|
Re: يا حباني ممكن تنقلوا لي كلام محسن خالد ولدي الفي اليوتيوب (Re: Maawya Hussein)
|
فالشعر يقدِّمُ شخوصَه وصورَه وأخيلتَه وموسيقاه، ألوانَه وروائحه وطعومه، وإكسسواراته، كل ذلك عبر الدماغ فقط. أي في هذا المقام، وامتداداً لهذا السياق تحديداً، بوسعنا القول،
الشعر حساباته أعسر، لأنَّ ((التفاعل)) فيه ومعه يتم عبر عمليات فكرية بحتة، لدى أصالتها الأولى، قبل ترجمتها إلى سوقية حواس. فسوق الحواس ومشاعتها من نظير السينما- تنتصب عبر دعامات وأدوات كثيرة جداً جداً، كي نُحَصِّل بها، تقليداً لا أصالةً، لُقى القصيدة الواحدة.
(أبكينا نساءهم وأبكوا نساء..) (بكل قرارة منا ومنهم..) (فكم من سيد فينا وفيهم..).. إلخ}. نعم، هذا منطق الدنيا والأشياء، ستفعل قطعاً- سيُفعل بك، وإلا فمن تُقاتل؟ آآلعدم!؟ ولكن هذا تفكير شعراء راقٍ وأكثر ذكاء، فالشعر حساباته أعسر. التوليفة التي أصبحت مفتاحاً في قراءات كيف يصف الشاعر خصمه، أو ما عُرف في الأدب العربي بـ(المُنصفات)، ومن أشهرها مُنصفة عامر بن أسحم النكري، التي يقول فيها {(أشبعنا السباع وأشبعوها..)،
انظر إليه، يشمل خصمه معه ولا يستثنيه أو يُتَفّهه، نعم أبدعنا وأبدعوا إن كان في الحرب إبداع!؟- ثبتنا وثبتوا، نزفنا ونزفوا، فنحن جيشُ ليوثٍ لن يفخر بهزيمته لجيش أغنام. "مِنَّا ومنهم" انظر التركيبة الفكرية العميقة، والبديعة، المحسوبة جيداً ودقيقاً، بحسابات الشعر.
عمرو بن كلثوم مثلاً: كأنَّ سيوفنا منا ومنهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا كأنَّ ثيابنا منا ومنهم ... خُضِّبنَ بأرجوان أو طُلينا
التتفيه المُحْكَم، إي، التتفيه للخصم، لدى أي منعرجٍ من هذا الفيلم، وهذا عدم حصافة منهم كما أسلفت، إذ لم يحفظوا لأنفسهم بذلك مقامات الذكاء الأعلى، والمهارة الأعلى، والنزال الأعلى، كما فعل عنترة بقصيدته، وكذلك عبد يغوث اليماني الحضرمي وشعراء كُثْرٌ،
بهيمة واحدة تتحرَّك فيما يُطابق الزواحف وكل أنواع الـcreepers مَصَّاصَة الدماء، ما لا تقتلها طلقة واحدة، فعليك أن تحكم ضربك إذن وتفرغ عليهم كل ما معك من بارود، فهم جُثث بالأصل، عادوا للحياة من باب الخروج، فالواجب يقتضي إرجاعهم إلى قبورهم هذه المرَّة كما يجب.
هذا الصمت والتراجع أمام عصا غردون ممثل إمبريالية وبرجوازية رأس المال المسيحي، هو في الحقيقة ما تحلم به هذه الإمبريالية. التي لا ترى في العالم كلِّه مما عداها، إلا بهيمة واحدة حينما عَمَّ صمتٌ أسطوري، المغزوون في ديارهم بالقاع والإمبريالية أعلى السُّلَّم، صمتٌ لا أجد له مثيلاً إلا ذلك الذي حَدَّثنا عنه القرآن حين يتجلَّى الله في قيامته وتخشع الأصوات والكائنات!
|
|
|
|
|
|
|
|
|