من اجل وطن متسامح ، واحد ، دعوة للاعتزار لاخوتنا في الجنوب

قصة الإعتذار الرسمي من الشمال للجنوب ليست إبتداع الأخ رقم صفر ...و له الشكر كونه أول من جلب هذا الموضوع للبورد

في أولويات القوى المعارضة الجديدة أمثال قوات التحالف الوطني تكمن دراسة هذا الإعتذار و كيفيته ، و الطرق عدة ، و لكننا نحاول أيجاد الطريقة المثلى لتقديم هذا الإعتذار

ليست هذه بالفكرة الجديدة ، فقد اعتذرت الحكومة الامريكية للأفارقة الأمريكان عن سنين الإستعباد و التمييز العنصري، و قد أخذ هذا الإعتذار أشكالا عدة ، أو فلنقل إستراتيجيات عدة ، نجح في بعضها .....و أخفق في الآخر

باختيار طريقة الإعتذار المناسب للأخوة الجنوبيين يكمن أمل كبير في حل هذه المشكلة بشكل يصح أن يقال عنه جذري ....و ما زالت الإقتراحات و الأفكار تتهافت ....و الرجاء و الأمل

الأخ عيو ن الحرية ..تحية طيبة

القصة ليست عقدة شعور بالذنب ، و ليس جهلا بالتاريخ ، و الجنوبيين ليسوا كاليهود (أعني اليهود الذين أشرت إليهم في حديثك ....و لا أدري عن أي يهود تتحدث) ، و المظالم التي وقعت على الشماليين غير منكورة ، و لكن تكون خاطئا و أيضا جاهل بالتاريخ إذا إعتقدت أن مسألة الرق تقع على عاتق شخصيات بعينها ماتت و واراها التراب

كما تدعونا للتخلي عن عقدة الذنب ..أدعوك للتخلي عن إنكار المسؤولية التاريخية ..... و الديموقراطية التي عرضت على قادة الجنوب التي تتحدث عنها لم أجدها حقا و يمكنك أن تدعوني بالجاهل تاريخيا هنا ....و على كل فالإعتذار الذي نريده لأهلنا في الجنوب ليس إعتذارا للقيادات السياسية، بل ليس له علاقة مباشرة يالسياسة على التحقيق ، إنما هو بحث عن سلام بين أبناء الوطن ظاهرا و باطنا...و ليست هذه سياسة

قد تكون المسألة مسألة صراع على الحكم أكثر من أي شيئ ، و لكن المشكلة العرقية موجودة و إن أنكرتها أنت و آخرين ....و هذه على مستوى الشعب و ليس القيادات السياسية

تحدث هاشم بدرالدين عقب اللبعة الأداها للترابي في كندا وبررها بأن الغبن الذي يلاقيه الجنوبيون من الشماليين هو الذي دفعه لذلك وأضاف بأن جدته، ولا أذكر إن كانت لأمه أو لأبيه، هي سليلة إحدى القبائل الجنوبية، ولم أقتنع بالمبرر الذي ساقه هاشم بدرالدين، وهاشم بدر الدين هو من عائلة الغنادير المعروفة في أمدرمان والتي عميدها مزمل غندور الذي سمعنا أنه كان مرشحا لقيادة إنقلاب مايو بدلاً عن جعفر نميري إلا إن الإختيار رسا على الأخير لبلادته أو كما قالوا والله أعلم، وهاشم بدر الدين متزوج من إحدى قريباته وخالها مزمل غندور وهي سيدة فاضلة ومحترمة من بنات ود آرو وتخرجت من كلية العلوم بجامعة الخرطوم في السبيعنات، وقد عرفت هاشم بدرالدين عن كثب بحكم السكن والعلاقة الوثيقة مع عدد من أبناء الغنادير، وكان حينها يزاول رياضة الجودو ونال أعلى أحزمتها ثم بعد ذلك تحول إلى التايكندو وبرع فيها وسافر إلى اليابان إلى التدريب عليها، وكان ذو خلق تهزه بسمة الطفل وصوفي متبتل، وأنقطعت الصلات بيننا بسبب الدراسة والإغتراب، إلا من شذرات تأتي من هنا أو هناك، ولقد سمعت عنه أول مرة بعد إنقطاع طال، عبر الأخبار التي حملت نبأ إعتداء المصارع السوداني على الترابي في كندا والذي كاد أن يؤدي به إلى حتفه، ثم عاد الإنقطاع إلى إنقطاعه حتى قيام جون قرنق بزيارته الأخيرة إلى أميركا وأوردت الأنباء أن الحارس الشخصي المتوثب لحماية جون قرنق أثناء الزيارة وأينما حل ونزل ووقف وخطب هو أحد أبناء الشمال وهو هاشم بدرالدين وقد أشار إليه جون قرنق في سياق حديثه عن الشماليين والتسامح الديني في الحركة عندما ذكر أن هاشم بدرالدين يؤدي صلاته وشعائره الدينية بحرية في رمبيك..الشريط دا مر أمامي بعد قراءتي لهذا البوست..تسآلت هل أنضم هاشم بدر الدين للحركة الشعبية لأنه يتعاطف مع الجنوبيين ولأن حبوبته كانت جنوبية؟

الشيء التاني، وهو قديم، لماذا كلما أثير موضوع الرق والرقيق في السودان تركز الإنتباه على الجنوبيين؟ الجنوبيون قبائل مختلفة، بينهم القبائل المهيمنة والقبائل المهمشة..هل شمل الإسترقاق كل هذه القبائل من قبل جهات خارجية؟ وهل خلت العلاقة بين القبائل الجنوبية من إسترقاق أعلاها لأدناها؟ ألا ترون أن حصر الإسترقاق على منطقة جغرافية دون غيرها وعلى سكان رقعة جغرافية بعينها هو طمس لحقائق التاريخ المطموسة أصلا لعدم وجود التوثيق لها وحتى الدراسة التي أعدها محمد ابراهيم نقد عن هذا الموضوع كانت ناقصة وولدت مولود أقل من سبعة شهور لأنها خلت من تغطية تاريخ الرق والإسترقاق في فترة العهد التركي، والسبب أن وثائق تلك الحقبة لا تتوفر إلا لدي دار المحفوظات المصرية التي تحظر الوصول إلى تلك الوثائق

لماذا لا نغض الطرف عن كل ما مضى عليه قرن من الزمان بحكم أن السودانيين كلهم لم يكونوا أسياد أنفسهم بل كانوا بأسيادهم؟ ودعونا ننشر غسيلنا عن الفترة من 1955 إلى 1972 بدء الإقتتال في الجنوب وظهور حركة الأنيانيا ثم من 1972 إلى 1983 إتفاقية أديس أبابا للحكم الذاتي للأقليم الجنوبي ماذا حققت ولماذا انهارت ومن 1983 إلى الأن قيام الحركة الشعبية وتوجهاتها وخطها الفكري وأيدولوجيتها التي تقوم عليها ومغزى المسميات .. تحرير السودان..السودان الجديد..أعتقد أن البحث في الأحداث التي تقع في إطار زمني يمكن التأريخ له قد يكون أجدى من الغوص في التاريخ المجهول

الأخ عيون الحرية ....لك التحية و الشكر

لا تقلق فأنا لم أتسرع و أفهم غير ما أردت أنت قوله، فلي يومان أقرأ في ردودك دون التمكن من الرد عليها لضيق الزمن المتاح ...لنعد إلى الموضوع إذا ، و لنناقش القضية نقطة بنقطة

أولا: أنت تقول أت الشماليين هم الذين حرروا السودان من الإستعمار ، و هم الذين دفعوا دمائهم من أجله في حين لم يفعل الجنوب و أبنائه نصف مقدار ذلك، دعني أسألك هنا ....و ماذا تعرف عن تاريخ المقاومة في الجنوب ؟ ...ببساطة تاريخ السودان النضالي الذي بين أيدينا اليوم هو في أغلبيته العظمى تاريخ شمالي، و لكن هذا لا ينفي و جود تاريخ نضالي جنوبي ، و لكن تسلط الشمال حجبه عن الرؤية

ثانيا: الشماليين عندما حاربوا الإستعمار، لم يكن الجنوب في بالهم أساسا كشعب ، و إنما كأرض ، و الفرق كبير، و على هذا فهم لم يدفعوا دمائهم من أجل تحرير الإخوة في الجنوب ، فهذا كلام مردود لعدم منطقيته و واقعيته، الشمال أخذ الوصاية على الجنوب من قبل المستعمر دون إستشارة الجنوب ، و لم يناضل من أجله كما ذكرت ، و إعتمادا على هذا يمكن أن نقول أن الشمال بالنسبة للجنوب أقرب إلى المستعمر من (البطل المحرر) و هو أصبح مستعمرا حتى دون تعب ، فأين نضال الشماليين و حقهم في الجنوب في هذا ؟ إنها لمشكلة في حد ذاتها أن يكون هناك من يفكر في أرض الجنوب من الشماليين بهذه الطريقة

ثالثا:اعتبار الجنوبيين للشماليين أنهم عرب نوافقك فيه ، و لكن أليس من الإنصاف أن نذكر دور الشمال في ترسيخ هذه الفكرة في أذهان الجنوبيين؟ فالشماليين بحكوماتهم المتتالية رفعوا شعار الهوية العربية عاليا خفاقا لا يبغون سواه ، و بعد هذا تلوم الجنوب إعتباره للشمال عربي دخيل؟

رابعا: من الطريف أن نتسب أمجاد أجدادك الشماليين و تضحياتهم إليك بكل عزة و أنفة، و لكن تتنكر لهم حين يأتي ذكر مخازيهم التاريخية، فأنت هنا تنتظر حق تعب أجدادك في تحرير السودان شمالا و جنوبا (إن كان هذا صحيح أصلا) و لكن تقول أنك لم تسترق أحدا و ليس لك علاقة بما فعله الشماليين قبلك من إسترقاق شعب الجنوب و غمطهم حقهم قبل كل شئ .....ألا ترى الخلل في هذه الرؤية المشوشة؟ ....عندما تنتسب إلى شخص أو أمة و تطالب بإرثها ، فلك إرثها كله لا تجزئة فيه حسب هواك، و يكفيك حينئذ شرفا و نبلا الإعتراف بأخطائها دون تورية

خامسا: كلامك عن الديموقراطية التي رفضها الجنوبيين أو القيادات الجنوبية فيه شئ من الإجحاف ، فحتى عندما دعت الحكومات الشمالية الجنوبيين لحل المسألة ديموقراطيا كانت تعلم أن الجنوب و الجنوبيين لم يصلوا بعد للمرحلةالتي يخافون منهم فيها في ظل الديموقراطية، فالحكاية كانت مجرد خدعة سياسية خبيثة، كان يكون لدى أخيك الصغير ورقة نقدية من فئة العشرة آلاف جنيه ...ثم تبادله بورقتين من فئة الخمسمائة جنيه ظنا منه أن ورقتان أكثر من واحدة، و الجنوب لم يكن قد وصل مرحلة النضوج السياسي بعد، فكان الأحرى بالحكومات الشمالية إقامة الفيدرالية في الجنوب و من ثم السعي إلى تحسين خدمات التعليم و الصحة و ما إلى ذلك هناك من المقومات ....ثم تأتي بعد ذلك و تدعي الحق فيه .....القيادات الشمالية لم تفهم أن الحركات المعادية في الجنوب ليست إتفصالية و حسب ، و لكنها صاحبة حق أيضا....و شتان بين هذا و ذاك ، و طريقة التعامل معهما

جون قرنق كان ذكيا لأنه تعلم من مواقف القادة الجنوبيين قبله و خيبة آمالهم، الشعب الجنوبي في ظل تلك الديموقراطية المدعاة لم يكن ليتقدم قيد أنملة فكريا و لا سياسيا، و لطغى عليه الشمال بقوة الإقتصاد و الثقافة المستعربة ، و لضاع الجنوب و أهله

سادسا: ذكري للإعتذار الذي قدمته الحكومة الأمريكية للأفارقة الأمريكان ليس عديم الفائدة هنا، فالغرض منه كان التنويه أن هذه الطريقة طريقة حضارية مطبقة و لها نتائج مثبتة

سابعا: بالنسبة لمظالم الشماليين الذين قتلوا و ذبحوا في الجنوب في حوادث التصفية العرقية ليست منكورة، و لكن نعود هنا لمثال الأخ رقم صفر في قصة الإعتذار الذي قدمته الحكومة البيضاء في جنوب أفريقيا للسود قبيل إعتزالها، فمن المعروف أن الكثير من البيض أيضا ماتوا ظلما و ذبحوا من قبل السود أثناء فترة العنصرية، و لكن تأتي المقارنة في حجم الخسائر و الظلم و المبادئة، و لهذا إعتذر البيض دون (أو قبل) أن يعتذر السود

فكرة الإعتذار الشمالي للجنوب واجب من أجل وحدة الوطن الغير موحد حاليا و لم يكن كذلك في يد أبنائه في يوم من الأيام، و هي دعوة دعا بها الكثير من المخضرمين سياسيا و تاريخيا في شمال البلاد ، و لاقت قبولا معقولا و تأييدا من أنداد لهم في جنوب البلاد، و هي فكرة لها أسبابها المنطقية ..و نتائجها المرجوة ....فإن لم يقبل بهذا الإعتذار الغالبية من أهل الجنوب (أقول الغالبية حتى نكون واقعيين ، فمن المحتمل جدا أن لا يقبل البعض الإعتذار ..و أظن في هذا ردا على رسالتك التي أوردت فيها مقال (بلاك جيسس) فذلك ليس رأي جميع الجنوبيين) فإن لم يكن الإعتذار مقبولا .....فليس من سبيل سوى الكونفدرالية أو حتى الإنفصال التام لننتهي من هذه الصفحة السوداء في تاريخنا الحديث ..شمالا و جنوبا

الأخ عيون الحرية ....المعذرة ...و لكن يبدو أنك لم تقرأ رسالتي كلها أو أنك لم تعيها إنتباها كافيا ..لهذا سأضطر لإعادة بعض السطور للمرة الثانية، و لكن قبل ذلك ...هذا جزء من ردك هنا

انا اولا اؤيد انفصال الجنوب تماما توفيرا للمعاناة التي يلقيها الطرفين
فليس هناك حقيقة شئ يجمع بين قطبين متنافرين , لكل منهما رؤيته السياسية الخاصة
اذ اصلا لا امل ان تنجح كونفدرالية بين الشمال و الجنوب لان الكونفدرالية لها مقومات سياسية و ثقافية و اخري اقتصادية , لا تتوفر بين الشمال و الجنوب, فعامل الثقة بين الشمال و الجنوب منعدم تماما , فالجنوب يشكك دوما في نظام الشمال و كذلك الشمال فقد كل امل في اقناع الجنوب بحسن النية و سقت لك الامثلة لذلك و لكنك رفضتها تماما و بدون اسس


أرجو أن تقرأ بوست الأخ سلطان حول اللقاء الصحفي مع عبد العزيز خالد، فهذا موضوع آخر

أما بالنسبة لتعجبك أنني أنكرت مذابح 1958 فهذا ما جعلني أشك في أنك لم تقرأ رسالتي كاملة ...أرجو العودة لها إذا تكرمت

سألتني أن أعطيك مثالا لجنوبيا واحدا أبدى رأيه بموضوعية و دون أحقاد تنم عن نية سوداء ...هذا طلب سهل جدا ....فلتقرأ لماك جي في البورد الآخر إذا لم تقرأ له من قبل ...و بعد ذلك عد و طالبني بآخر إذا لم يعجبك (رغم أن ذلك غير وارد) ...و عدا ذلك فأنا ألاقي العشرات شخصيا مثل ماك جي في حياتي اليومية

و هذا أيضا مقطع آخر من رسالتك يدل على أنك لم تأخذ رسالتي أساسا مأخذ الجدية قبل أن ترد عليها

دفاعك عن الجنوب مستوحي من رؤية شخصية للمسألة تنافي الحقائق و الموثق من التاريخي السياسي...الجنوب اصلا لم يكن له دور في النضال ضد الاستعمار فهم لم يكن لهم اصلا شكل حضاري و لم يعرفوا شكل المجتمع الحضاري الا مؤخرا ... ولم يكن لهم اية ادني فكرة عن الدولة القطرية وغيره لذلك لم يكون حضورهم في الساحة السياسية السودانية الا مؤخرا وقد استفاد المستعمر من سذاجتهم البسيطة ليشعل نيران الحرب الاهلية....فكما ذكرت لك ان اولي حركتهم كانت تعتقد انهم يحاربون الاستعمار العربي الذي دخل - حسب اعتقادهم- للتجارة بهم قد لا تصدق هذا و لكن هذا ما حررته وكالة الاستخبارات الانجليزية في ارشيفها و التي وجدت بحوزة ذلك الجاسوس الذي قبض عليه النميري و اعدمه في اوائل السبعينات

في أفريقيا يا عزيزي ناضلت جميع فئات الدول المستعمرة ضد الإستعمار حسب إمكانياتها السياسية و العسكرية و الثقافية ....و أقرب مثال قبائل الماساي فس كينيا الذين حاربوا الإستعمار رغم أنهم ليسوا كيان دولة (بالمعنى الذي رميت إليه)..و لا يختلف سكان جبال النوبة و قبائل الجنوب عن الماساي في تلك الخطى ..... إن الجهل التاريخي الحقيقي أن تنكر ما لا تعرفه قبل أن تتأكد من صحته

و مازلت تنظر للجنوب على أنه الساذج الذي خدعه الإستعمار لإشعال الحرب الأهلية ...بمعنى أنك ما زلت تؤكد على وصاية الشمال للجنوب ....و هذا ما رفضه الجنوب جملة و تفصيلا منذ البداية و هم أصحاب حق في ذلك ...و الغريبة أنك بعد ذلك تقول (دعهم ينفصلوا ..لا حاجة لنا بهم ) ..أرجو بعد أن تقرأ رسالتي الأولى بتمعن أن تدرك التناقض في كلامك هذا

الأخ عيون الحرية

سؤالك عن إيراد مثال لحركات جنوبية ضد الإستعمار هو عدم الموضوعية في حد ذاته(المعذرة) فها أنت تارة تقر أن السودان لم يكن يوما دولة واحدة في يد أبنائه ...و من ثم ما زلت تلوم الجنوبيين لعدم نضالهم الكافي ضد الإستعمار(بمعنى أنك تقر بوحدة السودان)، لا يستوي هذا و ذاك ولا يدخلا في ظل رأي واحد

و مع ذلك سنجاريك حسب مقدورنا في هذا التيار....إنك تقرأ حتى في كتب وزارة التربية و التعليم السودانية (و التي هي أبعد ما تكون عن التوثيق النزيه)أنه كان هناك حركات مناهضة للإستعمار من قبل القبائل الجنوبية و قبائل جبال النوبة ، لم تذكر هذه الكتب أي تفاصيل، و لكنها أقرت بحدوث هذا الحركات على الأقل ، أما تفاصيلها فليست لدي أنا أيضا للأسف ، و على كل يجب أن تعرف أن حركة الأنيانيا نفسها كانت حركة ضد الإستعمار ، فحتى لو كان ما ذكرته صحيحا أن الجنوبيين في البداية كانو يظنوا أنهم يحاربون الحكومة المصرية، فهذا أيضا نضال ضد الإستعمار ، و لافرق سواء كان المستعمر مصري أو أوروبي ..هل ترى أنت فرقا في ذلك ؟ ...و من ثم جاءت الحكومة السودانية رافعة شعاراتها العربية و محددة لخط سير السودان بشماله و جنوبه دون إستشارة أهل الجنوب، و دون النظر إليهم سوى أنهم شوكة في حلق الأمة السودانية الواعدة...فأين الديموقراطية في ذلك؟

ثم دعني أسألك ....هل كان النضال السوداني الشمالي ضد الإستعمار البريطاني بهذا الحجم الذي جعلك تغمط الجنوبيين تاريخهم النضالي (رغم أن هذا ليس لب موضوعنا) ...السودان نال إستقلاله من بريطانيا بعد شئ من النضال ، و كثير من (التحنيس) ..كرسالات مؤتمر الخريجين للحاكم العام المذيلة دوما بـ(خادمكم المطيع)..إذا كنت قويا في حقك، فكيف تتذلل لمن إغتصب حقك بهذه الطريقة؟

الفرق بين مقاومة الماساي و مقاومة قبائل الجنوب أن الأولى موثقة ، و الثانية ليست كذلك ...حسب معلوماتي الضحلة عن تاريخ الجنوب...ومن ثم يأتي سؤال آخر : إذا فرضنا فرضا ليس له وجود أن الجنوب لا يملك تاريخا نضاليا ضد الإستعار، هل هذا يعطي الحق للشماليين أن يغمطوا الجنوبيين حقهم في أرضهم من أجل ذلك؟

قلت أنت :


لم نفرض واصايا علي الجنوب و لكن فرض الجنوب قسرا علي السودان
وحماله الشمال جهلا بوزره


إذا كان هذا الكلام صحيحا، فلماذا لم يتنازل الشمال عن الجنوب بعد كل هذه التعاسة التي سببتها هذا القضية؟ هل هو الإحساس المفرط بحجم الأمانة التي فرضت قسرا على الحكومات الشمالية؟ طبعا لا .....و لكن كما ذكرت لك آنفا، فرغبة الشمال في تحرير الجنوب كانت من أجل الأرض و ليس الشعب ، و الفرق شاسع بين هاتين النظرتين