من هذا العرض الوجيز لكلمة فقه الإسلام على اختلاف مذاهبه التي بأيدينا كتبها نرى أن الفقهاء مختلفين في اعتبار اختلاف مطالع الأهلة فيلتزم أهل كل قطر بمطلعه أو أنه لا اعتبار باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد لزم سائر الناس شرقا وغربا متى وصلهم خبر ثبوت الرؤية بطريق صحيح، وأن الخلاف في هذا ليس بين مذهب فقهي وآخر فحسب ، وإنما قد شجر الخلاف بين فقهاء المذهب الواحد في هذا الموضع . والذي نميل إلى ترجيحه القول المردد في جميع هذه المذاهب، والذي يقرر أنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما قصده الشارع الحكيم من وحدة المسلمين فهم يصلون إلى قبلة واحدة ويصومون شهرا واحدا ويحجون في أشهر محددة والى مواقيت ومشاعر معينة وعلى هذا فانه متى تحققت رؤية هلال رمضان في بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع البلد الإسلامي الذي ثبتت الرؤية في جزء من الليل ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية وشكك في صحتها امتثالا لعموم الخطاب في الآية الكريمة والحديث الشريف السالفين .
على أنه يجب أن يكون واضحا عند تلاوة قول الله سبحانه { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أن الشهود في الآية ليس معناه الرؤية وإنما هو الحضور والإقامة ويكون المعنى والله أعلم من حضر شهر رمضان وأدرك زمنه فواجب عليه أن يصوم متى كان مكلفا بالصوم ولم يقم به عذر.
ومما سلف نرى أنه يجب على جميع المسلمين في شتى أنحاء الأرض أن يصوموا رمضان إذا ثبتت رؤية هلاله ثبوتا شرعيا في قطر من أقطار المسلمين دون شك في صحتها، فإذا لم تثبت كان عليهم إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ومتى أتموه بهذه العدة تعين دخول رمضان عملا بقول الرسول صلى الله عليه سلم ( صوموا لرؤيته ) فإكمال شعبان ثلاثين يوما يكون متى لم تثبت رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين سواء كان عدم الرؤية بسبب وجود ما يحول دونها من سحب أو غيوم أو غبار أو مع صفاء السماء من هذه الموانع متى قطع أهل الحساب أن هلال رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 من شعبان - أما إذا قطعوا بأن هلال رمضان يولد يوم 29 من شعبان، ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها فإنه في هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب الموثوق بهم، ويثبت به دخول شهر رمضان بناء على ما ذهب إليه بعض الفقهاء من جو العمل بالحساب الموثوق به الدال على الوضع الهلالي وإمكان الرؤية بعد غروب شمس يوم 29 من الشهر السابق - هذا وإن كان الاختلاف بين الفقهاء على أشده في مبدأ العمل بقول أهل الحساب. ولكن الرأي المتقدم هو ما حققه ، واختاره بعض الثقات من علماء الفقه والفتوى، ونميل للأخذ به .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة