الرد علي دعاوى أبراهيم بقال ضد القبائل العربية: فتح ملف دولة الزغاوة الكبرى مرة أخرى

Quote: بالبوابة الغربية للسودان بقلم سلمي التجاني سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 29/12/2005 11:57 ص بالبوابة الغربية للسودان رحلة عبر الصحراء الكبرى.. في أرض بكر (2-2) بقلم/ سلمى التجاني مهاجرية مرة أخرى.. لكن هذه المرة بعد ستة أشهر من الغياب.. هكذا رأى المسؤولون عن تأميننا بحركة التحرير أن تكون العودة بطريق آخر.. يبدأ بمهاجرية، ويمر بودعة، كتال.. علونا.. ساق النعام.. أم سدر.. أمراي.. وخائم.. مجور.. وادي هور.. عطرون ثم كرب التوم ومنها الى الكفرة مروراً بالعوينات. في منتصف المسافة من حسكنيتة الى مهاجرية ضللنا الطريق لنجد أنفسنا في وسط قرية صغيرة مكونة من مجموعة من القطاطي أعلى كل منها صليب من الحطب.. وعندما بحثنا عن شخص يدلنا على الطريق اكتشفنا أن كل سكان القرية من الجنوبيين الذين ربما نزحوا أثناء الحرب ثم طاب لهم المقام هنا في هذه القرية التي نسيت اسمها.. مهاجرية مرة أخرى دخلنا مهاجرية من ناحية الغرب حيث الأشجار الكبيرة الوارفة والمزارع التي تحيط بجانبي طريق العربات الترابي.. مهاجرية التي رأيتها في مارس الماضي تختلف عن التي دخلناها في أوائل نوفمبر. سبعة أشهر وسمت وجه البلدة بالكثير من التغيير.. أوضحه إنشاء مستشفى للأطفال والحوامل تحت إشراف جمعية أطباء بلا حدود والدكاكين التي كانت مشيدة من الزنك في السوق قطع أغلبها شوطاً في التحول الى الطوب الأحمر.. وفي وسط السوق توجد دكانة صغيرة يديرها رجل في الأربعين من عمره وفيها يتم تبديل كل العملات الصعبة الى دينار سوداني.. من الدولار والاسترليني وحتى اليورو لكن بأسعار تقل عن المصارف السودانية بسبعة الى عشرة آلاف جنيه سوداني.. السوق في المساء عامر.. يزيد من حركته عبور المشاركين في مؤتمر حركة التحرير بمنطقة حسكنيتة بمهاجرية خاصة وكثيرون منهم قادمون من خارج السودان.. مولد الكهرباء الذي كان يعمل حتى التاسعة مساء أصبح يتواصل هديره حتى الثانية عشرة مساء.. وتستمر المطاعم والمقاهي والدكاكين في العمل حتى هذه الساعة. وخلال اليومين اللذين قضيناهما في انتظار الوقود شهدت مهاجرية زواج القائد الميداني الشهير رمضان نهار وقبله بأيام كانت مراسم زواج إدريس كابيلا أحد القادة.. تذكرت حديث حاجة مريم التي التقيتها هنا مارس الماضي.. لعدد من الشباب توصيهم بالزواج في أي مكان تستقر فيه جيوشهم (ليزيدوا أعداد التورا بورا) كما قالت.. كتال الحادث في منطقة كتال التي وقع فيها حادث انقلاب عربة مجموعة نصر الدين يوسف في طريقها من حسكنيتة الى جبل مرة توقفنا لعدة ساعات تعرفنا خلالها على المنطقة.. هي قرية كبيرة بها مجموعة من القبائل.. ومنذ العام الماضي أصبحت ضمن مناطق حركة التحرير.. السوق عامر وملئ بجنود الحركة.. وفي كتال تعرفت على أحد قادة الحركة الميدانيين كان برفقتنا في إحدى السيارات اسمه عادل محجوب من منطقة مروي بشمال السودان.. وهو الشمالي الوحيد بالحركة فيما أظن.. طويل القامة فاقع اللون.. يرتدي الميري ويلف عمامته حول رأسه وجزء من وجهه كما يفعل غالب التورا بورا.. سألته ما الذي أتى به الى هنا.. ضحك كثيراً قبل أن يقو ل«أنا معارض لهذه الحكومة.. وأقاتل مع من يقاتلها» بعد ذلك علمت أنه قد قاتل في صفوف التحالف الوطني بشرق السودان وانضم للتحرير بعد الانقسامات التي شهدها التحالف التي لم يحتملها كما قال.. لكن لا أدري هل سينضم الى جبهة الشرق إذا ازدادت الانقسامات داخل حركة التحرير أم أين ستكون وجهته ..وعادل خريج جامعة النيلين كلية الآداب قسم التاريخ وهو الآن يؤلف كتاباً عن تجربته في العمل المسلح مع التحالف الوطني. تساءلت هل سيكون مصيره -وهو مؤهل ومثقف- مع حركة التحرير بعد السلام كمصير إخوته الشماليين بالحركة الشعبية أم ستقدم الحركة نموذجاً مختلفاً لتقييمها للمنضوين تحت لوائها من أبناء شمال السودان. ونحن نتجول في سوق كتال عرفني عادل على مجموعة من أبناء الدينكا في حركة التحرير معلقاً «أنا وهم نفهم رطانة الزغاوة والفور لكننا لانستطيع التحدث بها». ُوادي عطرون وادي عطرون آخر المناطق التي عبرناها قبل الوصول الى كرب التوم.. وهي في أقصى شمال دارفور تتاخم ولاية نهر النيل. وبوادي عطرون حياة نشطة.. عربات لواري قادمة من دنقلا وأخرى متجهة نحو الخرطوم وثالثة تحت التحميل لتتجه الى مدينة الكفرة الليبية الحدودية.. وعطرون تشتهر بتجارة العطرون أو في الحقيقة تشهد تحول تراب يستخرج من عمق قريب في الأرض الى كومة من العطرون المعروف في بقية السودان «بالجردقة».. تضاريس المنطقة عبارة عن جبال في وسطها مجموعة من الحفر التي تتراص على حوافها أكوام من العطرون في انتظار التحميل. أحمد سائق لوري قادم من دنقلا رأيته يتجول مع التورا بورا في الغرف التي يستغلونها بقلب وادي العطرون.. حكى لي عن الحركة التجارية في مجال العطرون.. وقال إنه لسنوات يعمل في هذه التجارة.. توقفت العام الماضي لدخول المتمردين الى المنطقة لكنها استؤنفت بعد اتصالات معهم توصلت لاتفاق وهو دفعه ضريبة أو رسوم للواء الحدود التابع للحركة مقابل توفير الأمن حتى دخول أراضي نهر النيل.. ويبقى أحمد لأيام في عطرون حتى تكتمل عملية التحميل ثم يتجه بطوف الى الشمال. من عطرون توجهنا نحو كرب التوم برفقة عبد الله شغب.. وهو شاب في أواخر العقد الثالث.. يعمل كثيراً في غير أوقات العمل يتحرك ويتحدث كثيراً.. يحفظ الشريط الحدودي الممتد على طول الحدود التشادية والليبية مع السودان.. ويحفظ كذلك المسافات بالكيلومتر والساعة ويمكنه أن يحدد وبدقة من أين تبدأ أراضي كل قبيلة بدارفور.. شغب وكما يقول لم يلق حظاً من التعليم لكنه تعلم من رحلاته في إفريقيا ما بين الكاميرون وتشاد وإفريقيا الوسطى ونيجيريا.. قال لي وهو يعطيني مجموعة من الحجبات «ألا تخافي من رصاصة طائشة» قلت: كيف أخاف منكم وأنا في ضيافتكم، فأضاف ضاحكاً «هناك نيران صديقة» لحظتها خفت فالنيران الصديقة تصيب في مقتل لأنها تنطلق نحو الهدف وهي مطمئنة، لذلك احتفظت بحجاب الحماية من الرصاص الذي أهدانيه شغب. الكفرة في أول الصباح وفي الثانية من صباح أحد أيام الكفرة كنا على أبوابها.. المدينة وضاءة لكن لا حياة فيها. كان عداد العربة يقرأ المسافة من حسكنيتة الى الكفرة في تلك اللحظة (2100) كيلومتر (ألفان ومائة كيلو متر) .. وقد ازدادت مسافة العودة لأننا سلكنا طريقاً مختلفاً يمر بوادي العطرون. وأنت تدخل الكفرة لا تشعر أنك خرجت من السودان فالتضاريس الجبلية تشبه مناطق في دارفور والبرد الجاف الذي يختلف عن برد الجماهيرية الرطب.. ثم الشتاء الجاف في حين أن شتاء الجماهيرية ممطر.. وأكثر من ذلك سحنات السكان السمراء التي تقترب من ملامح السودانيين.. وبعد كل هذا أعداد السودانيين المرتفعة فيها.. مع وجود جاليات كبيرة من تشاد ونيجيريا.. كل ذلك يجعلك تشعر بأنك في دارفور الثانية.. دارفور الليبية.. و العميد أبوالقاسم أحد المسؤولين بالكفرة قال لي إن ما يربط الكفرة بدارفور أكثر من تطابق المناخ وهو التداخل القبلي وتحدث عن أحد بطون قبيلة الزغاوة المعروف بأولاد (مامي) يوجد نصفه بالكفرة والآخر بدارفور. وقد ذكر لي أحدهم ولا أدري مدى صحة حديثه أن هذه المدينة تقع في منتصف المسافة بين طرابلس والخرطوم.. تفصلها ألفا كيلومتر عن كل منهما. غادرت الكفرة الى طرابلس ومنها الى الخرطوم لتنتهي رحلتي الى دارفور التي جاءت بدعوة من حركة تحرير السودان. سألني أحد المسؤولين الليبيين (كيف يسمح لك وأنت قادمة من الخرطوم بدخول مناطق التمرد) فأجبته أن السودان لا يشبه أية دولة في العالم حتى في تمرده وأن أسر بعض قادة متمردي دارفور موجودة بالخرطوم تدرس بمدارسها وجامعاتها وتحيا في أمانٍ. انتهت الرحلة بعد أن حظيت بحفاوة الاستقبال والضيافة والوداع من حركة التحرير.. ليؤكد كل ذلك أن السودان هو السودان