احتلال العراق وتداعياته في المنطقة> > >محمد علي جادين> > >مقدمة :> > >1. الغزو الأمريكي للعراق يمثل زلزالا سياسيا واجتماعيا خطيرا له تداعياته ونتائجه المدمرة في عموم المنطقة العربية والشرق الأوسط ومن ضمنها وطننا السودان ، بل هو بداية لفرض الهيمنة الأ" /> حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها

حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 10:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ضياء الدين ميرغنى الطاهر(altahir_2&ضياء الدين ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2003, 04:28 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ج3 حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها (Re: altahir_2)


    > > >10) لقد قامت امريكا وبريطانيا بغزو العراق واحتلاله تحت شعارات (حرية العراق واقامة نظام ديمقراطي ) يكون نموذجا في المنطقة . ولكنها تعمل الان علي فرض ادارة عسكرية امريكية وتحويل البلاد الي قاعدة اساسية في استراتيجيتها في المنطقة. وبرز ذلك في تخليها عن وعودها بتسليم السلطة لحكومة انتقالية من قوى المعارضة التي عادت مع دبابات الغزو . وفي البداية كانت تنكر وصفها كقوى احتلال وجاء قرار مجلس الامن الدولي الاخير ليؤكد هذه الحقيقة ويكرس احتلالها ويطلق يدها في تقرير مصير العراق . ومنذ البداية تركزت اهتماماتها في السيطرة علي المنشآت النفطية وخصخصتها وتسليمها للشركات الامريكية . وفي الجانب السياسي اتجهت الي تقسيم البلاد علي اسس دينية وعرقية (اكراد في الشمال ، سنة في الوسط وشيعه في الجنوب) ووضعها تحت ادارة امريكية عسكرية ومدنية ، وفي اسابيع قليلة تخلت عن برنامجها المعلن واستبدلته بحكومة احتلال يساعدها مجلس استشاري محلي . وادي ذلك عمليا الي ابعاد قوى المعارضة الخارجية وتهميش دورها في تقرير مصير وطنها. وفي الوقت نفسه اتجهت لتصفية مؤسسات الدولة الوطنية بهدف اعادة تأسيسها علي أسس ملائمة لوجود واستمرار الاحتلال . وهذا التحول يعكس اضطرابا في التقديرات والتكتيكات وفي معرفة الواقع وتطلعاته. ولكنه يؤكد أن قوى الاحتلال لاتزال تبحث عن قوى اجتماعية حليفة داخل المجتمع يمكن الاعتماد عليها كوسيط بينها وبين شعبها . ويمكن العثور علي هذه القوى في اوساط قوى المعارضة الخارجية والقيادات الدينية والعشائرية واثرياء الحصار والحروب وحتى وسط بيروقراطية الدولة . ولكن هناك عوامل هامة يجب وضعها في الاعتبار ويتمثل اهمها في أن الشعب العراقي يواجه احتلال يستهدف تدمير مقدراته ونهب ثرواته الوطنية . وكل احتلال لابد أن يولد مقاومة وطنية قادرة علي النمو والتطور . والشعب العراقي له تجاربة وخبراته في مقاومة الحكم التركي والاستعمار البريطاني . ولذلك واجه قوات الغزو منذ البدابة بمقاومة باسلة احبطت كل حسابات وتقديرات القوى المعتدية في انتصار خاطف واستمرت لاكثر من ثلاثة اسابيع رغم ضعف الامكانيات وسلبيات النظام الابوي الفردي وضخامة امكانيات وقدرات قوى الغزو والاحتلال وامتدت الي انضمام اطراف من المعارضة لصفوف المقاومة ووضع الاساس لمصالحة وطنية صلبة . صحيح أن هذه المقاومة انهارت بطريقة مفاجئة عند دخول القوات الغازية في العاصمة بغداد . وايا كانت اسباب هذا الانهيار ، فانه لا ينفي حقيقة المقاومة ولا يقلل من شأنها . وبعد سقوط بغداد افصحت القوى العراقية المختلفة عن رفض واسع لواقع الاحتلال واعلنت مطالبتها بانسحاب القوات المعتدية وتسليم السلطة لحكومة وطنية مؤقته في اطار عراق ديمقراطي موحد . والواضح الان ان أي قوى تتعامل مع قوات الاحتلال ستجد نفسها معزولة عن شعبها وعن دول الجوار العربي والاقليمي (اذا استثنينا الكويت المدفوعة بعقدة غزوها في 1990 ودولة قطر التي قامت بدور رئيسي في عمليات الغزو والاحتلال ) ووضح ذلك في مطالبة هذه الدول بانهاء الاحتلال وتكوين حكومة انتقالية في مؤتمر عقدته بمدينة الرياض في نهاية ابريل الماضي . ومع استمرار حالة الانفلات الامني وشيوع الفوضي وعمليات تخريب ونهب الممتلكات وعجز سلطات الاحتلال عن القيام بواجباتها واستفزازها لمشاعر الوطنية العراقية ، مع استمرار كل ذلك تزايدت حالة الرفض الشعبي لقوات الاحتلال وبرزت حركة مقاومة واسعة في اشكال مختلفة . واستمرار هذه المقاومة وتطورها الي جبهة وطنية واسعة ، يمثل عاملا اساسيا في حسم الموقف لصالح العراق كوطن وشعب . وسيجد ذلك دعما اضافيا في وضوح مواقف دول الجوار العربي والاقليمي واتساع ضغوطها وفي تزايد دور الامم المتحدة واشتداد صراعات الدول الكبري حول مستقبل العراق واحتمالات تدهور قدرات الاقتصاد الامريكي علي تجاوز ازماته المتفاقمة خلال الفترة القادمة. ويساعد علي ذلك وضوح موقف الحركة الوطنية العراقية التاريخي من قضايا الاستقلال والوحدة الوطنية والقضايا القومية وعلي رأسها قضية فلسطين . وكذلك امكانيات نهوض الحركة الشعبية العربية لمواجهة تحدياتها الجديدة . وتضافر هذه العوامل في مجملها يقود دون شك الي تطور الاحداث في اتجاه انسحاب قوى الاحتلال ووضع البلاد تحت اشراف الامم المتحدة والجامعة العربية لفترة محدودة بهدف اعادة اعمارها وبناء مؤسساتها علي اساس الديمقراطية والمصالحة والوحدة الوطنية ومشاركة كل القوى الوطنية . ويبدو أن ذلك هو الطريق الوحيد المفتوح امام شعب العراق لاستعادة مصيرة بيدة . فقوى الاحتلال تختزل الان اهدافها في القضاء علي النظام الديكتاتوري السابق ، لكن واقع الحال يشير الي انها تعمل علي تدمير منجزاته ونهب ثرواته وارجاعه الي عهود الاستعمار. وحديثها عن اعادة الاعمار وبناء عراق مزدهر تكذبه وعودها في افغانستان والصومال ووعودها لمساندة السلطة الفلسطينية بعد مؤتمر مدريد في 1991 واتفاقيات اسلو في 1993 . وفي هذا الاتجاه يمكن أن تلعب الجامعة العربية ودولها الاساسية وحركة التحرر القومي العربية دورا هاما وايجابيا يحافظ علي وحدة العراق واستعادته لمحيطه العربي والاقليمي ويبعده عن مخاطر السيطرة الاجنبية والتقسيم والتفتيت علي أسس دينية وعرقيه . ويشمل ذلك مساعدة القوى الوطنية العراقية في الوصول الي اجماع وطني حول أولويات انهاء الاحتلال وتعزيز الوحدة الوطنية والتحول الديمقراطي والمصالحة الوطنية ودور العراق في محيطه العربي والاقليمي . والمدخل الي ذلك يتمثل في الابتعاد عن ردود الفعل ومرارات المرحلة السابقة . وذلك لتحاشي الصراعات الداخلية والتركيز علي قضايا اعادة تأسيس الدولة الوطنية . وهي قضايا شائكه ومعقده ، بحكم تعقد الوضع العراقي والعربي بشكل عام وغياب الديمقراطية في العراق طوال تاريخه الحديث وتراكم المشاكل التي خلفها النظام السابق ، وهنا تشير التطورات الجارية الي اتساع الوعي والاحساس بالمسؤولية في مواجهة هذه القضايا وسط غالبية الاحزاب والتجمعات السياسية العراقية التي ظهرت الي السطح في الفترة الاخيرة . وذلك اذا استثنينا بعض الاحزاب والتجمعات الدينية (الاسلامية) التي يعكس خطابها السياسي توجها لاقامة دولة دينية ستؤدى حتما الي تقسيم البلاد واعاقة التحول الديمقراطي والعودة للديكتاتورية تحت شعارات جديدة . ويعكس ايضا توجها للثار من الطبقة الحاكمة السابقة وعزل حزب البعث العراقي من الحياة السياسية العامة . وهو توجه غير ديمقراطي في جوهرة ويحاكم حزبا وطنيا له جذوره وتاريخه في المجتمع العراقي والحركة الوطنية العراقية نتيجة اخطاء وسلبيات ارتكبتها مجموعات محددة ظلت تحكم باسمه وشعاراته طوال الفترة السابقة ، كما اوضحنا في صفحات سابقة ، ومعالجة هذه التوجهات الخطرة والمعادية للديمقراطية والوحدة الوطنية تتطلب وعيا عاليا واحساسا كبيرا بالمسؤولية الوطنية والقومية . فالاسلام كدين وثقافة وحضارة وتاريخ يشكل مكونا اساسيا في الوطنية العراقية بعربها واكرادها واقلياتها الاخرى ولكن تحويله الي اداة في الاستقطاب والنشاط السياسي سيقود الي صراعات مدمرة حتى بين المذاهب الاسلامية . وسلبيات النظام السابق ومسؤوليته عن ماحدث من اخطاء وتجاوزات وكوارث يمكن تحديدها ومحاكمة من ارتكبوها امام محاكم عادلة وامام الراي العام العراقي والعربي في نفس الوقت . وذلك دون التورط في محاكمة حزب بكامله هو نفسه كان ضحية لتلك الاخطاء والسلبيات . وفي هذا الاتجاه لنا أن نتوقع قيام حزب البعث العراقي بعملية نقد ذاتي عميق ومسؤول لتجربته خلال السنوات السابقه لتحديد سلبياتها وايجابياتها وتحديد مسؤوليته في ماحدث ، ومن ثم ادانة النهج الديكتاتوري والفردي الذى سيطر في الفترة السابقة واعلان نهج جديد يقوم علي الديمقراطية وتجديد الفكرة البعثية والعمل مع القوى الوطنية الاخرى من اجل بناء عراق ديمقراطي موحد وفاعل في محيطه العربي والاقليمي . وبذلك وحده يعود الي الحياة العامة ويحافظ علي جذوره وتاريخه في المجتمع العراقي ويساهم مساهمة كبيرة في عملية تجديد الفكر القومي واعادة تأهيل حركة التحرر القومي العربية وتمكينها من القيام بدورها في هذه المرحلة الحرجة من تطور الوطن العربي والعالم . فهل يستطيع ذلك ؟ وهل تستطيع القوى الوطنية العراقية تجاوز مشكلات التحول الديمقراطي البارزه الان؟
    > > >خاتمة :
    > > >11) في الصفحات السابقة حاولنا متابعة مجريات الغزو الامريكي البريطاني للعراق واحتلاله . وشملت المناقشة مبرراته واسبابه الحقيقية وتداعياته في المنطقة في اطار تطورات عالم ما بعد الحرب الباردة وتوجهات امريكا لفرض نفسها كقطب اوحد في عالم اليوم . وتطرقنا ايضا الي اخطاء وسلبيات القيادة العراقية الناتجة من طبيعة نظامها الابوي الفردي ودورها في توفير مبررات وذرائع عديدة مكنت القوى الامريكية والبريطانية من تنفيذ مخططها بكل سهولة . واذا كان ماحدث يتجاوز العراق ونظامه السياسي ليشمل المنطقة بكاملها فان مناقشة آثاره وتداعياته تطرح اسئلة هامة حول مدلولاته الفكرية والسياسية وتأثيرها في مستقبل حركة التحرر القومي العربية بكافة اطرافها ، ومن ضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وسوريا والبلدان العربية الاخرى ، وذلك بحكم دور هذه القوى وسيطرتها علي المناخ الفكري والسياسي في المنطقة طوال الخمسين عاما الماضية ، وتشمل التساولات ايضا مستقبل المشروع النهضوي العربي . هل ما حدث يحكم عليه بالفشل ونهاية التجربة بكاملها ؟ أم انه لا يزال يملك امكانيات لتطوير نفسه وتجديدها وتقديم اجابات اكثر ملاءمه لمتغيرات الواقع ؟ هناك بالطبع اجابات عديدة حول هذه الاسئلة وغيرها ومن مواقع فكرية واجتماعية متباينة . ويتمثل اهمها في توجهين : الاول يمثل موقف الاستسلام للهزيمة السياسية والعسكرية وتمديدها للمجال الفكري والثقافي وذلك تحت ضغوط واقع العجز والتخلف العربي وتراجع حركة التحرر القومي العربية خلال العقود الاخيرة وخاصة في فترة الغزو والاحتلال ، وضغوط المتغيرات الدولية والاقليمية العاصفة والمتسارعة ومن ثم التراجع عن مفاهيم وثقافة حركة التحرر والنهضة الشاملة والمستقلة واللحاق راسا بقطار العولمة الامريكية المتعسكرة وشعاراتها حول الديمقراطية والاصلاح السياسي والاجتماعي . وهذا التوجه يتجاهل اشكاليات حركة النهضة العربية وارتباط صعودها وانكسارها باسباب داخلية وخارجية معقدة تحتاج الي جهد فكري جاد ومتواصل . ويتجاهل ايضا طبيعة العولمة الراهنة كمرحلة في تطور النظام الراسمالي العالمي تقود فقط الي دمج واحتواء وتهميش واستبعاد بلدان العالم الثالث وفق شروط ومصالح المركز الامريكي المسيطر ولذلك فهو يعني عمليا التخلي عن فكرة النهضة في اساسها والاندماج في هامش النظام الراسمالي العالمي . والموقف الثاني يتمثل في الجمود والتخندق حول مفاهيم المرحلة السابقة وتطعيمها بمنطلقات دينية اسلامية وقومية يسارية متطرفه في رفض الاخر المعتدي ورفض انجازات الحضارة الغربية وايجابيات ظاهرة العولمة خاصة في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان . وكأنه بذلك يحاول استعادة مناخ حركة التحرر القومي العربية في فترة الحرب الباردة وخاصة في فترة الخمسينات والسبعينات تحت شعارات وظروف مختلفة . وهو بعكس الموقف الاول يتجاهل المتغيرات الجارية رغم تسارعها وعنفها ويقاوم أي محاولة للتجديد الفكري والسياسي كما هو واضح في جمود الانظمة الوطنية العربية ، وخاصة في العراق وسوريا وعدم قدرتها علي التفاعل مع المتغيرات الجارية حولها . ويتجسد هذا الموقف بشكل مكثف في حركة الاسلام السياسي الراهنة . وهذا الموقفان يلتقيان في تطرفهما وتجاوزهما لحقائق الواقع ومجرياته وامكانيات تطوره الفعلية . ولذلك يهرب الاول خلف سراب ووعود العولمة ويتخندق الثاني في ثوابته خوفا من مخاطر واستحقاقات التغيير والتجديد . وفي الحالتين تبدو الاجابة خارج التاريخ وضروراته . فما حدث بضخامته وعنفه واتساعه ، يؤشر نهاية مرحلة تاريخية كاملة في تطور المنطقة وتطور حركة التحرر القومي العربية ، ومن ضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي وبداية مرحلة جديدة ظلت ارهاصاتها تتواصل منذ هزيمة 1967 وردة السادات في مصر بعد وفاة جمال عبدالناصر , وبرزت هذه الارهاصات بشكل واضح بعد حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي في بداية العقد الاخير من القرن الماضي . وانطلاقا من هذه الحقيقة يجب تناول الاسئلة التي يطرحها احتلال العراق .
    > > >12) لقد ارتبط صعود حركة التحرر القومي العربية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بالنضال ضد الاستعمار وشعارات الوحدة العربية والحرية والاشتراكية كدعائم اساسية لنهضة عربية شاملة ومستقلة . وفي مناخ ذلك الصعود كانت قواها الاساسية تركز علي التنمية والتحول الاجتماعي ومناهضة الاستعمار والوجود الاسرائيلي في فلسطين وتجاهل قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان بشكل كامل تقريبا . وفي اطار هذا المناخ الفكري والسياسي ظهرت الانظمة (الوطنية التقدمية) في مصر والجزائر وسوريا والعراق واليمن الجنوبي وغيرها . وظلت تعتمد علي نظام الحزب الواحد واجهزة القمع في الداخل وعلي دعم ومساندة المعسكر الاشتراكي في الخارج ، وظلت ايضا تجد دعم ومساندة اطراف حركة التحرر القومي العربية في اطار اهدافها العامه . وفي سبعينات القرن الماضي وصلت انجازاتها لحدودها القصوي وبدأت تدخل مرحلة الازمة والتناقض الصارخ بين خطابها المعلن وممارساتها العملية . ونتيجة لذلك ظلت تعاني تراجعا منتظما في اتجاه التصالح مع الواقع المتخلف والتابع . وبعد حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي فقدت مبرر بقائها واستمرارها . ويرجع ذلك بشكل رئيسي الي غياب الديمقراطية وعدم القدرة علي التفاعل مع المتغيرات ومع خبراتها بمنهج نقدي صارم يساهم في تجديدها وتطويرها وتأهيلها للقيام بدورها ، وانعكس هذا التراجع علي حركة التحرر القومي العربية بكاملها ومن ضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي ، وذلك بحكم ارتباطها بدرجات متفاوته بتوجهات هذه الانظمة وسياساتها . وهذا هو ما نقصده بنهاية مرحلة كاملة في تطور حركة التحرر العربي بشعاراتها ورموزها وبداية مرحلة جديدة لها شعاراتها المحددة وفي مقدمتها الديمقراطية وحقوق الانسان ، تماما كما حدث بعد الحرب العالمية الاولي (مكافحة الاستعمار من اجل الاستقلال والوحدة) وبعد الحرب العالمية الثانية (شعارات الوحدة والتحرر والاشتراكية) وهو تطور طبيعي يرتبط بالتفاعل الايجابي مع متغيرات الواقع وحاجاته الضاغطة . ولكن هل ينسحب فشل هذه الانظمة والتجارب علي حركة التحرر القومي العربية ؟ وهل نعتبره نهاية للمشروع النهضوي العربي ؟ وهل فشل وسقوط النظامين العراقي والسوري يعتبر فشلا ونهاية لحزب البعث ؟ ام للنخب التي ظلت تحكم باسمة ؟ الاجابة علي هذه الاسئلة ترتبط بقدرة هذه القوى علي تجديد نفسها وتطوير مشروعها في اتجاه استيعاب الظروف الجديدة . ولا نريد هنا المقارنة بما حدث في الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي السابقين . فكل حالة لها خصوصيتها ومسارها . ولكن نشير فقط الي أن اخفاقات حركة التحرر القومي العربية وتجاربها خلال الخمسين عاما الماضية ترجع بالتحديد الي عوامل محددة ، بعضها خارجي (الاستهداف الاستعماري الغربي والامريكي) وبعضها داخلي يرتبط بتركيبة المجتمعات العربية التقليدية العشائرية والطائفية وغياب عمود فقرى لطبقة اجتماعية قائدة وعجز الحركة الفكرية والسياسية العربية في تحقيق ثورة ثقافية واصلاح ديني حقيقي ، ولذلك ظلت حركة النهضة العربية تعاني اشكالية معقدة تسيطر عليها ظاهرة النهوض والسقوط المتواصل . ولهذا السبب فان فشل وسقوط هذه التجارب ، مهما كانت اهميتها ، لا يمكن اعتباره نهاية للمشروع النهضوي العربي وحركة التحرر القومي العربية ومن ضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي . وذلك لان النكسات والهزائم المتواصلة ترتبط باسباب محددة يمكن تناولها ومعالجتها في اطار اساسيات هذا المشروع والاهداف العامة لحركة التحرر القومي . وذلك في اتجاه اكثر تطورا وبلورة . وهذا ما حدث بالفعل بعد نكبة 1948 وهزيمة 1967 وبعد حرب الخليج الثانية وسقوط الاتحاد السوفيتي في بداية العقد الماضي ، وذلك بحكم استمرار المهام المطروحة في الواقع . وفي الظروف الحالية هناك اسباب اضافية تتمثل في ظاهرة العولمة بتحدياتها المختلفة وتوجه العالم للتكتلات السياسية الكبيرة . ولذلك لم تؤدي النكسات والكوارث الاخيرة الي الانهيار ، بل أدت الي طرح ضرورة تجديد وتطوير الفكر القومي والمشروع النهضوي العربي وانهاض حركة التحرر القومي العربية واعادة تأهيلها للقيام بدورها . وذلك من خلال عملية نقد ذاتي ومراجعة واسعة وعميقة . فقد شهدت العشرين عاما الاخيرة جهودا واسعة في هذا الاتجاه شملت كل اطراف حركة التحرر القومي العربية وفي مختلف البلدان العربية . وتمثل أهمها في نشاطات مركز دراسات الوحدة العربية ومراكز اخرى عديدة , ومساهمات المغرب العربي واضافاته المميزة في تطوير اطروحات الفكر القومي التي ظلت تسيطر عليها تجربة المشرق العربي . وهناك المساهمة المصرية بثقلها المعروف . وكذلك مساهمة الحركة السياسية والفكرية السودانية خلال العقد الاخير . وهناك ايضا تجربة المؤتمر القومي العربي كمنبر فكري وحركي يشمل كل التيارات الفكرية والسياسية العربية . وحصاد هذه الجهود جميعها يشكل الان ركائز اساسية في بلورة ملامح المرحلة الجديدة في تطور حركة التحرر القومي العربية ومشروعها النهضوي . والمهم هنا أن هذه الملامح تتميز بالوضوح في قضايا المرحلة الجديدة وعلي رأسها قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان والتفاعل الايجابي بين التجارب العربية المختلفة وانهاء سيطرة مفاهيم الفكر القومي المشرقي ومواجهة التحديات الجديدة بالحوار والعقل المفتوح . ويمكن تلخيص اهمها في الاتي :
    > > >أ) اعتماد الديمقراطية والحريات الاساسية والمشاركة الشعبية والتعددية السياسية والثقافية كاساس للتطور السياسي والاجتماعي في الدولة والمجتمع وداخل الاحزاب وتنظيمات المجتمع المدني . ويعني ذلك رفض الانقلابات العسكرية واساليب العنف في العمل السياسي والتغيير الاجتماعي . فقد اكدت التجربة أنه لا تنمية ولا تغيير اجتماعي حقيقي بدون ديمقراطية ومشاركة شعبية حقيقية . وهذا التوجه اصبح الان تيارا عاما وسط غالبية قوى حركة التحرر القومي العربية . والمطلوب الان تحويله الي واقع عملي .
    > > >ت) المصالحة التاريخية مع الدولة القطرية والانطلاق منها كواقع وحقيقة في أي توجه للوحدة والتكامل العربي مع تأكيد مصالحها وتطلعاتها المشروعة . وهذا يتطلب مراجعة مقولات الفكر القومي السابقة حولها وحول علاقة الوطني والقومي. فقد اكدت التجربة السابقة رسوخ الدولة القطرية العربية وارتباطها بخصوصيات تاريخية ووطنية لا يمكن تجاوزها أو الغائها . وفي الوقت الحالي تعاني معظم الدول العربية الاساسية مشاكل سياسية واقتصادية تهدد وحدتها الوطنية في جوهرها وذلك يعني التركيز علي قضايا تعزيز الوحدة الوطنية وربط اهداف الوحدة والتكامل العربي بخطوات تدريجية تراعي الخصوصيات والمصالح الوطنية وبالقبول الشعبي من خلال استفتاء ديمقراطي .
    > > >ث) المحافظة علي النظام الاقليمي العربي مع العمل علي تطويره في اتجاه توسيع وتأكيد فعاليته والانطلاق من الواقع الراهن نحو العمل العربي المشترك والتكامل السياسي والاقتصادي والثقافي باشكال واتجاهات متنوعة . وذلك في اطار المشروع النهضوي العربي باهدافه المحددة في الوحدة والتحرر والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستقلة .
    > > >ج) اعتماد الحوار والعمل المشترك بين كافة اطراف حركة التحرر القومي العربية بشكل عام والقوى القومية بشكل خاص من أجل استيعاب المتغيرات الجارية واعادة تأهيل نفسها وتمكينها من القيام بدورها في المرحلة الراهنة . ويتضمن ذلك كافة اشكال التنسيق والعمل المشترك مع احتفاظ كل طرف باستقلاله السياسي والتنظيمي وذلك انطلاقا من واقع التفاوتات والاختلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدان العربية وحقيقة فشل المركز الموحد في تجربة حزب البعث (في بغداد أو في دمشق) وكذلك تجارب المراكز الشيوعية والاسلامية في المنطقة .
    > > >ح) الاهتمام بقضايا الثورة الثقافية والاصلاح الديني انطلاقا من اهميتها المحورية في المشروع النهضوي ومن مجهودات رواد النهضة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ومن العلاقة العضوية بين العروبة والاسلام الثقافي والحضاري . وتزداد اهمية هذه القضايا مع صعود حركات الاسلام السياسي في المنطقة خلال العقود الاخيره واتساع مخاطر التوجهات الداعية للدولة الدينية علي الوحدة الوطنية وعلي اساسيات مشروع النهضة حول دولة المواطنة والدولة المدنية الديمقراطية والارتباط بروح العصر ومنجزاته .
    > > >13) هذه بعض الركائز الهامة وليست الوحيدة . وذلك لان زلزال الاحتلال الامريكي للعراق يفتح الباب لمراجعة كافة جوانب المرحلة السابقة ووضع أسس فكرية وسياسية صلبة للمرحلة الجديدة ، تلخص التجارب والخبرات السابقة وتستجيب في نفس الوقت لمتطلبات وتحديات الواقع الراهن بكل تعقيداته . واذا كان تناول انعكاسات هذه التطورات علي الحركة السياسية السودانية بشكل عام والتيار القومي بشكل خاص يتطلب مناقشة خاصة لا يسمح بها هذا المجال ، فان ذلك لا يمنع من اشارة عابرة لموقف البعثيين السودانيين في مواجهة هذه المتغيرات العاصفة وتأثيرها في مستقبل تطورهم ، خاصة انها امتدت الي اوساطهم منذ تسعينات القرن الماضي . فبعد صراعات تلك الفترة التي ادت الي انقسام 1997 بظروفه واسبابه ونتائجة المعروفة انقسم الحزب الي تيارين اساسيين ، الاول تيار حزب البعث السوداني ، الذى قطع علاقاته مع القيادة القومية في بغداد وتحول الي مركز قومي ووطني مستقل لا علاقة له بأي مركز خارجي ، واستعاد موقعه في التجمع الوطني وكذلك علاقاته مع قوى المعارضة الاخرى ، ومن خلال ذلك بدأ في مراجعة واعادة تأسيس موقفه الفكرية والسياسية في ضوء تجارب الفترات السابقة والمتغيرات الجارية ، واما التيار الاخر فقد واصل ارتباطه بمركز بغداد وظل بعيدا عن التجمع الوطني وقوى المعارضة الاخرى ، وفي العام الماضي قامت مجموعة اخرى بالارتباط بحزب البعث السوري ، نتيجة لعدم قدرتها علي الاستمرار دون مظلة ودعم خارجي ، وارتكز انقسامها علي هذا الارتباط فقط دون أي اسباب فكرية وسياسية محددة . وهذه الخلافات والانقسامات تعكس عمق الازمة التي ظل يواجهها هذا الحزب طوال السنوات السابقة والناتجة اساسا من الازمة العامة التي اشرنا اليها في مكان سابق . وتركزت بشكل خاص في الموقف من التجمع الوطني وقوى المعارضة الاخرى والعلاقة مع نظام الانقاذ وعلاقاته المتطورة وقتها مع النظام العراقي . وذلك يعني انها خلافات وصراعات حول قضايا وطنية تتعلق بتطورات الواقع الوطني في اطار التحولات الاقليمية والدولية الجارية وبمصير حزب البعث نفسه . هل يرتبط بواقعه الوطني وقضاياه وقواه السياسية الفاعلة ؟ أم يتحول الي صدي لتأثيرات خارجية ؟ وفي ظروف الاحتلال الامريكي للعراق وتداعياتها الجارية وتسارع خطوات التسوية الوطنية في السودان ، كل ذلك يضع البعثيين السودانيين بمختلف تكويناتهم ومواقفهم امام تحديات جديدة . ولا سبيل لمواجهة هذه التحديات الا بطرح التجربة كلها للمناقشة والمراجعة . وذلك انطلاقا من الركائز المشار اليها اعلاه وتجربة البعثيين السودانيين وتراثهم النضالي الفكري والسياسي خلال الفترات السابقة ومواقفهم من القضايا الوطنية الاساسية وفي مقدمتها قضايا الديمقراطية وتعزيز وحدة الكيان السوداني وخصوصية انتمائه ودوره العربي والافريقي . ومن خلال هذه المناقشة والمراجعة يمكن اعادة توحيد انفسهم وتمكين حزب البعث السوداني من المساهمة مع القوى الوطنية الاخرى في بناء سودان ديمقراطي موحد ومستقل وفاعل في محيطه العربي والافريقي . وتلك قضية اخرى نأمل في مناقشتها في مناسبة اخرى .
    > > >
    > >
    >
                  

العنوان الكاتب Date
حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-06-03, 04:20 AM
  ج2 حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-06-03, 04:25 AM
  ج3 حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-06-03, 04:28 AM
    Re: ج3 حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها Elmosley08-20-03, 02:19 PM
      Re: ج3 حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-31-03, 08:58 AM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-06-03, 06:32 PM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-07-03, 04:57 PM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-11-03, 04:50 AM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها AbuSarah08-11-03, 05:51 PM
    Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-13-03, 07:18 PM
      Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها hamid hajer08-20-03, 02:12 PM
        Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_208-31-03, 09:50 AM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_209-01-03, 01:55 PM
  Re: حزب البعث السوداني يوضح موقفه من الاحداث في العراق وابعادها altahir_209-08-03, 05:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de