|
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير (Re: HAIDER ALZAIN)
|
(3)
لم أستغرب لزعم أبي الفوارس أنني أكتبُ بأقلام المتضررين من كتاب عمه لا بقلمي. وكنت قد تساءلت بعد أن فرغت من كتاب أبي سن بجزأيه: لماذا أطلق عليه اسم "المجذوب والذكريات"؟ فالأقوم والأسلم والأكثر تعبيراً عن دوافع الكتاب وواقعه أن يكون العنوان "المنصور والذكريات". إذ إن من أبرز الغايات التي تغيّاها تصفية حسابات المؤلف القديمة مع الدكتور منصور خالد، الذي ترى اسمه يتقافز كالعفريت بين الأوراق، وقد أنعم عليه الكتاب بلقب "نخاس التخنث المياسي الدولي". لقد طمح أبو سن في دنياه أن يكون وكيلاً لوزارة الشباب في حكومة القاضي الإنقلابي بابكر عوض الله، عهدَ أنْ كان للمناصب رحيقها وبريقها، وتاقَ الى أن يرى نجمه يسطع بعد ذلك في بلاط السلطان المايوي. وحلم بأن يكون سفيراً في كبريات العواصم، وسعى حتى حفيت قدماه لأن يكون أميناً من أمناء الأمانات المتخصصة في تنظيم الاتحاد الاشتراكي على عهد النميري السالف التالف. وقد تحطمت كل أحلام أبي سن وطموحاته عند حجر المنصور الأسود. لا غرو إذن ان صار مقت المنصور وكراهيته ديناً اعتنقه الرجل وتبتل في محاريبه آناء الليل وأطراف النهار. وسنأتيك - أيها الأعز الأكرم - الى أمر الدكتور منصور خالد والراحل علي أبوسن، وستسمع منا حين نمحّص التاريخ تمحيصا، ونميط عن وجهه زبد الأساطير وعجين الخزعبلات التي حَشَا بها أبوسن الكبير كتابه، ثم نقود خطاك بعد ذلك الى المصادر والوثائق والشهود العدول. فانظرنا واصطبر، وما صبرك إلا بالله.
والحق أنني لم أرَ كتاب الراحل أبو سن بعيني رأسي، ولم أطّلع على سطرٍ واحد منه، إلا عندما تسلمته من دائرة البريد الشهر الماضي، ولكنني كنت مطلعاً قبلها من مصدر ثانوي على عبارة المجذوب في شأن البروفيسور مكي شبيكة. وعندما خطر لي أن أوظّف تلك العبارة في مقالي المشار اليه بعثتُ بها الى أستاذنا الدكتور النور حمد - المحاضر بجامعة قطر - الذي أكد لي سلامة العبارة وصحة نسبتها، وقام عني مشكوراً بمهمة توثيق ما أردت الاستشهاد به وفقاً للأصول العلمية لتدوين المصادر، حيث انه يحوز نسخةً من الكتاب. والنور، إن لم تكن تعلم، من الثقات.
وواضحٌ لمن قرأ استشهادي بتلك العبارة وتعقيبي عليها آنذاك انني لم أكن قد استوعبتها على وجهها الصحيح، بدليل انني كتبت بعدها مباشرة: (وأحسب أن صاحب "الشرافة والهجرة" لم يقصد بعبارته تلك التطفيف من أعمال المؤرخ الكبير مكي شبيكة بقدر ما أراد أن يعبِّر عن أسفه لواقع جهل السودانيين بالتاريخ). وكل من قرأ الكتاب بعد ذلك يعرف أنني أخطأتُ التفسير وأحسنت الظن في غير محل الإحسان، وان الأمر في حقيقته هو غير ما ظننت. فالمجذوب إنما قصد فعلاً التطفيف من قدر البروفيسور مكي شبيكة والحط من قدر عطائه العلمي. والعبارات التالية لتلك التي استشهدت بها، والتي أوردها أبوسن، كما قرأتها حين أتاني الكتاب، تحملُ قدحاً مقذعاً ومهيناً للعالم والمؤرخ الكبير، وتمسح الأرض بمقدراته الأكاديمية المختبرة وعطائه العلمي الباذخ، وتفتئت على الرجل، وتصفه بأنه لا يصلح لشيء غير "التشاشة" و"بيع اللوبيا والبصل"!
ثم إن نقل عبارات معينة من مصادر أولية أو ثانوية وإيرادها ضمن المواد الأكاديمية أو الصحافية، بغرض الاستدلال بمضموناتها، لا تعني بأي حال من الأحوال أن من أورد النص المستشهد به يشيد بالكتاب أو يزكِّي مؤلفه. ولو نقلت – يا هداك الله - عبارة ما من كتاب "رأس المال" لكارل ماركس، أو نصاً من إنجيل برنابا، ثم استخدمته لأغراض أكاديمية أو صحافية، فإن ذلك لا يعني أنك تشيد بكارل ماركس وكتابه، أو تستحسن إنجيل برنابا وتعتنقه. صحيحٌ أنني "ثمرة من ثمرات الجدب الثقافي والإدقاع المعرفي الذي ضرب السودان خلال العشرين عاماً الأخيرة"، كما وصمني صاحبي، ولكن الجدب والإدقاع لم يصلا بي الى حد أن يسكن يافوخي مثل هذا الاعتقاد الفطير. وأنا لا أعلم من أين أتى السموأل بهذا الفهم العجيب فأخذ يبهتني، ويا له من بهتان، لمجرد أنني أوردتُ نصاً وقَعْتُ عليه في مصدر ثانوي، فيردد على الملأ، ويشيع بين الخلق أنني أشَدْتُ بعمّه وزكيت كتابه قبل عشرة أشهر، ثم نكصتُ على عقبي بعد ذلك ائتماراً بأوامر "المتضررين"!
وقد بدا لي عندما وقفت عند تحليل السموأل لما قدّر هو أنها دوافعي ومنطلقاتي الشخصية؛ والأسانيد التي أوردها في صدد إثبات انغماسي في ما يسميه حرب الوكالة ضد الراحل علي أبوسن، ثم ما رأيت من ولوغه حتى أذنيه في بحيرة "نظريات المؤامرة" وأوهامها، بدا لي أنَّ هناك "جينات" قوية تربط أبا الفوارس بعمه أوثقَ رباط. وربما جادت دراسة حالة "البارانويا" والانسياق وراء التوهمات والوساوس عند الراحل وابن اخيه إلى فتح جديد في علم الوراثة وهندسة الجينات. وآية ذلك أن المطلع على كتاب "المجذوب والذكريات" تكاد تصدمه شدة ميل المؤلف وركونه الى الأوهام ونظريات المؤامرة، وكثرة ترديده في هذا الصدد لروايات ما أنزل الله بها من سلطان، مثل تتبع أجهزة المخابرات العالمية له، ورصدها لحركاته وسكناته وهو لا يزال موظفاً حكومياً صغيرا. وقد كتب ابوسن فى مذكراته حول قرار نقله، وهو فى درجة سكرتير ثانى، من سفارة السودان فى باريس الى رئاسة وزارة الخارجية بالخرطوم، ان زوجة اريك رولو، صديق الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران ورئيس تحرير "لوموند"، أخبرته شخصياً ان قرار نقله الى الخرطوم دبرته وتقف من ورائه المخابرات الامريكية والفرنسية معاً!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 09:55 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 09:57 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 10:02 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | ALGARADABI | 06-17-10, 10:22 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 10:31 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | سيف النصر محي الدين محمد أحمد | 06-17-10, 10:37 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 10:53 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 10:56 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | معاوية عبيد الصائم | 06-17-10, 11:12 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 11:31 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 11:50 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | HAIDER ALZAIN | 06-17-10, 11:55 PM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | ود الباوقة | 06-18-10, 00:12 AM |
Re: هتر أبي سن الصغير وبطر أبي سن الكبير | Balla Musa | 06-18-10, 02:14 PM |
|
|
|