حوار مع أصغر مرشح/ة فى الإنتخابات العامه السودانيه .. رؤى الخضر عمر مرشحة الحزب الشيوعى

Quote: أمّا التّنظيمات التّخويليّة، فآليّة انتقال المعلومة فيها يتميّز هنا بصورة أساسيّة في كونها رأسيّة؛ وهذا هو سبب تجويز استخدام القوّة المادّيّة القسريّة. هذا بينما يتمّ انتقال المعلومة أفقيّاً في أطر ومستويات ضيّقة، داخل لجنة واحدة مثلاً. ويكمن الهدف الأقصى في المحصّلة النّهائيّة للأداء التّنظيمي عبر الانتقال الرّأسي للمعلومة في تحقيق أكبر قدر من الانتشار الأفقي القاعدي للمعلومة نفسها (مثل ذيوع وانتشار فكر بعينه؛ أو ذيوع وانتشار فائدة سلعة تجاريّة بعينها). وهذا من شأنه أن يُتيح درجة أكبر من ممارسة السّلطة على المستوى السّياسي (الدّولة أو القطاع الرّأسمالي المعني مثلاً). الالتزام التّنظيمي بين الاختيار والإخضاع الالتزام التّنظيمي في أساسه ثبات على المبدأ باستنارة مع مثابرة لا تعرف الونى في سبيل تحقيق أهداف سامية يدعو لها التّنظيم. ولكن مع هذا يمكن أن يتمّ الانحراف بالتّنظيم، وذلك بتحويل الالتزام من موقف اختياري في المقام الأوّل إلى موقف إخضاعي في عاقبة أمره. ويتحقّق هذا التّحوّل من الاختياريّة إلى الإخضاعيّة عبر سلسلة من مُشكّلات السّلوك البافلوفي (نسبةً إلى بافلوف Pavlov الذي اكتشف نظريّة المثير والاستجابة عن الكلاب فكانت أساس المدرسة السّلوكيّة في علم النّفس)، والتي لا يمكن أن يصيب المرءُ فيها نجاحاً دون أن يمرّ هذا النّجاح عبر بوّابة انتهاك إنسانيّة الشّخص المخضوع. ويبدأ هذا التّشكيل السّلوكي في باكر شباب الشّخص المنتمي إلى التّنظيم في عمليّة يُستغلُّ فيها إيمانُه الغضّ بمبادئ التّنظيم وأفكاره، مع سذاجة لا تخفى في تلك السّنّ المبكّرة، فضلاً عن استعداده للتّضحية مع مزيدٍ من نزق وسورة الشّباب. وهذه عمليّة تغرير أيديولوجي يمكن أن نُطلق عليها مسمّى البيدوفيليا الأيديولوجيّة أو السّياسيّة political pedophilia (البيدوفيليا هي تغرير الكبار بالصّغار بغية مواقعتهم جنسيّاً) بدالّة انتشارها في العمل السّياسي الاعتقادي. وأكثر ما عُرفت بهذه التّكتيكات التّنظيمات الاشتراكيّة بعموم من شيوعيّة وغيرها، فضلاً عن التّنظيمات العقدية الدّينيّة، الإسلاميّة منها بخاصّة في عصرنا الرّاهن. ويُعرف عن ضحايا هذا التّغرير الفكري صعوبة الانعتاق من ربقة التّنظيم الذي انضووا أوّل أمرهم في صفوفه باختياريّة تامّة؛ فإذا بالأيّام تتقلّب بهم، فيضعف انتماؤهم للتّنظيم أو الرّغبة في الاستمرار فيه، ولكن مع ذلك يعجزون عن مغادرة صفوفه إذ يكونون قد فقدوا مزية الاختيار التي لولا فضلها لما اختاروا الانضمام للتّنظيم في المقام الأوّل. وحتّى الذين يخرجون عن مثل هذه التّنظيمات، كثيراً ما ينتهي بهم الأمر إلى الدّوران في فلكها، أو تجدهم قد انضمّوا إلى نقيض تلك التّنظيمات فكريّاً، وذلك في سبيل تحقيق انعتاقٍ زائف منها. هناك قلّة من ذوي الشّكيمة الفكريّة والنّفسيّة الذين ينجحون في كسر جاذبيّة الدّوران في فلك تنظيمات اختلفوا معها وغادروا صفوفها. وهنا لا نعني أولئك الذين تبيّن لهم خطل ما كانوا فيه يعمهون، فأصابتهم يقظة ضمير وفكر من جرّائها نَحَوا إلى مفارقة تنظيماتهم بمثل ما يقول المثل السّوداني العربي "فُراق الطّريفي لجمله". وحتّى هؤلاء كثيراً ما يجدون أنفسهم أسرى رِبْقة تنظيماتهم، ولا يخرجون منها إلاّ معاظلة.