الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السوداني

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 09:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-26-2007, 05:17 AM

الزاكى عبد الحميد
<aالزاكى عبد الحميد
تاريخ التسجيل: 12-09-2005
مجموع المشاركات: 895

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: تعرف يا بيكاسو .. العالمية دي ما كان في ليها داعي ..


    الأخ العزيز عبد الله
    لك التقدير ووافر الشكر على الخبر..




    النادي السوداني في مسقط يحتفي بالروائية السودانية العالمية ليلى أبو العلا

    استضاف النادي الإجتماعي للجالية السودانية بمسقط أمسية الأربعاء الماضي (16 نوفمبر 2005) الروائية السودانية العالمية ليلى أبو العلا حيث ألقت الروائية محاضرة تناولت فيها أثر الغربة في الكتابة الإبداعية.

    وسبق أن نظم النادي السوداني بمسقط في مارس 2002 محاضرة استعرض خلالها المحاضر (الزاكي عبد الحميد-أمين مكتب الإعلام والشئون الثقافية الحالي بالنادي) أعمال الروائية السودانية العالمية ليلى أبو العلا فور الإعلان عن فوزها بجائزة كين العالمية عن قصتها القصيرة الموسومة "المتحف".

    وقال المحاضر وقتذاك مسلطاً الضوء على جائزة كين: إنها كانت المرة الأولى التي تخصص فيها مؤسسة بوكر جائزتها المرموقة للأدب لروائيين أفارقة من أنجلوفون وفرانكوفون أسوة بجائزة بوكر للأدب الأوروبي والأدب الروسي. وقال شارك في المنافسة 87 روائياً من عشرين دولة أفريقية وبعد مناقشات مستفيضة أدارها الدكتور ديفين أليستر مدير شعبة الأدب الإنجليزي بالمجلس البريطاني في لندن- بحضور نقاد عدة بينهم نقاد لفن المسرح والرواية والشعر تقلصت القائمة إلى خمسة روائيين من ثلاث دول أفريقية هم:
    (1) شارلس مونجوشي وهو من رجال الأدب الذائعي الصيت في زيمبابوي وصدرت له أول مجموعة قصصية عام 1972 باسم "زمان القحط" The Coming of The Dry Season)) وفازت روايته "في انتظار الغيث" بجائزة الأدب الأولى في زيمبابوي عام 98 وله عدة مؤلفات قصصية ونقدية.
    (2) مورونجو (روي كيلاليا) وهو كاتب مسرحي وناقد سينمائي وروائي من زيمبابوي أيضاً وفازت مسرحيته الموسومة " الرماد" بجائزة مهرجان المسرح العالمي في زيمبابوي وصدر له ديوانا شعر في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ويقوم بتدريس الأداء الإذاعي المسرحي في جامعة زيمبابوي كما يدرس فن المسرح الحديث في المجلس البريطاني في أثينا وصالة غولد سميث في لندن وجوهانسبيرج في جنوب أفريقيا.
    (3) شيمر شينوديا وهو اسم مشهور في عالم الرواية في زيمبابوي أيضاً وفازت روايته حصاد الشوك Harvest of Thorns)) التي صدرت عام 98 بجائزة رابطة الكمنوليث للروائيين ويعمل حالياً أستاذاً زائراً في الكتابة الإبداعية في جامعة سانت لورنس في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
    (4) عبد الرحمن وابيري وهو من جيبوتي ويقيم في فرنسا منذ عام 85 ويقوم بتدريس اللغة الانجليزية في كلية أفريكس في فرنسا. كتب العديد من المقالات عن الأدب الأفريقي والروايات وفازت مجموعته القصصية الأولى "أرض بلا ظلال" بجائزتين في فرنسا وبلجيكا كما نال عن مجموعته القصصية الثانية جائزة الأدب الكبرى في رابطة كتاب الفرانكفون.
    (5) ليلى أبو العلا وهي سودانية تقيم في اسكتلندا (حالياً في دبي) وبعد تخرجها في جامعة الخرطوم عام 85 (من كلية الاقتصاد) ارتحلت مع زوجها إلى بريطانيا حيث درست الإحصاء (دراسات عليا) في جامعة لندن وتقيم مع زوجها وأطفالها في أبردين. كتبت مسلسلات إذاعية لهيئة الإذاعة البريطانية وفازت رويتها "المترجمة" بجائزة أمريكان بوكر وظلت هذه الرواية (وهي روايتها الأولى) في قائمة أفضل الروايات لنيل جائزة أورينج لعام 2000.

    شارك مونجوشي في المنافسة بعدة قصص من مجموعته القصصية " الماشي “Still Walking” التي صدرت عام 97 عن دار باوباب –هراري فيما اختار روي كيلاليا قصة قصيرة عنوانها "كلب ينبح" Whine of A Dog" من مجموعة قصصية صدرت عام 98 وشارك شيمر شينوديا بقصص قصيرة مختلفة من مجموعته " هل لنا أن نتحدث" واختار عبد الرحمن وابيري قصة اسمها "رواق المجانين" وشاركت ليلى أبو العلا بقصة قصيرة واحدة اسمها " المتحف"..

    وبعد نقاش مستفيض شارك فيه مؤلفون ونقاد وأكاديميون استقر الرأي على أن الطريقة التي عالجت بها ليلى أبو العلا قضية الاستلاب الحضاري وصراع الحضارات في سياق قصة تدور حول طلبة أفارقة يبدأون فصلهم الدراسي الأول في جامعة اسكتلندية كفيلة بأن تبوئها المرتبة الأولى دون منازع.. إنه استلاب بلغ حداً لم تعد فيه لغة الإحصاء التي يدرسونها والتي يفترض أن تكون عالمية كما الاسبيرانتو قادرة على تمكين طالب أفريقي يدرس الإحصاء من استعادة ثقته بنفسه فيجد في الانتحار مخرجا لمحنته. إنها معالجة أبانت الإنقلاع من التربة الأصلية وتداعياته والتطوح في الآفاق الذي أولد شعوراً عنيفاً بالانتماء الجديد إلى "عالم تحقيق الذات الذي لا يكون"..

    وقال رئيس لجنة التحكيم وقتها: إن الروائية أظهرت من خلال هذه القصة القصيرة قدرات فنية نادرة على الغوص السحيق في أعماق النفس البشرية مع تحاشيها المغالاة في التأنق اللفظي وتنخل العبارة على حساب المضمون.


    هذه هي الروائية التي استعرض أعمالها النادي السوداني في مسقط وقت أعلن عن فوزها بتلك الجائزة. وهي الروائية التي كرمها النادي أمسية الأربعاء الماضي فور صدور روايتها الأخيرة "المئذنة"..

    هذا وألقت الروائية ليلى أبو العلا التي حضرت إلى السلطنة برفقة زوجها –نادر محجوب (وهو شقيق الروائي السوداني جمال محجوب الذي نال جائزة الغارديان عام 1993 عن قصته القصيرة الموسومة " ملاك راسم الخرائط The Cartographer’s Angel)" محاضرة في النادي مساء الأربعاء 16 نوفمبر عنوانها "أثر الغربة في الكتابة الإبداعية" تناولت فيها كيف أيقظ فيها الاغتراب فن الكتابة الإبداعية جراء التهميش الذي تعاني منه الأقليات العرقية والدينية في الغرب عموماً..

    وقالت الروائية أثناء الجلسة التي أدارها الزاكي عبد الحميد أحمد أمين مكتب الإعلام والشئون الثقافية بالنادي من خلال المحاضرة التي ألقتها مساء الأربعاء الماضي باللغة الانجليزية:
    البعد عن بلدي جعلني مؤلفة ..أثار رغبتي في الكتابة ..الارتحال بعيداً عن بلدي أعطاني مادة للكتابة وموضوعاً للكتابة. ووجودي في بريطانيا والمناخ الأدبي السائد في اسكتلندا عززا قدرتي على الكتابة ومن خلالهما عرفت النظام الذي مكنني من نشر أعمالي.

    غادرت السودان عام 1987 وكان عمري وقتها ثلاثة وعشرين عاماً وكانت فكرة الكتابة بعيدة كل البعد عن ذهني. في السودان كنت قد قرأت كثيراً ..قرأت من باب المتعة كل ما وقعت عليه عيناي..وكان ذلك محكوماً بوفرة الكتب من حيث كمها ونوعها..كنت أقرأ بحرية دون توجيه أو توصية. كنت طالبة في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم وتخصصت في مادة الإحصاء وبالتالي لم يكن الأدب من ضمن المواد التي درستها. فالقراءة بالنسبة لي –إذن-كانت هواية أمارسها للترويح عن النفس. كنت أقراً للتسلية واكتشفت لوحدي أي نوع من الكتب يستهويني أكثر من غيره وأي نوع كان ذا قيمة أكبر. قرأت بالانجليزية لشارلوت برونتي وشارلس ديكينز وأنتونيا وايت وسومرست موم. ومن المؤلفات المترجمة من الروسية قرأت لدوستويفسكي وتولستوي وبالعربية قرأت للطيب صالح وزينب بلال ونوال السعداوي وإحسان عبد القدوس. لم تتح لي الفرصة لمناقشة هذه الكتب مع آخرين. فالقراءة كانت شأناً خاصاً إن لم أقل عالماً سرياً، تشبع رغبتي تماماً و لكن لم يكن لدي بعد ميل للكتابة.

    غير أن انتقالي من الخرطوم إلى اسكتلندا أحدث تغييراً في ذلك كله. فالتحول من حياة لأخرى ( أو هكذا بدا لي وقتها) كان مثيراً للاهتمام لدرجة جعلتني في موقف الصامت المتأمل. فالتباين الكبير بين الخرطوم واسكتلندا من حيث الطقس والناس والثقافة دفعني لإبداء ملاحظاتي وعقد المقارنات وملاحظة ما هو غائب عن ناظري هنا وما هو جديد لناظري هناك. إن ارتحالي من الخرطوم استدعى نظرة إلى الوراء أو قل رثاءً للماضي. فمثل الكثير من أبناء جيلي لم أكن متأكدة إن كنت سأعود لبلدي أو لن أعود أو متى سأعود ..لم أكن متأكدة إن كنت سأظل مهاجرة في بريطانيا أو سأنتقل لموقع غريب آخر. هذا الإحساس بعدم التيقن أوجد في نفسي إحساساً بالاختلال. فكان هناك الحنين للوطن والارتباك الثقافي كما كان هناك ذلك الإحساس الذي كان يعتري العربي أو المسلم في أوروبا في التسعينيات. إن الإغتراب يعني فيما يعني حياة أنت لست مستعداً لها إنه الإقتلاع مما هو مألوف أو كما يقول البروفيسور الفلسطيني إدوارد سعيد " أكثر المصائر حزناً" ويبدو من خلال النظر إلى الوراء أن هذه الإشكالية هي التي فجرت في دواخلي قدرةً على الكتابة كانت خامدة. فلو كانت حياتي قد استمرت في الخرطوم لربما ظلت قدرتي على الكتابة حبيسة في أعماقي.

    إن الإرتحال بعيداً عن الأوطان يعتبر دافعاً ايجابياً للمؤلف، فالنظر إلى الوطن من على البعد يعني النظر إلى الأمور بموضوعية أكثر وهذا ما يميز الكاتب عن غيره. فهو الشخص الذي يقف في الصفوف الخلفية ينظر ويراقب ويحذر ، ذلك أن الغربة توفر الوقت والمجال اللذين يكون فيهما الكاتب بعيداً عن مشاغل الحياة اليومية في الوطن. وحول ذلك يقول الكاتب عبد الرزاق غرنة واصفاً رحيله من بلده زنجبار إلى لندن " النزوح ضروري" " إن الكاتب ينتج عملاً ذا قيمة إن حرر نفسه من المسؤوليات والخصوصيات التي تخرس أو تجعل ما يجب قوله يتماهى".

    عندما بدأت الكتابة لأول مرة في اسكتلندا عام 1992 كنت أكتب بدافع الحاجة للتعبير عن نفسي. وبدت القصص الأولى التي كتبتها كشيء لا يمكن مقاومته كانت الكلمات تحدث أزيزاً في رأسي طوال الوقت. أما الكيفية التي تؤلف بها القصة أو الحبكة القصصية فهي فنٌ تعلمته فيما بعد. ففي البداية كانت هناك فقط حاجة للإفصاح عما يجيش في الخاطر. ولكن ما هو ذلك الشيء الذي كان يجيش في خاطري؟ لست متأكدة. فقد حاولت أن أضع أفكاري في مقالات مقبولة منطقياً ولكنني لم أقدر. ففي مرة من المرات حاولت أن أبدي اعتراضي على شيء قرأته في الصحف فحاولت أن أكتب رسالة للمحرر غير أن أفكاري جاءت غير متماسكة أو قل إنها كانت أشبه بقطعة أدبية أو نثر غنائي.

    كنت مهمومة بالحاجة للتعبير عن حنيني للوطن وتسجيل الأحداث اليومية الناتجة عن التباين الثقافي التي كنت أواجهها. كنت قلقة على مستقبل الجيل الثاني من المهاجرين السودانيين والمسلمين في الغرب من منظور شخصي ومنظور عام. كانت تشغل ذهني قضايا مثل فقدان الهوية و اللغة و التمازج أو الانصهار و الصواب والخطأ وما كسبناه وما فقدناه من تركنا لأوطاننا . كنت أرى حولي الكثير من أمثالي من المهاجرين، الذين كانوا يصرون على أن بقاءهم في بريطانيا إنما هو أمر مؤقت. كانوا هكذا يقولون بينما كان أطفالهم يقضون كل طفولتهم وسنوات نضجهم بعيداً عن أوطانهم. كنت أشاهد الآباء وهم يعانون من أجل التأقلم مع حياة جديدة ونظام جديد ..كانوا هكذا يعانون وأطفالهم يفقدون هويتهم السودانية وهويتهم الإسلامية ويصبحون شيئاً فشيئاً جزءاً من بريطانيا.

    ثمة أمر غير واقعي -لكنه يتسم بالجرأة- بين السودانيين في بريطانيا. كنا مجموعة من السودانيين نلتقي مع بعضنا البعض لنأكل أكلنا المعتاد ونضحك ونسترجع شريط الذكريات ونواسي بعضنا البعض وننسى أننا لسنا في السودان. ولكن في هذه اللقاءات الحميمة لا نتطرق أبداً للمواضيع الحساسة أو الأسئلة الصعبة مثل: أما زلنا هنا؟ وهل سنعود لأوطاننا؟ وما مصير أطفالنا؟ قضايا من هذا النوع لم نتطرق لها بتاتاً، ولكنها كانت دوماً باقية كأسئلة تبحث عن إجابات. ثم إنه في سياق الكفاح من أجل البقاء –وهو سمة تلازم المهاجرين- كان التطرق لمناقشة هذه الأمور يعتبر نوعاً من الترف الذهني. لم أكن أناقش هذه الأمور مع أحد غير أنها ظلت في ذهني باقية لتغذي قدرتي على كتابة القصة، لذلك جاءت قصصي تحكي عن الصراعات وفقدان الهوية والأوهام أو الأحلام الرغبوية، وهي قضايا تعبر عنها الكاتبة الكرواتية دوبرافكا أغريسك في مقال لها يحمل عنوان " الكاتب في الإغتراب" تقول : " إن الكاتب يحاول أن يعقلن مخاوفه الشخصية في الكتابة ويهديء من روعه من الإغتراب بالكتابة. ذلك أن الإغتراب في حد ذاته عملية مؤرقة تضع القيم في محك الاختبار و تدعو للمقارنة بين بلد وآخر".

    بالنسبة لي كانت المقارنة بين الخرطوم وأبردين (اسكتلندا) حادة وكبيرة. فهناك تباين شديد في الطقس بين برده وحره وهناك تباين بين الضوء والعتمة وبين الثراء والفقر وبين الحداثة والتقاليد وبين الإسلام والديمقراطية المسيحية العلمانية.. كانت هذه الفوارق تؤرقني... كان هذا الوضع المفعم بالتوتر بمثابة مرتع خصب لكتابة القصة. إذن كان الاغتراب هو الذي أشعل في دواخلي فتيل الكتابة. لماذا؟ الإجابة في اعتقادي تكمن في القوة التي تتميز بها الكلمة أو فن كتابة القصة للتعويض عن شيء مفقود، كما تقول دوروثيا براند في كتابها " لكي تصبح كاتباً" تنصح هذه المؤلفة الأمريكية الكتّاب –عند شروعهم في التأليف-بالابتعاد عن القراءة أو مشاهدة التلفاز أو الذهاب إلى المسرح .. مكان الكاتب الذي يبدأ في الكتابة هو البقاء في مكان لا تصل إليه الكلمة مكان خاو من الكلام.." فالكلمات ستندفع بقوة لتملأ ذلك الفراغ الخاوي من الكلام فإذا تُركنا لوحدنا في عزلة ومُنعنا من القراءة فسرعان ما نجد أنفسنا نحادث أنفسنا.. فالسجناء الذين لم يكتبوا شيئاً في حياتهم وهم طلقاء سيكتبون على أية ورقة تقع عليها أعينهم"... فإذا كان هناك وجه شبه بين الإغتراب والسجن فالإغتراب أيضاً قد يجعل الكلمات تندفع لملء الفراغ الذي يتمثل أول ما يتمثل في غياب اللغة المحلية أو مخاطبة الآخرين أو تبادل الشائعات المحلية.

    لقد وجدت نفسي هنا في محيط ثقافي يؤكد في كل دقيقة أن " الغرب هو المكان الأفضل.West is best”".وأن أفريقيا هي الفوضى وأن الإسلام يضطهد النساء ..وأنه يجب علي أن أكون ممتنة لأنني هربت بجلدي من هناك..إلا أن إحساسي بحماس الشباب وعزة النفس جعلني أقاوم هكذا فرضيات.. نعم –حقيقة- لم أكن خبيرة في شئون السودان أو متفقهة في علوم الدين الإسلامي بالقدر الذي يمكنني من الطعن في هذه الأحكام بموضوعية ودراية علمية ولكن كانت معرفتي بالسودان وبالإسلام تجري في دمائي كما أردت أن أكتب وأدلي بشهادتي عن الخرطوم التي أعرفها... أردت أن أكتب عن جماليات وسعادة يشعر بها من يكون في الخرطوم بمعنى آخر حاولت أن أسلط الضوء على الشيء الذي أفتقده هنا وأنا بعيدة عن الخرطوم. ثم كان هناك شيء آخر أردت تسليط الضوء عليه ألا وهو غياب ذلك الصوت الحميم..صوت المؤذن، وغياب تلك العبارات الخالدة مثل "إن شاء الله، والحمد لله"..إلى جانب غياب العقيدة الذي كان بالنسبة لي أكبر صدمة حضارية..أي قل فراغاً كان لا بد لي من ملئه بالكلمات...

    إن طريقة من طرق النظر إلى الكتابة هي النظر إليها باعتبارها امتداد طبيعي للقراءة. ومن الأشياء التي استمتعت بها من خلال وجودي في بريطانيا المكتبة العامة. بالطبع من الممكن أن تشتري الكتب من أي مكان أو تطلبها من أمزون كوم إلا أن الاستعارة بالمجان من المكتبة العامة توسع فرص الاختيار للشخص. ومن عجائب المقادير أن تجد في المكتبة المحلية في أبردين كتباً لمؤلفين يفترض أن أكون قد سمعت عنهم في الخرطوم غير أني لم أسمع عنهم : مثل النيجيري شينوا أشيبي أو الكاتب الألباني المسلم اسماعيل كدار.. كذلك كانت المكتبة المحلية تستضيف حلقات قراءة لمؤلفين معروفين من كتاب وشعراء.. كنت أحرص دائماً على حضور هذه الحلقات كان ذلك في منتصف التسعينيات حين ظهرت حركة أدبية واقعية في اسكتلندا كإضافة أدبية بريطانية مثيرة للاهتمام.كان هؤلاء الكتاب الاسكتلنديون الشباب يجاوروننا في السكن.. ونالوا جوائز مرموقة من أعمالهم الأدبية التي كانوا يركزون فيها على التهميش الذي يعاني منه العمل الأدبي الاسكتلندي من جراء سيطرة الذوق الأدبي السائد في العاصمة لندن.. لم يكن لأحد منهم خلفية أدبية معروفة تكسبه شهرة.. ولم يكتبوا عن جامعة أكسفورد مثلاً أو مراكز القوى في لندن وإنما كانوا يكتبون عن شخصيات عادية تستمع لموسيقى البوب ، وتتابع مباريات كرة القدم. كتبوا عن العطالة والطبقة العاملة ومدمني المخدرات.. لقد أبانت لي كتاباتهم هذه أن هناك مجالاً للكتابة عن مهمشين من نوع آخر –إنهم المهمشون لأسباب عرقية أو دينية.. أولئك المهاجرون أو الجيل الثاني من المهاجرين أو الباحثون عن اللجوء السياسي. بمعنى آخر يمكن القول إن شخصية المهاجر السوداني المهمش في بريطانيا يمكن أن تجد مجالاً في الأدب المكتوب باللغة الإنجليزية. فمن خلال هذه الحركة الواقعية الاسكتلندية وجدت أن هناك مجالاً للقصص التي أريد أن أكتب عنها وتعزز ذلك بحضور حلقات حول الكتابة الإبداعية . فكنت أحرص على حضور هذه الحلقات..وهي جلسات غير رسمية تنظمها مكتبة أبردين لعامة الناس.. وهناك حلقة أخرى كانت جامعة أبردين تعقدها وأخرى في المكتبة المركزية.. لقد استفدت من هذه اللقاءات حيث كان الحضور بعد أن يستمعوا لقراءاتي يفيدونني بآرائهم ويسدون لي النصح.. وكان من المثير للاهتمام أن نشاهد أن عملاً أدبياً ما قد تحول من شأن شخصي وخاص إلى أمر للاستهلاك العام .. وتعلمت من هذه اللقاءات كيف أن المؤلف يمكن أن يخفق بسهولة في نقل أفكاره للآخرين... بالطبع المهارة في الكتابة ضرورية وكذلك الممارسة. لكن بالنسبة لي كانت الكتابة لثقافة أخرى وعن بيئة لا يعرف زملائي في هذه اللقاءات عنها شيئاً –مما كان يعتبر مصدراً محتملاً لنشوء سوء فهم بيننا –كانت الكتابة إذن في ظل هذه الظروف تحدياً حقيقياً.. ولكني تعلمت كيف أكون واضحة ودقيقة في التعبير عن ما أريد قوله وتعلمت كيف اجتذب اهتمام الحضور إلى موضوع لا يمت إليهم بصلة.. وتعلمت شيئاً آخر من هذه اللقاءات..فقد تعلمت كيف أقرأ بعين ناقدة وليس من أجل المتعة. فلأول مرة في حياتي بدأت أعرف لم أنا أحببت رواية عرس الزين.. لم يكن كافياً أن تقول إنها رواية رائعة..بل كان يجب علي أن أعرف ذلك الشيء الذي يجعل عملاً روائياً شيئاً رائعاً.. كانت مجموعتي في مرحلة النقاش لا تهتم كثيراً بموضوع الرواية أو الفكرة التي تعالجها بقدر اهتمامها بفن الكتابة.

    في عام 1997 نظمت هيئة الإذاعة البريطانية مجموعة من حلقات العمل التي تهدف إلى تشجيع الكتاب من الأقليات العرقية على الكتابة للإذاعة. فتقدمت بعمل أدبي فتم اختياري مع عشرين آخرين للكتابة لهيئة الإذاعة البريطانية ومنذ ذلك الوقت أصبحت قصصي تجد طريقها إلى هيئة الإذاعة البريطانية، التي استفدت منها أيضاً لحد كبير ....

    إن تقبل المستمع البريطاني لأعمال أدبية تأتيه من خارج محيطه أثار اهتمام الكتاب من الأقليات العرقية، فظهر منهم عبد الرزاق غرنة من زنجبار، وبن أوكري من نيجيريا وسونيترا غوبتا البنغالية..وكانوا جميعاً كتاباً أجانب يكتبون بالانجليزية وتركزت أعمالهم في عقد مقارنات بين ثقافتين وما يتفرخ منها من استلاب حضاري..

    في الخاتمة أود أو أقول إن الضغوط والتحديات التي تسفر عن مغادرة الأوطان غالباً ما تكون مؤثراً فاعلاً في خلق الإبداع..

    هذا وقام رئيس مجلس الإدارة الصادق سلمان في نهاية المحاضرة بتقليد الروائية وشاح النادي وسلمها لوحة النادي التذكارية التي درج النادي على منحها لمن يحقق إنجازاً متميزاً في أي مجال من مجالات الإبداع وذلك تكريماً له وتخليداً لزيارته للنادي...

    هذا وقامت لجنة مكونة من التالية أسماؤهم بتنظيم حفل تكريم الروائية تحت إشراف مكتب الإعلام والأنشطة الثقافية بالنادي:
    خالد منصور، مهدي عقيد، د. محمد الأمين الزين، سيد عيسى، ابراهيم السيد محمد، حسن شيخ إدريس، د. العطا ابنعوف، أبو عاقلة عبد الله أبو عاقلة، يوسف الحبوب، عبد المنعم خليفة، مريم محمد عثمان، عز الدين عبد الرحمن، حامد بدوي، الباقر موسى، بكري الطيب، أشرف الصادق سلمان..
                  

العنوان الكاتب Date
الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السوداني عبدالله الشقليني02-21-07, 03:01 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-22-07, 01:36 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-22-07, 01:57 PM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود Hussein Mallasi02-22-07, 02:06 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-22-07, 02:12 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-22-07, 02:18 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود Adil Osman02-22-07, 02:36 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-22-07, 11:19 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-23-07, 06:20 PM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود bent-elassied02-23-07, 06:54 PM
      Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود bent-elassied02-23-07, 07:08 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-24-07, 03:47 PM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود حليمة محمد عبد الرحمن02-24-07, 07:26 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-25-07, 10:31 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-26-07, 04:19 AM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود الزاكى عبد الحميد02-26-07, 05:17 AM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-27-07, 06:16 PM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عواطف ادريس اسماعيل02-28-07, 07:15 AM
      Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود Bushra Elfadil02-28-07, 08:37 AM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود امين عمر عثمان02-28-07, 02:14 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني02-28-07, 03:22 PM
  Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود عبدالله الشقليني03-01-07, 07:11 PM
    Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود شهاب الفاتح عثمان03-01-07, 08:15 PM
      Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود mutwakil toum03-02-07, 12:01 PM
        Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود الزاكى عبد الحميد03-04-07, 10:57 AM
          Re: الروائية العالمية ( ليلى أبو العلا ) ستُضيء أبو ظبي في أمسية (26) فبراير في النادي السود حيدر حسن ميرغني03-04-07, 11:12 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de