ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-24-2010, 00:49 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    حكومة السودان ضد/علي أبو عنجة الموت وآخرين
    [رجوع]
    نمرة القضية: م ت /ق/ أ/ س م خ/ 147/خ92
    المحكمة: محكمة الإستئناف
    العدد: 1991

    المبادئ:

    # قانون جنائي – المادة 55 من القانون الجنائي 1991م شروط تطبيقها.
    # قانون المحاماه – أخلاقيات المهنة – رفض المحامي الدفاع بسبب طبيعة الجريمة أو اختلاف الرأي أو المذهب السياسي أو الدين أو العقيدة ليس من أخلاقيات المهنة.
    # قانون جنائي – التحريض المعاقب عليه قانوناً – كيفية حدوثه.
    # قانون جنائي – التحريض – معناه القانوني – تقصير الشخص الملزم قانوناً بنفي الفعل أو الاعتراض عليه – عدم اعتباره تحريضاً.
    # قانون جنائي – التحريض بالإشارة أو التلميح – وجوب ارتباطه بالفعل موضوع التحريض .

    إن المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م تحرم نشر المعلومات السرية التي لا تعلمها إلا الجهات الرسمية وليست المعلومات التي يتناقلها الناس كأمر عادي.

    4- من واجب المحامي أن يكون دائماً على استعداد لمساعدة ومعاونة كل من يطلب مساعدته ، ومن أخلاقيات مهنة المحاماة ألا يرفض المحامي الدفاع عن أي شخص بسبب طبيعة الجريمة التي ارتكبها أو بسبب اختلاف الرأي أو المذهب السياسي أو بسبب اختلاف الدين أو العقيدة.

    3- إن التحريض الذي يعاقب عليه القانون يكون بإغراء شخص لارتكاب جريمة أو أمره بارتكابها وقد يكون بالمساعدة أو التشجيع أو الدفع وقد يكون في صورة هدية أو وعد أو وعيد أو مخادعة أو دسيسة وعلى العموم كل ما يهيج شعور الفاعل ويدفعه إلى ارتكاب الجريمة.

    2- إن التحريض الذي يقصده القانون بالإغراء أو الأمر هو الذي يسبق الفعل ولا يفسر تقصير الشخص حتى إذا كان ملزماً قانوناً بنفي الفعل أو الاعتراض عليه ، بأنه حرض على ارتكابه إذا لم ينفه أو يحتويه لأن النفي أو الاعتراض أمر لاحق للفعل المحرض عليه.

    1- لا تكفي أي إشارة أو تلميح لإثبات جريمة التحريض ولكن يجب أن تكون الإشارة أو التلميح مرتبطاً بالفعل موضوع التحريض.

    الحكم:

    استئناف محاكم خاصة

    حكومة السودان ضد/علي أبو عنجة الموت وآخرين

    م ت /ق/ أ/ س م خ/ 147/خ92

    المحامون

    1/ النائب العام عن الاتهام

    2/ عمار شاويش محمد عن المتهم الأول والثاني

    3/ فتح الرحمن أحمد حسن عن المتهم الرابع والخامس

    4/ سر الختم مكاوي عن المتهم الثالث

    القرار

    سعادة السيد/ رئيس القضاء جلال عي لطفى

    التاريخ : 8/6/1992م

    في استئناف حكم المحكمة الخاصة بالأبيض التي شكلها والي ولاية كردفان لمحاكمة المتهمين :-

    1/ علي أبو عنجة الموت

    2/ دلدوم الختيم أشقر

    3/ الفاضل الحاج سليمان

    4/ امام محمود عبد الرازق

    5/محجوب علي محجوب

    تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م والمادة 37 (ب) من لائحة الطوارئ بالنسبة للمتهم الأول . والمادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م مقرؤه مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع الماده 25 من القانون الجنائي سنة 1991م بالنسبة لبقية المتهمين.

    (1) بتاريخ 9/5/1992م بموجب خطاب من مدير أمن ولاية كردفان تم فتح بلاغ تحت رقم 149/1992م بقسم شرطة الأوسط بالأبيض ضد المتهم الأول على أبو عنجة الموت تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م والمادة 37(أ) من لائحة الطوارئ عدلت فيما بعد إلى المادة 37(ب) من نفس اللائحة وذلك لإذاعته بياناً في الراديو والتلفزيون تحدث فيه عن مفاوضات سلام جارية بين الدولة متمثلة في محافظها بكادقلي وبين الخارجين على القانون في جنوب كردفان ويزف فيه البشرى للمواطنين بالنتائج الإيجابية للمفاوضات ويناشد الخوارج ليسلموا أسلحتهم والعودة للعمل مع بقية المواطنين لما فيه مصلحة البلاد مما اعتبرته الجهة التنفيذية نشراً لأسرار الدولة دون عذر مقبول وإفشاء لمعلومات من شأنها الإضرار بالقوات المسلحة كما وضم إلى البلاغ المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس بتهمة التحريض على ما قام به المتهم الأول تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37 (ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي سنة 1991م.

    وقد أضافت المحكمة للمتهمين الثلاث والأوائل تهمة ثالثة تحت المادة 50 من القانون الجنائي لسنة 1991م وهي التي تعاقب كل من يقوم بعمل من شأنه تقويض النظام الدستوري في البلاد والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

    (2) استمعت المحكمة لشهود الاتهام وللمتهمين وشهود الدفاع وأصدرت حكمها كالآتي بعد استبعاد التهمة تحت المادة 50 من القانون الجنائي من صحيفة الاتهام.

    1/ علي أبو عنجة الموت :

    أدين تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع المعاملة الخاصة.

    2/ دلدوم الختيم أشقر :

    أدين تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع المعاملة الخاصة.

    3/ الفاضل حاج سليمان

    أدين تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع المعاملة الخاصة.

    4/ امام محمود عبد الرازق

    أدين تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكم عليه بحسن السير والسلوك لمدة عام وفي حالة الإخلال بذلك يسجن لمدة ثلاث سنوات.

    5/ محجوب علي محجوب

    أدين تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكم عليه بحسن السير والسلوك لمدة عام وفي حالة الإخلال بذلك يسجن لمدة ثلاث سنوات .

    (3) المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس في هذه القضية يواجهون تهمة تحريض المهم الأول على إتيانه فعلاً وهو إذاعة بيان عن مفاوضات السلام بجنوب كردفان اعتبره الاتهام جريمة تحت المواد المشار إليها آنفاً .والذي جرى عليه العمل في هذه الحالات أن المحكمة الاستئنافية عند نظر الاستئناف تبدأ بمناقشة عناصر الجريمة التي تم ارتكابها وما قدم من بينات لإثباتها لأنه لو وصلت المحكمة الي قناعة أن البينات التي قدمت ضد المتهم الذي وقع عليه التحريض لا تشكل جريمة فإنها سوف لا تبحث في تهم التحريض ضد المحرضين لأن التهم ضدهم ستسقط تلقائياً ، ولكن بالرغم من ذلك فإنني أرى في هذه القضية أنه من الأنسب والأفضل أن أناقش التهم الخاصة بالتحريض أولاً قبل مناقشة الفعل موضوع التهمة وذلك لأنه حسب ما هو ثابت من وقائع فإن جميع المتهمين ما عدا الأول لم يشتركوا في كتابة البيان موضوع التهمة ولا يعلمون شيئاً عن تفاصيل محتواه إلا بعد إذاعته ،وعليه سأبدأ بالمتهم الثاني :
    (4) المتهم اثاني دلدوم الختيم أشقر

    لقد اعتمدت المحكمة في إدانتها للمتهم الثاني بالنسبة للتهم الموجهة إليه على الآتي .

    أ/ أن المتهم الثاني قال للمتهم الأول عندما أخبره في منزله عن نجاح مفاوضات السلام (مرحباً بالسلام) وإن هذه العبارة كانت سبباً في تحريك المتهم الأول وحفزه على إذاعة البيان.

    ب/ أن المتهم الثاني لم يتخذ أية إجراءات لنفي البيان.

    ج/ أن المتهم الثاني عندما ذهب لمكاتب الأمن لم يذهب إليها لاحتواء آثار البيان بل ذهب إليها ليعاون المتهم الأول للإفلات من قبضة رجال الأمن.

    د/ إن مدير الأمن بولاية كردفان قد شهد بأن المتهم الثاني كان سباقاً دائماً للدفاع عن المتهمين في قضايا التمرد والطابور الخامس بالرغم من رئاسته للجنة الأمن والنظام العام باللجنة الشعبية للولاية.

    هـ/ أن مرض المتهم الثاني في اليوم الذي أذيع فيه البيان لم يكن ذلك المرض الخطير لأنه كان يباشر أعماله ويستقبل ضيوفه.

    هذه هي خلاصة ما قدم من بينات ضد المتهم الثاني وسأناقش كل واحد منها على حده

    أولاً :

    لقد ثبت من البينات التي قدمت للمحكمة أن المتهم الأول قام بزيارة المتهم الثاني في منزله ووجده مريضاً وكان سبب الزيارة مناقشة مشكلة كنيسة بالأبيض وأن المتهم الأول عندما بدأ الحديث عن مفاوضات السلام علق المتهم الثاني على الخبر بقوله (مرحباً بالسلام) ولم يزد على ذلك كما وأن المتهم الأول لم يتمكن من الاستمرار في حديثه ونقل ما علمه عن الموضوع للمتهم الثاني نسبة لوجود أشخاص آخرين في الحجرة ولم يثبت أن المتهم الأول قد نقل أي تفاصيل عن الموضوع للمتهم الثاني كما ولم يذكر له أي شئ عن بيان سيصدره بنقل الخبر للمواطنين أو بمناشدة الخوارج للعودة للسلم.

    وعليه يتضح بما هو ثابت أن المحكمة الموقرة قد قفزت إلى استنتاج لا تتفق مقدماته مع نتائجه بل أنه لا يتفق مع المنطق السليم أو القانون وهو أن عبارة (مرحباً بالسلام) هي التي حركت وحفزت المتهم الأول لإذاعة بيان في هذا الصدد ولم توضح لنا المحكمة الموقرة ما يربط هذه العبارة بما صدر من المتهم الأول من بيان وقد حاولت أن أجد مثل هذه الصلة فلم أجد ما يشير من بعيد أو قريب إلى أي نوع من الصلة أو حتى ما يشبه ذلك خاصة وأنه لم يثبت أن المتهم الثاني قد وقف على أي تفاصيل عن المفاوضات أو أن أي حديث قد دار بينه وبين المتهم الأول عن إذاعة بيان في هذا الشأن.

    وبالرغم من ثبوت عدم علم المتهم الثاني بتفاصيل مفاوضات السلام فإن السيد رئيس الإدارة القانونية وممثل الاتهام الأستاذ/ عبد العزيز الكردي يورد في مرافعته الختامية التي سأتحدث عنها فيما بعد (صفحة 128 من المحضر – الفقرة الأخيرة) بأن المتهم كان يعلم محتويات البيان قبل إذاعته ، ومما هو ثابت فإن ما ذكره السيد ممثل الاتهام من علم المتهم الثاني بالبيان قبل إذاعته مجرد اختلاق وافتراء لا يسنده واقع ما استمعت إليه المحكمة من أقوال وكان الأحرى به أن يتحرى الدقة والأمانة فيما ثبت وما لم يثبت خاصة وأنه لا يمثل الدولة وحدها ولكن من واجبه أيضاً مراعاة وحماية حقوق المواطنين وإبراز الحقائق الثابتة المجردة للمحكمة الموقرة دون اختلاق أو اصطناع أو استنتاج أو اجتهاد أو انطباعات شخصية.

    ثم إن التحريض وهو الذي عرفته المادة 25 من القانون الجنائي سنة 1991م بأنه إغراء الشخص لغيره بارتكاب جريمة أو أمره لشخص مكلف تحت سلطانه بارتكابها لم يتوفر في هذه الحالة لمجرد تعليق المتهم بقوله " مرحباً بالسلام" إذ م ترد أية بينة تشير إلى أن المتهم الثاني قد أغرى أو أعز أو أوحى إلى المتهم الأول بإذاعة بيان عن مفاوضات السلام أو أمره بذلك.

    إن المقصود مما جاء في كتاب د. عبد الله النعيم الذي أشارت إليه المحكمة الموقرة والذي جاء فيه أن مجرد الإشارة تكفي لإثبات جريمة التحريض ليس أية إشارة أو تلميح ولكن يجب أن تكون الإشارة أو التلميح مرتبطاً بالفعل موضوع التحريض وفي هذه الحالة فإن الفعل موضوع التهمة هو إذاعة بيان على المواطنين وعبارة " مرحباً بالسلام" لا يمكن أن تكون محركاً وحافزاً لإذاعة بيان بالطريقة والصيغة التي وردت في بيان المتهم الأول لأنها لم تنم عن تحريض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للقيام بأي عمل من الأعمال سواء كان مشروعاً أو غير مشروع ناهيك عن إذاعة بيان.

    ثانياً :

    جاء في حيثيات المحكمة الموقرة في تسبيبها لإثبات التحريض أن المتهم الثاني عندما سع البيان استنكره ولكنه لم يتخذ أي إجراء لاحتوائه أو نفيه وفي اعتقادي أن الاتهام والمحكمة الموقرة قد فهموا جريمة التحريض فهماً خاطئاً لأن نفي البيان أو الاعتراض عليه أمر لا حق لإذاعة البيان والتحريض الذي يقصده القانون بالإغراء أو الأمر هو الذي يسبق الفعل ولا يفسر تقصير الشخص حتى إذا كان ملزماً قانوناً بأنه حرض على ارتكاب الفعل إذا لم ينفه أو يحتويه ولو صح هذا لاعتبرنا كل مسئول محرضاً لكل ما يرتكبه من أفعال لا يقرها القانون.

    صحيح أن القانون في شرحه لإثبات التحريض قد أباح الأخذ بالأفعال اللاحقة لإرتكاب الفعل التي تدل على التحريض ولكن المتهم الثاني في هذه الحالة لم يقم بأي فعل يمكن أن تستدل به المحكمة على أنه كان محرضاً للمتهم الأول.

    وحتى لو افترضنا أنه من واجب المتهم الثاني نفى هذا البيان الذي أذاعه المتهم الأول فهل أعطى الفرصة الكافية لذلك .؟

    إن الإجابة الواضحة على هذا السؤال هي النفي .

    لقد ثبت أن المتهم الثاني كان مريضاً في منزله ولم يخرج منه إلا في صبيحة اليوم التالي بعد إذاعة البيان وقد قابل المسئولين في اللجنة الشعبية وتحدث معهم عن موضوع البيان ثم ذهب لمقابلة المتهم الأول بمكاتب الأمن تلبية لرسالة بعثها إليهم المتهم الأول وقبل أن يفعل شيئاً أو يناقش آثار البيان وما يمكن عمله فوجئ بالقبض عليه ولم ير النور حتى الآن . فكيف يستطيع أن يحتوي آثار البيان أو ينفيه وهو على هذه الحالة؟

    ثالثاً :

    والسبب الثالث الذي ساقته المحكمة الموقرة لإثبات تهمة التحريض ضد المتهم الثاني هو ذهابه لمكاتب الأمن لمعاونة المتهم الأول من الإفلات من قبضة الأمن.

    وبالرغم من امعاني النظر في هذا الدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة في إثبات تهمة التحريض ضد المتهم الثاني فإنني لم أجد أية صلة بينه وبين الفعل موضوع التهمة كما وأنني لم أقف على وجه الغرابة في تصرفات المتهم الثاني وذهابه لمكاتب الأمن لمعرفة الأسباب التي من أجلها قبض على زميله ونائبه في لجنة الأمن – فقد ذهب أولاً بحكم منصبه كرئيس للجنة الأمن وهذا أمر طبيعي وذهب ثانياً بصفته محامياً ومن واجبه الدفاع عن كل من يطلب مساعدته ولا يرقى ذلك إلى أنه كان متآمراً ومحرضاً للمتهم الأول لإذاعة البيان.

    وقد لاحظت في هذه الواقعة بالذات أي واقعة القبض على المتهم الثاني بمجرد ظهوره في مكاتب الأمن أنه بالرغم من مكانته في الولاية وتقلده مناصب رفيعة في حكومات سابقة وعمله كمحام مرموق فقد قبض عليه كغيره من السوقه وعامة الناس وحثالة المجرمين دون مراعاة لشخصه ومكانته أو المهنة التي يزاولها حالياً أو ما يقوم به تطوعاً كرئيس للجنة الأمن والنظام العام.

    رابعاً :

    لقد ذكرت المحكمة كسبب رابع على إثبات تهمة التحريض ضد المتهم الثاني بأنه كان سباقاً دائماً للدفاع عن المتهمين في قضايا التمرد والطابور الخامس بالرغم من رئاسته للجنة الأمن والنظام العام.

    لقد لاحظت في شهادة مدير الأمن للولاية التي اعتمدت عليها المحكمة في ذكرها لهذا السبب تحاملاً شديداً ضد المتهم الثاني بالرغم من أنه أحد أعوانه في الولاية بالنسبة للمسائل الأمنية ومن الذين يلجأ إليهم لمعرفة الكثير من الحقائق إذا كانت الأمور تسير سيرها الطبيعي.

    وإن ما شهد به السيد /مدير الأمن بأن المتهم الثاني يدافع عن المتمردين والطابور الخامس ولذا فإنه يعتبر محرضاً لما يرتكبونه من أفعال وبالتالي يعتبر محرضاً للمتهم الأول لإذاعة البيان مجرد رأي شخصي واستنتاج غير صحيح وفهم خاطئ لمهنة المحاماة.

    إن المحاماة من أشرف المهن وأجلها وهي القضاء الواقف ومن واجب المحامي أن يكون دائماً على استعداد لمساعدة ومعاونة كل من يطلب مساعدته ومن أخلاقيات مهنة المحاماة ألا يرفض المحامي الدفاع عن أي شخص بسبب طبيعة الجريمة التي ارتكبها أو بسبب اختلاف الرأي أو المذهب السياسي أو بسبب اختلاف الدين أو العقيدة وهنالك العديد من السوابق التي دافع فيها محامون عن متهمين في قضايا تتعلق بالرأي وهم لا يشاركونهم ما يؤمنون به من آراء في السودان وفي خارج السودان .

    وقد دافع المحامي الإنجليزي الشهير المستر برت عن الزعيم الراحل جومو كنياتا عندما كان رئيساً لحركة الماو ماو التي اغتالت المئات من أبناء الإنجليز وخربت مزارعهم ومصانعهم في كينيا . ولم يرفض المحامي الدفاع عن جو كنياتا عندما طلب منه ذلك ولم يستنكر الإنجليز دفاع محام إنجليزي عن عدو الإنجليز الأول في كينيا ولم يقولوا أنه محرض على الاغتيالات بل ارتفع مقامه في نظرهم وقدروه حق قدره واحترموه لأن أيمانهم بحق الدفاع عن حرية أي فرد أقوى من أي شعور سياسي حتى ولو كان المتهم عدواً لهم.

    إن من الخطأ تصنيف المحامي مع من يدافع عنه من المجرمين لأن المحامين لا يدافعون في جل قضاياهم عن الشرفاء وأخيار الناس لأن الشرفاء وأخيار الناس لا يرتادون مكاتب البوليس متهمين ولا يقفون أمام محاكم الجنايات لمحاكمتهم جنائياً ولكنهم يدافعون عن كل من اتهم بارتكاب جريمة تتصل بأي نشاط من نشاطات البشر الأخلاقية والاجتماعية والسياسية وغيرها وفي كل هذه الحالات يجب ألا ينظر إلى المحامي بأنه محرض على ارتكاب الجرائم التي يمثل أمام المحاكم مدافعاً عن مرتكبيها لأن هذه نظرة ضيقة تتنافى مع المثل والقيم والمبادئ السامية وحقوق الإنسان وأخلاقيات مهنة المحاماة.

    وإذا كانت المحكمة قد اعتبرت دفاع المتهم الثاني عن الخوارج والطابور الخامس مما يؤخذ عليه ويصفه بالتآمر معهم فلماذا لم تأخذ ما ثبت في صالحه بشهادة شهود دفاعه وهم من خيرة الناس بما قام به من أعمال ضد الخوارج ونشاطه المتواصل لأحباط أعمالهم بشخصه ومن ينتمون إليه من عشيرته الذين أثبتوا ولاءهم لا بالمال والكلام والخطب فحسب ولكن بالاستشهاد في سبيل الوطن.

    إن المتهم الثاني من كبار المحامين في ولاية كردفان ومن القانونيين البارزين فيها وله أهله وقبيلته وعشيرته ومن الطبيعي أن يكون أول من يختارونه للدفاع عنهم سواء اتهموا تحت المادة 96 من قانون العقوبات سنة 1983م أو تحت أي مادة من أي قانون آخر ومن واجبه أن يستجيب لطلبهم بالرغم من أنه يعمل رئيساً للجنة الأمن لأن ذلك لا يتعارض مع مهنته كمحام إلا إذا ثبت أنه استغل معلوماته التي تحصل عليها في عمله في اللجنة في دفاعه عن المتهم أو المتهمين وهذا ما لم يثبت أمام المحكمة الموقرة وما لم يقل به حتى مدير أمن الولاية في شهادته.

    ثم ما هي صلة عمل المتهم الثاني ودفاعه عن المتهمين من الخوارج بالتحريض على إذاعة البيان موضوع القضية ?

    إن المحكمة الموقرة لم توضح ذلك كما وإنني لم أرى صلة بينهما.

    خامساً :

    لقد جاء في حيثيات المحكة الموقرة أنه مما يثبت تحريض المتهم الثاني للمتهم الأول ما ادعاه من مرض مع أن مرضه لم يكن ذلك المرض الذي يقعده لأنه يباشر أعماله ويستقبل ضيوفه.

    لقد تجاوزت المحكمة الموقرة اختصاصاتها وأبدت رأياً في موضوع طبي لا تعلم عنه شيئاً ولم ترد شهادة طبيه عنه أمامها . أن مقابلة المتهم الثاني للمتهم الأول بمنزله لا يعني ذلك أنه كان معافاً صحيح البدن ولوادعى المتهم المرض ليثبت أنه لم يخرج في ذلك اليوم الذي أذيع فيه البيان من منزله فهل هذا يثبت تحريضاً لإذاعة البيان أو تحريضاً لإرتكاب أي جريمة أخرى؟

    لم يوضح لنا الاتهام ولا المحكمة أين يكمن قصد المتهم الجنائي على التحريض كما وأنه لم توضح لنا المحكمة أو الاتهام دافع أو دوافع المتهم على هذا التحريض لإذاعة البيان لافشال محاولات الصلح.

    إنني أرى أن كل ما ورد ضد المتهم الثاني دلدوم الختيم أشقر من بينات لإثبات تحريض المتهم الأول على إذاعة البيان موضوع التهمة لا يرقى حتى لمجرد الشبهة التي تبرر تقديمه لمحاكمته أمام محكمة جنائية.

    وعليه آمر بإلغاء الإدانة والعقوبة الصادرة ضده تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37 (ب) مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م.
    (5) المتهم الثالث :الفاضل الحاج سليمان

    لقد استندت المحكمة في إدانتها للمتهم الثالث بالتحريض تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون والمادة 37 (ب) مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م على الآتي :-

    (أ‌) اعتراف المتهم الثالث بأنه وجه المتهم الأول ليذيع مناشدة للخوارج وذلك بعد أن علم بتفاصيل المفاوضات مما يستنتج منه أنه كان يعلم أن المتهم الأول سيذيع هذه التفاصيل.

    (ب‌) أنه تشاور مع المتهم في إذاعة البيان.

    التهمة الموجهة ضد المتهم الثالث هو أنه بتاريخ 9/5/1992م قام بتحريض المتهم الأول لإذاعة البيان موضوع القضية والذي عن طريقه قام المتهم الأول بإفشاء معلومات سرية تتعلق بالدولة (المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م) والتي من شأنها أن تثبط همم أفراد القوات المسلحة في التعامل ضد العدو (المادة 37 (ب) من لائحة الطوارئ).

    فهل قام المتهم الثالث فعلاً بتحريض المتهم الأول ليفشي أسرار الدولة مما كان سبباً في تثبيط همم أفراد قوات الشعب المسلحة؟

    والتحريض الذي يعاقب عليه القانون وفقاً لنص المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م يتحدث عن أمرين يتم بهما ذلك التحريض وهما إغراء شخص لارتكاب جريمة أوأمره بارتكابها وقد فسر شراح القوانين بأن التحريض قد يكون بالمساعدة أو التشجيع أو الدفع وقد يكون في صورة هدية أو وعد أو وعيد أو مخادعة أو دسيسة على العموم كل ما يهيج شعور الفاعل ويدفعه إلى ارتكاب الجريمة.

    ويستلزم القانون أن يكون التحريض مباشراً على ارتكاب الفعل المكون للجريمة فلو ارتكب الشخص الذي حرض جريمة غير الجريمة التي حرض على ارتكابها لا يكون المحرض مرتكباً لجريمة التحريض.

    فهل ورد في الأفعال والأقوال التي أثبتت ضد المتهم الثالث ما يشير إلى تحريضه للمتهم الأول لإذاعة البيان بصورته التي اعتبرتها الجهات التنفيذية جريمة يعاقب عليها القانون؟

    للإجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة ما أثبته الاتهام في هذا الشأن من حقائق حتى نتمكن أن نحكم على ضوئها عما إذا كان المتهم الثالث قد حرض المتهم الأول فعلاً أم لا.

    وبمراجعة ما هو ثابت أمام المحكمة نجد أن المتهم الثالث بعد أن علم بمفاوضات السلام التي كانت جارية بين الجهاز التنفيذي في الولاية والخوارج في جنوب كردفان من المتهم الأول اقترح عليه أن يصدر مناشدة أو نداءاً كما كان يفعل دائماً داعياً الخوارج ليعودوا إلى حظيرة الوطن ويسلموا أسلحتهم وأن يشير إلى ما أصدره الفريق عمر حسن أحمد البشير من عفو عام وقد أكد ذلك المتهم الأول في أقواله ، ولم يطلب المتهم الثالث من المتهم الأو أن يذيع أية تفاصيل عن المفاوضات كما ورد في البيان وقد أقر المتهم الأول بذلك حيث جاء في أقواله بصفحة 49 من المحضر " المتهم الثالث ماقال لي تحدث عن مفاوضات فقط قال لي اعم مناشدة للمتمردين لإلقاء السلاح . وما ذكرته من مفاوضات كان تصرف فردي مني لأنني كنت فرحان.

    لم يثبت أن المتهم الثالث قد صاغ البيان مع المتهم الأول ولم يثبت أنه أملى عليه شيئاً منه ولم يثبت أنه أطلع على البيان بعد صياغته وقبل إذاعته ، ولم يقدم الاتهام أية بينات لإثبات ما وجهه من تهم ضد المتهم الثالث.

    ومن الوقائع الثابتة لا أرى ما يشير إلى تحريض من جانب المتهم الثالث للمتهم الأول سواء عن طريق الإغراء أو عن طريق أمره لإذاعة ما قام بإذاعته من بيان وكل الذي حدث هو أنه بصفته مقرراً للجنة الأمن والنظام العام ومن شأنه وواجبه الإلمام بما يتعلق بأمن الولاية قد اهتم بما تم من مفاوضات السلام في جنوب كردفان التي نقلها إليه المتهم الأول وحرصاً منه على رفع الروح المعنوية للمواطنين والإشادة بما تقوم به الجهات التنفيذية من مجهودات لإحلال السلام طلب من المتهم الأول أن يذيع بياناً مشيداً بما قام به المسئولون من خطوات نحو السلام ومناشداً الخوارج للعودة والاشتراك مع إخوانهم في بناء الوطن وإعماره.

    وقد ثبت أن المتهم الأول قد قام في الماضي بتوجيه العديد من هذه النداءات باللغة العربية وباللهجة المحلية ولذا فلا غرابة فيما وجه به المتهم الثالث المتهم الأول لإذاعة بيان كما اعتاد ذلك في مرات سابقة.

    ثم لماذا يحرض المتهم الثالث المتهم الأول ليذيع بياناً يفشي فيه أسرار الدولة ويثبط همم أفراد قوات الشعب المسلحة وهو الذي عرف بإخلاصه للدولة وإيمانه بتوجهاتها ؟ وما هي مصلحته في ذلك ؟

    كنت أتوقع من الاتهام أن يوضح للمحكمة الموقرة ما يشير من قريب أو بعيد إلى قصد المتهم الجنائي ولكنني لم أجد شيئاً من ذلك كما وكنت أتوقع أن يوضح الاتهام الدافع أو الدوافع التي حركت المتهم ليضر بمصالح الدولة بنشر أسرارها ويثبط همم قوات الشعب المسلحة . لقد فشل الاتهام فشلاً واضحاً في إبراز أية بينات تشير إلى قصد المتهم الثالث الجنائي . أو تشير إلى أنه حرض المتهم الأول لكي يذيع ما اعتبرته الدولة سراً من أسرارها.

    ومما تقدم فإنني أجد نفسي غير متفق مع ما وصلت إليه المحكمة الموقرة من إدانة للمتهم الثالث تحت المواد التي اتهم بموجبها وعليه آمر بإلغاء الإدانة والعقوبة التي صدرت ضده كما آمر بإطلاق سراحه فوراً.
    (6) المتهم الرابع امام محمود الرازق والمتهم الخامس محجوب علي محجوب

    استندت المحكمة في إدانة المتهين المذكورين بتهمة التحريض على الآتي :-

    (أ‌) أنهما سمحا للمتهم الأول بإذاعة وبث البيان موضوع القضية.

    (ب‌) أنهما لم يراجعا البيان قبل بثه .

    أن كل ما قام به المتهمان هو أنهما سمحا للمتهم الأول على أبو عنجة الموت نائب رئيس لجنة الأمن والنظام العام بإذاعة البيان موضوع التهمة . فهل هذا يشكل تحريضاً لارتكاب جريمة تحت المادة 55 من القانون الجنائي سنة 1991م والمادة 37(ب) من قانون الطوارئ؟

    بمراجعتي لما ورد من بينات اتضح لي أن الاتهام لم يورد حقيقة واحدة تثبت تحريضهما للمتهم الأول أو تشير إلى سوء قصد من جانبهما.

    أن المتهم الأول وهو نائب رئيس لجنة الأمن والنظام العام بالولاية قد اعتاد التردد على مكاتب الإذاعة والتلفزيون لإذاعة بيانات ومناشدات موجهة للخوارج مما يساعد الأجهزة التنفيذية في أداء مهامها ولم يثبت أنهما قد تلقيا أية أوامر أو تحذير لمنع المتهم الأول من إذاعة تلك المناشدات . وعندما حضر المتهم الأول لدار الإذاعة والتلفزيون قد اعتقدا بحسن نية أن بيانه الذي يشيد فيه بالوالي وبمحافظ كادقلي ويدعو للسلام بيان هام يستحق تقديمه على بقية مواد البرامج الأخرى التي كانت معدة سلفاً.

    وكما ذكرنا فإن القانون يستلزم أن يكون التحريض مباشراً ولم يثبت الاتهام أي فعل أو قول مباشر من المتهمين بتحريض المتهم الأول لارتكابه الفعل المكون للجريمة.

    إن الخطأ الوحيد الذي ارتكبه المتهمان الرابع والخامس هو أنهما لم يراجعا البيان وهذا له ما يبرره لأن ما سمعاه من مقدمات للبيان لا يثير أي شك ولا يدل على أن فيه ما يمنع إذاعته وحتى ولو راجعا البيان فإن أمر إذاعته متروك لهما وليس عليهما رقابة في ذلك سوى تقديرهما الشخصي.

    لم يثبت الاتهام أي علاقة تربط بين المتهم الأول والمتهمين الرابع والخامس يستنتج منها أنهما سمحا له بإذاعة البيان لوجود تآمر بينهم كما لم يوضح الدافع الذي دفع المتهمين لكي يسمحا بسوء قصد للمتهم الأول بإذاعة البيان موضوع الاتهام.

    لقد فشل الاتهام في إثبات أية تهمة ضد المتهمين سواء التي وجهها إليهما تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م مقروءة مع المادة 25 من نفس القانون أو تحت المادة 37 (ب) من لائحة الطوارئ مقروءة مع المادة 25 من القانون الجنائي لسنة 1991م.

    وعليه آمر بإلغاء الإدانة والعقوبة الصادرة ضدهما.
    (7) المتهم الأول : علي أبو عنجة الموت

    استندت المحكمة على إدانتها للمتهم الأو تحت المادة 55 من القانون الجنائي 1991م والمادة 37 (ب) من لائحة الطوارئ على الآتي :-

    أ/ اعتراف المتهم بإذاعته للبيان.

    ب/ أن المتهم أذاع معلومات سرية تمس الدولة والقوات المسلحة مما يثبط همم المجاهدين وأفراد قوات الشعب المسلحة وينسف مبدأ الجهاد ويتنافى مع الفتوى التي أصدرها العلماء بالأبيض بوجوب الجهاد

    لقد وجهت المحكمة الموقرة للمتهم الأول تهمة تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م نصها كالآتي :-

    أنك في اليوم 7/5/1992م وبمدينة الأبيض قمت بإذاعة معلومات عن مفاوضات تجري بين حكومة الولاية ومحافظة كادقلي مع الخوارج ، ولما كانت مثل هذه المعلومات تعتبر سرية حصلت عليها ونشرتها دون إذن لذا تكون قد ارتكبت مخالفة لنص المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م.

    وقد وجهت المحكمة الموقرة أيضاً تهمة ضد المتهم الأول تحت المادة 37 (ب) ونصها كالآتي :-

    ... أنك قمت في 7/5/1992م وبمدينة الأبيض بإذاعة بيان عبر إذاعة وتلفزيون الولاية تضمن معلومات من شأنها الإضرار بالقوات المسلحة وتثبيط همة أفرادها ودعوتهم للتراخي في مواجهة العدو خاصة وأن تلك القوات لا تزال تقاتل في جبهات القتال وبفعلك هذا تكون قد خالفت نص المادة 37(ب) من لائحة الطوارئ.

    إن إثبات هاتين التهمتين يقع على عاتق الاتهام وليس على المتهم إثبات العكس ، فهل أثبت الاتهام بما لا يتطرقه الشك المعقول ما وجهه من تهم للمتهم الأول ؟

    أن كل الذي قدمه الاتهام في هذا الصدد هو اعتراف المتهم القضائي بإذاعته للبيان وشهادة شاهدين من رجال الأمن وشريط الكاسيت الذي سجل فيه البيان وشريط الفيديو الذي سجل في التلفزيون لنفس البيان.

    إن المتهم الأول لا ينكر إذاعته للبيان بصفته نائباً لرئيس لجنة الأمن والنظام العام باللجنة الشعبية للإنقاذ الوطني بولاية كردفان ولكنه ينكر سرية المعلومات التي تحصل عليها كما وينكر أن بيانه يتضمن ما يؤثر على الروح المعنوية للقوات المسلحة أو تثبيط هممهم ، كما ويدفع بأن إذاعة البيان المذكور كانت بحسن نية وامتداد لبياناته السابقة التي تعكس نشاطات لجنة الأمن.

    ولمعرفة صحة ما دفع به المتهم الأول لا بد أولاً من تحليل عناصر المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ . وتنص المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م على الآتي :-

    " من يحصل بأي طريقة على أي أمور سرية من معلومات تتعلق بشئون الدولة دون إذن ومن يفضي أو يشرع في الإفضاء بتلك المعلومات أو المستندات لأي شخص دون إذن أو عذر مقبول يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً وتكون العقوبة بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات إذا كان الجاني موظفاً عاماً"

    وتنص المادة 37(ب) على الآتي :-

    " أن يستعمل في العمليات الحربية أو عند نشوب المعارك ألفاظاً أو أية وسائل من شأنها تثبيط همة أفراد القوات المسلحة الخاضعين للأحكام العسكرية في التعامل ضد العدو أو تدعو للتراخي في مواجهته.."

    وفي رأيي بعد مراجعة الوقائع والقانون فإن المتهم الأول لم يرتكب جريمة تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة 37(ب) من لائحة الطوارئ وذلك للأسباب الآتية :-

    أولاً :

    تشترط المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م أن تكون المعلومات التي تحصل عليها المتهم وقام بنشرها معلومات سرية . والمعلومات التي تحصل عليها المتهم الأول وأذاعها في بيانه معلومات عامة وشائعة يعلمها عامة الناس في جنوب كردفان وفي غير جنوب كردفان.

    ولم يثبت أن المتهم قد تحصل عليها من أجهزة الأمن ولا من أي جهة رسمية ولكن أخبرها به مواطن عادي وهو الأستاذ محمد عبد الله الرضي المشهور بعياض وهو مدير المرحلة الابتدائية بمحافظة كادقلي.

    ثم إن الحديث عن السلام أمر معروف يتحدث عنه الناس في مجالسهم في كردفان وفي غير كردفان وما تشترطه المادة وتحرم نشره هو تلك المعلومات السرية التي لا تعلمها إلا الجهات الرسمية وليست المعلومات التي يتناقلها الناس كأمر عادي كما هو الحال بالنسبة للمعلومات التي وردت في البيان.

    وبما أن هذا الشرط وهو سرية المعلومات قد انتفى بالنسبة للمعلومات التي تمت إذاعتها فإنه بالتالي تنهار كل التهمة الموجهة للمتهم الأول تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م.

    ثانياً :لقد أذاع المتهم الأول البيان من موقع مسئوليته كنائب لرئيس لجنة الأمن والنظام العام باللجنة الشعبية في الولاية . ولا غرابة في ذلك وليس هناك من الظروف والملابسات حسب ما ورد في البينات ما يدعو للشك في حسن نواياه خاصة وأنه اعتاد أن يذيع مثل هذه البيانات في الماضي وقد كان حسن النية في كل ما قام به أو على الأقل في كل ما بدر منه في الظاهر ولم يثبت الاتهام عكس ذلك وهو الذي يقع عليه عبء إثبات سوء القصد.

    ثالثاً :

    يقول الاتهام أن الحرب والسلام من اختصاص الحكومة الاتحادية وليس من اختصاص لجنة الأمن والنظام العام وأن المتهم قد تجاوز اختصاصه وبذا يكون قد ارتكب جريمة تحت المواد التي اتهم بموجبها . ومع احترامنا للاتهام وللمحكمة الموقرة فإن تجاوز الاختصاص لا يثبت جريمة ضد المتهم الأول خاصة وأنه لم يبرم صلحاً ولم يرفض سلاماً وكل ما ذكره في بيانه هو الإشادة بالمسئولين وبالعفو العام الذي أصدره السيد/ رئيس مجلس قيادة الثورة وناشد الخوارج في جنوب كردفان ليعودوا إلى حظيرة الوطن للعمل مع اخوتهم فيما يفيد البلاد ويفيدهم بدلاً من الحرب والتناحر . ومن يتجاوز اختصاصاته من أعضاء اللجان الشعبية لا يقدم ليحاكم جنائياً ولكن يوقف عند حده بالطرق الإدارية المعروفة.

    رابعاً :

    لم يثبت الاتهام أي تأثير طرأ على موقف القوات المسلحة أو المجاهدين بعد إذاعة البيان فلم يثبط البيان همة أحد منهم ولم يثبت أن أحداً منه تراخى في مواجهة المتمردين بسبب البيان . وهذا يعني أن الجريمة موضوع التحريض لم تقع وما جاء في شهادة مدير الأمن بالولاية عما قد يحدث من تأثير على معنويات القوات المسلحة والمجاهدين مجرد استنتاج ورأي شخصي لا يعول عليه في إدانة أحد في مثل هذه الجرائم الخطيرة التي يدعى الاتهام أن المتهم الأول قد اقترفها.

    خامساً :

    لقد استمعت إلى البيان في شريط كاسيت وشريط فيديو أكثر من ثلاث مرات محاولاً أن أجد فيه ما يمنع القانون إذاعته من معلومات وقد وصلت إلى قناعة تامة بأنه بيان عادي يمكن أن يصدر من المتهم الأول ومن غيره من المتحمسين للسلام. وقد استنتجت عكس ما استنتجته المحكمة وهو أن فحوى البيان وما جاء فيه من مناشدة وطنية مخلصة مما يستحق عليه المتهم الأول الشكر والتقدير بدلاً من القبض عليه ومحاكمته أمام محاكم الجنايات وزجه في غياهب السجون.

    وعليه لما ذكرت من أسباب فإنني أرى أن المتهم الأول لم يرتكب جريمة تحت المادة 55 من القانون الجنائي لسنة 1991م أو المادة 37(ب) من لائحة الطوارئ وأمر بإلغاء الإدانة والعقوبة كما وآمر بإطلاق سراحه فوراً.

    (8) وقبل ختام مذكرتي هذه رأيت من الأنسب أن أنقل ملاحظاتي عن هذه المحاكمة لمن يهمهم أمر العدالة وهي كالآتي :-

    أولاً

    بالرغم من إنني اختلف مع المحكمة فيما وصلت إليه بأغلبية أعضائها من إدانة للمتهمين إلا أنني أرى أنها تستحق الإشادة لإعطائها المتهمين كل الفرص المتاحة للدفاع عن أنفسهم كما وأشيد بمحضرها المرتب وإثباتها لما استمعت إليه من أقوال بلغة سليمة وخط واضح مما سهل مهمة الجهة الاستئنافية في الاطلاع على أوراق القضية دون مشقة أو عناء.

    ثانياً :

    لقد لاحظت بمزيد من الأسف أن الاتهام في هذه القضية كان ضعيفاً ومهزوزاً وغير ملم بالقضية التي قدمها من ناحية الوقائع والقانون والاهتمام . أما الوقائع قد ضربت لذلك مثلاً عند مناقشتي للبينات ضد المتهم الثاني وهو قوله بأن المتهم الثاني دلدوم الختيم أشقر قد استمع لتفاصيل البيان من المتهم الأول قبل إذاعته مع أن هذا لم يحدث إطلاقاً ولم ترد فيه بينة وهو مجرد افتراء من جانبه . أما بالنسبة للقانون فإنه لم يبحث في عناصر أي من الجرائم التي وجهت التهمة بمقتضاها للمتهمين وكان اعتماده كله على الاستنتاج والرأي الشخصي غير المقبول قانوناً . ولو حلل السيد مدير الإدارة القانونية عناصر كل جريمة وطبقها على الوقائع التي تتعلق بكل متهم على حده لما تقدم بهذه القضية الهزيلة وقال رأيه بشجاعة في تقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية بدلاً من هذا الإحراج الذي تسبب فيه بالنسبة للمسئولين الذين يعتمدون اعتماداً كلياً على نصائح مستشاريهم من القانونيين.

    أما من ناحية الاهتمام بإجراءات المحاكمة فإن المرافعة الختامية التي قدمها السيد / مدير الإدارة القانونية الأستاذ / عبد العزيز الكردي هي عبارة عن صورة فتوغرافية لأصل لم يقدمه للمحكمة وهي بخط يده الذي لا يقرأ إلا بصعوبة شديدة أما المحتوى والأسلوب الذي كتبت به هذه المرافعة فإنه لا يرقى حتى إلى مستوى أسلوب كتاب العرائض.

    ثالثاً :

    إن اللجان الشعبية تجربة جديدة في السودان والعاملون فيها متطوعون للعمل الوطني بدافع خدمة ذويهم وأحيائهم ومواطنيهم كما هو الحال في البلاد الأخرى التي تستعين بمثل هذه اللجان الشعبية أو ما يشابهها وقد تم اختيارهم بعد التأكد من سلوكهم الشخصي وخلو صحائفهم مما يعيب أو يشين وبعد الوقوف على انتماءاتهم وولائهم . وبحكم عملهم فقد يخطئون في بعض الأحيان كغيرهم من البشر وقد يتصرفون تصرفات لا تصادف رضى الجهات التنفيذية وفي هذه الحالة فإنه من المناسب إن كانت هنالك محاسبة أو مسائلة والأوفق أن تتم بنفس روح التعامل القائمة على التعاون والتشاور بين أفراد الأسرة الواحدة بما يخدم مصالح المواطنين . ولا يحاسبون على هذه الأخطاء الإدارية كما حدث في هذه القضية أمام محاكم الجنايات ويعاملون معاملة المجرمين وغير المرغوب فيهم لأن هذا في نظري علاج لخطأ بخطأ أكبر منه وبهذا التصرف قد تفقد الدولة ما كانت تتمتع به من تعاون وتعضيد وتأييد من هذه اللجان والخطأ الإداري قد يجبر بقرار من الجهات التنفيذية أو بتصحيح من الجهات المختصة ، أما الآثار النفسية والسياسية التي تتركها هذه المعاملة غير الكريمة لأفراد هذه اللجان بتقديمهم للمحاكم الجنائية فإنه يتعذر بل يستحيل جبرها.

    رابعاً :

    لقد ذكر المتهمون في طلبات استئنافهم خاصة المتهم الثالث الفاضل حاج سليمان بأنهم عوملوا معاملة غير كريمة وغير إنسانية وتتنافى مع القيم السامية وروح الإسلام والشرع الحنيف وذلك في القبض أولاً وفي القبض ثانياً بعد أن قبلت ضماناتهم وفي ترحيلهم بعد ساعات من محاكمتهم من سجن الأبيض إلى سجن سواكن دون مبرر لذلك وإجبارهم على الرحيل في شاحنة مكشوفة في حر شديد وتحت وهج الشمس ومنهم المريض بمرض السكري والذي أخذ بالقوة من المستشفى لترحيله ومنع حتى من أخذ الضروري من أدويته.

    وإذا صح ما ذكره المتهمون من معاملة غير إنسانية لا تمت لأخلاقياتنا كمسلمين وكسودانيين بصلة فإنه أمر يدعو للقلق فعلاً كما يدعو للأسف.

    خامساً :

    ألاحظ أن هذا البلاغ قد تقدمت به الجهة التنفيذية في الولاية طالبة محاكمة المتهمين لما قدمته من أدلة.

    وبالرغم من إنني لم أوافق المحكمة الموقرة رأيها في إدانة المتهمين وأمرت بإلغاء الإدانة والعقوبة إلا أنني أرى أنه من العدالة والإنصاف ألا ننسى عند تعليقنا على هذه المحاكمة دور الجهة التنفيذية التي تستحق كل الإشادة والتقدير ليقظتها وحذرها واهتمامها بكل ما يتعلق بأمن الولاية وعدم تفريطها في كل ما يتصل به كبيراً كان أم صغيراً مهما كانت درجة التأكد من صحته أو عدم صحته تحسباً لما قد يحدث من ضرر بسبب الاستهانة بالأمور أو الإهمال أو اللامبالاة في مثل هذه المسائل الحساسة.

    وقد لاحظت أيضاً أنه واضح من ملابسات وظروف هذه القضية أن الجهة التنفيذية لم تتقدم بهذا البلاغ بسوء قصد أو لخطأ في التقدير ولكن كل ما اتخذته من إجراءات كان بناءا على نصائح قانونية غير موفقة من الإدارة القانونية بالولاية ، ولو كلفت الإدارة القانونية نفسها قليلاُ من الجهد وقامت بدراسة متأنية لكل جوانب الموضوع بأكمله وأبدت رأيها للجهة التنفيذية بوضوح وشجاعة وأصرت عليه لسلكت محاسبة المتهمين ومساءلتهم طريقاً غير طريق محاكم الجنايات.

    الأمر النهائي :

    وعليه لما ذكرنا من أسباب آمر بالآتي :-

    (1) إلغاء الإدانة والعقوبة بالنسبة لكل المتهمين وهم :-

    1/ علي أبو عنجة الموت.

    2/ دلدوم الختيم أشقر.

    3/ الفاضل الحاج سليمان.

    4/ إمام محمود عبد الرازق.

    5/ محجوب علي محجوب

    (2) إطلاق سراح المتهمين علي أبو عنجة الموت ودلدوم الختيم أشقر والفاضل الحاج سليمان فوراً.
                  

08-24-2010, 01:00 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    كيف يفكر أبناء جبال النوبة .. فى ظل المتغيرات السياسية الراهنة !!/بقلم / آدم جمال أحمد - سدنى
    Aug 15, 2010, 01:15

    سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

    ارسل الموضوع لصديق
    نسخة سهلة الطبع
    Share








    كيف يفكر أبناء جبال النوبة .. فى ظل المتغيرات السياسية الراهنة !!



    بقلم / آدم جمال أحمد - سدنى



    تعيش جبال النوبة أزمة فكرية وسياسية وإجتماعية ، فهي أزمة مثقف .. وأزمة قيادة .. وأزمة مفكر سياسي .. وسياسي متحرر من التعصب الجهوي والقبلي والتفكير العشائري .. ومصلح إجتماعي .. وما يؤكد ذلك رأس الرمح للتفكير القبلي السياسي العتيق في جبال النوبة ، تلك المقالات لبعض الأخوة على صفحات الأنترنت فى الفترة الأخيرة ، ومع إحترامي وتقديري لبعض الكتاب والقيادات النوبية بالداخل والخارج وجمهور القراء إلا إنني أردت أن أوضح لهم بعض من الحقائق والملابسات ، التي تدور وتحاك خلف الكواليس .. وما يقوم به البعض من إستعراض لقوتهم من خلال كتاباتهم ، التى لا ترتقى الى مستوى المسئولية والنقد البناء والتحليل العلمى والموضوعى ، في هذا الظرف التاريخى الحرج التى تمر بها القضية النوبية ومنطقة جبال النوبة ، والتى تحتاج للتصالح وتجاوز الخلافات والصراعات والمهاترات.



    ولكن يبدو أن البعض من أبناء جبال النوبة ما زال فى غيهم وضلالهم القديم ، وحتى لا يسئ البعض الفهم بأن السكوت وتجاوز الخلاف والإلتفات الى المعركة الحقيقية وتوجيه كل أسلحتنا نحو العدو الحقيقى ، بعد أن آلينا على أنفسنا بعدم توجيهها الى بعض ، لكن ما زال البعض يحاول الضغط على الزناد لإشعال وإذكاء النعرات والخصومات من جديد ، فلذلك نحن نحذرهم من مغبة ذلك بأننا على إستعداد على قلب الطاولة وكشف المستور ، فلذا نأمل منهم بأننا مدركون لكل ما يقال ويكتب بأى رمزية أو إيحائية كما يحلو لهم ، فلذلك نكرر تحذيرنا لهم حتي يقفوا علي الحقيقة المجردة ، ويكفوا عن هذا العبث الذي يتم هنا باسم القضية النوبية أو القيادة النوبية .. وأهالي جبال النوبة ، لأنهم في تناسي تام إنه من حق أي أحد في جبال النوبة أن يكتب ما يحلو له وما يراه صواباً مهما إختلفنا معه .. ما دام ذلك يعبر عن فكره ورؤيته وتساهم في دفع القضية النوبية .. ولكل طريقته في التعبير دون أملاء أو وصية من أحد .. وكل واحد منا في موقعه أن يدافع عن جبال النوبة سواء كان بالقلم أو الرأي أو الكلمة أو السلاح .. وعلي الأخرين إحترام هذا الرأي دون التقليل من شأنه أو التبخيس بقدرات وأفكار الأخرين .



    أما حديثهم عن العقلية التآمرية .. فالعقلية التآمرية تتمثل فيهم فهي طريقة في التفكير الإنفعالي تغزو الحقل الثقافي والإجتماعي والسياسي لجماعة بشرية أياً كانت ( أمة .. طائفة .. قبيلة .. حزب ...إلخ ) وتسيطرعليه ، وتدفع إلي حالة من الشلل تلقي بظلالها علي مجمل نتاجات هذا الحقل وإبداعاته إن وجدت .. وهي طريقة فعالة في ( إغتيال العقل ) . وذلك عندما تتمفصل مع ضرب من العقلية السجالية ، التي تتميز بدورها بنمط من التفكير الإنفعالي ، ومن سماته تغليب الجزء علي الكل وغياب النقد الذاتي وحجب الواقع .. وغياب أرضية للحوار وسيادة حوار ( الطرشان ) والذي يظل شاهداً علي تغلغل هذه العقلية في خطابنا النقدي المعاصر وتمفصلها مع كل إشكاليات الإنغلاق ( تعصب .. تمركز .. عنف .. نفي .. إرادة تكشف عن ميل إلي إتهام الأخر ... إلخ ).



    وما أعنيه بالعقلية التآمرية في صفوف أبناء النوبة المتواجدون بالديسابورا .. هي عقلية متمرتسة تقوم بتنفيذ خطط وإستراتيجيات مدروسة ومؤامرات كبيرة تستهدف القيادات الشابة التي إستطاعت أن تجد لنفسها مواقع خاصة .. دون أن تلتف أو تدور حول فلك هذه المؤسسات المحكمة قبضتها .. والعقول الناشئة التي تصدي بالقول دون مهاباتهم .. وهذه المؤامرة تحاك بشكل واع ومقصود .



    إن أطراف المؤامرة هي أطراف معينة من المجتمع التقليدي والكلاسيكي وبعض ( المثقافاتية ) ، التي تتدعي المعرفة والسياسة وتوهم الأخرين بذلك .. كالسامري الذي أضل قوم سيدنا موسي . وإن هذه المؤامرة تحاك في الخفاء وتأخذ شكل الرموز والشواهد والعموميات وبث الإشاعة والترويج لتشويه صورة الأخرين وإطلاق بالونات من الإتهامات ضدهم ، وتسفيه كل كتابة نقدية من هذا النوع الذي لا يروق لهم أو أي شخص يتجرأ ويقوم بنقد هذه المؤسسات الحزبية ( المقدسة ) أو توجيه النقد لهذه القيادات والنخب السياسية .. إتهامها باللاموضوعية واللا علمية ، وتارة رميها بالكفر والخروج عن الملة النوبية .. ورميها إلي ساحات الأعداء .. ووصفهم بالمتربصين والمندسين .. والموالين للحكومة .. وهي إتهامات لقد سئمنا من سماعها . فإن هذه الإتهامات الموجهة فى شكل عموميات ندرك حقيقتها ، ولكن لعدم توفر الجراءة والشجاعة فى المواجهة ظلت تدور في إطار من العقلية السجالية المحكومة بإرادة عدم المعرفة .. وبإرادة نفي للأخر ، عقلية تحكم علي الكل من خلال الجزء وتدفع إلي الحوار من إلغاء المحاور نفسه ، والتي يجب فضحها وكشفها في الوقت المناسب وإنني أمتلك كل الأدلة والملفات السرية بالأسماء والبراهين وخاصة المتآمرين من داخل صفوف النوبة وأعوانهم سواء كانوا بالداخل أو فى دول المهجر وكل من يتعاون معهم . لأنني كصحفي لي مصادري الخاصة في إمتلاك المعلومة .



    كما أسلفت فإن الذي يتجشم عناء السفر في أروقة العقلية التآمرية وفي الظلال المرعبة لثقافة الإتهامات التي أطلقوها بصورة عامة دون ذكر للأسماء .. سيعثر علي مادة بيولوغرافية مرعبة تتصدرها عبارات ومقالات للتحليل النفسي والتحليل السوسيولوجي لمنهجية وإستراتيجات هؤلاء بمعطياتهما السطحية والتي لا ترقي إلي مستوي التحليل الناجع لمشكلات وإشكاليات المجتمع النوبي والثقافة النوبية معاً . لأن غياب الموضوعية داخل أنفسهم ووسطهم الاجتماعى فقد جعلهم يغفلون بعض الجوانب المهمة وبل أهملوا بعضها الأخر .. لأنهم لا يتميزون بمنهجية ورؤية ميتافيزيقية ، حتي يروا الأمور بصورة مطلقة وواعية .. فهناك إعتباطية تحريضية تطال كل من يتجرأ لنقد القيادات النوبية والحركة الشعبية وتفكيك رموزها أو العمل علي إحداث ثورة فكرية والمناداة بالتجديد والتغيير لنمط المنهجية ورؤية الحركة وبعض القيادات والرموز التي تدور في حلقة مفرغة وهي غير قادرة علي إستيعاب الواقع السياسي بالمتغيرات الكثيرة التي طرأت علي الساحة النوبية والسودانية .. وفي الوقت الذي تعيش فيها جبال النوبة فراغ سياسي وإحباط عام ، نجد أن جماهير جبال النوبة بالداخل لقد تجاوزت هذه المؤسسات شبه الحزبية وقياداتها المتناحرة والمختلفة دوماً .



    إن إكتشاف وتحليل الخلفية الفكرية لهؤلاء الشخصيات من أبناء النوبة ، وشكل عقليتهم وعدم نضوج الفكر وتعييب الوعى ، والتى تتوفر وسط وداخل هذه الفئات فمن شأنها أن تكشف الدور التآمري الذي قد يضر بالساحة الفكرية والسياسية النوبية ، وفي إطار التبريرية التي سقناها وأطلقناها فى الفترة الأخيرة بسيادة روح خطاب المصالحة وجانب الإلتماس في عدم الإساءة إلي هذه القيادات أو مس الحركة الشعبية كان منطق صوت العقل ونقطة إلتقاء للتصالح وإمكان رجوع الكل إلي حظيرة البيت النوبى .. فقد إلتزمت به وقلت رغم التناقض الذى بيننا يجب أن نتجاوز الخلافات.. ولكن يبدو المقالات الأخيرة لبعض الأخوة من أبناء النوبة بدول المهجر يرفضون ذلك ، وتعتبر كتاباتهم هذه مؤامرة منهم ودق لطبول الحرب .. فلذلك أصبحت هذه التبريرية هي ( منطق الفكر التراجيدي الشائع في الأدبيات النوبية ) ومنطق التأويل الذي يستند علي التناقض وإفتقارالمادة السياسية في حركة غياب الموضوعية بتناقض شكلي للأزمة الداخلية التي يعيشها معظم أبناء النوبة في عدم إلتزامهم بالقرارات والنداءات التي تصدر من رئاسة الحركة الشعبية بالداخل.

    كما تعتبر تلك المقالات إمتداد طبيعي لتواصل حلقات التآمر والخلافات التي تطرأ كل يوم عبر خطابات فقيرة الكلمات والمحتوي والمضمون.. المشوبة بالهمز واللمز والسخرية تكشف عيوباً أساسية في المنهج الفكري الذي يؤدي إلي كل هذا القدر من النتائج والنماذج لشخصيات صارخة للرؤية المشوهة بالآمال الجوفاء التي تنتشر داخل الوسط النوبي في أزمنة الهزيمة والإحباط .



    نرفض هذه العقلية التآمرية التي توضح تخلفنا السياسي والتنظيمي .. فما سر هذه الغشاوة التي تتحكم في رؤيتهم ومن يماثلة في الرؤية . إن ما يميز هذه المقالات هي السطحية والسذاجة .. ويعد هذاالنموذج من الفكر أنموذجاً صارخاً للرؤية المشوهة الجوفاء .. إن لم تكن تعبيراً عن عقدة نقص مزمنة مستعصية علي الشفاء . فلذلك يسعي إلي تعميمه تيار بأكمله .. تيار يملأ الساحة النوبية الفكرية والسياسية صخباً وضجيجاً وزبداً ( وأما الزبد فيذهب جفاء ) ، هكذا يتم الحكم علي الأخر المختلف معه دون إدارة اى حوار أوالوصول معهم إلي حوار أو لحظة إقتناع وتصالح مشترك . إن الحالة السياسية في جبال النوبة ما تزال مجهولة علي مستوي المعرفة وعلي مستوي الوعي العام بها ، ومن ثم تبدوا الحالة السياسية وتجسيداتها المؤسسية والحركية .. وتفاعلاتها وقضاياهما الخاصة .. وفلكورياتها أو بتعبير أدق ( أنثروبولوجياتها ) غائبة تعاني إضطرابات سلوكية ظاهرة تقود إلي أحوال إرتكاسية شاملة في حالة المجتمع والدولة بأسرها لا لشئ إلا للنزعة الرديكالية التي تعتبر حرب مماهاة بين الموجود والمفهوم ، ثم بين المفهوم والمقول ، وأخيراً بين المقول والمعمول في الواقع النوبي اليوم ، التي لا تفرق فيه هذه المؤسسات بين الوجود التقليدي وبين موت البجعة المحتضرة وبين السير في مواكب المتغيرات القادمة والمستقبل السياسي .. والتحولات ليست شعارات أو أمنيات.



    فيجب علينا أن نسعى إلي جمع ولملمة شتات صفوفنا المتبعثرة من أجل توحيد الصف والرؤي والكلمة في هذا الظرف الصعب ، حتي تصبح وحدة النوبة قوة تهابها الأعداء للحصول علي حقوقنا ومطالبنا المشروعة في هذا المنعطف الحرج والمرحلة العصيبة من تاريخ نضالنا في جبال النوبة جنبً إلي جنب مع أخواننا فى الحركة الشعبية وبقية القوى السياسية بالإقليم لنتناسى فيها كل الظلامات والمرارات ونزيل فيها الضغائن وصغائر الأمور العالقة بالنفوس لنلتفت جميعا إلي المعركة الحقيقية والهم الأكبر والتى تتمثل فى نداء الجبال والبحث عن آلية لذلك .. والإنتخابات والمشورة الشعبية ، وما يطالب به منبر جبال النوبة ونساء النوبة بحق تقرير المصير ، ويتمثل الإنتصار الحقيقي لذلك في الوحدة علي قلب رجل واحد ، لتنال بها قضية جبال النوبة مطالبها العادلة والمشروعة .. ثم بعد الحصول علي كل الأهداف التي تتمثل للنوبة من حكم ذاتي وثروة وأرض والإعتراف بنا كشعب له مستقبله السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في حق المشاركة والتمثيل بالحجم في ظل السودان العدالة بمتغيراته في الأمن والإستقرار والعدل والمواطنة والديمقراطية ، ثم بعد ذلك يحق لنا أن نجلس كنوبة جميعاً ليكون الحساب لإزالة الضبابية وغشاوة الظلمة والمرارات بتوزيع عادل للفرص في المساواة والتفكير في كيفية إدارة جبال النوبة وتنظيماتها السياسية برؤي وأيدلوجية وفهم جديد.



    وإذا عدتم عدنا .....



    سدنى – أستراليا - 15 أغسطس 2010 م



                  

08-25-2010, 11:56 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    up
                  

08-27-2010, 00:13 AM

آدم جمال أحمد
<aآدم جمال أحمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2010
مجموع المشاركات: 2015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    شكراً الأخ ناصر الاحيمر على هذا االسرد التاريخى القيم
    وعلى البوست الرائع .. ونحن متابعين ..
                  

08-27-2010, 03:30 AM

Manal Mohamed Ali

تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 1134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: آدم جمال أحمد)
                  

08-27-2010, 09:35 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: Manal Mohamed Ali)

    شكرا اختي منال علي المرور
    نتمني ان نسمع عنك الكثير
    في شان اهلنا في جبال النوبة
    ربنا يرد غربتك بسلامة يارب
                  

09-03-2010, 09:16 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    up
                  

09-09-2010, 06:59 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    ها هو تتعزم الاحداث مع تقارب اقارب ساعة الانفصال
                  

09-17-2010, 10:37 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    مقالات و تحليلات
    النوبة بين الهزيمة والاستعلاء (2)/قاسم نسيم حماد حربة
    By
    Jan 22, 2010, 00:38






    النوبة بين الهزيمة والاستعلاء (2)



    عددنا في مقالنا السابق أنماط الهزائم النفسية عند النوبة ،وسبقنا ذلك بسرد وتحليل الأسباب التي أدت إلى تلك الهزائم واجتهدنا في الاحاطة بها , وسنحاول في هذا المقال تناول ظاهرة الاستعلاء والتهميش عند الآخر كموجب طبيعي لظاهرة الانهزام السالبة .

    إن وقوع التهميش على النوبة حقيقة لا سبيل إلى إنكارها ، فعلى مدار التاريخ المنظور اشتكى النوبة منه ، ففي التاريخ المنظور كان وصول الأتراك لحكم السودان أكبر إيذانا بتكثيف عملية استرقاق السود ومن بينهم النوبة ، حيث كانوا يستوعبون في الجيش المصري كجهادية وآخرون يستوعبون في العمل المنزلي كخدم في الشمال وكرد فعل رافض للاستعلاء الذي يسلبهم آدميتهم قاموا بعدة ثورات طلبا للحرية أهمها ثورة كسلا (1864-1865 م) وقد استسلموا بخديعة لقاء وعدهم بالحرية لكنهم أعدموا أما قائدهم الصاغقول أغوس فقد صلب في المشنقة أربعة وعشرين ساعة ثم قضى ،وقد وعد الأمام المهدي الرقيق السود الذين يدخلون الجهادية بالعتق وتعويض مالكيهم لكنه لم يفعل ذلك لكثرتهم لكن صارت شهادة الجهادية تقبل في المحاكم كتطور ايجابي في إنسانيتهم في المهدية حسب مقياس ذلك الزمان. أما النساء فكن يبعن في الأسواق . نتيجة للنزوع نحو التحرر قام الجهادية السود في عام( 85-1887 م) بثورة في الأبيض شارك فيها حتى عبيد المنازل والنساء واحتلوا الأبيض وساروا نحو جبال النوبة حيث كونوا جمهورية هناك , ألا أن حمدان أبو عنجة تعقيهم هناك وقتل ثلاثة من قوادهم وجز رؤوسهم وأرسلها للخليفة عبد الله في أمدرمان الذي أمر بتعليقها في المساجد ثم أمر بدفنها في الخرطوم مع رمم الكفار. كان عدد الجهادية في المهدية مساويا لعدد جيش المهدية من الشماليين أو يذيد وكان عدد الرقيق في أمدرمان يساوي عدد الأحرار مما يطلعك على ضخامة عمليات الاسترقاق وعظم الفاقد من السود. وقد لعب الجهادية السود دورا كبيرا في حروب المهدية لكنهم كانوا يوضعون في الخط الأمامي بينما يبقى العرب في المؤخرة انظر Ohrwal drl,OP.Cir,P.112 .

    وقعت حكومة الحكم الثنائي أول معاهدة لمنع الرق في السودان في أغسطس 1898 م وكان كتشنر يعتقد بأن الرق جزء من ثقافة العربي وعرفه برز ذلك في مذكرته السرية التي كتبها في مارس 1899 لذا ونتيجة لهذا الاعتقاد الذي أيده الواقع الشمالي من مقاومة لتحرير السود وفي عام 1905 سنت الحكومة قانون المشردين والذي حاول تحجيم ظاهرة ترك السود لأسيادهم والذي تقول أهم بنوده :إذا أتضح أن الرقيق ليس له ضامن يقنع القاضي الرقيق بالعودة لسيده . وفي عام 1924 أقرت السلطات مبدأ الفدية .كان الرق والسواد مترادفتان يؤكد ذلك مذكرة مدير مديرية النيل الأبيض للسكرتير الإداري التي يقول فيها :( ولضمان تسجيل كل الأرقاء المسترقين حديثا تقرر تسجيل كل السود ) وما جاء في فقرة من تقرير ولس سنة1926 تقول: (أصبح وضع الأرقاء أقرب إلى أنه مسألة اللون والمركز الإجتماعي منه إلى إدعاء أو دعوى يستطيع المالك أن يرفعها) .كانت القيادات الشمالية العربية السياسية والقبلية والدينية تعترض على تحرير السود ففي 6 مارس 1925 رفع السيد علي الميرغني والشريف يوسف الهندي وعبد الرحمن المهدي مذكرة لمدير المخابرات يعترضون فيها على العتق مبررين قولهم هذا بأن عملية العتق ستخلق شرا عظيما.

    ظل تأجير الإماء للبغاء سنة حتى 24 أبريل 1924 حيث صدر توجيه من السكرتير الإداري دان فيه هذه الممارسة ، وقد ظل الرق مستمراً حتى الخمسينيات ففي سبتمبر 1952 أصدر قاضي القضاة منشورا يقضي بالتحري في مسألة الأمة إذا خرجت عن يد سيدها وألزم في حال أصرت الأمة على الخروج أن يعطى الولد لوالده دون اعتبار لكونها كانت زوجة أو أمة ، ثم سكتت القوانين بعد ذلك عن الإشارة لمسألة الرق ولم يصدر قانون قاطعا في هذه المسألة.

    إن أهم أسباب انقسام جمعية الإتحاد السوداني وتأسيس اللواء الأبيض تعود لنظرة النخب الشمالية الاستعلائية ، فبالرغم من اتفاقهما في مفهوم وحدة وادي النيل بل دافعت اللواء الأبيض علناً عن تلك الوحدة بجعل خريطة وادي النيل في علمها ، وقد بان هذا الصراع في النداء الذي أصدرته اللواء الأبيض بعنوان ( نداء السودان إلى الأمة البريطانية) تعقيبا على وثيقة القادة الدينيين والقبليين الشماليين الذين فوضوا الإنجليز حق السودانيين فقد تضمن الفقرة الآتية (إن القادة الدينيين والقبليين لا يمثلون الشعب السوداني وليسوا مخولين للتحدث باسمه) وبين الوثيقة الشهيرة الموقعة باسم (ناصح أمين) والتي وزعت في 1920 من قبل الإتحاد السوداني فلم تهاجم القادة الدينيين والقبليين بل بررت لهم بأن أسماءهم قد استخدمت من قبل الإنجليز وكان تركيزها على استعباد الإنجليز للشماليين قالت الوثيقة: ( إن البريطانيين مدانون طالما أهانوا الناس ذوي الشأن ورفعوا الطبقات الدنيا وال########ة ) عليه فقد كانت الجمعيتان متفقتين على وحدة وادي النيل وعلى تفويض المصريين حقوقهم في المفاوضات وكانت نقطة خلافهم هي أي قسم من السودانيين يحق له التحدث باسم الشعب السوداني. ومواصلة لتعميق هذه النظرة الشمالية الاستعلائية وبروزها في صورة تجعلهم هم فقط الأسياد وما سواهم من السودانيين ليسوا مثلهم بل ليس هناك ما يسمى بشعب سوداني أصلا جمع سليمان كشة في 1923 وكجزء من أنشطة الاتحاد السوداني القصائد التي تليت في ليلة المولد ونشرها في كتاب صدرها بقوله: ( إلى شعب عربي كريم ) واعترض علي عبد اللطيف (نباوي من كادقلي قبيلة ليما وأمه من الدينكا خلافا لما يعتقده كثيرون) على هذه العبارة وقال: بل يجب أن يكتب ( إلى شعب سوداني كريم ) وأشتد الاختلاف وعلى إثره انشقت الجمعية وأسس علي عبد اللطيف جمعية اللواء الأبيض وقد كتب سليمان كشة في الصحف: ( من هو علي عبد اللطيف وابن من هو وإلى أي قبيلة ينتسب) ؟؟؟ .

    في عام 1965 استطاع اتحاد عام جبال النوبة استطاع إسقاط الدقنية التي كانت مفروضة على قبائل النوبة حتى ذاك التاريخ ، في ظل حكومة جعفر نميري. سعى لإفراغ العاصمة أبناء الغرب والنوبة واستخدم أسلوب الكشات المأساوي في ربيع الثمانينات. ثم بدأت الأبادة لقبيلة النوبة من النصف الثاني لثمنينات القرن المنصرم حتى منتصف تسعينياته وقد ألمحنا لبعض تفاصيلها في مقال سابق .

    إن أهم سمات تعامل المركز مع العنصر النوبي هي العقلية الأمنية التي تحل محل العقلية السياسية ، فمظهر تعامل المركز معنا هو مظهر أمني والواجهات التي يقيمها لنا المركز هي واجهات أمنية والملفات التي تخصنا أما أمنية وإما المسؤول عنها رجل أمن هذا هو أكبر خطأ وقع فيه المركز تجاهنا عليه لن تنجح سياسات الانقاذ تجاه النوبة أبدا طالما لم يتخل عن هذه العقلية الأمنية بعقلية سياسية ، وسبب انزال هذه العقلية الأمنية هو الريبة تجاه هذا الجنس ، والريبة تسببت في شيئ آخر هو اعتماد المركز على قيادات هشة ريبة في القيادات القوية وهذا خطأ آخر ضاعف من فشل المؤتمر الوطني مع النوبة. وكلا الخطأين لا يخلوان من أمرين هما أن الانقاذ أما تجهل النوبة أو أن الإنقاذ جاءت بأيدلوجية تخاصم النوبة .

    من البديهي صعوبة خلق توائم مع المجموعات الأفريقية بالسودان وحكومة الإنقاذ لتقعُّد هذا النظام على فلسفة عروبية تامة في كل مناحيه وفي احتذائه لسلوك عراق صدام تجاه القوميات غير العربية كالأكراد رغم اسلاميتها ، فهناك تشابه بين واقعهم وواقع دارفور الآن وواقع جبال النوبة في تسعينات القرن المنصرم والذي نخشى تكراره، وإن كان في جبال النوبة وجود للمسيحية مما يشي بالتباين الديني بين بعض النوبة والشمال فإن دارفور أكبر مظهر فيها هو خلاوى القرآن .

    إن نظام الانقاذ ذو التوجه العروبي القافز على حقائق المنطق والتاريخ والجغرافيا المتجاوز للدور النوبي فيها ودوره المشكل لقبائل شمال السودان، والمتخاصم مع أهل العربية الأصلاء الذين كانوا خرجوا عليه في شرق السودان والذين يلونهم نقاءَ في الجزيرة وكردفان ودارفور يقع في تناقض كامل في جميع مساراته بهذه الكيفية ، لأن الأعراب الأكثر قربا للعروبة لا يساكنوهم جهة، فالتوصيف الدقيق أنهم جهويون أستعاروا العربية لبوسا تتزيأ به تلك الجهة وبمفهوم المخالفة يتعرى العرب الأصلاء عن عربيتهم لكونهم لم يوجدوا في تلك البقعة المباركة بإذن الله ؟؟؟ ، إنه مفهوم معقد لا يستقيم لكل ذي لب وفكر قويم .

    لذا ومهما تنطع النوبة وعَرِبوا لسانا وثقافة وفكرا فلن يعدوا في أفضل المستويات أن يكونوا في مصاف موالي الدولة الأموية ليس إلا طالما تتحكم في البلاد دولة تقفوا أثر الدولة الأموية وتتخذ من القبيلة ايدلوجية . هذا ما علمنا له التاريخ ، إنها محنة حقيقية يذيد من وقعها أننا لم نعبر إلى هذا البلد وأننا نعيش في كنف القرن الواحد وعشرين وتحزمنا حكما أدبيات القرن السادس الميلادي .لذا يصعب على النوبة التلاقي مع هذا الفكر . ولهذا حزم أهل الجنوب حالهم ليغادروا هذا البلد ويكونوا بلدا جديدا لادراكهم لهذه الحقيقة التي تجلت عندهم فهزمت عاطفة الوحدة الطفلة , فرغم مرارة هذا الخيار فهو أحكم لديهم من البقاء في دولة ينافق فكرها واقعها ، فهم يرون أنه بعد 2011 تسقط كل ميزات نيفاشا ويعودون كأول مرة تبعاً وفي هذا إهدار لأرواح ودماء آلافهم الذين قضوا في حربهم الطويلة ، ورغم تيقننا من أن الحركة الشعبية وأحزاب الشمال المعارضة كانت كفيلة بإسقاط المؤتمر الوطني إن توحدت ,لكن يبدوا أن الجنوبيين غير مستعدين لخوض مغامرة جديدة .

    يصعب على النوبة التلاقي مع فكر المؤتر الوطني إلا إذا تخلى عنه نتيجة للمدافعة ولكنها قد تكون من قبل التحرف السياسي ليس إلا ولكن قد ينتج من التحرف السياسي في جدار الانقاذ الفولاذي بعض ثقب كما حدث له في نيفاشا وهو في نفسه بعض خير أما القضايا الكلية للنوبة فلا سبيل إليها إلا بذهاب الانقاذ البتة ليس سوى ذلك .

                  

08-28-2010, 03:02 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    المشورة الشعبية ... وما أدراك ما المشورة

    بقلم/ الهادى قدال

    المشورة الشعبية إستحقاق دستورى تم تضمينه فى الدستور الإنتقالى وهو العمود الفقرى لبرتوكول جبال النوبة / جنوب كردفان بالإضافة إلى منطقة النيل الأزرق.

    لذا لا بد من ممارستها فى إطارها الزمانى والمكانى المحددين. ندرك أن المشورة الشعبية لا تلبى مطالب وتطلعات شعبى جبال النوبة والنيل الأزرق إطلاقاً. دعنا نتمعن فى العبارة أى المشورة الشعبية ، فهذه العبارة لا وجود لها لا فى مصطلحات القانون لا فى القاموس السياسى. العبارة حمالة أوجه ، يمكن أن لا تعنى أى شئ ، ويمكن أن تعنى جملة أشياء مختلفة. لاندرى لماذا هذه العبارة المبهمة بالذات. ألم يفتح الله عليهم بعيارة ذات معنى ومضمون محددين؟ أم هى فلسفة الزوغان ونقض العهود والإتفاقيات؟ العبارة أتت عن قصد ولم تات عفواً.

    هنالك نقطة أخرى فى هذا الشأن. إذا كانت إتفاقية السلام الشامل ستنتهى بإنجاز أخر بند من بنود الإتفاقية وهى إجراء إستفتاء شعب جنوب السودان فى خيارى الوحدة أو الإنفصال ، فأى إتفاقية سلام سيقيمها شعب جبال النوبة. أما إذا كانت حققت تطلعاتهم ومطالبهم أم لا؟ والبرتوكول يطالب شعب جبال النوبة باللجو إلى مجلس الولايات فى الخرطوم إذا ما أختلف النوبة مع الحكومة المركزية. والسؤال هنا – ماهى سلطة مجلس الولايات؟ إنه مجلس أكل عيش لا أكثر. ولله فى خلقه شؤن.

    إرث المؤتمر الوطنى أو الإسلام السياسى عامة هو نقض العهود والمواثيق والإتفاقيات. فها هم بالأمس رفضوا حكم لجنة الخبراء فى شأن منطقة أبياى ، واليوم يحالون الخروج على حكم هيئة التحكيم الدولية بعد أن قبلوه بلا أى تحفظ. المؤتمر الوطنى بعد أن تأكد بأن الجنوب ذاهب لا محال ، يحاول دفع الجنوبيين لإعلان إستقلالهم من البرلمان أى مجلس التحرير. وبعدها الشمال سوف لن يعترف بذلك الإستقلال. وستكون حجتهم هى أن إتفاقية السلام الشامل لم تنص على إعلان البرلمان بل نصت على إعلان شعب جنوب السودان لمصيره.

    الغرض والقصد من كل ذلك هو حفظ ماء الوجه للسيطرة على الجزء المتبقى من الوطن شمالاً وغرباً وشرقاً. وقد تقود الأحداث إلى المربع الأول أى الحرب بالرغم من قناعتى بأن المؤتمر الوطنى أضعف من أن يحارب ، لأن المناخ السودانى والإقليمى والدولى ضد هذا المؤتمر اللا وطنى. فقد فرطوا فى وحدة تراب البلاد من أجل قوانين سيئة السمعة.

    ما يسمونها بالشريعة الإسلامية هى أكبر وصمة عار على جبين السودان. كان ينبغى رميها فى مزبلة التاريخ. هذه الشريعة هى فى الحقيقة شريعة الإغتصاب ، شريعة العنصرية والتطهير العرقى ، شريعة السطو على المال العام ، شريعة سوق المواسير، أنها لشريعة الشيطان لابد لها أن تذهب لينبثق فجر الوحدة لنأتى بشريعة السلام والحرية والساواة ، شريعة دولة المواطنة وحكم القانون ، شريعة الدين لله والوطن للجميع. لنعيش شريعة أن تذهب المدينة إلى الريف لا أن ينزح الريف إلى أطراف المدينة.

    مـــا هــنت يا ســـــوداننا يومــــاً عـــلينا

    وأيضاً نرى فى شأن الوحدة أن بعد إلغاء قوانين الشريعة البطالة كما جاء على لسان جعفر نميرى . نرى فى شأن الوحدة الحل الناجع فى تسليم المشير الأقرع. تسليم البشير واجب وطنى لحماية وحدة التراب السودانى. مثلث عبدالرحيم حمدى هو مثلث البشير وهو مثلث المؤتمر الوطنى ، إن أتى من عبدالرحيم حمدى فذلك إن حمدى سليل الغزاء لا يعرف للوطن قيمة ، وهو لا يشبه السودان لا تراب السودان ولا أهله. والرجل لا يستحى فهكذا يكون أمثاله.

    المشورة الشعبية تعنى لدينا حق شعب جبال النوبة للإختيار بين حق تقرير المصير والكونفدرالية. دماء شعب النوبة وأرواحهم لم تزهق لما يسمونه تطلعات وحقوق فى برتوكول جبال النوبة الفارغ من المعنى المضمون. ونحن مع المشورة الشعبية بفهم واسع وجامع ، إلا هو المشورة الشعبية فى الخيار بين الإنفصال والكونفدرالية أو وحدة كافة الأراضى السودانية تحت رؤية السودان الجديد بالرغم أن هذا الخيار الأخير أصبح فى حكم المستحيل ما لم يتم تسليم المشير ، فليذهب المشير وشريعته إلى الجحيم .

    أما عن نداء جبال النوبة ، فى تقديرنا هو صوت العقل فى زمن المحنة. النداء بمثابة صرخة شهداء الجبال فى وجوهنا. حرب الواحد وعشرون عاماً لم تنجز المهمة على الشكل الأكمل. دماء كثيرة سالت وتضحيات غالية من الأرواح دفعت مهراً لحرية شعب جبال النوبة ، لكن أين هذه الحرية؟ أهى فى قانون المشورة الشعبية بالشكل المتداول؟ ألهذا دفعنا كل ذلك الثمن الغالى من الأرواح والدماء؟

    المهمة لم تنجز بالشكل الأكمل وعلينا إنجاز المهمة ، لننجزها بشكل حاسم وكامل ونهائى هذه المرة. فلتكن هذه المعانى هى محتوى النداء ، نداء جبال النوبة - وبناءً على هذا النداء علينا الأتى :-



    1) توحيد كيان النوبة وتنظيم الصفوف.

    2) جمع أكبر قدر ممكن من الدعم المالى بمبداء الإعتماد على الذات.

    3) تشجيع ومساعدة أخواننا وأخواتنا النازحين على العودة إلى قراهم فى الجبال.

    4) التوعية والتعبية السياسية والإجتماعية والعسكرية لكافة قواعد النوبة تحوطاً للإحتمال الأسواء.

    5) وضع كافة البدائل فى حالة عدم السماح بممارسة المشورة الشعبية أو عدم تلبية المشورة لمطالب شعبنا فى حق تقرير المصير أو الكونفدرالية.

    أهم الخطوات المهمة والضرورية لإنجاح المشورة الشعبية بمعناها الشامل والمحدد – هو أن يقوم الرئيس البشير بسحب وإبعاد السيد أحمد هارون والى ولاية جنوب كردفان / جبال النوبة قبل أجراء المشورة الشعبية. وذلك أحتراماً لشعب ولاية جنوب كردفان / جبال النوبة ومرعاة لمشاعر أهلنا فى إقليم دارفور عامة وأسر ضحايا الإبادة الجماعية والإغتصاب الجماعى وضحايا كافة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وهذا الإعتداء وقع على مواطنين سودانيين أعزاء وشركاء فى الوطن.

    دعنا نسأل سؤال – لماذا لم يعين الرئيس البشير السيد أحمد هارون والياً لولاية نهر النيل أو معتمداً لمحلية حوش ود بانقا مسقط رأس البشير؟! لماذا يرمون الزبالة فى جبال النوبة ، ولماذا يخفون الهاربين من العدالة الدولية فى جبال النوبة؟

    إذا لم يسحب البشير السيد أحمد هارون من ولاية جنوب كردفان / جبال النوبة ، فعلى سكان المنطقة القبض عليه وتسليمه للعدالة الدولية.

    أرى تحت الرماد وميض نار ** أخشى أن يكون لها ضرام
    أن النار بالعـودين تزكى ** والحرب أولها كــلام

    ولنا عودة.

    الهادى قدال
    [email protected]
    نأسسيبسيس
                  

09-09-2010, 06:53 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    up
                  

09-09-2010, 06:53 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    up
                  

09-19-2010, 11:43 AM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)
                  

09-21-2010, 06:46 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: محمد ادم الحسن)

    شكرا اخي محمد ادم علي هذا التقرير
    القيم المرجو افادتنا
    بكل
                  

09-22-2010, 07:04 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    نداء النُّوبة.. خيراً قُلتُم وأهلاً عُدْتُم!



    د. النور الوكيل الزبير





    خيراً قُلتم وأهلاً عُدتُّم؛ أَجلٌ هذه دعوةُ المنطقُ التي ظللنا نتوق إليها حينٌ من الدَهر لم يكن مذكوراً، وهذا نداءُ الواجبُ الذي يُهمُ كل حادبٍ على مصلحة جبال النوبة بكل ما تحمل هذه الكلمة من جملة معاني ومفاهيم وقيم، وهذه بوتقةُ التفاعل التي تندمج فيها عناصر التعقل والتدبر للخروج بمحصلة يكون نتاجها خلاصة التفاكر والتشاور والتفاهم، وهي مبدأ وأمرهم شورى بينهم.

    إن مظالم جبال النوبة لم تكن وليدة اليوم ولا الأمس، ولكنها غائرة في سنين التجاهل التأريخي والسياسي المرسوم لها بدقة ومنذ زمن بعيد. فمن يطّلع على تأريخ السودان يجد أن المنطقة، وبما تحوي من خيرٍ وفير، لم تكن يوماً قِبلةً للارتقاء، ولا هدفاً للنماء، إلا ما ندر. لم يكن يُنظر لرجال جبال النوبة إلا للشدًة وقوة المراس. أنظروا الأربعجي بُلك وخمسجي بُلك وقوامهما، أنظروا لقوام جيش المهدية وقادته، ولحملات القائد حمدان أبي عنجة الذي توغل في الجبال جلباً لأقوياء رجالهم لدعم قوات الإمام المهدي المتجهة صوب الخرطوم آنذاك لمنازلة حكامها. استرجعوا التاريخ واستخلصوا أهداف غزو ملوك سنار لجبال النوبة؛ أليس ذلك من أجل الذهب والرجال­!! أنظروا لعظمة الرجال، وحكمة الفحول منهم عندما تم أسر السلطان عجبنا، وأراد الحاكم في مصر آنذاك اقتياد البطل إليه تيمناً بالحصول من صلبه على نسل قوي كمثله، فقال قولته المشهورة: لستُ حصاناً وطلب الموت عزيزاً مكرماً في أرضه السودان، وفي مدينته الدلنج تحديداً فكان له ما أراد. كل هذه الأمثلة دلالة على فحولة الإنسان النوبي حتى أضحى مثلاً (ما قولتو نوبة).

    إن نظرة القوم للإنسان النوبي عادة ما تتم من زاوية الدونية والاستخفاف والعنصرية، ودونكم هذه الأمثلة:

    (1) عند قيام أي تحرك أو انقلاب عسكري من قِبل أبناء جبال النوبة في القوات المسلحة فسرعان ما يوصف هذا الانقلاب ب"الحركة العنصريَّة".

    (2) اضطَرّ أبناء جبال النوبة اضطراراً للالتحاق بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان عندما اشتدَّت عليهم وطأة التقتيل، والتنكيل، والتصفية الجسدية من الأنظمة الحاكمة، وبمعاونة عملائها داخل جبال النوبة، وذلك لحماية ما تبقى لهم من موروث، وَوُصفوا بالطابور الخامس وبالمتمردين من قِبل السلطات على خلاف ما نُعِتَ به أولئك النفر من الشماليين والذين شهِروا سلاح المقاومة في وجه الحكومة فماذا سمّوا­؟ لقد سُمّوا بالمعارضة الشمالية و"ليس بالمتمردين".

    (3) الأدهى من ذلك أن الدين قد لُوِّن وأُصطُبِغ بصبغة العنصرية، وها هم القوم ملاك السلطة والجاه يفرضون الجهاد ـ أجل الجهاد ـ على إنسان جبال النوبة المسلم، على مرأى ومسمع من العالم كله بمدينة الأُبيض دون غيرهم ممن رفعوا السلاح، فيا لها من مفارقة مدهشة حقاً.

    لم تقتصر المظالم في الجبال على الموارد الطبيعية فقط، بل تعدتها لتشمل مواردها البشرية كذلك. فمن يمعن النظر في الإستراتيجية التي أُتَبعت في التعليم، ليعلم يقيناً بأنها أُسست على مفهوم الطرد التلقائي للمعلم، حتى لا يكون العنصر الأساسي للعملية التعليمية التنافسية، التي بُنيَ عليها نظام القبول في السودان. خذ مثلا التعليم الجامعي، فكيف يستقيم عقلاً أن يتنافس من يفتقد لمعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء ورشفة الماء وعواء الإمعاء جوعاً وتيهة الظلماء مع مَن يملك كل مقومات النجاح بما فيها دِثار الدروس الخصوصية!!

    تعدد هذه المظالم التي أرخت بسدولها على واقع الحال قد أجبر الخُلص من أبناء الجبال على بلورة أفكارهم، وضرورة تنظيم صفوفهم لمواجهة الظلم، فشهِدنا قيام إتحاد عام جبال النوبة في منتصف الستينيَّات، وتأسيس تنظيم "الكومولو" في نهاية السبعينيَّات، والحزب القومي السوداني وغيرها من التنظيمات ذات الصلة بالعمل السياسي، وصولاً إلى الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان، والتي تتولى قيادة الهامش في هذه الظروف الصعبة.

    إن الأمثلة التي سِيقت في هذه العجالة لتذكَرنا بأن إنسان جبال النوبة لم يغفل دوره ولم يدَخر جهده للدفاع عن حقوقه، بل فهو واعيٌ لمتطلبات المرحلة، ومدركٌ لثقل المهمة، وعِظم الأمانة، التي أُنيط بها على مر الأيام. الهموم التي تؤرِّق بال أبناء الجبال ليست بالقليلة، والتفات كافة العوام حولها ضرورةٌ ملحَة تقتضيها المسئولية الجسيمة، التي من أجلها قدَمنا الغالي النفيس من النعم والأنعام. إن أردنا الوصول لغاية الأهداف فعلينا أن نُبقي الراية مرفوعةً لعنان السماء، وأن نَزُود عنها بترك نقائص الأهواء، والابتعاد عن مُنغِصات النفوس، وتسميم الأجواء بالحروف والكلم الجوفاء، التي تُغري علينا وعلى تشتيتنا الأعداء. أجلٌ لن يتسنَى لنا الارتقاء بنفوسنا إلى معالي الإخاء والرضاء، إلا بتجاوزنا عن الأطر الضيَقة من التفكير، وانفتاحنا على بعضنا برحابة الصدر وعميق التدبر وبقبول التذكير، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، ففي الإتحاد القوة والغلبة والرهبة، وعلى نقيضه المهانة والذلة.





    خيراً قُلتُم وأهلاً عُدتَم:



    إن المتتبَع لمسيرة جبال النوبة النضالية ليدرك أن النضال قد مر بمراحل تعقابية متباينة، تباين المتغيرات السياسية نفسها. فتارة أخذ النضال أدوار المواجهة والمطارحة والتطبيق العملي، مثل تأسيس التنظيمات العلنية؛ وتارة أخرى نحى النضال منحى السرية وتسييس أمورها في طي الكتمان؛ وكليهما أُوتي أُكلهما، ودونكم عددٌ من هؤلاء الرفاق الذين يقودون العملية السياسية والتنموية بكل فخر واعتزاز وفي كل المحافل.

    ما جعل تجربتنا السياسية والتنظيمية تراوح الفشل أمداً من الدهر ليخال إليَ أن مرده جملة من المسببات والمعوقات أذكر منها:

    (1) غياب المنهجية السياسية والفكرية لدى كثير من القادة، وغياب مبدأ التنبؤ المستقبلي والتهيؤ له. ففي العام 2002م، وحينما كنتُ بمدينة الرياض بالمملكة العربيَّة السعوديَّة جلستُ أتحاور مع الرفيق سعيد كومي ـ رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان فرعية الخليج ـ حينه كانت مفاوضات السلام تتأرجح يمنة ويسرة، نتلمس نوايا نفوس المتحاورين في توجس سعياً لإيجاد أرضية صادقة تنطق منها العملية التفاوضية قدماً. في ظل تلك الظروف جلستُ أناقش رئيس المكتب عن ضرورات المرحلة القادمة تحسباً لنجاح العملية السلمية واستباقها برؤية عملية لمواكبة متطلبات جبال النوبة، التي أرهقتها الحرب المستعرة فيها لأكثر من خمس عشرة سنة خلت، أُتلفت فيها الزرع والضرع ونُهِبت منها الموارد الطبيعية ما ظهر منها وما بطن، وأُزهقت الأرواح بصنوفها ما طال منها وما قصر، واشتدت على البريَة سطوة القساة حتى قالوا متى نصر الله تعالى، وهو الذي نهى عن إزهاق الروح لأنها من أمره تعالى، وشرع ما شرع حرمة قتل النفس البريئة، مسلمة كانت أم كافرة لأنها من صنعه.

    أجلٌ، جلستُ أحاور الرفيق على ضرورة تجهيز الكوادر وتعبئتهم ـ وما أكثرهم تناثراً في بقاع الأرض ـ بالتنسيق مع قيادة الحركة الشعبية، وبمساعدة الدول الصديقة أسوة بكوادر الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة والأشقاء بجنوب السودان، وضرورة تكوين لجنة مختصة توكل إليها تنفيذ هذه المهمة بالأسلوب العلمي. فلا يستقيم عقلاً أن ننهض بالمنطقة دون سابق رؤية ورويَة. إن كوادر الجبال بالداخل والخارج، ولاسيما أعضاء الحركة الشعبية، لم ينسوا يوماً دورهم الوطني وهم في خندق النضال، ولن يألون جهداً للبِ النداء.

    (2) غياب الإستراتيجية المتكاملة لدى السياسيين من أبناء جبال النوبة، وتغليب الرؤية الفردية على الجماعية، ثم إن مبدأ القبول بالنتاج العقلي والفكري مرفوض من البعض، بحجة اختلاف الرؤى والميول السياسية، وكذلك الاختلاف القبلي الذي لا يزال معشعشاً في النفوس، رغم وضوح المخاطر التي تحدَقُ بنا من كل حدبٍ وصوبٍ. هذا الغياب قد غيَب عننا الكثير من الحقائق وأفقدنا كماً مقدَراً من المكاسب، بل وأفقدنا المصداقية في كثير من المحافل، وما إرهاصات عملية سلام مشاكوس ببعيدة عن الأذهان، حيث لم يعرف أصدقاؤنا من الوسطاء ما نريد تحقيقه صراحةً، وذلك لضبابية الأفكار، وغياب الرؤية الموحدة، والقيادة الحكيمة، وعليها خرجنا بالمشورة الشعبية التي نغازلها الآن، ولا ندري كم من مهرٍ سننال به رضاها وسلواها.

    (3) أبناء جبال النوبة بالمهجر سلاحٌ على مر الدهر، وكاذباً من ظنَ أنَهم هانؤ البال، منعمو الأبدان، مفعمون راحةً وصحةً، وكما يقول المثل "المابعرفو يقول عدس". فإن كان الرفيقُ بالأدغال حاملاً سلاحه وضاغطاً على زناده، فإن إنسان المهجر لَتجده حاملاً قلمه، ضاغطاً على مداده، عاملاً فكره، مدافعاً عن آرائه وأفكاره، كاشفاً للمجتمعات والشعوب الأخرى ما لم يستطع زناد البندقية فعله. أنظروا إلى الروابط العالمية المنتشرة في بقاع العالم ومساهماتها، تتبعوا المداخلات الفكرية على صفحات الإنترنت، أنظروا أيضاً للاجتهادات الشخصية، والمبادرات الفردية، والمساهمات المالية والعينية هنا وهناك، أليست كلها عوامل دفعٍ لهذه المشاركة النضالية؟ إن طبيعة السلاحين المستخدمان لتكملان وجهي النضال، وهذه تدحض مقولةَ إنَ مَن حمل السلاح لأجدر وأولى بتسيير دفة الأُمور، وبِنَيل المكاسب والأُجور، والاستئثار بكامل كيكة الانتصار والحبور من ذلك الإنسان المهجري. وهذه الأنانيةُ من التفكير الخاطئ هي التي أدّت بكثير من الرفاق ببلاد المهجر للنأيَ بنفوسهم، وتفضيل متابعة ما يجري ويدور في أروقة ودهاليز السلطة بالجبال عن بعدٍ.

    (4) هناك عاملٌ آخرٌ لا يقل أهميةً وتأثيراً عن سلاح البندقية والقلم، وهو الدافع النفسي الذي يؤدِّي إلى انهيار الجند في ساحات المعارك، وتجفيف مداد الأقلام على صفحات الجرائد، فما بالكم بالإنسان؟ لم يتطرَّق أحدٌ للتأثير العكسي والارتدادي للدافع النفسي لدى المناضلين. فلربما أدى هذا التجاهل ـ قصداً أو تلقائيَّاً ـ بالآخرين إلى فقدان الثقة واليأس بنفوسهم، ومِن ثمَّ الانزواء أو الانسلاخ، والبحث عن بدائل لتعويض الآثار السالبة لذلك الفعل، وكثيراً ما فقدنا كوادراً مقتدراً ينتفعُ بها خصومنا دون كدٍ أو جهدٍ والأمثلة كثيرة، فتهميش الرفاق مرفوض أياً كانت دوافعه.

    (5) شطط القول وذلل الألسن دون وازع من ضمير أو تدقيق بصيرة قد أفسد الكثير من الود بين المناضلين، وعليهما أدعو الإخوة في كل ميادين الكفاح ضرورة ضبط الكلمة قُبيل إخراجها، فرب كلمةٍ شاردةٍ باستطاعتها أن تشرخ أركان الاحترام والثقة، وتهدم قواعد البناء والوحدة، وتثقل كاهل البقية من الرفاق بتبعة تركة هذه الكلمة.

    وأذكر هنا مثالاً حياً وحاضراً في شخص الرفيق الفريق عبد العزيز الحلو، فإن الرفيق الحلو قد واجه من لسعات الكلمات ووخزها ما تدمي لها القلوب، وهو القائد الذي أودع فيه الرفيق الراحل المقيم يوسف كوة مكنون أسراره، وكامل ثقته داخل ساحات المعارك وخارجها، وقائد بمقام الرجل وبهذا الحجم من الأهمية لجدير باحترام الجميع وعلى اختلاف الملل. ما زاد احترامي للرجل أنه وعندما اشتدت عليه المعاداة ووطأة اللسان من الخاص والعام من أبناء الجبال هجر القوم هجراً جميلاً، لا أذية فيه، حفاظاً لمقتضيات المصلحة، وأعرض عن أقوالهم التي تؤذيه، وجادلهم بالحسنى من القول، فلم يهملهم ولكنه أمهلهم، ولم يعاديهم، ولكنه عاودهم حتى انقشعت سحابة الباطل، وتجلَّت عظمة الحقيقة. إن الرجل ليستحق وقفة إجلال وهذه هي الحقيقة المجرَّدة، لم ينشّق بجنده شاهراً سلاحه ـ كما يفعل كثيرون ـ ولم يجاهر بخصومته معلناً انفصاله، بل انزوى بركنه بتريُّث وحلمٍ، لا سباب للقوم فيه، ولا عناد، وهذه هي مَزِيّة القائد النافذ البصيرة المُحِق للقيادة. إن ما يقوم به الرفيق الحلو بصبره وإقدامه من دفعٍ لمسيرة الجبال بذكاءٍ متَّقد وإرادةٍ جلدةٍ ـ قلّما تتوفر لدى غيره من الرفاق ـ لجدير بالفخر والاعتزاز، جعل منه أن يكون رجل المرحلة بامتياز، وواجبنا هو الوقوف بجانبه ومؤازرته لاجتياز هذه المرحلة العصيبة من مراحل النضال والكفاح.

    (6) من يؤمن بفرضية استسلام المؤتمر الوطني أو بنزوله لرغبة الإنسان وحقه الأبدي وبالتالي إجراء انتخابات حرة ونزيهة تتحقق معها معاني العدالة والديمقراطية فهو مخطل، فالمؤتمر الوطني كان ولا يزال خصماً في ميادين المعركة، وإنهم لم يتوانوا في استخدام كافة الأسلحة، وضروب المعرفة، والتكتيك للوصول لغاية الانتصار، ومحو العار، ورد الاعتبار لمن أسموهم بالشهداء على أشلاء الأبرياء، من الصبية كانوا أم من النساء. أُناس بهذه الإستراتيجية من الفهم لا محالة سيستخدمون كل فنونهم ومهاراتهم الفردية والجماعية لكسب ما عجزوا عن نيله في الميدان العسكري. إمكانيات المؤتمر الوطني وكفاءته على التأثير على مجريات الأحداث وتحويرها للصورة التي تروق له لا تغيب على المتتبِّع لها، وما تمخضت عنها الانتخابات من نتائج كانت متوقعة منذ زمن بعيد. إذ كيف يُعقل أن تُمنح منطقة كيلك بجنوب كردفان دائرة جغرافية كاملة ولا يتعدّى تعداد سكانها ال 3,000 نسمة في الوقت الذي تُعطى فيها مدينة كادوقلي حاضرة جنوب كردفان ذات ال36,000 نسمة دائرة واحدة فقط !!! الإجابة في غاية السهولة طبعاً، ذلك أن منطقة كيلك موالية للمؤتمر الوطني، وعلى هذا المنوال قس عليه منطقة الحمّادي والدبيبات وأُخريات كُثُر. فمَنْ كان منا لم يتوقع ما يعتمل في أذهان واضعي إستراتيجيات المؤتمر الوطني على عدم التفريط في جبال النوبة فهو واهم ولا يُحْسِن قراءة الأحداث. إن منطقة جبال النوبة لتتميّز بكونها واحدة من الفواصل الطبيعية بين جنوب السودان وشماله، وبذلك تكون منطقة عازلة عند نشوب أية مواجهة بين الشمال والجنوب لا قدّر الله، فضلاً عن ذلك وجود الموارد الطبيعية المتنوعة فيها لتجعلها منطقة استقطاب للقوى المتصارعة. أيضاً وجود القبائل العربية بتوجهاتها الإسلامية والمناصرة دوماً لمثلث الشمال قد شكَّل منها خط المواجهة لكل حكومات المركز ضد جنوب السودان، وأخيراً ضد أبناء جبال النوبة أنفسهم ناهيك عن حلم تكوين دولة قريش الكبرى.

    إن تقرير مصير جبال النوبة قد أُرْتُهِن بشفافيَّة المشورة الشعبية، وهي ببساطة عبارة عن غلبة أو أكثرية المُنتخَبين من كلا الجانبين المتنافسين. إن المؤتمر الوطني، ومن ورائه جُل الساسة الآخرين ـ وإن اختلفت خطوط أفكارهم، فإنها تتقاطع عند إستراتيجياتهم ـ ليعلمون بأهمية جبال النوبة، وعليها فقد سخَّروا جُل إمكانياتهم منذ العام 2005م لإفشال المشورة الشعبية، وبكل الطرق المشروعة منها وغير المشروعة. عدم مشروعية الطرق هذه والخوف من نتائجها هي التي قادتني في الاجتماع الحافل لمناصري الحركة الشعبية بدولة النرويج في العام 2006م بتوجيه السؤال المباشر للسيد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم وهو: ما هو مصير جبال النوبة إذا تلاعب المؤتمر الوطني بنتائج الانتخابات في جبال النوبة ولم تنجح المشورة الشعبية في منح إنسانها ما حارب ودفع الغالي والنفيس لأجلها؟ وها نحن موضع الامتحان الحقيقي الآن. كان رد باقان أموم: "إن قيادة الحركة الشعبية هي الموجودة على الأرض بجبال النوبة ـ بدليل وجود الأخ إسماعيل خميس جلاب والياً على جنوب كردفان ـ ونفس القيادة التي أتت بالوالي جلاب هي التي ستفرض المشورة الشعبية في جبال النوبة كذلك.

    (7) إن بيت القصيد ولب الصراع الذي لم يتم التحكم في أشرعة سفينتها بغية الوصول بها لمرفأ الأمان تجاهلاً أم تغافلاً من قِبل مَنْ تولُّوا زمام الأُمور في الجبال بُعَيد اتفاقيَّة سلام نيفاشا كان المشورة الشعبية، تلك المصيدة التي أوقعتنا فيها مجموعة الدول التي رعت عملية السلام وفي ذهنها الإبحار بها قُدُماً خشية غرقها برمتها. إن نجاح المشورة الشعبية لرهين بجملة معطيات جوهرية، وثوابت أساسية يحتل المواطن مركز الثقل في إحداثياتها ونتائجها من بَعَد، وبحسب ما تمليها عليه الممارسة الديمقراطية الشريفة. إن عملية النزوح القسرية والممنهجة لمواطني جبال النوبة من قبل أجهزة الحكومة وحلفائها وتوطينهم بمناطق أُخرى بحجج واهية تعتمد على سلامتهم لم تكن لصادقة البتة، وإلا لكانت السلطات الحكومية أرجعتهم إلى أماكنهم الأصلية بعد بزوغ شمس السلام. إن الحقيقة التي لا يساور الشك فيها أحدٌ هي أن النزوح هذا ما أُريد به إلا إحداث التغيير الديموغرافي للتركيبة السكانية في المنطقة بواسطة تفريغ المواطن منها حتى يتسنى لمهندسي السياسة في المؤتمر الوطني من استحداث الدوائر الانتخابية بالصورة التي تحقق لهم الغلبة في المشورة الشعبية. ظللنا بالمهجر ننادي بضرورة تفعيل العودة الطوعية للمواطن النوبي، وتسخير كل الإمكانات المتاحة له حتى يتيسر له مقوِّم العودة ويستهويه عنصر البقاء، إلا أن الناظر لمجريات الواقع ليجد عكس ذلك. لم تكن هنالك عودة طوعية مدروسة ومدعومة كما كنا نخال ونأمل مِنْ مَنْ تولُّوا زمام الأُمور بالجبال ولو كانت رؤية المصلحة القومية للجبال هي الطاغية حينها لدى العامة لما آلت الأُمور لهذا النفق السحيق من تأزم الأوضاع. لم نتحوط للمستقبل بإجراء المعالجات الفورية وإرساء المقومات اللازمة للبنية التحتية التي تشجِّع مهجِّري الجبال للعودة طواعية، والذين بدورهم ترتكز عليهم العملية الانتخابية، وحتى لا ندفن الرؤوس في الرمال علينا أن نسأل وبتجرد: ماذا أُوْجِدَت من أرضية ثقة لهذا المواطن ليُغْرَز فيه روح التعاون والمجاهدة؟ ما الروح التفاعلية التي تنشِّطه على التفاعل الفوري عند الحاجة؟ إن الأماني والشعارات والمفردات وحدها لا تَهُم، وعلى ولاة الأمور محاسبة أنفسهم أولاً إن أرادوا أن يكونوا محل ترحيب المواطن المغلوب على أمره، ونحن نلهث وراء العودة الطوعية، والزمن لا يسعِفُ أحدٌ.

    مما سبق استخلص هذه النقاط في هذه الخاتمة:

    (1) أدعو الإخوة الرفاق، وخاصة القادة الأعزاء، أن تكون هذه الدعوة بداية دعوات متلاحقة لتكوين مِثْل هذه اللجان وفي شتى المجالات، وألا تقتصر هذه الدعوة على إنجاح العملية الانتخابية فقط.

    (2) المنطقة في تحدٍ صعب وعلينا ضرورة التفكير اليوم، وليس غداً، في نتائج العملية الانتخابية، ماذا أعددنا لها إن فزنا فيها، وماذا علينا فعله إن لم يحالفنا التوفيق، وما الأسباب؟

    (3) ضرورة إيجاد آلية فاعلة لتثبيت كوادر أبناء جبال النوبة، والاستفادة من إمكانياتهم، والعمل على استرجاع من انسلخ منهم.

    (4) الاستفادة من الفاقد التعليمي، وإنشاء معاهد ذات صبغة مهنية وفنيّة لهم ولهذه المعاهد ستوفِّر، بلا شك، الكثير لهؤلاء وللمنطقة على المستويين الاقتصادي والتواجدي للعنصر البشري.

    (5) المشورة هي العدالة بعينها، وتثبيتها يكون عن طريق اختيار المؤهلين لها دون أية اعتبارات شخصية أو نفوذ.

    (6) إشراك المؤهلين ذوي الاختصاصات والكفاءات في عملية النهضة والبناء، ولا سيما أولئك المتواجدون داخل السودان إن أردنا حقاً المساهمة في صنع تاريخ جبال النوبة الحرَّة، إذ كيف تطالبون بحضورنا الشخصي، وتشتكون من قلة الكادر المدرَّب، وهناك نفرٌ كريم يقف على خط الاستعداد للمشاركة هناك؟!

    (7) بناء الإستراتيجية المتكاملة للعملية السياسية والنهضوية بجبال النوبة لتوجيه متطلبات المراحل القادمة، والاستعانة ببيوت الخبرة في ذلك.

    (8) العودة الطوعية لمواطن جبال النوبة كانت ولا زالت صلب العملية الانتخابية، لكونها حجر الأساس الذي يترتّب عليه بناء البنيات الأساسية التي تهدّمت إبان الحرب والتهجير القسري.

    (9) لا خيرٌ فينا إن لم نقلها بصريح القول بأن عدم الشفافية في التصرف في الأموال العامة لا يقل خطورة عن الخيانة، ولكم قياس النتائج التي تترتب على فقدان المناصرين للقضية بعاملي القنوط واليأس الناتجين عن إهدار تلك الأموال.

    أخيراً أدعو كافة الإخوة عبر هذه المساحة ضرورة الإسراع في تلبية هذا النداء الهام في تاريخ نضال أبناء جبال النوبة، لأن الصراع على الموارد بشقيها الطبيعية والبشرية قادم لا محالة، وما لم تعالج المسائل بالحكمة والاستباقية من العمل الجاد، فإن النتائج ستكون وخيمة، وهذه تتطلب تكاتف الجهود، وتلاقح الأفكار، وإعمال العقل لتدارك ما أفسدتها مطامع النفوس.

    ألا هل بلّغتُ اللهم فاشهد.



                  

09-23-2010, 10:50 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    نحن ابدا لم نقف مكتوفي الايادي حتي
    يبعث بنا سماسرة السلطة علي ارض اجدادنا
    من هنا نحن لابد ان نحمي ارضنا
    من التهويد
                  

09-27-2010, 09:30 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    الظلام لاتنتهي
    لاتناموا وتندموا
                  

09-28-2010, 10:42 AM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    نحن ابدا لم نقف مكتوفي الايادي حتي
    يبعث بنا سماسرة السلطة علي ارض اجدادنا
    من هنا نحن لابد ان نحمي ارضنا
    من التهويد
                  

09-29-2010, 11:12 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملكية الأرض وإنفجار النزاع فى جبال النوبة (Re: ناصر الاحيمر)

    نحن ابدا لم نقف مكتوفي الايادي حتي
    يبعث بنا سماسرة السلطة علي ارض اجدادنا
    من هنا نحن لابد ان نحمي ارضنا
    من التهويد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de