يديك لى طول العمر وفى الدنيا يوم ما يالمك 0000000 امى الله يسلمك

Quote: يحكى عن والدتي أنها كانت ذكية جدا و متفوقة في المدرسة... كانت الكوة مدينة يهتم سكانها بالتعليم بشكل كبير... و ذلك لأن معظم كبارها كانوا مصادفة من المتعلمين...فجدي تخرج من كلية غردون... تفوقت أمي على بنات دفعتها و اشتهرت بذلك بينهن... مرض جدي قبل لسنوات قبل وفاته بمستشفى الدويم... من المفارقات أن خالي محمد و الذي كان متمردا تلك الحياة في كل تفاصيلها.. كان هو من أصر أن تخرج أمي من المدرسة المتوسطة لتتزوج من أبي... تزامل خالي محمد و أبي في المدرسة الوسطى و الثانوي بأم درمان... لم اصراره مستغربا أو مدانا...فلقد كان السائد في ذلك الوقت ان المرأة للزواج... و من فاتهن قطار الزواج بالكوة فقط هن من أكملن تعليمهن و تخرجن ليصبحن مدرسات.. فأصبحت مهنة التدريس هي المهنة السائدة بين نساء الكوة... حتى اللائي تزوجن و تأخرن في الانجاب أكملن تعليمهن ثم اشتغلوا بالتدريس... تزوجت أمي من أبي بعد أن تم اخراجها من المدرسة الوسطى... ما زالت أمي تتحدث عن ذلك بحسرة...فهي تعتقد أنها كان سيكون لها شأن كبير اذا واصلت تعليمها... و لكن الزواج لم يقتل طموحها و لم يخبو ذكائها... عندما وعيت الى الدنيا وجدت أمي تحرص على قراءة الصحف و المجلات التي حرص أبي على أحضارها لها و لنا... كانت تحرص على قراءة روز اليوسف و آخر ساعة و تناقش المواضيع المطروحة بهما.. كنت أحسد أمي على هدوءها الشديد... فقليل جدا ما رأيتها ثائرة أو منفعلة... جابت مع ابي كل أنحاء السودان بحكم عملة في وزارة الصناعة... و في كل مكان كانت هي هي أمي...بهدوءها و رزانتها و اهتمامها بشؤونها و شؤون بيتها... لم أسمعها تتكلم عن جارة لها أو أي أحد... حتى ان خالتي فاطمة رحمها ابنة خالة أمي كانت كثيرا ما تردد... علوية دي مره مسكينة خلاص... كانت أمي و ما زالت لا تتحدث حتى تسألها... و لأن أبي كان موظف حكومة و في ايام عز موظف الحكومة... فلم يبخل على أمي بمن يساعدها في البيت...في النظافة و الغسيل و الكوي... فلم تكن تقوم بتلك الأعمال أبدا... و لكنها كانت تهتم بالمطبخ وحدها و هي تحسن الطبخ حالها حال كل نساء ذلك الوقت... كنت و ما زلت أحب طبيخ أمي...و لم آكل طعاما يضاهي طعام أمي في لذته... كانت كل ما تطبخة يكون لذيذا...حتى أنها كانت تعد لنا الكاسترد لنتناوله بعد كل وجبة غداء... ما زال طعم الكاسترد اللذيذ المتنوع في فمي... مرة تعده بالحليب فقط و مرة بالقمردين و مرة بالكركدي... كنت أقف الى جانبها و هي تعده فتعلمت منها طريقة اعداده و أصبحت أجيدها... لم أكن اقف الى جانبها لكي أتعلم منها طريقة الاعداد... بل لكي أظفر بالحلة...كنت أحب ما تبقى من كاسترد بالحلة... اصابتي بالرمد الربيعي في بواكيري جعلني أحظى باهتمام كبير من أمي في طفولتي... فكنت ملتصقا بها جدا رغم شخصيتي المستقلة منذ طفولتي... كانت تصفني بأنني أجمل اخوتي شكلا... تلك المحبة و الاهتمام الذي أحاطتنا به أمي يجعلني كثيرا ما أفكر... كيف أرد لها الجميل... فهي كلما تتصل بي طالبة مبلغا من المال...ثم تقول لي معليش أثقلت عليك.. أمرأة من ذهب...