يومٌ من أيام العُمر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2006, 12:32 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يومٌ من أيام العُمر

    [RED/]
    يوم من أيام العُمر


    نهضت عند صُبح تَسلل من عباءة الليل و عَبَر سَحراً دامٍ ، ثم صُفرة يانِعة بين الكآبة والإشراق . حاولت تذكر أحلامي ففي نفسي يقيناً ما إن بذاكرتي ثقوباً تهرب منها الأحلام . تتشقق الحكايات و تتناثر الأحداث . ربما هي تقدم العُمر ، أو أن ذاكرتي لا تُحسِن الإمساك بالفرح إلا لتفارقه إلى حُزن مُقيم .
    انتصبتُ واقفاً ، ونهض معي وهج غامض ، يلتف كهالة تطوقني . اختلط الحُلم بالصحو ، و تراقص الجسد قليلاً ، ثم اتزن بعد جُهد . هاجس نـزل على نفسي : ـ

    إن الهموم ستصحب يومي .
    رفقة الجسد مُتعِبة ، تتساقط الخلايا من صفحة الجسد تباعاً بعد نفاد عُمرها عند كل بُرهة وتنبُت أخرى من جديد . ففي سٌنن الكون يتم التغيير غَصبا. أغسل كل ذلك عند حمام الصباح ، وأنتقل من عالم ناعِس إلى عالم أكثر صَحواً . ابتلعت كبسولة مع قليل من الماء الفاتر ، وفق إرشادات طبية مُسبَقة . لجسدي أن يلبس قالباً يُناسب العمل . حميمة هي ألبِسة الداخِل ، ربما تعلقت بي رغبة في البقاء نصف يوم معي قبل الفراق . من بعدها لبِست قميصاً قصير الأكمام وربطة عُنق و بنطال وبعض الإكسسوارات التي تقتضيها الضرورة . إنهم جميعاً يعملون بجِدٍ على تَسويقي فرداً ضمن خلية النحل اليوم ، وكل يوم عمل . أنا أتبدل ، وجسدي و ملابسي تتبدل كذلك .

    انتهت طقوس الصباح ، ودبّ النشاط صديقاً للكآبة يلازمانني . إنها نفسي تنقسم بين فرحٍ موءود يتطلع وحزنٍ يدعو للانهيار . أغلقت باب الشقة في الطابق الثامِن من البِناية ونـزلت عبر المصعد ومنه إلى صالة الاستقبال ، ثم عبرت إلى الطريق العام . خمسمائة متر تبعد بناية السكن عن مبنى العمل . رفعت يدي تحية لمحمود وهو يجلس على طاولة الاستقبال عند المدخل الثامن للبلدية . هز رأسه باسِماً وافترَّ ثغره بكلمات التِرحاب .

    قصدت صندوقاً مثبتاً على الحائط صنعته التكنولوجيا لضبط الحضور والانصراف ، يرتفع متراً ونصف المتر عن مستوى بلاط الأرضية . إنه في حجم حقيبة يد متوسطة الحجم لسيدة في مُقتبل العُمر . حملت بطاقتي ، وعَرَّفتها على عينٍ صغيرة حمراء مستديرة ، مثبتة على أيمن الصندوق ، صُمِمت هي لتتعرف على موظفي الدولة عند قدومهم . تغير لونها أخضراً وظهرت كتابة تقول : ـ

    ـ ضع إصبعك المُعتاد على المكان المُخصص لتتعرف الآلة على ملامِح البصمة.

    فَعلت ما طُلِب مني ، وجاء الرد كتابة على لوحة بلورية صغيرة : ـ
    ـ قبلناك .
    حضرت اليوم مُبكِراً . التوقيع اليدوي أيضاً وكتابة زمن الحضور ، حتى يكتمل الطقس . القديم لا يرغب الزوال ، والجديد تنقصه الثقة بالنفس . أدرت المفتاح ودخلت مكتبي ، لا أحب أن يخدمني أحد من عمال النظافة ، تُضجرني يد الآخرين عندما تتدخَل للرصف والترتيب . رغم جمال التنسيق وإبداعه لا أجد نفسي إلا قلقاً حتى أصفو بعيداً عن الضوضاء .

    لحضوري المُبكِر مَيِّزات تفوق زيادة ساعات العمل بلا مقابل ، هي فسحة للتطلُع في عالمي ، أرتب مقالاً كنت قد كتبته أمس ، أو أتصفح ردود على صفحة في السماوات ، كُنت قد سجلت عندها خواطِري ، أو صفاء السكون قبل بدء دولاب العمل .

    ليس هُنالك من داعٍ لتلفنة السودان ، لم يزل الوقت مُبكراً ساعتين وفق تقويم الشروق الشمسي ، وساعة واحِدة وفق (صَرعات ) السودان التي لا تنتهي . على صفحة ماء الذِكرى كان الحوار في يقظة حُلم ، وفي اللغة الشِعرية ما صاغه الرائع إدريس محمد جمَّاع واختلطت الأشياء . نهضت سيدة من أحلام
    اليقظة تقول : ـ

    ـ من عينيك وهج ٌ و قوىً تأسرني .

    قلت لها : ـ

    ـ قال الشاعر :

    هي نَظرةٌ تُنسي الوَقارْ وتُسعِد الرُوح المُعنى

    قالت وقد أسبلت جَفنيها خجلاً : ـ

    ـ إنني مُرتَبِكة من نظراتِكَ !

    قلت : ـ

    ـ قال الشاعِر :

    دُنياي أنتِ وفَرحَتي ومُنى الفُؤادِ إذا تَمَنى .

    فقالت بعد تأنٍ :

    ـ أنا أخاف عينيك فنارهما الحارقة تدفئاني حتى من برد الزمهرير .

    قلت : ـ

    ـ قال الشاعر :

    و نظَرتُ في عَينَيكِ آفَاقاً وأسراراً و مَعنى .

    قالت : ـ

    ـ كوب الشاي .. يكاد يَبرُد !

    قلت : ـ

    ـ قال الشاعر :

    نِلت السَعَادَة فِي الهَوَى و رَشَفتَهَا دَناً فَدَنا
    و سَمِعتُ سِحْرِيَاً يَذُوبُ صَدَاهُ في الأسمَاعِ لَحنا
    ردت وقد غَضِبَت من مُخاطَبتي الشِعرية : ـ

    ـ ( دَمَّكْ تَقِيل ) .

    ضحِكت ، وقد أخذتني عُذوبتها ، فقلت لها : ـ

    ـ كيف أتذوق الدنيا ونعيمها يستحِق سجوداً مُطولاً ؟ .
    إنني أسبَحُ في بِركَة سِحرٍ هَزَّ جِزعِي . لم تَعُد الدُنيا كَما عَرَفتَها ، أصبحت أنتِ دُنياي و راحَتِي . الدُنيا قَبلك كُرة رَمَادِية غطَتها الأترِبة . كانت الحياة ثوباً من الاعتياد ، لا لون و لا طَعم ولا رائحة ، حتى نهض شَخصَكِ باسِقاًً واستقر قاع النفس وأزهرت المحبة . نهضت حلاوة الدنيا وموسيقاها المُبدعة ، ورسم جمالها يُطرِب النظر ، فعرفت أن الإله قد مَنحني فُسحة جديدة . تَخَير لي عالماً أرحب ، وسَعَادَة استَعجَلَ قدومها ليُغسل عني بؤس أيامٍ مضت .

    قاطعتني قائلة : ـ

    ـ غريب أنت اليوم !

    قلت لها : ـ

    ـ أين أنا منكِ يا مَجدولة الجَسد ؟ يا فادِحة النِصال .
    أ تُغرزين أسيافَك في جسدٍ هالِك ؟
    قمرٌ لكِ على اليسار ومثلَه على اليمين كأوتادٍ لبِسنَّ ثوب شهوتي .
    أتأذنين بالسجع المموسق في إيوان معبدكِ ؟

    صَمتُ برهَة ، ثم صحوت من غفوتي و قلت لنفسي : ـ

    ـ هذا يوم لا يشبه أيامي ، أسكرتني خاطرة ممتعة ، و نفسي تتحرر من جسدها ، فمدينة العُشاق قد طافت بذهني فَرِحة ، نهرها لا يروي عطشاً ....

    عبد الله الشقليني
    28/03/2005

                  

العنوان الكاتب Date
يومٌ من أيام العُمر عبدالله الشقليني06-20-06, 12:32 PM
  Re: يومٌ من أيام العُمر طلال عفيفي06-20-06, 12:47 PM
  Re: يومٌ من أيام العُمر عبدالله الشقليني06-20-06, 01:42 PM
    Re: يومٌ من أيام العُمر طلال عفيفي06-20-06, 05:03 PM
      Re: يومٌ من أيام العُمر عبدالله الشقليني06-21-06, 05:24 AM
  Re: يومٌ من أيام العُمر معتصم الطاهر06-21-06, 05:43 AM
    Re: يومٌ من أيام العُمر عبدالله الشقليني10-07-06, 01:07 AM
  Re: يومٌ من أيام العُمر abubakr10-07-06, 03:06 AM
    Re: يومٌ من أيام العُمر عبدالله الشقليني10-07-06, 05:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de