|
Re: برهــة مـن الصفــاء (Re: محمد عثمان الحاج)
|
عزيزنا محمد عثمان الحاج
نثرت ما نثرت ، وشربنا من دنَّك ولم نشفى مما بنا، يا أمن تُمسِك اليد الصغيرة ، تتجول بصاحبها في المُنعطفات . أكثرت مدحنا ، وكنا نودُ أن نكون كما وصفتنا ، لكن كرمك جُرم سماويٌ ، ونحن كُتلة مُتحركة على طريق الدنيا . بدأت أنت شراب كأس من المحلول السرمدي الساحر . قرأت مثلك أيضاً منذ زمان في سفر ترجمه عيسى سمعان ، من تأليف : ( غاي ليون بلفير ) وترجمة اسمه : ( السحر والمعجزة ) .
يتحدث الكتاب في بعض صفحاته عن أنه تكاد لا تخلو حضارة في العالم مما يُدعى بصورة ( الشامانية ) . إنها بالفعل وصف غريب ، فالكلمة مُشتقة من السنسكريتية ( سراماناس ) ، وتعني الناسِك ، أو المُعالج بالإيمان أو الوسيط والقائد الكاريزمي ، فهو حسب كلمات (جيروم روذنبرغ ) : ( فنَّي ما هو مُقدس ) .
هو من لديه كثيراً من الأعمال التي يقوم بها ، أثرها بيِّن في الحياة . يُحدد ( الشاماني ) مصادر الغذاء ، ويشفي من الأمراض ، ويعمل كمستشار نفسي للفرد والجماعة على حدٍ سواء . يترتب على ذلك وصف غريب له : ( خطوة في الحاضر ، وأُخرى في الأبدية . ) !
عزيزنا محمد عثمان
إنها بالفعل صورة من صور الكونٍ الخفي . تخفى من خلف الركض وراء العيش الصعب والكدح الشاق ، والدُنيا المُتوحشة ، وصعُب على الجميع النهل مما هو مُتوفر ، تحمله كل نفس لو صبرت . صعبة هي حياة الصفاء ، وسهلة هي أيضاً و في مُتناول اليد . لو نزعنا نصف ساعة من اليوم في مكان ما ، وأصمتنا كل شيء من حولنا وتأملنا الكون ، سنجد م أن الفكر الذي ينضح بالأسئلة يجاوبه الكون . تتفتح الأضواء ، وتنـجلي الحُجُب ، ونرى ما حولنا بعينٍ بصيرة . نبدأ معاً وصف تجربة قد تبدو غريبة بعض الشيء : ـ أيمكِنك أن تُصدق أن هذا النص قد كتبته ، وأنا ضمن جمهرة تفوق المائتين في صالة ذات مساء ، والجميع يُشاهدون (مباراة كرة القدم ) !
الصور المُتحركة وقد تم تكبيرها بمساحة تقارب الثمانية أمتار ضرب ثمانية . والمُشاهدون يتصايحون !. نحن والجميع نُشاهد ( الأرجنتين ضد المكسيك ) في تصفيات كأس العالم ! .
على المقاعد الخلفية جلست . كانت هنالك إضاءة تكفي لأكتُب ، فأنا مُشاهد غير مُتحمس ، لكنني أرغب أن أكون وسط الجماعة . رغم الصخب .. كتبت مسوَّدة هذا المقال الذي يُقطِر ثقلاً وكثافة لا تُناسب صخب جُموع المُشاهدين بنـزواتهم وأصواتهم بين الآمال والخيبة وشد الأعصاب !.
أتصدِق أنني قد نـزعت نفسي من هذا الاضطراب العظيم وكتبت ما كتبت ؟ !!!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|