الصحافة الرياضية وتحية خاصة لصاحب الكيبورد ..

Quote: نستأذن الحزن قليلاً .. لنلج وأياك في حزنٍ آخر .. حزن نيلي .. كاكاوي العينين .. فللأوطان في دم كل حرٍ يد سلفت ودين مستحق .. .. والتحية لك على هذا الجهد التنويرى وإن أتى من زاويتك الخاصة .. التحية لك على الانفعال الصادق .. فاستشعار الهم والانفعال بالقضية لا يقل أهمية عن القضية نفسها .. والتنوير إجمالاً هو أفكار وكما يقولون فإن الأفكار لا تحتاج إلى أجنحة للطيران فحسب بل تحتاج أيضاً إلى مدارج للهبوط .. ونحن نفتقد الأجنحة ومدارج الهبوط .. لذلك نحن نحتاج لعاصفة فكرية وعمَّال مهرة لتمهيد الطريق .. والرياضة يا معتصم بأجهزتها المختلفة من إدارة ..تدريب .. تحكيم .. وإعلام .. هي نشاط إنساني إبداعي يتأثر بالحالة الصحية العامة للبلد وما يعتريها من جمود وتكلس وإحباط نتيجة للإخفاق السياسي والفساد الإداري والقصور المعرفي أو الفقر الأخلاقي .. والإعلام الرياضي جزء من العملية الإعلامية في إطارها الأكبر وهي جزء من المنظومة الثقافية ومردوداتها الحضارية .. والثقافة هي "مرق البيت" .. هي العمود الفقري .. والمثقفون هم حملة هذا المرق .. هم حملة المشاعل فأين هم وماذا دهاهم ..؟ لنقفز من نافذة بيتك الرياضي للحي السوداني الكبير .. لن تجد سوى المصالح الضيِّقة تتحكم في هوى النفوس المريضة .. فنبيع أعز ما نملك من قيم لقاء أرخص ما في السوق ، لن تجد سوى أننا نستبدل "الأدني بالذي هو خير" ، لن تجد سوى النرجسية والأنا المتضخمة والوهم الكبير .. لن تجد سوى المعارك الوهمية والذاتية البغيضة .. "مسكين السودان" .. هذا البلد الموبوء بتاريخه وجغرافيته وإنسانه .. والغني أيضاً بتاريخه وجغرافيته وإنسانه .. نعم هو السودان بلد "الفرص الضائعة" .. ونقص القادرين على التمام .. بلد التناقضات المتوافقة .. والتوافق على الاختلاف .. و"مسكين هذا المثقف السوداني" .. هو الداء والدواء .. هو الجلاد والضحية .. هو التنازع بين الهجرة والبقاء .. بين الضرورة والعطاء .. بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون .. عندما أري حال السودان البائس دائماً أتذكر أسطورة انطوني مان "الرب خلق السودان ثم ضحك" .. أتذكر مقولة سعد زغلول "غطيني يا صفية .. مافيش فايدة" .. أتذكر مقولة الكاردينال محمد الشيخ "مافي أمل في السودان إلا يشكوها ويوزعوها من جديد" .. وأتذكر مقولتك " الحلال دي كدي كدي سمحة إلا حلتنا " أي حلتنا الكبيرة السودان .. هو يا معتصم الحس الوطني المفقود .. والمنظار الأناني الضيق .. هو عقوقنا كأبناء لهذا البلد التعيس .. هو التكاسل والتخاذل "والحيل القليل" .. إذ ليس عيباً أن تولد فقيراً ولكن العيب أن تدمن الفقر .. وليس مسؤوليتك أن تولد في بلد متخلف ولكن مسؤوليتك أن يظل بلدك متخلفاً .. هكذا فقدنا الروح الإبداعية الخلاقة .. وتلاشى الفكر الباحث عن الحقيقة في ذاتها .. نكتب من أجل "الشوفونية والاستعراض الفكري" .. نمتطي عربة السياسة من أجل المصلحة والمجد الشخصي .. نتجمل على حساب أهلنا الفقراء من أجل المظهر الاجتماعي .. حسبنا شيئاً من التواضع العرفاني لنرى ثيابنا المتسخة .. شيئاً من التقوى الوجودية لاستشعار الحس الإنساني .. شيئاً من الاستثمار الفكري من أجل "البيعة الكبيرة" .. ورغم ذلك يظل مشروع "الحلم السوداني" قائماً .. الاستاذ محمود محمد طه رحمه الله كان يقول "نحن نحلم الأحلام الكبيرة ولكنها تتحقق" .. ولا شك أن الأحلام بحقها .. بشروطها .. بالعاملين عليها .. أجل إن المعركة كبيرة .. تحتاج لمعاول للهدم .. ومقاول للبناء .. هي معركة جبارة تحتاج لجهد معرفي هائل وأسلحة فكرية مدمرة لمحاربة الأنبياء الكذبة والكفار الجدد .. ألم يكن نيتشه صاحب "ألغام فكرية" .. ألم يقل هيدجر عن فلسفته بأنه "بائع أسهم نارية" .. ألم يكن ميشيل فوكو مُفَجِّر قنابل "التفكيك الاركيولوجي" ..؟ كل ذلك ... من أجل الميلاد الحديث .. و"العبور الحضاري الكبير" .. ويظل مشروع "الحلم السوداني" قائماً .. بألوانه الزاهية .. بطوله وعرضه .. بعمقه وكثافته . و.. أحييك .. واحي الصحفي النابه الطيب فرح .. ..