|
حوار العلمانية والأصولية الإسلامية
|
لماذا يبدد بعض العلمانيين وقتهم في البحث عن الآيات والأحاديث التي تدعم وجهات نظرهم؟ لأن هذه الاستراتيجية لن ولم تنجح مع الفكر الأصولي الإسلامي، أكثر من ذلك تجعل من يجادل من منطلق علماني يدخل في مغالطات فقهية ودينية لا حصر لها ولا مخرج له منها إلا بالمزيد من المغالطات والتي غالبا ما تنتهي بتكفيره/ها. الانجرار الي الانتقائيه في اختيار النصوص المسانده لأرائهم، ينطوي علي هزيمة للمنهج العلمي لفهم اي ظاهرة اجتماعية وفي هذا منزلق خطير اذ انك حين تستشهد بنص ما بطريقة ميكانيكية فإنما تقبل منطقيا بالمنهج اللاتاريخي والانتقائي في فهم النصوص و هذا منهج يجلب كثير من الضعف لحجة الذين يتبنوه، ويضعهم لقمة سائغة في شراك الأصوليين وحبالهم الأخطبوطية، و هو منهج قد يناسب بعض السياسيين للاستهلاك السياسي و لكنه منهج بائس و منهزم و يمكن الاستدلال بتجربة الأستاذة فاطمه احمد إبراهيم في سجالها مع الأخوان المسلمين حول حقوق المرأه.
فما هي جدوي حوار الطرشان هذا التي يتمسك الأصولي فيها بالنص، والعلماني الذي يحاول أن يجد تفسيرا معاصرا للنص، فبدلا أن ينقل العلماني الأصولي لمواقعه الفكرية يجد العلماني المغلوب علي أمره نفسه محاط من كل جانب بترسانة من الآيات والأحاديث تسند الأصولي في حواره المقدس. تطوير الدين والاجتهاد فيه حتى يصبح ملائما لمعطيات القرن العشرين ليست مسئولية العلمانيين، فهي مسئولية كل المجموعات الدينية المستنيرة التي تريد أن تطور هذا الدين الذي تشير كل المعطيات المعاصرة إنه بحاجة ماسة إلي تغيرات جوهرية في معظم تفاصيله الفلسفية. وهذا ما حدث في المسيحية، واليهودية والتغيرات التي تمت في هذه الأديان تمت بواسطة رجال الدين المستنيرين الذين واجهوا كل أنواع الظلم والقهر والاضطهاد وقدموا التضحيات لكن في نهاية الأمر سادت مفاهيمهم وانتقلت الفلسفة المسيحية واليهودية إلي مرحلة برجماتية تستطيع فيها أن تتماشي مع التطورات المختلفة في المجتمعات البشرية.
العلمانيين لهم دور كبير في أمكانهم أن يلعبوه في هذه المعركة التاريخية وذلك يكمن في استخدام منهج نقد عقلاني وعلمي (منهج مشابه الي حد كبير الي المنهج الذي يستخدمه الأخ بكري الجاك و العطبراوي من هذا البورد) للخطاب الديني المعاصر الذي يحد ويؤخر من تطور المجتمعات البشرية وتوضيح التناقضات العقلانية والمنطقية التي تكمن في هذا الخطاب، والتيار السلفي الأصولي قد يهزم سياسيا وعسكريا لكن هذا لا يعني هزيمته فكريا لأن كل ترسانته الأيدلوجية التي يعتمد عليها في خطابه موجودة ولقرون طويلة من غير أن يتم تطويرها أو تحديثها وتفكيكها وستظهر في السطح مرة أخري لو أتيحت له الفرصة في المستقبل.
|
|
|
|
|
|
|
|
|