بمناسبة الذكري الثانية للإستقلال أصدر الحزب الشيوعي بجنوب السودان بياناً شرح فيه مظاهر الأزمة بالجنوب واعتبر أن المخرج منها يتمثل في تكوين حكومة خلاص وطني تشترك فيها كل القوي السياسية وفق برنامج متفق عليه . أدناه نص البيان :
تحل الذكرى الثانية لاستقلال جنوب السودان وقضايا ما بعد الاستقلال مازالت باقية تراوح مكانها وتنتظر الحل فالعام الذى إنقضى لم يحمل ـ كسابقه ـ أى خير أو بشرى لشعب جنوب السودان. فتطلعاته فى إزالة الفقر والقضاءعلى المجاعة والبطالة والأمية والأوبئة وتوفير الأمن والخدمات للمواطنين مازال يتم تناولها فى حدود تصريحات وخطب المسئولين دون ان تنزل لأرض الواقع .
* الحكومة تفتقر لثقافة الأداء البرامجى الجاد وتعمل فقط بسياسة رزق اليوم باليوم . فقد ابتدعت من قبل برنامج الــــــ 200 يوم دون ان تقوم بأية تعبئة رسمية وشعبية لتنفيذها ولم تعكس نتائجه للشعب نجاحاً او اخفاقاً . كما لم يشعر الشعب بأى جديد على ارض الواقع او تغيراً فى حياته .
ثم طرحت برنامج الــــ 100 يوم ولم تختلف التجربة عن سابقتها ولم نسمع بعد ذلك عن اى برنامج طويل أو قصير الامد .
* فقضية الزراعة بوصفها المنقذ الحقيقى لأكثر من 90% من أبناء شعبنا فى الريف تتعامل معها الحكومة بلا مبالاة وبلاجدية . فقد رفعت الحكومة يدها تماماً عن تحمل مسئوليتها ودورها الرائد فى المشاركة الفعلية فى عملية الانتاج وتأمين الغذاء للمواطنين وتركت الأمر برمته لصغار المزارعين ليواجهونها بأدواتهم البدائية ، وفى مساحات ضيقة ومحدودة مهما إتسعت، الأمر الذى لن يحدث أى تغيير حقيقى ومحسوس فى حياتهم المعيشية . واكتفت الحكومة بما اسمته تشجيع المواطنين للانخراط فى الزراعة دون أن توفر مقومات هذا الانخراط وواصلت المجاعة فى تهديد حياة المواطنين .
* سياسة التقشف التى اعلنتها الحكومة بسبب وقف ضخ النفط ومراوغة حكومة الخرطوم فى تنفيذ الاتفاقيات المتفق عليها ، تضرر منها فقط المواطن العادى. فالخدمات على قلتها توقفت تماماً. انهار التعليم العام. والجامعات اصبح لا وجود فعلى لها. ولا وجود للكهرباء، اما مياه الشرب النقية ، وبسبب ضغوط شركات المياه فالحكومة لم تتخذ اية خطوات جريئة لتوفيرها للمواطنين. المستشفيات عاجزة عن تقديم اى شئ لمرضاها. وبسبب تبنى سياسة اقتصاد السوق والتحرير الاقتصادى ارتفعت الاسعار بشكل جنونى وخلقت متاعب حقيقية لاصحاب الدخول المحدودة ، وهم بالاضافة للمعدمين يمثلون القطاع الاكبر فى المجتمع. أما الصرف على الجهاز التنفيذى فمازال جارياً كما كان سابقاً .
* الفساد إتسعت دائرته حتى شمل كل الكادر القيادى فى الحكومة تقريباً . وأصبح فساداً ممنهجاً ، قضى على الأخضر واليابس . فمصالح حيوية كثيرة للمواطنين تعطلت بسبب ان الاموال تمشى فى غير وجهتها الحقيقية . والاجراءات التى تعلن من وقت لأخر وعلى قلتها لمحاسبة المفسدين أكدت الايام عدم جدواها وعدم جديتها . فهى لا تعدو ان تكون ذراً للرماد فى العيون ومحاولات لإمتصاص سخط الجماهير . فقد أصبح كل مفسد فى جنوب السودان واثقاً من أنه لن يصيبه شئ فى نهاية المطاف وسيخرج من دائرة المحاسبة كالشعرة من العجين . ولم يعد هنالك من يضرب المثل للأخرين .
* الوضع الأمنى أصبح يشكل خطراً كبيراً على المواطنين فى كل انحاء الجمهورية . وحتى داخل المدن فالحياة أصبحت لاتطاق ووزارة الداخلية اصبحت عاجزة تماماً عن حماية ارواح وممتلكات المواطنين ، بل ان تهديد أمن المواطن أصبح ينطلق من داخلها .
* تجاوزات وانتهاكات عديدة لحقت بحقوق المواطن الجنوبى المنصوص عنها فى الدستور الانتقالى . فقد جرى قمع المتظاهرين فى ولاية بحرالغزال بشكل مفرط . والتعريض بالصحفيين وصل درجة الاغتيال بدم بارد. إصدار قانون اقصائى للأحزاب السياسية يحول جنوب السودان الى دولة للحزب الواحد . وإعفاء حاكم البحيرات وتكليف اخر يحل مكانه دون التحضير لانتخابات جديدة لاختيار الحاكم الجديد بحسب الدستور الانتقالى .
هذه هى الحصيلة الحقيقية والملموسة للحكومة خلال العامين الماضيين ومازاد الطين بلة دخول قيادات الحركة الشعبية فى صراع محموم من أجل السلطة . وقد كثر الحديث عن انتخابات 2015م أكثر من الحديث عن المشاكل الحيوية التى يعاني منها السكان في جنوب السودان.
اذا إستثنينا سنوات ماقبل الاستقلال ، فقد فشلت الحركة الشعبية في العامين الماضيين في إدارة شؤون البلاد وفي خدمة مصالح شعبها. ولم يكن مستغرباً أن صنف جنوب السودان مؤخراً كرابع أفشل دولة في العالم. ولا نعتقد أن الحركة الشعبية يمكن ان تخرج من ازمتها الراهنة دون اللجوء لحكومة خلاص وطنى تشارك فيها كل القوى السياسية وببرنامج يتم التوافق عليه . ولن يجدي نفعاً تكرار الحديث عن ان الحركة الشعبية قد وصلت للسلطة بإرادة شعبية فهي لم تفعل لهذا الشعب شيئاً .
وعاش جنوب السودان حراً مستقلاً . بيان قديم لقراءة مستقبلية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة