في وجه ملفات ملفات التكفيريون الذين يؤيدون النفي عن الدنيا بسبب الخلاف الفكري ، واي فكر ... الذي نضد فيه عمره ولغته وأعمل ذهنه الوقاد ليقدم نحتاً جديداً ...
عزيزي عبد الله الشقليني، تحية طيبة ملفات التكفيريين لها وجهان.. وجه قبيح يعكس قبح ما بداخل أصحابها وضيقهم بالحرية وبكل القيم الإنسانية الجميلة، ووجه حسن هو الذي يذكِّرنا بأننا يجب أن ندافع عن حريتنا وعن إنسانيتنا.. وجود هذه البوستات في واجهة المنبر ضروري كي نتذكر أن السودانيين يعيشون كل لحظة من من لحظات حياتهم تحت رحمة نظام قاتل ظالم اختطف الدين والوطن وعاث في الأرض فسادا، بإسم الله وبإسم النبي عليه السلام.. يرفعون سلاح التكفير والتخوين وينكرون على الناس التفكير.. "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"..
نهدي البوست رائعة من كتابات الأستاذ محمود التي كانت من نصوص التكفير في محكمة الردة وفي محكمة المكاشف [نقلا من الأولى بدون زيادة ولا نقصان]..
Quote: وحين تطلع النفس على سر القدر ، وتستيقن أن الله خير محض ، تسكن إليه ، وترضى به ، وتستسلم وتنقاد ، فتتحرر عندئذ من الخوف ، وتحقق السلام مع نفسها ، ومع الأحياء والأشياء ، وتنقي خاطرها من الشر ، وتعصم لسانها من الهجر ، وتقبض يدها عن الفتك ، ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها ، فتصير خيرا محضا ، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف ، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار. ههنا يسجد القلب ، وإلى الأبد ، بوصيد أول منازل العبودية . فيومئذ لا يكون العبد مسيرا ، وإنما هو مخير . ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف ، فأسلمه إلى حرية الاختيار ، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله ، معاوضة لفعله .. فيكون حيا حياة الله ، وعالما علم الله ، ومريدا إرادة الله ، وقادرا قدرة الله ، ويكون الله . وليس لله تعالى صورة فيكونها ، ولا نهاية فيبلغها ، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين ، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره ، في كل لحظة ، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه ، (( كل يوم هـو في شأن )) والى ذلك تهدف العبادة ، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال (( تخلقوا بأخلاق الله ، إن ربي على سراط مستقيم )) وقد قال تعالى (( كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )) . وفي حق هؤلاء قال تعالى (( لهم ما يشاءون عند ربهم ، ذلك جزاء المحسنين )) فقوله تعالى (( لهم ما يشاءون )) يعني هم مخيرون وقوله (( عند ربهم )) يعني مقام العبودية ، لأنه لا يكون عند الرب إلا العبد ، وقوله (( ذلك جزاء المحسنين )) يعني بالمحسنين من أحسنوا التصرف في الحرية الفردية المطلقة ، وذلك باستعمالها في تحقيق العبودية لله ، فإنه تعالى قد قال (( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون )) . ههنا منطقة فرديات ، والشرائع فيها شرائع فردية ، والداعية فيها إلى الله، الله نفسه .. يقوم فيها العبد في مواجهة الرب ، وقد سقطت من بينهما الوسائط ، ورفعت الحجب - حجب الظلمات وحجب الأنوار- العبادة فيها عبودية ، والعمل فيها ملاحظة السابقة ، وضبط اللاحقة عليها ، حتى يستقيم الوزن بالقسط، إذ محاولة العبد هنا أن يكون لربه كما هو له ، وهذا معنى أمر الرب سبحانه حين قال (( وأقيموا الـوزن بالقسط ولا تخسـروا الميزان )) فإذا كان حضور العبد مع الرب كحضور الرب مع العبد ، تماما ، فقد أقيم الوزن بالقسط .. وهيهات !! ولا بأس هنا من استطراد بسيط إلى القيمة العملية من العبادة ، ذلك بأن قيام العبد في مواجهة الرب ، وقد سقطت من بينهما الوسائط، تعني اللقاء بين الحادث والقديم ، وقد رفعت من بينهما الحجب ، والحادث هنا العقل والقديم القلب ، وهو ما يعبر عنه أيضا بالعقل الباطن . وهذه الحجب هي جثث الرغبات المكبوتة على سطح العقل الباطن ، بفعل الخوف الموروث ، في سحيق الآماد، من لدن النشأة البشرية الأولى ، وهي (( الرين )) الذي وردت الإشارة إليه في قوله تعالى (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) . ولا يمكن أن يبلغ الفـرد الحرية الفردية المطلقة وهو منقسم على نفسه ، وبعضه حرب على بعض . بل لا بد له من اعادة الوحدة إلى بنيته ، حتى يكون في سلام مع نفسه ، قبل أن يحاول أن يكون في سلام مع الآخرين ، فإن فاقد الشئ لا يعطيه . وهو إنما يكون في سلام مع نفسه حين لا يكون العقل الواعي في تضاد، وتعارض مع العقل الباطن ، ويومئذ تتحقق سلامة القلب ، وصفاء الفكر . وبعبارة أخرى ، تتحقق حياة الفكر ، وحياة الشعور ، وتلك هي الحياة العليا .. وتوحيد القوى المودعة في البنية إنما يتم بأن يفكر الإنسان كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول ، وهذا هو مطلب القرآن إلينا جميعا ، حين قال ، عز من قائل ، (( يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ؟ * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) . وإنما يفض التعارض القائم ، بين العقل الواعي والعقل الباطن عن طريق فهم التعارض القائم بين الفرد والجماعة ، وبين الفرد والكون وقد بينا فضل الإسلام في ذلك ، وهكذا يتضح ان ضرورة فهم علاقة الفرد بالجماعة ، والفرد بالكون ، فهما دقيقا إنما تجئ من الحاجة العملية إلى المنهاج الذي به يتم تحقيق الحرية الفردية المطلقة ، ولا يتم بمنهاج سواه . بقي شئ .. وهو أن هنالك خطأ يتورط فيه كثير من المفكرين ، وذلك حين يظنون أن القول بالتسيير فيه سلبية والحق غير ذلك .. ذلك لأن تغطية ما سبق به القدر ، وكشف ما جاءت به الشريعة ، قد أوجبا على الإنسان العمل بأوامر الشريعة ، ونواهيها ، جهد الإتقان ، والإحسان ، ثم الرضا بعد ذلك بما عسى أن يكون مكتوبا عند الله ومقدرا ، وذلك توكلا عليه ، وثقة به - ولقد قال المعصوم (( إن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فإذا قتلتـم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحدد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته . )) بل إني لا أعلم إيجابية تبلغ إيجابية من يعمل الواجـب المباشـر جهد الإتقان (( لأن الله قد كتب الإحسان على كل شئ )) ثم يرضى بالنتيجة مهما كانت من غير أن تذهب نفسه حسرات عند الخيبة ، أو يستخفه الفرح عند النجاح ، والله تبارك وتعالى يربينا ، في ذلك ويؤدبنا ، بقوله جل من قائل (( ما أصاب من مصيبة ، في الأرض ، ولا في أنفسكم ، إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير * لكيـلا تأسـوا على ما فاتـكم ، ولا تفرحـوا بما آتـاكم ، والله لا يحب كل مختال فخور . ))
من كتاب الرسالة الثانية من الإسلام..
نعم، الأستاذ محمود لا يحتاج منا إلى دفاع، ولكننا نحتاج أن ندافع عن أنفسنا وعن حريتنا في أن نفكر كما نريد وبالطريقة التي نريد.. ولا يأتي مثل هؤلاء التكفيريين بما جاءوا به على لسان المكاشفي.. أنظر إليه ماذا صنع بالجزء الذي التقطه من هذا النص الرائع بعاليه!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة