|
Re: ماذا نريد؟ رؤية يسارية جديدة (Re: أحمد أمين)
|
إلا أنني اعتقد أن المثال الذى ساقه "فريدمان" ليس سخيفا على الإطلاق, وما ننتظره من اليساريين هو أن عليهم أن يقبلوا فعلا بوجوب عدم دخول الممتلكات الموروثة فى احتساب المكافأة, وبالمثل وجوب عدم احتساب الحظوظ فى الصفات الو راثية فى عملية توزيع الأنصبة.
وفى الخاتمة, يمكن توزيع الأنصبة طبقا للمجهود. أن نكافئ الناس على المجهود الذى يبذلونه والمصاعب التى يتحملونها فى أدائهم لأعمالهم.
ذهب اثنان إلى الحقل لقطع وجمع قصب السكر. لنفترض أن الاثنان عملا وقتا مساويا فى الطول, تحت نفس الشروط, وبذلا نفس المجهود. هل يجب اعطاءهما نفس الأجر؟ فاحدهم ضخم الجثة بشكل كبير. هل يجب علينا أن نحسب للشخص الضخم الجثة دخلا اكبر لان ما قطعه وجمعه كان أكثر مما قطعه وجمعه الشخص الضئيل؟
ماذا لو كان لدى احدهم مجموعة أفضل من الأدوات؟ ماذا لو كان حقل احديهما يتيسر فيه قطع القصب وجمعه, أو كانت فيه عيدان القصب أكثر كثافة فى نفس المساحة من الآخر؟ هل تبرر مثل هذه الاختلافات فى ظروف العمل إعطاء احدهم أجرا اكبر من الآخر؟
نريد اقتصادا يبرز الظروف والأنشطة الإنتاجية بشكل أوضح أمامنا, ليس لمجرد التأكد من ذلك, ولكن حتى نبلغ هذه الغاية, ألا نكافئ الناس بشكل لا اخلاقى, نعطى "بيلى" أكثر مما نعطى "لباربرا" بسبب الحجم, أو بسبب المواهب الموروثة, أو المعدات, رغم أن "بيلى" و"باربرا" يكدان لنفس الوقت ويبذلان نفس الجهد, ويتكبدان نفس المصاعب.
شخصان من الناس يبدعان فى الرياضات الحسابية أو فى الفن, أو ينتجان دراجات أو محركات نفاثة... واحدهم أكثر إبداعا, أسرع فى الإنجاز, لديه معدات أفضل, أو ينتج شيئا ذا قيمة أعلى. ولكنهما يعملان بنفس المعدل, فى ظروف مماثلة, ويبذلان نفس المجهود. هل من المفروض أن ندفع لأحدهما أكثر من الآخر؟
"فريدمان" معه حق, لا يوجد سببا أخلاقيا ما يدفعنا إلى المكافأة بناء على المنتج.
ولا يوجد أيضا سببا اقتصاديا ما – فالأجر الأعلى للفرد لن يحسن من صفاته الوراثية... وهو أيضا ليس أفضل السبل لحفز المواهب والمعدات للعمل بشكل امثل.
مكافأة المجهود هو الحافز المناسب لبذل مزيد من الجهد. إننا نأخذ المزيد لو بذلنا مجهودنا اكبر. وهنا تصبح القيمة الأخلاقية صحيحة.... أن نكافأ على ما نتحمله من مصاعب, وعلى ما نؤديه, وليس بسبب الحظ أو الظروف.
وهكذا يصبح لدينا قيمة ثالثة, وهى النصيب العادل.
أما فيما يخص القيمة الرابعة, أيضا يطبع الاقتصاد بطابعه العلاقات فى عملية اتخاذ القرار. وأنا اسمي القيمة المتعلقة بهذا الجانب, والتي يتوجب على الاقتصاد الجيد أن يدفع بها فى شرايينه, "الإدارة الذاتية".
والفكرة بسيطة. تخيل أن عاملة وسط آخرين تريد تعليق صورة لعائلتها فى مكان عملها. فمن هو الذى يتعين عليه أن يتخذ مثل هذا القرار؟ طبعا, العاملة نفسها, ومن جانب واحد.
وافترض إنها بدلا من ذلك تريد أن تضع فى محل العمل, مذياع عالي الصوت يلعلع بالموسيقى. فمن هو الذى يتعين عليه أن يتخذ مثل هذا القرار؟ بالتأكيد لا يمكن أن تتخذ هى منفردة مثل هذا القرار. زملاء العمل المجاورون يجب أن يكون لهم رأي فى هذا الشأن.
وبمثل هذه البساطة نصل إلى مقصدنا. فاللاعبون الاقتصاديون يجب أن يسيطروا على عملية اتخاذ القرار بالقدر الذى يؤثر عليهم مثل هذا القرار.
|
|
|
|
|
|