|
|
 Re: الفونج ... ملوك السودان ... بناة الوطن وامل المستقبل ...في كتاب طريق النهضة ...فترقبوه !!! (Re: ياسر المك)
|
الأخ ياسر
السلام عليكم ورحمة وبركاته ...نتابع معكم وأرجو إنزال وثيقة السمرقندي في هذا البوست أو إرسال نسخة منها على إيميلي [email protected]
كتب الأخ محمد عثمان العبدلابي عن الأمير حيدر الرفاعي الجهني في شبكة الرفاعيين الجهنية ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في محكم تنزيله: "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ"،،
و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و المرسلين، قائد الغر المحجلين، المبعوث للخلق و العالمين، و على آله و صحبه و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين..
حديثنا اليوم إخوتي الأعزاء يتناول شخصية ندر ذكرها في المجالس، بل انعدم، و غفل عنها الخطباء و الأدباء و العلماء، و سقط اسمها من ديوان الفرسان و الشجعان، و صارت نسياً منسياً،،،
و لعل طول الزمان، و ما أتى على البلاد من أحداث جسام، على مدى مئات السنين، قد عجل بطمر تلك الشخصية الفذة تحت كثبان النسيان، كغيرها من المعالم الشامخة في تاريخنا العظيم... فصارت أثراً بعد عين،،،
تلك شخصية جمعت الصفوف، و خاضت الحروب، و أعلت الرايات، و أرعبت الأعداء، و تكللت جهودها بنصر من الله و فتح قريب،،،
نتكلم اليوم عن شخصية من عرب رفاعة السودان، ظهرت على مسرح الأحداث، قبل الملك عمارة دونقس، و قبل الشيخ عبد الله جماع،،،
بل كانت ممهدة لظهورهما و من خلفهما من قادة و فرسان ألهبوا ميدان الشجاعة و الفروسية،،،
إنه أمير الأمراء، ناصر الدين و المسلمين، الأمير حيدر بن أحمد الرفاعي الجهني –رحمه الله-.
لقد عانيت إخوتي في محاولة جمع سيرة هذا البطل الرفاعي، إذ أن المصادر التي تفصل في أحداث و شخصيات تلك الفترة المبكرة في حياة سلطنة سنار و ما قبلها، شحيحة للغاية، و ندر أن يجد المرء نصاً تاريخياً يشفي غليل المعرفة، و نهم الدراسة، و لكنا و بعون الله سنحاول في هذه الفرصة أن نُعَرِّف بتلك الشخصية، على أمل أن نستكمل البحث مع أصحاب الضمائر الحية، في لم ما أمكن من تراث يحفظ لهذا القائد مكانته في صدور الرجال، و نفوس الحفاظ...
فنقول و الله المستعان...
أن بلاد النوبة، و السودان المعاصر، قد شهدت هجرات عربية منذ ما بعد الفتح الإسلامي لمصر، و تدرجت تلك الهجرات إلى أن بلغت أوجها في عهد المماليك، الذين استبدوا بحكم مصر و ما جاورها من الشام و الحجاز، و ذلك في منتصف القرن السابع الهجري الموافق لمنتصف القرن الثالث عشر الميلادي. و كانت سياسيتهم تتسم بكثير من الشدة و البطش في تعاملهم مع القبائل العربية، ما أدى لنزوح كثير منها لبلاد السودان، و أهم تلك القبائل و أعظمها كانت قبيلة جهينة القضاعية القحطانية، و التي استشرى خطرها ببلاد السودان، و عظمت مكانتها حتى فرقت ممالك النصارى، و شتتت جمعهم، أو كما يقول ابن خلدون -المتوفى سنة 808هـ/1406م- في تاريخه:
"ثم انتشرت أحياء العرب من جهينة في بلادهم واستوطنوها وملأوها عيثاً وفساداً. وذهب ملوك النوبة إلى مدافعتهم فعجزوا. ثم ساروا إلى مصانعتهم بالصهر فافترق ملكهم، وصار لبعض أبناء جهينة من أمهاتهم على عادة الأعاجم في تمليك الأخت وابن الأخت فتمزق ملكهم، واستولى أعراب جهينة على بلادهم ، و ليس في طريقه شيء من السياسة الملوكية للآفة التي تمنع من انقياد بعضهم إلى بعض، فصاروا شيعاً لهذا العهد. ولم يبق لبلادهم رسم للملك، وإنما هم الآن رجالة بادية يتبعون مواقع القطر شأن بوادي الأعراب. ولم يبق في بلادهم رسم للملك لما أحلته صبغة البداوة العربية من صبغتهم بالخلطة والالتحام ، والله غالب على أمره، والله تعالى ينصر من يشاء من عباده".
ا.هـ.
فكان ذلك أقدم النصوص التاريخية و أوضحها على الإطلاق في وصف الحالة التي سادت بلاد النوبة أواخر القرن الرابع عشر الميلادي و الخامس عشر.
وصف آخر ينقله لنا المؤرخ القدير مكي شبيكة في "السودان عبر القرون" ص56:
"و عندما نقارن الصورة التي رسمها لنا ابن سليم في أوائل العهد الفاطمي بمصر بصورة أخرى رسمها فرنسيسكو الفاريز البرتغالي في أوائل القرن السادس عشر يتضح لنا ما آلت إليه حالة الكنسية المسيحية في علوة.
يقول الفاريز:
"إن أولئك النوبيين يجهلون دينهم فلا هم بالمسيحيين و لا هم بالمسلمين أو اليهود، و ياقل أنهم كانوا على النصرانية، غير أنهم فقدوا دينهم و لم تبق لهم عقيدة و يأملون أن يكونوا مسيحيين"."
ا.هـ.
ثم أضاف شبيكة نقلاً عن الفاريز:
"و أضاف الفاريز رواية سمعها من بعض الأحباش أنه منذ وفاة أسقف علوة من زمن بعيد لم يجدوا من يخلفه بسبب الحروب من القبائل العربية في النوبة الشمالية، و بذلك تركت كنائسهم بدون رعاية و نسوا نتيجة لذلك كل شيء عن المسيحية".
ا.هـ.
فهنا نستطيع أن نعلم مدى ما بلغته القبائل العربية من بطش، مزق أركان دولة علوة، و أدى ذلك إلى حالة الإهمال في العقيدة التي كان رافدها الأساسي الكنيسة القبطية في مصر، فقد كانت تبعث بالأساقفة و الرهبان من طرفها، فقطعت تلك القبائل الطريق، و جففت روافد الدين النصراني لأولئك العلويين، و كان ذلك أحد مظاهر تضعضع و انهيار مملكتهم التي سقطت نهائياً سنة 910 هـ/ 1504م، أي في ظرف قرن واحد تقريباً منذ وفاة ابن خلدون، الذي أرخ لمرحلة مهمة من تاريخ بلاد النوبة و تغلغل القبائل العربية فيها، و خصوصاً قبائل جهينة.
و من هنا نعرف تماماً أن انهيار مملكة علوة، و سقوط عاصمتها النهائي عام 910هـ/1504م، لم يكن حدثاً فجائياً تم في يوم و ليلة، بل كان حدثاً مفصلياً، و الضربة القاضية النهائية بعد سلسلة من الضربات، و أعقب ذلك قيام دولة الفونج و عليها عمارة دونقس، و بمعاونة الشيخ عبد الله القرين الرفاعي، الملقب بجماع.
فماذا نعرف عن قواد تلك الفترة ما قبل سقوط سوبا؟؟
بالطبع فإننا لا نعرف الكثير، عدا ما سنتناوله في هذه النبذة الوجيزة عن فارسنا الهمام الأمير حيدر بن أحمد الرفاعي الجهني.
و قبل أن نمضي قدماً مع سيرة الأمير حيدر، أذكر أنني و في رحلتي التوثيقية الثانية، في بداية هذا العام (2010م)، فقد قضيت فترة جميلة مع معشر القواسمة الرفاعيين، في قرية القواسمة، بضيافة الشيخ صلاح بن محمد علي القاسمي، و تناولنا خلال نقاشنا مختلف الشخصيات القاسمية و أولها شخصية عبد الله القرين الملقب بجماع، و مناقبه و مآثره، و قد كان يلح علي منذ فترة اسم وجدته بأحد المصادر، و هو تاريخ العرب للشيخ الفحل، يقول بأنه قد وُجِد قائد آخر قبل عبد الله القرين، رأس قبائل قحطان ببلاد السودان، و اسمه الأمير حيدر، و قد سألت عنه مختلف المهتمين بتاريخ و أنساب قبيلة رفاعة السودان، و لم أجد لدى أحدهم شيئاً يذكر، بل منهم من أنكر وجود علم رفاعي اسمه حيدر.
و ساورتني الشكوك حول صحة أقوال الشيخ الفحل، بوجود قائد اسمه حيدر، حتى وصلت رحلتي التوثيقية لأرض رفاعة، و تحديداً القواسمة، و في أثناء تلك المذاكرة الرائعة مع الشيخ صلاح القاسمي، تذكرت الأمير حيدر، و سألته: يا حضرة الشيخ، هل سمعت بزعيم رفاعي اسمه حيدر؟
فأجابني: يكون هذا جد الحيدراب، و هم فرع من القواسمة أيضاً.
فقلت: و هل سمعت بسيرته أو متى عاش؟
فقال: كلا، و لكن الحيدراب يفتخرون بأن جدهم حيدر هذا كان زعيماً و فارساً هماماً.
فقلت: و هل يوجد فرع ظاهر منكم يسمى بالحيدراب؟
فقال: نعم، يوجد،،، ثم عين لي مواقعهم و أرضهم التي يعيشون فيها و هي بنواحي نهر الرهد على ما أظن.
فأطرقت هنيهة، و استخرجت بعض المذكرات من حقيبتي المعبأة بالأوراق و نسخ المخطوطات التي طافت معي في كل مراحل رحلتي التي دامت 40 يوماً. و بحثت عما دونه الفحل عن الأمير حيدر، و وجدت تلك النبذة الوحيدة التي تناولت شيئاً عن هذا الفارس، و قلت للشيخ صلاح: يا شيخ صلاح، لدي معلومة تقول بأن حيدر كان زعيماً لقبائل قحطان بأرض السودان، و أنه كان ممن غزا بلاد علوة، و لما توفي خلفه ابن عمه عبد الله جماع.
فأحدق بي الشيخ صلاح، و سألني: أين وجدت ذلك؟!
قلت: إنه مدون بكتاب تاريخ و أصول العرب في السودان للفحل بن الفقيه الطاهر.
فقال: آلان و قد عرفت من هو حيدر، و لطالما تحدث عنه الحيدراب دون أن نعرف متى عاش و ماذا فعل لأجل كل هذه المفاخرة.
و طلب مني نسخة من تلك المذكرات، و بالفعل، فعدما توجهنا لود مدني في اليوم التالي كان حريصاً أن ينسخ جميع تلك النسخ التي كانت بحوزتي، ليضمها لما حازه من أوراق تاريخية تخص تاريخ رفاعة و القواسمة على وجه الخصوص.
|
|
  
|
|
|
|
|
| |
عبدالرحمن الحلاوي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست