ثريا التهامي: أمراة حطمت قيود الخوف وتتضامن مع نساء الهامش
ثريا التهامي القيادية بالحزب الشيوعي وعضو الاتحاد النسائي امراة فريدة، سخرت حياتها لخدمة قضايا شعبها،وتحملت ثريا الكثير من المتاعب و المضايقات من أجل ذلك. حتي توجت مسيرتها النضالية الطويلة والحافلة بالنجاحات بأن حجزت مكانها في سكرتارية الاتحاد النسائي لعدد من السنوات بجانب عضويتها في التجمع النسائي في فترة التسعينات، وفي نهارية دافئة في الاسبوع الاول من مارس الحالي والذي يصادف اليوم العالمي للمراة تلك الاحتفالية التاريخية،في هذه الاجواء البهية وبرفقة المراة الجسورة عوضية عباس كنا في طريقنا الي منزل ثريا التهامي تلك المراة التي تشكل رمزية لنضالات المراة السودانية وفي هذا الشهر ونعني مارس الذي نحتفل به سنويا وتحمل لنا ايامه بشريات الأمل والتغيير،توقيت زيارتنا الي التهامي في هذه الاجواء كان بهدف استرجاع الذكريات لايام مضتها ثريا بحلوها ومرها،وعندما صافحت التهامي وعرفتها بشخصي ومهمتي الخاصة وهي الاحتفال باليوم العالمي كان صوتها يخرج من بين اسنانها ثقيلا كأنه خارجاً من جوف بئراً عميقاً، وعندما ردت لي التحايا كان الفرح يكاد ان يقفز من عينها خلف نظارتها الطبية وهي جالسة علي الكرسي ساعتها تذكرت ابيات من شاعر الشعب محجوب شريفوهو يقول (وحيات امنا الخرطوم اشيل شيلي واموت واقف علي حيلي واقولك يا اعز الناس علي الوعد القديم جايين) رحبت بي ثريا كثيرا ثم صاحت باعلي صوتها لاسرتها بالمنزل لتقديم واجب الضيافة لشخصي،في البهو الواسع لمنزل ثريا وجدت مني جماع وفتحية معها وكان هناك (كيس) معباة بصحيفة الميدان،كلمات ثريا المشعة بالامل والحياة وقوة ارادتها تشعل فينا الامل ليوم بكرة، وبدأت التهامي فخورة بتضحيات المراءة السودانية التي قالت انها تصدت لمسوؤليات ضخمة في ظل استمرار الحرب وتدهور الاوضاع الاقتصادية ودفعت التهامي بثلاث رسائل كانت الاولي للنساء في معسكرات النزوح ومناطق الحرب في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق ثم صمت لبرهة ليست بالقليلة ثم أكملت حديثها، المليء بالاسي والتضامن الكامل مع قضايا النساء في مناطق النزاع،وقالت النساء هناك يعشن اوضاع محفوفة بالمخاطر ويخضن معركة الحياة والموت،الرسالة الثانية للنساء بائعات الشاي والاطعمة والعاملات في المهن الهامشية،فقد شددت ثريا علي ضرورة دعمهن بقوة لانهن تصدين لمهمة كبيرة في ظل ظروف قاسية،ودعت ثريا النساء لرص الصفوف وتوحيد كلمتهن من اجل انتزاع حقوقهن وطالبت التهامي بوقف الحرب واغاثة المتضررين،اما الرسالة الاخيرة فقد وجهتها التهامي الي المعلمات والمراة العاملة في كل مكان وتأسفت التهامي علي رحيل الاستاذة رقية في ذلك الحادث الذي سقطت ضحيته بامدرمان مؤخراً،وتحكي ثريا المحطات التاريخية التي مضاها الاتحاد النسائي لتوسيع فرص التعليم للمرأة في كل بقاع السودان وتوفير فرص العمل،وتوفير فرص التعليم المتساوية للمرأة والرجل ،فضلا عن المطالبة بتوفير المساواة في الأجور للمرأة والرجل،وحول المشاركة السياسية للمراة السودانية تشير ثريا الي الدور الذي لعبه الاتحاد النسائي في تحقيق الحقوق السياسية الكاملة للمرأة السودانية،وقالت ان الاتحاد النسائي كان له دور فاعل بالمشاركة في كل قضايا الوطن لاسيماعضوية الأحزاب السياسية والترشح للبرلمان والتصويت في الانتخابات العامة،وأضافت الاتحاد النسائي استطاع أن يحقق للمرأة السودانية مكاسب عديدة من بينها المساواة في فرص العمل مشيرة الي تجربة فاطمة احمد ابراهيم والدكتورة خالدة زاهر، لكن ثريا عادت وأكدت تراجع المكتسبات التي حققتها المراة السودانية وقالت التهامي ان المراة السودانية تعيش اوضاعا قاسيا لاسيما في مناطق النزاع ومعسكرات النزوح فضلا عن العاصمة والمدن الاخري التي تواجه فيها الشرائح الضعيفة من النساء العاملات في مهن بيع الشاي والاطعمة اللاتي يواجهن قمع وقهر يومي، وتحسرت ثريا علي احتفالات النساء باليوم العالمي في السابق التي قالت انها كانت تشهد كرنفالات ومواكب وندوات وليالي سياسية واسواق خيرية ومعارض وقالت ان الاتحاد النسائي السوداني طوال تاريخه المجيد كانت مدرسة رائدة انجب العديد من الكوادر المؤهلة والنشطة والفعالة في المجتمع السوداني والاقليمي والدولي، والتى قادت تنظيم الاتحاد النسائي ونضال المرأة السودانية بحكمة واقتدار نال احترام معظم المجتمع السوداني وبكافة فصائله وشرائحه، وكان لهذا النضال والجسارة الفضل في تحقيق العديد من المكاسب للمرأة السودانية،(من المحرر)زيارتنا الي ثريا التهامي خرجنا منها بدلالات مهمة ورسائل الي المراة السودانية التي تحاول السلطات الباطشة والقوة الظلامية بقائها في المنزل وجعلها امرأة عاجزة لكن تلك التجربة الناجحة التي مضتها ثريا مع رفيقاتها تحرض النساء الي بناء الشخصية القوية، التي تكسر قيود الخوف، لتنهض من جديد وبشكل أقوى ومصارعة الواقع بصلابة وصبرحتي الوصول الي محطة الانتصار.وحينها نغني مع ابوعركي البخيت برائعة الشاعر هاشم صديق (أمونة) ((كل البنات أمونه ياخرطوم معاي ساعة أفتح الدكان معاي ساعة الدرب بالليل معاي في البص علي أم درمان وفي الكوبري الكبيرفي الليل أعاين في البحرمهموم ألاقي وجيها شاقي النيل وفي ساعة التعب والخوف وكت ساعة الدرس ياخوي يطير قلمي ويزغرد سنـّو في الكراس))
عوضية عباس:الكشات التي تتعرضن لها بائعات الشاي والطعام مهينة
وفي السوق الشعبي بالخرطوم قالبلت امين مال الاتحاد والامين العام لجمعية بائعات الشاي والاطعمة عوضية عباس في حديثها للايام انهن بصدد تنظيم احتفالية واسعة بسجن النساء اليوم واوضحت ان الدلالات والهدف من اقامة الاحتفالية بالسجن لغرس البهجة والفرحةوسط المحبوسات ومشاركتهن القيمة الاساسية لهذا اليوم العالمي وكشفت عباس عن معاناة وصفتها بالكبيرة للنساء العاملات في المهن الهامشية جراء الكشات والغرامات واضافت بعض النساء تمت ازالت مواقع عملهن واخريات يواجهن مشقة كبيرة في الحصول علي وسائل كسب العيش ودعت لوقفة واسعة لتصحيح الاوضاع وقالت ان النساء العاملات بالسوق تلزمهن السلطات المختصة بسداد مبلغ مالي نظير بطاقة جنائية فضلا عن الرسوم والضرائب ووصفت الكشات بالمهينة،وقالت عوضية ان المرأة تستطيع الوصول الى النجاح مثلها مثل الرجل تماما و يكون لها تأثير كبير على أسرتها وعائلتها والمجتمع ككل.
مني جماع:مافي طريقة لاصلاح الاوضاع غير كنس النظام
من جهتها قالت عضو الاتحاد النسائ مني جماع احمد عثمان ان الاوضاع الاقتصادية احرقت الشرائح الضعيفة لاسيما النساء واوضحت ان مرتبات العامليين والموظفين الشهرية لاتكفي لمدة اسبوع واحد وتابعت(الاسعار خرافية) ودعت جماع النساء بالعالم للتضامن مع المراة السودانية خاصة في مناطق النزاع التي تعيش اوضاع متدهورة في ظل مسوؤليات كبيرة واردفت(الناس ماقادرة تاكل وتشرب ناهيك عن العلاج والتعليم) وقالت مني ان ربع الذرة المستخدم في الكسرة يبلغ (70) جنيها ومبلغ (175) لانبوبة الغاز وختمت مني حديثها بقولها (مافي سكة لاصلاح هذه الصورة المقلوبة سوي الانتفاضة وكنس النظام)
فاطمة علي:المراة مظلومة
في الاثناء قالت فاطمة علي كرديش عضو جمعية النساء بائعات الشاي والاطعمة بالسوق الشعبي الخرطوم في حديثها مع الايام التي ذهبت اليهن في اماكن عملهن لاستطلاعهن عن المناسبة العالمية والتحديات التي تواجههن قالت انها مضي علي عملها سبع سنوات لتوفير معيشة (11) من اشقائها وشقيقاتها عقب رحيل والدها ووالدتها،واشتكي فاطمة من الجبايات والكشات وقالت انهن كنساء لا يذقن طعما لليوم العالمي للمراة وتابعت(المراة مظلومة وبعضهن يعيشن في ظروف حرب واوضاع اقتصادية منهارة) بيما قالت صفاء احمد النور تعمل ايضاء بالسوق الشعبي وهي عضو بالجمعية ان العائد من الشغل لايغطي تكاليف المعيشة المرهقة مقارنة بارتفاع الاسعار وعكست صفاء وهي مطلقة ولديها ثلاث اطفال اثنين منهم يدرسون بالجامعة والاخير بمرحلة الاساس معاناة المراة العاملة في المهن الهامشية ،
بسمات ادم:المنصرفات كثيرة والعائد ضعيف
وفي السياق ذاته قالت الامين المالي للجمعية بسمات ادم جبورة ارملة تعول اسرتها المكونة من اربعة اطفال الي جانب والدها كبير السن قالت ان الاوضاع الاقتصادية اثرت علي مستوي الدخل واضافت الدخل بسيط والمنصرفات كثيرة ودعت النساء للتفاكر من خلال الاحتفالية العالمية بشكل خلاق لجهة انشاء صندوق لرعاية كبار السن والذين ليس لديهم اولاد الي جانب النساء الفقيرات،واشتكت بسمات من ضعف العائد المادي،وطالبت المنظمات الانسانية بدعم النساء العاملات.
عزاز محمد:الاسعار نار
وفي مقابلة بسيطة وبعد أكرمتني بفنجان قهوة مظبوطة وبحضور عوضية عباس أشارت عزاز محمد وهي أرملة تعمل بالسوق الشعبي في مهنة بيع الشاي منذ (21) سنة أشارت الي انعكاسات ارتفاع الاسعار بالسوق علي مستوي الدخل وقالت عزاز وهي تعول اسرة مكونة من اولادها الي جانب والدها كبير السن وتابعت(نحن نسكن بالايجار والاسعار نار والحاجات ما بتتهبش)
التومة عبد الرحيم:الكشات ارهقتنا
واختتمت التومة عبد الرحيم افادات النساء بقولها الكشات ارهقتنا واوضحت التومة وهي ارملة ايضا تعول خمسة من اسرتها انها كانت تدير مطعم لكنها اغلقته بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب واعرب التومة عن املها في استئناف عمل المطعم مرة اخري حال تحصلها علي رأس المال الكافي.
خاتمة:
المراة السودانية حجزت مكانة مرموقة بفضل تضحياتها ونضالاتها،والتجارب المشرقة للمسوؤليات الكبيرة التي تصدت لها النساء تستحق التشجيع خاصة كما قلنا في مناطق النزاع والحرب بكل من دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان حيث تحملت المراة مرارات الحرب ونتائجها الاليمة (يوما بعد يوم) قتل وتشريد وترويع ونزوح فضلا عن الدمار والخراب الذي طال كل شي،وسط هذه الماسي أطلت المراة،وهي(تسد الفرقة وملاءات الفراغ) بعد مقتل الزوج اوهجرته اورحيله،وسط هذا الواقع الاليم وجدت معظم النساء أنفسهن وجها لوجه امام واقع جديد يتطلب منهن البحث عن الامان وإدارة الحياة وتأمين متطلبات الحياة اليومية لهن ولأطفالهن في ظل سنوات من التهميش وضياع الحقوق.وتشير معظم المؤشرات الى أن هذه ظاهرة بيع الشاي والاطعمة بدأت بشكل واضح بعد الحروب التي نشبت في أماكن متفرقة من البلاد الأمر الذي أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان إلى العاصمة من الأقاليم، ومعظمهم يفتقرون إلى الخبرات المهنية التي تعينهم على تدبير تكاليف الحياة، مما أدى إلى ظهور عدد من (المهن الهامشية)ومن هذه المهن الحديثة كانت مهنة بيع الشاي إضافة للعامل الاقتصادي والمعيشي القوي، وارتفاع الأسعار، وازدياد حدة هذه الاسباب جعلت الكثير من النساء يتجهن لإعالة أسرهن عن طريق بيع الشاي والاطعمة ساهم هذا كثيراً في تغيير نظرة المجتمع السوداني لست الشاي حيث أصبح هناك نساء يعملن في بيع المشروبات الساخنة في الطرقات ويقمن بالإنفاق على أسر كبيرة لدرجة أن بعضهن قد استطعن الإنفاق على أبنائهن من عائد عملهن حتى اكملوا تعليمهم في كليات الطب والهندسة وهي من المجالات التي تحظى بالإحترام في الثقافة السودانية. وقبل فترة قليلة مضت دفع عدد من الناشطيين في مبادرة شارع الحوادث بالخرطوم ببائعة الشاي ام قسمة لقص شريط افتتاح احدي العنابر الطبية احتفاءا ببائعة الشاي وبنضالاتها وجسارتها تمثل رمزاً للنضال والصمود و الإستقامة.ويقول الشاعر محجوب شريف في رائعته: صباح الخير..مساء النور.. يا ست البيت..وست المكتب.. الفاتح على الجمهور.. يا أم مرتب بالتعب ممهور.. وتقومي دغشا بدرى.. رتبتي القميص والطرحه.. أحب القرقريبه.. والهبابه والعرق البنقط داك
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة