كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
السودان النفق المخيف
|
السودان النفق المخيف
منذ صبح هذا اليوم تتوالي الاخبار دفعات متتالية: محاولة انقلاب عسكرية فاشلة: أعتقال عشرات الضباط من غرب السودان: اعتقال الترابي: أزمة في المفاوضات في تشاد: جولة المفاوضات الجارية بين الحكومة والحركة الشعبية في ضاحية نيفاشا الكينية منذ السابع عشر من فبراير الماضي يتم تمديدها للمرة الثالثة ولا يوجد افق لنجاحها حتي في الاوساط الاكثر تفائلا: ويبدو للكثيرين أن الحكومة استراتيجياتها الاساسية هي التفاوض الدائم وليس الوصول الي نهاية للتفاوض. منظمة العفو الدولية قالت في تقريرها بعنوان " أناس كثيرين قد ماتوا " كل المعلومات التي حصلت عليها تشير إلى أن الحكومة السودانية تشجع الأفعال التي يقترفها الجنجويد، تقرير روجرز للكونقرس الامريكي الذي وصف فيه الحكومة بأنها ترتكب جرائم ابادة عرقية في دارفور، وتصريحات كابيلا ممثل الامم المتحدة بأنها أسوء ماساة أنسانية في العالم الان، وحملات التضامن من جميع أنحاء العالم،والطيار الذي يتلقي اوامر بحرق القري. وثمانية خبراء من الامم المتحدة يؤكدون أن الوضع في السودان أصبح خطيرا للغاية وخصوصا في دارفور. فماذا يحتاج العالم حتي يتحرك الجناة معروفين ومن يقف خلفهم معروفين، لماذ لا يتحرك العالم الان قبل الغد؟ لماذا يريد العالم أن يشهد رواندا أخري في السودان؟ الاخطر من هذا هو الاستهستار واللامبالاة المذهلة التي أصابت كل مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية واصابت مجتمعنا السوداني بالشلل العاطفي، الاف الناس يذبحون اليوم في السودان، والكائنات السياسية السودانية المعارضة تكتفي باصدار تنديد وشجب وأدانة أوتصريح، عشرات النساء يغتصبن اليوم ومثقفي السودان المستنيرين مهمومون بقضايا الحداثة والتناص، مئات الاطفال يقتلون الان والانسان السوداني صامت كأنما الموت عادة أعتاد عليها أطفال الهامش. قساوة الانسان السوداني ليس في عدم أكتراثه لما يحدث لغير ذوي القربي-الاثنية، بل لاحتجاجه في أقصي حالات تجليه الثقافية أن الضحية هو المسئول عن ما حـدث لـه. لماذا لم يخرج الطلاب والزراع والمثقفين والعمال محتجين علي ما يتم بأسمهم؟ لماذا لا يسجل مثقفينا ومشاهيرنا وفنانينا أسمائهم في سجل أحتجاج يقدم للمنظمات الدولية؟ متي يتحرك الانسان فينا؟ متي تتحرك الحياة في شراين قلوبنا لنحس ونشعر بالاخر؟ متي يا أهل السودان تفيقون من غفوة اللامبالاة والاكتراث، متي؟ قد نصبح يوما بلاوطن لأننا فرطنا في الوطن بصمتنا وادمان اللامبالاة، وعشق سياسينا للتنديد والشجب والادانة والندوات، ونرجسية مثقفينا مبدعي التداعيات وتأليه الذات. فهل نلوم أحد؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|