(23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب .

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 02:02 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2009, 09:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب .




    (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ): الأستاذ / عبد الله رجـب .
    ( 1915 م ـ 1986 م )



    06/ 01/ 1986 م هو موعد رحيله .

    كنتُ غريباً عليه حين التقيتهُ أول مرة عام تسعة وسبعون وتسعمائة وألف . ضاحك يتبسم ، يكبُر والدي بأربعة أعوام. جلست معه كثيراً أتنور من علمه وأتجاذب معه أطراف الحديث . في كل مرة يكتسب المرء من مُجالسته زاداً عصياً على النسيان . يربطنا دوماً بدوحة عقلانية تنظر الكون نظراً نقدياً .
    يصحو هو مُبكراً ويذهب للعمل حين كان يعمل في صحافة القصر في الثمانينات. تصحبه حقيبته وعصاه التي يتوكأ عليها من أثر كسرٍ قديم . يصل بيته في الرابعة أو الرابعة والنصف عصراً بعد انتظاراً لوسائل المواصلات حين تُنادي :
    ـ الحلفايا نفر ..

    لا يُحب الوجبات المزدحمة بالصحائف . " مفروكة بالكسرة " وقليل من الخضار وجبته المُفضلة . ينام قليلاً من بعد صلاة العصر ويصحو قبل المغرب . يأتي بكتبه ومجلاته وتحت شمعدانه يجلس وبجانبه منضدته يقرأ ويُترجم من الصحافة العالمية ويُصحح اللغة بقلم الرصاص وقربه جهاز الراديو يُعدل موجات الإذاعات الإخبارية بما يتيسر متابعاً لما يحدث في الكون . يقارن المكتوب مع المقروء . ملكة التحرير لم تفارقه سنين عمره وما أحوجنا لها اليوم رغم كثرة دور النشر و ورقها الصقيل وأحبار الطباعة الإلكترونية ، والتصحيح الكمبيوتري !.

    في الثانية عشر منتصف الليل يأتي موعد الانتهاء من القراءة فيذهب للنوم . لديه برنامج مساء كل جمعة وهو قراءة الذكر الحكيم مع التجويد والتفكُر مع ثلة من أهل حلفاية الملوك من الذين اكتسب صداقتهم حين استأجر منزلاًً هناك . كانت المآتم وعقود القران هي الواجبات التي يتعين عليه حضورها ، ثم من بعد زاده الذي يُحب : (خير جليس في الزمان كتاب).

    تُجالسه أنت وتحسب أنك أمام أبٍ رءوف و عالمِ لا يشبه أنداده . علم غزير وتواضع جمّ . عميق الغور في تناوله الموضوعات . نصيبه معارف متنوعة وفضاء أرحب وفي كل باب تجده ملماً بمظهره وتشريح أحشائه وأنابيب دمه و باللغتين العربية والإنجليزية . إن سألت عن معنى كلمة إنجليزية أو عربية ، يسألك في أي العلوم ترغب ؟. تجده حاضراً بالإجابة المفصلة دون مراجع !. علّم نفسه بنفسه . كانت المدرسة الأولية هي كل تحصيله في المدارس النظامية في العشرينات من القرن الذي مضى ، ورغم تميّزه لم يواصل التعليم النظامي إذ أن التعليم يحتاج المال وفي العشرينات كان ذلك عسيراً ! . علم نفسه العربية والإنجليزية بالمراسلة وبرز مُترجماً ، و مثّل السودان في أول مؤتمر للترجمة العربية في الكويت في أوائل السبعينات من القرن الماضي .

    نعلم أن العمل الصحافي لصيق بالأحداث يراها عريانة ويستُرها باللغة . تقيم الصحافة رؤاها عن الأخبار بالتحليل وبالمقارنة بالتاريخ لرؤية المستقبل بعد ربطه بالحاضر . للأخبار بقية تأتي وخفاء يلبس الأحداث الجسام ، فالعالم مشحون بفرقعات متنوعة لقياس ردود الأفاعيل . نحن نعيش زماناً إن لم نُدقق تخدعنا الغشاوة . الصحافة وأهلها يقيمون الأسوار حول مشاعرهم كي لا تتأثر مهنيتهم بأطياف الميول . اختار الصحافي "عبد الله رجب "أقرب اللغات مُباشرة ليكون قريباً من إفهام العامة . رقيق الإحساس . لا يُحب التكلُف أو زخرف رغد العيش رغم أن ذلك كان ميسوراً عنده أيام المُستعمر . ابتنى من يعملون مستخدمين لديه من مرتبات صحيفته ( الصراحة ) بيوتاً مميزة لسكن الطبقة فوق المتوسطة ، أما هو صاحب ( الصراحة) ، فيستأجر بيتاً في بانت أو بحي البوستة بأم درمان أو الصبابي ببحري أو حلفاية الملوك أو كسلا عندما كان يعمل ضابط إعلام من بعد مصادرة حكومة عبود ( الصراحة ) ومطبعتها ، والماكينات التي استوردها صاحبها فصارت ملكاً لصحيفة ( الثورة ) التي هي صحافة الدولة آنذاك !. وتقرأ أنت أعلى صفحتها الأولى :
    ( احكموا علينا بأعمالنا : عبود ) !

    خصصت له الدولة وهو يعمل في صحافة القصر بيتاً حكومياً وسيارة وهاتف في السبعينات من القرن الماضي . رفضها جميعاً وبقي يعول نفسه الأبية مثل أهله الغُبُش الذين أحبهم ونهج نهج حياتهم .
    لم يستعِد تعويضاً لبعض حقوقه من مصادرة ( الصراحة ) إلا عام أربعة وثمانون وتسعمائة وألف من بعد قضية مرفوعة تنتظر السنوات . سدد منها ديونه لدى بعض الأهل والأقرباء في " سنجة " وخص بعضها لبدء بناء منزل الأسرة في قطعة أرض استحقها وفق الخطة الإسكانية في مدينة المهندسين بأم درمان . هيكلاً كان البناء عندما سجد مُبكراً لصلاة الصبح في بيت يستأجره بحلفاية الملوك . ذهب في غيبوبة عدة أيام وغادرنا من بعد في غيبة أبدية تاركاً إرثاً في الترجمة والصحافة وعلم النفس لم يزل يحتاج يداً صبورة لتُزيح الأتربة عن تراث عُصامي نما كشجرة أصلها ثابت في أرض الغُبُش ، وأغصانها تُداعب الفئة المُستنيرة . قدم لوطنه الكثير الذي ينتظر التنقيب .

    كتب التجاني الطيب بابكر في صحيفة ( الميدان ) في الثامن من يناير عام ستة وثمانين وتسعمائة وألف ، أي بعد يومين من رحيله مقال عنوانه : ( غاب صاحب الصراحة ) :

    { تذكرت أول لقاء لي بعبد الله في أواخر عام 1949 م بنادي الخريجين بأم درمان وكان يستعد لإصدار جريدته ( الصراحة ) ، واجتذبني إليه فوراً حيويته وكلامه السريع وضحكته المُعدية وذكاؤه النافذ .
    وخرجت ( الصراحة ) وكانت فتحاً جديداً في عالم الصحافة السودانية . وكانت مدرسة قائمة بذاتها و‘إحدى أبرز مؤسسات الحركة الوطنية . علّمت جيلاً كاملاً منا ، ممن يعيشون الآن في الخمسينات والستينات من أعمارهم ، علمتهم وفتحت أعينهم على الواقع السوداني من خلال مقالات كاتبها ورسائل مُراسليها من مدن وقرى السودان في شتى أصقاعه .
    ولا أبالغ حين أقول أن ملف ( الصراحة ) يمكن أن يشكل منجماً لا ينفد لدراسة البرنامج العلمي للحركة الوطنية . ففي كل عدد نجد المقالات الضافية عن مختلف جوانب العمل السياسي ونجد أيضاً رسائل شعبي من ( كوستي ) وكدودة من ( وادي حلفا ) والصويم من ( النهود ) وصديق أحمد البشير من( الفاشر ) وغيرهم من المراسلين تنقل مطالب الناس في بناء مدرسة أو (شفخانة ) أو توفير ( داية ) أو عن مظلمة وقعت من مفتش أو مأمور أو تفضح أعمال النظار وزعماء العشائر .
    ولعبت ( الصراحة ) دوراً هاماً في بناء الحركة النقابية وكتب فيها قاسم أمين مقالاته المشهورة : ( كشفناك يا نيومان ) ، ونيومان هذه كان مسجل النقابات البريطاني مطلع الخمسينات ، وكان يتآمر باستمرار لقسم الحركة النقابية وتدجينها .
    وكانت ( الصراحة ) تلهب الحماس مع كل عدد صدر منها ، وكان الناس يقدرون محررها وكتّابها ومراسليها ولم يكن غريباً والحالة هذه أن تنتهز لسلطة الاستعمارية كل فرصة سانحة لتقديمها للمحاكمة . وكثيراً ما صدر الحكم عليها بالغرامة ـ ولكن الشعب كان يبادر فيشتري النسخة الواحدة بأضعاف ثمنها التوفير الفدية المطلوبة .
    لقد عاشت ( الصراحة ) عصرها الذهبي حتى نهاية الخمسينات ، وكانت منبراً عالي الصوت للوطنية السودانية ، بشعارها الحي ( التزام جانب الشعب ) .
    وهذه هي الصورة التي تبقى مشرقة في ذهني و وجداني ، رحم الله عبد الله رجب وغفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر }

    انتهى النص .

    هذا ما كتبه عضو من قياديي الحزب الشيوعي السوداني رثاء لصاحب الصراحة إذ كان رحيله أيام الفترة الانتقالية قبل انتخابات الديمقراطية الثالثة التي جاءت بالصادق المهدي رئيساً للوزراء في نظام حكم ديمقراطي يحتاج نظامه التطوير ويحتاج أهله كبير دراية بالمسلك الديمقراطي في الحياة العامة والخاصة التي راوحت مكانها منذ الاستعمار . بعد أن تم تعيين سبعة أشخاص لصياغة قانون الانتخابات عام 1953 م ، منهم ثلاثة سودانيين و واحد هندي و واحد إنجليزي و واحد أمريكي و واحد مصري . وكانت المسوّدة هي الدستور المؤقت رغم التعديلات الطفيفة عليه في الخمسينات والستينات ، ولم يبدع أهلنا كثير شيء إضافة لتلك الوثيقة حتى تضخمت أزمة السودان و وصلت ما وصلت إليه !.
    في الزمان الذي كتب الأستاذ التجاني الطيب مقاله في وداع الراحل عبد الله رجب كانت للصحافة حرية نسبية لا تُجبر أحداً أن يقول ما لا يُحب ، ولم تستحلب الأستاذ التجاني من الفجيعة أن يقول في حق الراحل ما لا يستحق . فهو ومن ينتمون لحزبهم لا يحبون التملق ولو في الرحيل. كان يمكنه أن يتفضل بقطوف من الذكر الحكيم وهي خير الزاد له ولغيره من عباد الله الطيبين الذي أحبهم "أغبش" في حياته ، لكن رغم ذلك تبقى مساحة خلاف بينه وبين الأحزاب السياسية عامة إذ لم يكن" عبد الله رجب " ينتمي لأي منها في تاريخه . له رأي ضد الطائفية ونال منها عنف جسدي مرتين . يكتُب هو وتلاحقه العِصي عندما يعجز خطاب العقول !.

    له رأي ضد الاستعمار وسُجِن و غُرِم مرات عديدة وتعطلت صحيفته لشهور . عمل معه في ( الصراحة ) جعفر السوري ومحمد سعيد معروف و محجوب محمد صالح وسعد أحمد الشيخ و عبد الرءوف الخانجي ومحمد الحسن أحمد و جعفر حامد البشير و محجوب محمد عبد الرحمن و محمد خالد الخليفة وإبراهيم عوض بشير ومن المتعاونين حسن الطاهر زروق و أحمد محمد خير والوسيلة عبد الرحيم ومحمد عمر بشير .
    إن الحديث عنه وعن ( مذكرات أغبش ) وهي سفره الذي كتبه منذ الصراحة ونقّح تواريخها بالجلوس في مكتبة دار الوثائق المركزية أيام حياته الأخيرة . تلك كانت سِفره الذي وثق للكثير من تاريخ الحياة الاجتماعية والسياسية منذ العشرينات وإلى تاريخ رحيله .
    عن مسلكه في الحياة ، وعن نهجه وعفة يده وبساطة عيشته وعلائقه بكُتاب من الرعيل الأول في مصر والسودان زاداً يستحق الكثير الذي ينتظر المباحث .رحم الله الفقيد ، وأفسح لمرقده بُستانٌ من الجنان المأمولة بإذن واحد أحد .

    عبدالله الشقليني

    **

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 01-01-2009, 09:52 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
(23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . عبدالله الشقليني01-01-09, 09:42 PM
  Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . أنور أدم01-01-09, 10:36 PM
    Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . عبدالله الشقليني01-01-09, 10:56 PM
    Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . سلمى الشيخ سلامة01-01-09, 11:23 PM
      Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . عبدالله الشقليني01-02-09, 07:00 AM
  Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . Al-Shaygi01-01-09, 11:13 PM
  Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . اسعد الريفى01-02-09, 06:07 AM
    Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . مدثر محمد عمر01-02-09, 11:36 AM
  Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . عبدالله الشقليني01-04-09, 11:19 AM
  Re: (23) عاماً منذ رحيل صاحب ( الصَّراحة ) : الأستاذ / عبد الله رجـب . عبدالله الشقليني01-05-09, 09:55 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de