايا الفاخرة، المجوهرات الماسية على سبيل المثال. وهذا هو موضوع جلسة المحاكمة. الماس الدامي نعود إلى حفلة العشاء التي أقيمت على شرف مانيلا: نعومي كامبيل تجلس إلى جانب تشارلز تايلور. الرئيس الليبيري في ذروة تألقه. أن تكون ضيفاً لدى مانديلا دعاية مجانية لتلميع صورة الرئيس الجديد، ومغازلة فتاة مثل نعومي كامبيل طريقة رائعة لقضاء الوقت. وبالطبع فالغزل تتبعه هدايا. حسب وكيلة أعمال كامبيل السابقة، كارول وايت، كانت الهدايا مجوهرات ماسية. تم إيصال هذه المجوهرات ليلاً إلى غرفة نجمة عروض الأزياء في الفندق. ليس من الواضح ما هو مصير تلك المجوهرات. كامبيل تقول إنها منحتها لمؤسسة نيلسون مانديلا للطفولة. لكن المؤسسة تقول إنها تلقت أموالاً وليس مجوهرات من عارضة الأزياء. تايلور: لم أر الماس أبداً حتى الآن فإن مصدر هذه المعلومات هو صحافة النجوم والفضائح. في الخامس من أغسطس تريد محكمة سيراليون، أدلة وليس شائعات. يـُذكر أن محكمة سيراليون قد تأسست بقرار من مجلس الأمن الدولي، وتتخذ مقرها في جنوب إفريقيا. ولكن بعد إلقاء القبض على الرئيس الليبيري السابق تايلور، تقرر أن تكون محاكمته في لاهاي، في مبنى المحكمة الجنائية الدولية، خوفاً من حدوث توترات أمنية في حال محاكمته في بلد أفريقي. يـُحاكم تايلور بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، في سيراليون المجاورة ابتداء من عام 1996. في البداية كقائد ميليشا متمردة، ثم كرئيس دولة. كانت المنظمة التي يقودها (الجبهة الوطنية من أجل ليبيريا) ترتبط بعلاقات وثيقة مع ( الجبهة الثورية الموحدة) في سيراليون، وهي الجبهة التي ارتكبت في سيراليون فظائع مماثلة لما ارتكبه جنود تايلور في ليبيريا. كانت المنظمتان ترتبطان أيضاً بعلاقات "تجارية"، تتبادلان البضائع المنهوبة، وتتعاونان في تهريب الأسلحة، والأطعمة، وعلى الأرجح الماس أيضاً. أنكر تايلور قصة الماس تماماً: مجوهرات ماسية من سيراليون؟؟ لم أر شيئاً منها أبداً. شهادة نعومي كامبيل قد تثبت العكس. ستدلي بشهادتها تحت القسم. ولن يكون بوسعها التصرف بالطريقة التي اعتادت عليها مع وسائل الإعلام، التهرب من الإجابات، أو ضرب الكاميرات وإسقاطها على الأرض، لن تستطيع فعل ذلك في لاهاي. إذا أقرت كامبيل بتبقيها مجوهرات ماسية من تايلور، فإن جانباً من الصورة المشوشة عما قد حصل بالفعل في سيراليون سيتضح إلى حد بعيد. لذلك يبدي الادعاء العام اهتماماً بالغاً بشهادة عارضة الأزياء. أدلة هناك ما يكفي من الوثائق التي تظهر الجرائم الفظيعة التي ارتكبها تايلور في ليبيريا. الروابط الوثيقة بين منظمته، وبين الجبهة الثورية في سيراليون، هي الأخرى موثقة. حضور نجمة عروض الأزياء لن يضيف شيئاً بهذا الصدد. فقد جمعت المحكمة، وكذلك هيئة الحقيقة والمصالحة في ليبيريا، ما يكفي من الأدلة. ما يثير اهتمام المدعية العامة، بريندا هوليس، هو إثبات حصول كامبيل على مجوهرات ماسية كهدية من تشارلز تايلور. إذا تأكد ذلك، يمكن للادعاء العام أن يتهم تايلور شخصيا بالمسؤولية عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في سيراليون: حفلات القتل الجماعي، إشعال الحرائق، تشويه أجساد الضحايا، بما في ذلك قطع الأطراف. هناكتفصيل آخر مهم: على الادعاء العام أن يثبت أيضاً، أن المجوهرات التي حصلت عليها نعومي، قادمة من سيراليون، مما يعرف بـ "الماس الدامي"، الذي كان يتم استخراجه وتصنيعه من قبل الأشخاص الذين تم أجبروا بوسائل عنيفة على العمل كعبيد لدى الجبهة الثورية في سيراليون، وكانت المجوهرات ترسل إلى تايلور في ليبيريا. مصير تايلور سيكون حضور نجمة استعراضية مثل نعومي كامبيل أمام المحكمة فرصة لتسليط الأضواء مجدداً على مأساة أصبحت منسية، رغم أنه لم يمر عليها زمن طويل. المحكمة أمامها مهمة صعبة: إثبات تورط تايلور شخصياً بالجرائم الفظيعة في سيراليون. لكن تايلور يدافع بقوة، مستعيناً بأمهر المحامين. والدعوى ضده بهذا الخصوص ليست صلبة بما يكفي. كل هذا يعطي لحضور عارضة الأزياء يوم الخميس أهمية حقيقية، تتجاوز جانب الإثارة في حضور نجمة استعراضية شهيرة للشهادة في قضية تتعلق بجرائم حرب. إذا ثبتت التهم المتعلقة بدور تايلور في الجرائم السيراليونية، فإن مصيره سيكون على الأرجح أن يقضي بقية عمره خلف القضبان. ولكن إذا لم تنجح المحكمة في ذلك، فإن هناك سيناريو مرعباً: أن يعود تايلور منتصراً، بعد أن يثبت براءته، إلى غرب إفريقيا، وقد تتسع شعبيته هناك. لن يغفر مؤسسو هذه المحكمة لأنفسهم أبداً إذا تحقق هذا السيناريو.