|
Re: بي حجرين ... (رواية) (Re: هشام آدم)
|
_____________________
تتذكر إيمان تلك الجلسة الحوارية التي كانت سرّ انبهارها الأول بإيهاب عندما سألته بمكر أنثوي عن عدد الفتيات اللواتي عرفهن من قبلها، فأخبرها بصراحته المعهودة أنهن لم يتجاوزن ثلاث فتيات فقط. بينما أول ما تبادر إلى ذهنها أن يكون زيراً للنساء. كان يحكي لها عن علاقاته الغرامية الثلاث وكأنه يحكيها على لسان أشخاص يعرفهم. وأسلوبه السردي الشيّق هو ما جعل إيمان تتغاضى عن التفاصيل الدقيقة التي كانت تأتي في السياق. "أكتر واحدة كنت بتحبها منو في التلاتة ديل؟" – قالتها بصوتٍ تعلوه الغيرة – إلاّ أنه لم يحدد لها شيئاً. فكل قصة لها مذاقها الخاص. وكل تجربة لها حياتها الكامنة في خصوصيتها. "لو كانت علاقتي بالأولانية استمرت أكيد ما كنت ح أحب التانية" بهذا المنطق البسيط حسم لها حيرتها في كونه زيراً ينوي وضع اسمها في قائمة نسائه. تعلّمت منه إيمان كيف أن الحب حوجة وليست مجرّد رغبة أو تماثل شخصاني. كان عندما يبدأ إيهاب في حديثه عن مثلث العلاقات الإنسانية ومدى ارتباط هذه العلاقة بالجسد والروح والعقل، تدخل في دوّامة من الخجل والدهشة. لم يكن أحد ليحدثها مثل هذا الحديث. ورغم أنها كانت ترى أن كلامه كالسحر بالنسبة إليها، إلاّ أنها كانت ترفض دائماً الاستمرار فيه خشية أن تقتنع فتجد نفسها في مواجهة مع ما لم تكن قادرة على مواجهته. "واحدة منهن لمن بوستها لقيت إنها متعودة. ما دي المشكلة. المشكلة إنها كضبت عليّ وقالت لي إني أول زول في حياتها" أحسّت بنبرة الشرقي للمرة الأولى في كلامه، وهذا ما كان يشعرها بالارتياح على فترات متباعدة، لأنها كانت تخاف من كونه غريباً وغير مألوفاً. ولم تنتهي علاقتهما حتى اقتنعت إيمان الصاوي بضرورة إكمال دراستها
دخل الريّس الميناء بحفاوة اعتيادية، وتوجّه مباشرة إلى الغالبونة التي يضع تحتها صيّادو الوزارة أمتعتهم، وحبالهم، وحقائبهم. نظر حوله، وجلس. بينما راح يجهّز شبكته بسرعة وحرفيّة. البحر يعلّم هؤلاء الصيّادين الصبر، ويربطهم بحبال أسمك من الحبال التي يستخدمونها في ربط مراكبهم، وكأنهم عائلة واحدة. الوجوه السمراء التي تكتسي بلمعان جميل تحت أشعة الشمس المنعكسة على البحر متشابهة من الوهلة الأولى، وخلف كل وجه قصة ذات طابع إنساني خاص جداً. لن تستطيع أن تفرّق – وأنت على رصيف الميناء – بين عمّال الميناء وبين الصيّادين إلاّ من خلال الغالبونات التي يجلسون تحتها، فلكل فئة غالبونة مرقّمة خاصة بهم. وعلى الطرف النائي من الرصيف غرفة خشبية مبنية على الطراز الإنجليزي القديم بسقوف التوتياء المموج، والنوافذ الناتئة وفي الواجهة الأمامية أعلى باب الغرفة صولجان هيرمس حديدي متآكل بفعل الرطوبة، في هذه الغرفة يتم إسعاف المصابين من عمّال الميناء وجبر كسورهم ومعالجة الحالات الطارئة والبسيطة كضربات الشمس أو الغيبوبة أو دوار البحر للعمّال والبحّارة الجدد. كل شيء في الميناء أزرق، وما بين زرّقة البحر وزرقة السماء وجوه سمراء متعرّقة تحمل في تجاعيدها غضباً صامتاً، وحلماً يرفرف كلّما نظر أحدهم إلى المدى البعيد، إلى حيث يلتقي الأزرقان. وكأن الأحلام الجميلة تخرج من بين ثنايا ذلك الخط الداكن. "ليس هناك حلم، هنالك واقع مؤجّل فقط" هذا ما كان يقوله العم صابر مراقب العمّال في الميناء، أو "الكومندة" كما كان يطلق عليه عمّال الميناء. العم صابر "الكومندة" أعطاه الله بسطة في الجسم، ونبرة صوت لا تزعج حتى عندما يصرخ. رجل يحمل حكمة السنوات الستين في شعره الأشيب، ويواري وسامته خلف تجاعيد وجهه المتعب. ربما ظلّ يعمل في الميناء إلى هذا العمر لأنّ خبرته لا تعوّض، كما أن جميع عمّال الميناء وحتى الصيادين كانوا يحبونه ويحترمونه، ويعتبرونه أباً لهم.
أكثرهم إهمالاً ولامبالاة، الشفيع الطاهر طبيب الميناء، رغم براعته في عمله، إلاّ أنه كان مزاجياً لدرجة تجعله يبدو غريب الأطوار. كان يرى أن مكوثه في الميناء طوال الوقت ضرب من الجنون، فلم تكن لوجوده حاجة ملحة، فأغلب الحالات يمكن لمساعده سرور أن يقوم بمعالجتها. لا سيما وأن الحالات كلها متشابهة ومتكررة. لذا فلم يُعهد عنه أنه بقي في عيادته الخشبية لأكثر من ثلاث ساعات يومياً. كان يوكِل مهام التطبيب لسرور الذي اكتسب خبرة جعلته يرتدي بالطو الأطباء في غياب الشفيع الطاهر. "الشغل دي نباهة وخبرة، ما أكتر من كده" هذا ما كان يقوله سرور عندما يسأله أحدهم عن سر إتقان مهنة التطبيب رغم أنه لم يكن حاصلاً على شهادة في المجال.
.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-26-06, 10:45 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-26-06, 11:16 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-26-06, 11:46 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-26-06, 12:30 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-26-06, 01:34 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | ابو جهينة | 11-27-06, 02:16 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 05:04 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 06:47 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 06:52 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 07:36 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 09:28 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-27-06, 10:31 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 11-27-06, 08:43 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-28-06, 03:15 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-28-06, 04:34 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-28-06, 06:11 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-28-06, 06:30 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | Mohammed Elhaj | 11-28-06, 10:45 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-28-06, 12:25 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | Mohammed Elhaj | 11-28-06, 03:39 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-29-06, 03:48 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-29-06, 07:16 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-29-06, 07:20 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-29-06, 09:18 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | أحمد النور منزول | 11-29-06, 10:15 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | منى أحمد | 11-29-06, 03:37 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 03:24 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 02:39 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 04:12 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 05:32 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 07:10 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 07:55 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 07:58 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 08:02 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 11-30-06, 08:09 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 11-30-06, 05:52 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-01-06, 02:03 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | أحمد النور منزول | 12-02-06, 10:34 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-04-06, 06:19 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-04-06, 06:32 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-04-06, 06:34 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-04-06, 06:37 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-04-06, 06:42 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | أحمد النور منزول | 12-04-06, 09:43 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | Safa Fagiri | 12-04-06, 12:29 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-05-06, 04:36 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-05-06, 04:32 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | ايوب عبدالرحيم | 12-05-06, 04:51 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-05-06, 11:20 AM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-25-06, 09:22 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-26-06, 05:56 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-26-06, 07:05 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-27-06, 07:19 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | أحمد النور منزول | 12-28-06, 03:25 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-29-06, 01:57 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-29-06, 02:16 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-29-06, 02:22 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 12-29-06, 02:24 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-23-07, 03:32 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-23-07, 05:13 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-23-07, 06:04 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-24-07, 03:29 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-24-07, 07:40 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | هشام آدم | 01-24-07, 08:16 PM |
Re: بي حجرين ... (رواية) | أحمد النور منزول | 01-30-07, 02:01 PM |
|
|
|