الإعجاز العلمي في القران الكريم

Quote: الاعجاز البياني ان اعظم وجوه اعجاز القرآن الكريم البياني لانه ينتظم القرآن الكريم كله سوره على اختلافها طولا وقصرا اما الوجوه الاخرى من وجوه الاعجاز فليس الامر فيها كذلك فأنباء الغيب ليست موجودة في كل آية من القرآن وكذلك الاعجاز العلمي والتشريعي ومن هنا كان الاعجاز البياني اهم هذه الوجوه واعمها بل هو اتمها لانه عام في القرآن كله لا تخلو منه سورة على قصرها بل هو في كل آية تكون على مقدار السورة القصيرة ليس كذلك الوجوه الاخرى. واذا كان الاعجاز البياني انما يرجع في لبه وجوهره الى النظم واذا كان القرآن الكريم كتاب الانسانية جميعها عربها وعجمها منذ انزله الله مادامت الحياة والاحياء اذا كان كذلك فليس من المنطقي ان يكون هذا النظم خاصا بالعرب وحدهم وانما غلط من غلط في هذه القضية لانهم ظنوا ان الاعجاز البياني انما هو حديث عن الصورة التي تمتع العواطف وتلذهم النفس وترهف الحس ، الصورة التي تقوم على الاستعارة والكناية والتشبيه وهذه تختلف عند كل قوم باختلاف بيئتهم ولكن النظم ليس كما حسبوه. وانما نعني بالاعجاز البياني الذي قوم على النظم: ذلكم الترتيب الذي كان لكلمات القرآن في جملها من جهة واختيار هذه الكلمات من جهة اخرى ثم ترتيب الجمل والآيات في السورة وتلك قضية كان يدركها العربي عند نزول القرآن بذوقه وسليقته اما العرب اليوم فانما يدركونها بالفكرة لا بالفطرة بعد ان تفسر لهم وتبين لهم دقائقها هم وغيرهم في ذلك سواء. فاذا ادرك العربي ان قوله سبحانه: (وارزقوهم فيها واكسوهم) (النساء 5) اختيرت فيه كلمة (في) على كلمة (منه) لامر اقتصادي وهو ان رزق اولئك ينبغي ان يكون مما تنتجه الاموال لا من اساسه ورأسه فان غير العربي يمكن ان يعرف هذا حين تفسر له معاني القرآن. واذا ادرك العربي ان قوله سبحانه (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء) (المائدة 14) استعملت كلمة الاغراء دون الالقاء لتدل على الالصاق والدوام فان هذا يمكن ان يدركه غير العربي حينما يفسر له ولا ادل على ذلك من وضعنا نحن اليوم ، فنحن مع كوننا عربا ولكن بعدنا عن العربية السليقة ، يجعلنا لا ندرك هذه الحقائق ولا نتذوق معانيها الا اذا فسرت لنا ، فنحن العرب وغيرنا سواء. ولما كانت الكلمة هي اساس النظر فسنبدأ الحديث عن هذه الكلمة: الكلمة القرآنية: نميز الناس بين الكلام الذي تنشرح له صدورهم وبين ما تنقبض منه نفوسهم بالطريقة التي يتبعها الكاتب والاسلوب الذي يصوغ فيه موضوعه الذي يخرجه الناس واذا كان هذا الاسلوب يقوم على دعائم متعددة فان الذي يهمنا هنا من هذه الدعائم اولها واولاها بالتقدير ونعني بها الاصالة واول لبنة في هذه الاصالة الكلمة ذلك ان اللفظة الجيدة تدل على المعنى المراد ووقوعه في المكان المناسب. والكلمة اصل الدقة في التعبير والوضوح في المعنى كله فاذا حشرت حشرا وقسرت قسرا دلت على بعض المعنى او الجأت الى غيره. وفي اختيار الكلمة الخاصة بالمعنى ابداع والكلمة في الجملة كالقطعة في الآلة اذا وضعت في موضعها على الصورة اللازمة والنظام المطلوب ، تحركت الآلة. فاطمة بنت عبدالله الضامرية