"تجمع القوى الوطنية الحديثة" يدشن نشاطه بـ (بيان حول إضراب أطباء السودان)

Quote: ابراهيم كبج يتحدث لاخبار اليوم عن سيناريو مابعد الانفصال المقدمة : رفض القيادي الشيوعي السابق والخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج الحديث حول الملفات الاستراتيجية بلغة السياسة المباشرة معللا ذلك بانها قد تحجب الحقائق الموضوعية لانها دائما تتناول الراهن ربما برؤية احادية مموهة _ لذلك حسب قولة درج علي تفضيل تعضيد ارائه بالارقام والتقارير الرسمية وتحليل مجمل الاوضاع لان الاقتصاد والسياسة بنظره لا ينفصلان لذا خرجنا بافادات شاملة في هذا الحوار الثر فالي التفاصيل :- *كيف تنظر الي المستقبل في ظل المعطيات الحالية ؟ كثير من الوساط الحكومية والمدنية تري ان كفة الانفصال راجحة _ وهذا غير هام الاهم ان ننظر الي سيناريو ما بعد الانفصال في ظل الحقائق التي اوردها تقرير المراجع العام لسنة 2008م كانت ايرادات البترول تمثل 66 في المائه من جملة الايرادات الحكومية كما بلغ عائد الصادرات البترولية حسب بنك السودان 11مليار دولار بناء علي ذلك يمكن ان نقول ان ما بعد الانفصال سيكون لشمال السودان ما يكفيه من النفط للاستهلاك المحلي وايضا قد تتاح الفرصة لقليل من الصادرات وعليه وعلي ضوء اسعار النفط العالمية الحالية وعلي ضوء اسعاره داخليا نتوقع ان تكون عائدات البترول حوالي 30 في المائه من الايرادات الكلية _ وفي ظل تراجع عائدات الصادرات الاخري ستكون حصيلتنا من العملات الحرة ضعيفة للغاية - وما يحدث الان في اسواق العملات الحرة لا يشير فقط للاحتياج الحالي وانما الاحتياجات في المستقبل لا ن المضاربين يشترون ويخزنون تحسبا لتدعايت الانفصال. ستكون حكومة الجنوب محتاجة لانابيب البترول الي بورتسودان وستدفع مقابل ذلك وحسب مراجعة المراجع العام فان ايجار الانابيب يبلغ 200 مليون دولار . سوق ثاني من الجنوب الي الشمال . ونتوقع ان تكون حكومة الشمال اكثر تشددا فتطلب قيمة عالية للترحيل اضافة الي ان منطقة تجميع البترول الخام بالجبلين تقع في الشمال حتما سيتم الاتفاق علي ايجارها .لكن رغم ذلك لابد من تنمية وتطوير الصادرات غير البترولية خاصة اذا وضعنا انواعا من السلع لا يمكن الاستغناء عنها مثلا انخفاض انتاج الذرة الي 2.5مليون طن في الموسم الحالي مقارنة مع 4,425 مليون طن في عام 88_1989م. من المتوقع ان ترتفع فاتورة استيراد الغذاء بما يزيد عن1,6 مليار دولار في العام اضافة الي استيراد المنتجات الذي زاد هذا المبلغ الي2مليار دولار . وهنالك مفاجأة اخري هي ان السودان ظل يستورد منتجات بترولية بمبلغ 711 مليون دولار منذ عام 2007 لان البترول السوداني عالي النقاوة لا ينتج جازولين او اسفلت الا القليل منه . فاذا اخذنا في الاعتبار ان هذا الاستهلاك يتم في الشمال لان الجنوب ظل يستورد عبر كينيا ويوغندا لذا سنتحمل ذلك في الشمال لانه ضروري لنقل المحاصيل والبضائع وتشغيل المصانع اضافة الي استيراد الغذاء وزيوت الطعام وهذه اسباب لافكاك منها . *الانقاذ منذ مجيئها تحدثت حول ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي فما تقييمك للتجربة بعد كل هذه السنين ؟ *الحكومة الجديدة أو المرتقبة حتما ستواجه قضايا كبيرة ومصيرية بمعني الكلمة وطالما انها امتداد للحكومة التي جاءت منذ عام 1989م فانها ستواجه ذات المشاكل. صحيح انها رفعت شعار ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وكان اختيارا موفقا يتماشي مع احتياجات البلاد الا اننا اكتشفنا الحقائق التالية ففي عام1990م كان استيراد البلاد للغذاء بقيمة 72مليون دولار . اعلنت حكومة الانقاذ الخطة العشرية (1992-2002)كان هدفها الرئيسي انزال تلك الشعارات بانتاج 20مليون طن من الذرة ولكن ما انجز في نهايتها كان2مليون و825الف طن اي اقل من 15 في المائة من هدف الخطة – بل قبل مجئ الانقاذ كان انتاج الذرة 4 ملايين طن وهذا يعني ان انتاج مابعد الخطة العشرية يساوي65في المائة فقط من انتاج اخر سنوات الديموقراطية .كما هدفت الخطة لانتاج 2مليون و630 الف طن من القمح لكن الذي تحقق عند نهايتها كالنفقط 247 الف طن اي 11في المائة من هدف الخطة . وهكذا بالنسبة لانتاج الدخن 2مليون و100الف طن ولكن ما انتج فقط650الف طن – وهذا يؤكد الانهيار الكامل للخطة العشرية مما ترتب عليه مسئوليات اخري . * تمثلت في ماذا ؟ * تمثلت في ازدياد استيراد الغذاء بدلا من ان ناكل مما نزرع ارتفع استيرادنا للغذاء الي 420مليون دولار اي 6 اضعاف ما كان عليه في عام 90 وكذلك زاد استيراد القمح وظل الاستيراد يتزايد الي ان بلغ 811 مليون دولار في عام 2005 ثم الي مليار و333 الف مليون دولار في عام 2008 واخيرا صعد الي مليار و600الف مليون دولار في عام 2009م اي عشرين ضعف ما كنا نستورد عام 1990م . هذه التركة الثقيلة لازالت علي كاهل الحكومة . لذلك يجب علي الحكومة المرتقبة ايجاد حلول لها خاصة ان السودان مرشح لان يكون سلة غذاء العالم والمنقذ الي جانب كندا واستراليا . وهذا يشير الي الامكانيات المتاحة من ارض ومياه وقوي منتجة تؤهله تماما لذلك . لكن التدهور حال دون تحقيق شئ اذ شمل ايضا صناعة النسيج فمثلا كان انتاج مصانع فتح الرحمن البشير وخليل 168 مليون ياردة وفي عام 1986م كانت حاجتنا الي حوالي 200 مليون ياردة لذا كان شعار نلبس مما نصنع قريبا للواقع في ذلك الوقت – الا ان الخطة العشرية وضعت انتاج 800مليون ياردة لتذهب 200 مليون ياردة للاكتفاء الذاتي و600 مليون ياردة للصادر ولكن عند نهايه الخطة ما تحقق فقط 15 مليون ياردة اقل من2في المائة من هدف الخطة . وبما ان انتاج السودان من المنسوجات كان ممتازا كنا نستورد بمبلغ 3 ملايين دولار , الان خلال ال 5 سنوات الماضية زاد الاستيراد الي نحو 300 مليون دولار سنويا وقد وصل الي مبلغ 360 مليون دولار في عام2009 وهذا يساوي 120 ضعف ما استوردنا عام 1990م وهذا عبء اخر علي الحكومة عليها ان تواجهه بجدية . * بنظرك ماهو المخرج خاصة في ظل الازمات الاقتصادية العالمية والتحولات السياسية المرتقبة ؟ *المخرج ان تراجع الحكومة سياستها كلها . والحكومة في عام 2005م قامت بزراعة 20 مليون فدان في القطاع المطري التقليدي كان يعادل 5.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي وقد تم في ذات العام زراعة 1.8 مليون فدان في القطاع المروي حول النيل انتجت حوالي 11.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي وعليه تلاحظ ان ناتج القطاعات المروية اكبر من انتاج القطاع المطري وهذه مفارقة عجيبة لان القطاع التقليدي به 60في المائة من سكان السودان لكن انتاجه المنخفض زاد معدلات الفقر والفقر المدقع . كما انه ساهم في نشوب النزاعات المسلحة . لذلك فهو مرتبط بقضية السلام في السودان – لان السلام في السودان لا يتم فقط بتوقيع الاتفاقيات وانما عن طريق تنمية وتطوير القطاع المطري التقليدي الي جانب تطوير التعليم والصحة وغيرها من الخدمات . * هل تري ان الاهتمام بالقطاع الحديث يفاقم مشاكل السودان ؟ * نعم فبالاضافة الي اهمال الزراعة هنالك اهمال لقطاع الثروة الحيوانية في ظل الحديث عن تنويع الصادرات والهجرات من الريف الي المدن . لان احتياجات الغذاء في السودان لا تتوقف عند احتياجات الانسان وانما يجب ان يتعداه الي تحديد احتياجات الحيوان الغذائية . فالمواشي المقدرة ب 140 مليون راس تقتات من الموارد الطبيعية المراعي والغابات ولكن نجد ان تقريرا رسميا كشف ان هنالك فجوة علفية تساوي 51 في المائة ولهذا لابد من الرعاية لتوفير الغذاء لهذه الثروة . لان هذا القطاع ظل مهملا وكل الشواهد تؤكد ذلك .فيي عام 2005م اعتمد مبلغ 300مليون دينار لتنمية المراعي واعتمد كذلك مبلغ 300 مليون دينار للمدينة الرياضية بالخرطوم واعتمد كذلك مبلغ 756 مليون دينار لكهرباء الفلل الرئاسية . لذلك نجد ان هذه الاعتمادات لم تراع الاستيعاب الصحيح . بل عندما تم التنفيذ الفعلي لميزانية 2005م مثلا نجد انه انفق فقط 100 مليون دينار علي المراعي وانفق علي المدينة الرياضية 300 مليون دينار ثلاثة اضعاف المراعي – كما انفق علي الفلل الرئاسية 1.3 مليار دينار اي 13 ضعف المراعي . ولم يكن هذا العام استثنائيا ولكن تكرر هذا الامر في كل الاعوام . ولكن بكل اسف رغم ان الثروة الحيوانية تمثل 20 في المائه من الناتج المحلي الاجمالي وتمثل 25 في المائة من الصادرات غير البترولية وتعطي اكتفاءا ذاتيا من اللحوم وتوفر 70في المائة من احتياجات الالبان الا اننا لا زلنا نغطي الفجوة بالاستيراد بمبلغ 100 مليون دولار في العام - كما ان هنالك تناقضاً او مفارقة اخري ، اذ نجد في نفس الفترة اعتمد مبلغ 4 مليار دينار لتنمية الثروة الحيوانية واعتمد مبلغ 4 مليار لتوطين القمح . وهذا التشابه بين هذين القطاعين غير مطلوب لان الثروة الحيوانية اكثر اهمية من توطين القمح . بل وجدنا عند التنفيذ الفعلي لميزانية 2005م انفق علي الثروة الحيوانية مبلغ 400مليون دينار اي 10 في المائة فقط من المبلغ المعتمد وارتفع الانفاق علي توطين القمح الي 10مليار دينار اي 250 في المائة من المبلغ المعتمد .وهذه اسبقيات مختلة . علي الحكومة الجديدة ان تعالج ذلك . اضافة الي قطاع الغابات الهام الذي يواجه تحديات التغيرات المناخية والجفاف والتصحر ، نجد انه اعتمد لها في ميزانية 2005م مبلغ 200 مليون دينار وانفق عليها 6 ملايين دينار فقط اي 3 في المائة من المبلغ المعتمد . لذلك لم تراع الحكومة اهميتها في جذب الامطار . وانها تمثل 60 في المائة من غذاء الحيوان في الصيف و30في المائة من غذائه في الخريف. * برزت اراء متضاربة هذه الايام حول اداء القطاع الصناعي فماهو تقييمك ؟ *الخطة العشرية التي وضعتها الحكومة تهدف الي تشغيل كل المصانع لتنتج بكامل طاقاتها التصميمة ولكن هذا لم يحدث . فبعد نهاية الخطة بل حتي الي يومنا هذا ، نجد ان مصانع النسيج مغلقة تماما . لذا كان القطاع الصناعي الضحية الثانية لسياسات التحرير الاقتصادي والتي احدثت معدلات تضخم عالية . * لمذا تركز لاثبات ارائك علي تقرير عام 2005م فقط ؟ *قلت لك ان هذا العام ليس استثنائيا واركز علي تقرير المراجع العام لعام 2005م لانه واضح وليس استثنائيا ، لان الاهمال تواصل في كل الاعوام اللاحقة . ففي تقرير المراجع العام لسنة 2008م نجد كذلك الصورة مختلة . اذ رصد مبلغ ضئيل لتنمية الزراعة بل عند التنفيذ انفق فقط 5 في المائة من المبلغ المعتمد كما انفق علي الثروة الحيوانية فقط 19 في المائه وكذلك الحال بالنسبة للصناعة . بل نجد ان في قطاع الزراعة استاثر سد مروي ب 85في المائة من جملة المبلغ – كما انفق فقط 5 في المائه في هذا القطاع علي بنيات الري التحتية في المشروعات القومية؛ الجزيرة – الرهد – وحلفا التي تمثل مشكلة الري من مشاكلها الاساسية الدائمة .لذلك اري ان هذه المشاريع ذبحت علي محراب سد مروي.