والشيوعية فوق ما فيها من شمولية؛ تنطلق من عقيدتها الجامدة القائمة على الصراع الطبقي وصراع ونفي الاضداد؛ والتي تعتبر العنف قابلة التاريخ؛ اى " الداية" التي يخرج على يديها المجتمع الشيوعي؛ على حد قول ماركس؛ وتسمي ارهابها الاحمر الجارف عنفا ثوريا؛ والتي ترى للخارجين عن اسرها كمرتدين ومحرفين وساقطين؛ لها موقف عقائدي واضح فيما يتعلق بالنظرة للكون والانسان؛ وهو موقف راديكالي؛ لا يعترف باى وجود للأخر بجانبه؛ واعني هنا الموقف المادي ؛ المسمي مرة ماديا ديالكتيكيا؛ عندما يتعلق بالفلسفة ونظرية المعرفة؛ وماديا تاريخيا؛ عندما يتعلق بعلم الاجتماع.
والموقف المادي للشيوعية؛ والمسمى زورا بالجدلي او الديالكتيكي؛ لا يرفض فقط الظاهرة الدينية؛ وانما يرفض كل تفكير فلسفي عداه؛ وقد رأينا تهجم الماركسيون على مختلف المدارس المثالية السابقة لهم؛ من الكانطية الى الهيجلية؛ وتشنيعهم على المدارس المعاصرة او اللاحقة لهم؛ مثل الايجابية "الوضعية" والتجريبية النقدية "ماخ" والوجودية ؛ وغيرها من تيارات الفكر والفلسفة.
ان تهجمات ماركس وانجلز؛ ومن بعدهما لينين وستالين؛ على كل ممثلي الفكر الحر والموضوعي والنقدي غير الشيوعي وغير الشمولي؛ وسعى ماو تسي تونج الى قبر الكونفوشوسية والتاوية؛ وعنف الشيوعيين اللفظي والبدني؛ على كل مخالف لايدلوجيتهم البائسة؛ لهى من الدلائل الساطعة على شمولية وسلفية الشيوعية والشيوعيين؛ والتي تشربها من قادتهم الفكريين والسياسيين رفاق السودان؛ وان كانوا اقل شجاعة في الاعتراف بالطرح الحقيقي لايدلوجيتهم المغلقة؛ في مجتمع متعدد الاعراق والثقافات والاديان؛ وحيث للوعي الديني والفكر الغيبي وجود عميق.
ان كل مساهمات الشيوعيين والماركسيين العرب؛ والذين تأثر بهم شيوعيو السودان اكثر منة تائرهم بالشيوعيين والماركسيين الافارقة؛ في المجال الفكري والفلسفي؛ انما كانت تصب في اتجاه الدعاية للمادية الشيوعية؛ ورفض وتسفيه ما عداها؛ في ذلك يمكن النظر الى مساهمات احمد جلال العظم؛ وقدري قلعجي - قبل ان يتحول عنهم- ؛ ولا يزال انجيل وقرآن الشيوعيين العرب والسودانيين؛ في هذا المجال؛ كتاب يبحث في "النزعات" المادية في الفلسفة العربية الاسلامية؛ وهو كتاب المغدور حسين مروه اللبناني؛ والذي يحمل نفس العنوان.
أدى هذا الامر؛ الى ان يفرخ الشيوعيين السودانيين في وسطهم؛ نماذجا متطرفة عقائدية ومسنفزة وجاهلة؛ تجاه كل ما يتعدى فلسفتهم الكسيحة؛ وهي عناصر جعلت الصراع الايدلوجي مع اخوتهم الاعداء؛ من الاخوان المسلمين؛ صراع يكاد أن يصبح بيولوجيا بين الطرفين؛ وانتجت امثال شوقي محمد؛ والذي جلب لهم الطامة في 1965؛ رغم خروجه التنظيمي عنهم؛ ولكنه بقى فكريا في وسطهم.
ان شوقي محمد؛ يشكل عندي النموذج البائس للايدلوجية الشيوعية المغلقة؛ فالرجل الذي سكت دهرا؛ عاد لينطق شمولية وجهلا؛ بعد اربعين عاما من تصريحاته واسعة الانتشار؛ في اللقاء الأخير الذي تم معه بالصحف؛ والذي يكشف عن جهل فاضح وشمولية كاسحة وذهنية مغلقة؛ لم يغيرها الزمان الا قليلا؛ وربما نعود لمناقشتها في هذا المكان بالتفصيل؛ اذا اتسع الوقت.
03-06-2010, 04:32 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
سيعود الشيوعيون ليقولوا لي؛ هنا او هناك؛ ان حزبهم في السودان غير ذلك؛ وانه متميز؛ وانهم لا يعادون الدين؛ وانهم ياخذون من الماركسية بعضها؛ ويتركون البعض الاخر؛ الخ الخ من حركات الاستهبال السياسي والفكري؛ او التدليس الفكري؛ كما اسماه الراحل العظيم الخاتم عدلان؛ والمنطلق اما من جهل او دجل؛ ومما يمارسوه مع غير العارفين بهم.
أقول هنا ان الايدلوجية الشيوعية ؛ بما فيها نظرية المادية الشيوعية الفجة؛ تشكل مصدرا رئيسيا؛ لتكوين الشيوعيين السودانيين؛ وقد كانت كتب ماركس وانجلز ولينين وستالين في هذا الجانب؛ مصادر معارفهم الفلسفية الضحلة؛ والكون الاساسي لعقيتهم الشيبوعية المغلقة؛ والتي اصبحت عند الكثيرين منهم؛ دينا جديدا يعتنقوه؛ ولا يودوا "الراتداد" او الهرطقة فيه؛ ولا يواددوا من ارتد وهرطق؛ ولو كان له ما كان من النضال السياسي والفكري من اجل شعب السودان؛ من امثال وراق والخاتم عدلان.
ولكي لا نرمي القول على عواهنه؛ ولا نكتفي فقط بكتب ماركس ولينين؛ وكتب دار التقدم المبسطة والفجة في هذا الجانب؛ والتي كان يعاملها الشيوعيين كاناجيل؛ فاننا نأتى بالدليل من البرنامج الرسمي لتدريب عضوية الشيوعيين؛ والمسمي بكورس المرشحين.
فلقد اجازت قيادة الحزب الشيوعي السوداني؛ اعدت وطبعت ونشرت؛ في العام 1984؛ مجموعة من الكتيبات؛ سميت بكورس المرشحين؛ وضمت دراسة عن لائحة الحزب؛ واخرى عن برنامج الحزب؛ ووثيقة اصلاح الخطا في العمل بين الجماهير؛ وكتيب لينين عن "مصادر الماركسية الثلاثة واقسامها المكونة الثلاثة" ؛ وكتيبا عن المادية التاريخية والمادية الجدلية؛ حملا كل اطروحات النظرية الشيوعية المادية عن الكون والمجتمع.
ان دراسة كورس المرشحين هذا؛ وتفهمه وتقبله؛ قد كانت الشرط الاساسي؛ لقبول المرشح عضوا في الحزب الشيوعي؛ وحسب علمي لا يزال هذا الكورس كورسا اجباريا وساريا حتى اليوم؛ بما فيه من كتاب لينين وكتاب المادية التاريحية وكتاب المادية الجدلية.
ان هذا الامر قد كان استجابة لما طرحه عبد الخالق محجوب في بداية سبعينات القرنم المنصرم؛ من ضرورة تجويد التكوين "الماركسي" للاعضاء؛ ومن ضرورة الانتقال من تقبل البرنامج السياسي للحزب؛ الى تقبل اسسه النظرية وفلسفته الماركسية؛ وهو الامر الذي اولاه كل اهتمامه؛ بعد المؤتمر الرابع؛ وفي وثيقة : قضايا ما يعد المؤتمر؛ ودورة اللجنة المركزية في مارس 1969؛ وكتاباته ابان الانقسام في الحزب الشيوعي؛ ومساهماته للمؤتمر التداولي في اغسطس 1970 ؛بل ونجد اشرات له في اخر وثيقة كتبهعا ؛ وهي "حول البرنامج"؛ فيما يتعلق بالموقف من الدين.
03-06-2010, 04:35 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
ان كورس المرشحين هذا؛ والذي يحمل في جنبات كتيباته النظرية المادية؛ والتي تقول باسيقية المادة على الوعى؛ وترفض كل الظواهر الميتافيزيقية؛ وكونه كورسا اجباريا على كل مرشح دراسته وتفهمه وتقبله؛ قبل ان يلج صفوف هذا الحزب؛ انما يقف حجة دامغة؛ على ممارسي الاستهبال السياسي والتدليس الفكري؛ من الشيوعيين الذين يكذبوا على الناس في توضيح مواقفهم الحقيقية من مختلف الظواهر الفلسفية والدينية المختلفة عنهم؛ والتي يتشربوها في كورسهم هذا؛ وفي قراءاتهم الاضافية في "مصادر" الماركسبة؛ والقائمة على الرفض المطلق لها.
لا شك عندي؛ من واقع هذا الكورس؛ ومن واقع التربية الفكرية التي يمارسها الشيوعيون؛ ومن واقع احتفاؤهم بانجيل حسين مروة؛ وغيره من الكتابات؛ ان كل شيوعي مدرك لاطروحات الحزب الشيوعي السوداني؛ وملتزم بها؛ انما هو ملحد متطرف؛ يعادي الدين وكل فلسفة غير مادية؛ ويعادي رجال الدين والناشطين الدينيين؛ ويعادى المتدينيين او يحتقرهم ويعتبرهم جهلةورعاع؛ في افضل الاحوال.
لقد كنت ذلك الملحد المتطرف ذات يوم؛ يوم كنت عضوا في الحزب الشيوعي السوداني؛ ورغم ان علاقتي السلبية تجاه الدين والظاهرة الدينية؛ قد بدأت قبل التحاقي بالحزب الشيوعي؛ فان التدريب الماركسي الذي تلقيته؛ والادبيات الشيوغية التي التهمتها؛ قد أكدت ذلك التوجه السلبي وعمقته؛ وحولته الى الحاد صريح؛ واعطته طابعا ظننته علميا؛ وكل شيوعي ملتزم وواع باطروحات الحزب الشيوعي السوداني ودارس لها عرفته؛ وليس رفقاء الطريق كما يسميهم الشيوعيين من بعض اعضاء الحزب ومن اعضاء المنظمات التابعة للحزب الشيوعي؛ قد كان ملحدا؛ وكانت الغالبية العظمي من هؤلاء الملحدين قد عرفت طريق الالحاد وسارت فيه؛ بعد دخولها الحزب الشيوعي السوداني وتمرسها فيه.
احب ان اثبت هنا؛ انني لا اتفق البتة مع اطروحات الاستاذ الحاج وراق؛ والتي طرحها في مقاله بعنوان " ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين؛ الجزء الثاني؛ حول ان الشخص الملحد؛ المتسق مع الحاده؛ لا يمكن أن يكون اخلاقيا؛ والتي اعتمد فيها على اراء كانط؛ وعلى اؤاء دستويفسكي؛ والقائمة على مفهوم ديني ضيق؛ والتي اعتبرها واحدة من كعوب اخيل؛ في الطرح الفكري للأخ وراق.
يقول الاستاذ وراق:
Quote: يقول المثل السوداني الشائع: (الما بخاف الله خافو)، وعلى بساطته، فانه يستخلص استنتاجاً فلسفياً عميقاً، سبق واشار إليه الاديب الروسي دوستوفسكي حين كتب: (اذا كان الله غير موجود فكل شيء مباح). وكان يعني بأن الملحد المتسق مع إلحاده لا يمكن ان يكون أخلاقياً لأن كل شيء يكون مباحاً لديه. وقد اكدت ذلك تجربة اوروبا حين اعلنت بزهو (موت الله)، فلم تضر الله تعالى بشيء، ولكنها عملياً اعلنت بذلك موت علاقتها بأي مثال اخلاقي وروحي، وبالنتيجة فقد اعلنت موت انسانيتها!! والى ذات النتيجة توصل الفيلسوف الألماني (كانط) - نتيجة انه لا يمكن تأسيس الاخلاق بصورة متسقة إلا بافتراض وجود الله .
وهكذا فان الملحد اذا كان متسقاً مع إلحاده فإنه سيتحول الى شخص بلا أخلاق!
فهم الحاج وراق؛ وفهم دستويفسكي؛ يقوم على أن العلاقة مع الله هي علاقة خوف وخضوع؛ وان سلوك الانسان الاخلاقي؛ نابع من الخوف والخضوع؛ واته اذا تحرر من هذا الخوف والخضوع؛ فهو قد تحرر من الاخلاق؛ ولا شك عندي ان هذه وجهة نظر لا تعرف تاريخ تطور الفكر البشري والاخلاق والقيم الانسانية؛ ولا تاريخ الاديان وعلم الاديان المقارن؛ وهو فهم "تخويفي" في المحصلة؛ يخوف الناس بالله ليجبرهم على الالتزام بالاخلاق او "الناموس".
الخلط هنا يتم على عدة مستويات؛ فمفهوم الاخلاق نشأ مع بدء تكون الجماعات البشرية؛ والجماعات البدائية التي كانت تؤمن بالسحر والطوطم؛ كان لها نظامها الاخلاقي؛ كما ان كثير من اطروحات الاديان؛ ومن ضمنها الاديان المسماة التوحيدية العظمي؛ تحمل طابعا لا اخلاقيا؛ واذا كان القانون والاخلاق قد ارتبطا في نشأتهما بالاديان؛ فانهما مع تطور المجمتمع والفكر البشري؛ قد استقلا عنها؛ وكان لمحدين معلنيين الفضل في تطوير غلم الاخلاق؛ كفرع مستقل للفسلفة؛ وكان بوذا " الذي لا يعترلاف بوجود الله؛ هو الاخلاقي الاكبر في تاريخ البشرية.
الدين في مجمله؛ يقوم على علاقة الانسان بالكون والطبييعة من حوله؛ وعلى تحديد من هو موجدهما الاول؛ بينما الاخلاق في الغالب؛ تقوم على علاقة الانسان بغيره من البشر؛ ورغم الخطوك المتداخلة بين الامرين؛ فان تطور القيم العالمية؛ وانحسار الدين الى الفضاءات الشخصية؛ قد فصل جزئيا بين الفضائيين؛ لذلك يمكن ان نجد ملحدا متسقا؛ في نظرته لأصل الكون وهلاقة الانسان بالطبيعة واصل الاديان؛ ويكون اخلاقيا جدا في علاقته مع بني البشر؛ بل ان اخلاقيته هنا افضل؛ لانها خالية من تالخوف والطمع؛ وهو أمر تنبه له كبار الصوفية وكبار المفكرين.
اننا لا يمكن ان نعتبر اشخاصا مثل ابقراط ولاو تسي والمعري وابراهام لنكولن وبنجامين فرانكلين وبرتراند راسل وتوماس جيفرسون وتمواس اديسون وفولتير وشارلز داروين وليو تولستوي والبرت انشتاين اناس غير اخلاقيين؛ وكلهم اما ملحدين او لا ادريين؛ اى رافضين الايمان بوجود الإله؛ واسهامهم في تطور القيم الانسانية والاخلاقية معروف وكبير.
أقول هنا لاقطع الطريق على اصحاب التدليس الفكري والاستهبال السياسي؛ انني اليوم ايضا احمل فكرا نقديا تجاه الظاهرة الدينية؛ واتبني النظرة العلمية في تفسير اصل الكون وعلاقة الانسان بالطبيعة ( وان كان العلم - مثل الدين - حتى الان يقف عاجزا في تفسير أصل المادة الاولي)؛ وكذلك أتبني المنهج العلمي التناريخي في تفسير الظاهرة الدينية وأصل الاديان واطروحاتها؛ دون تطرف علموي ودون تدليس فكري.
اضيف مع ذلك اني اتبني كل ذلك كخيار فردي؛ لا احاول فرضه على احد بكورس مرشحين او غيره؛ ولا اربطه بمواقف سياسية واجتماعية؛ واتعامل مع افكاري بصورة نقدية واخضعها للمراجعة؛ مما يجعلني في حالة حراك فكري دائم؛ اي ان هذا الموقف العلمي والوجودي والفلسفي ليس صنما عندي يعبد ولا هو دين جديد؛ وافرق تماما بين موقفي من الظاهرة الدينية التي افسرها علميا وارفض ما ارفض منها واقبل ما اقبل - ضمن نظامي المعرفي والفلسفي - ؛ وبين الموقف من الناس المتدينيين؛ والذين احترمهم واحترم قناعاتهم ولا اعتبرهم جهلة ولا رعاعا؛ وانما متبنيين لنظام معرفي ووجودي آخر يخصهم؛ ولهم كامل الحق في تبنيه كما لي الحق في تبني ما اريد.
03-06-2010, 04:38 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
أأتي هنا للتوثيق؛ بما كتبه لينين؛ عن مصادر الماركسية واقسامها؛ وخصوصا ما يتعلق بالموقف المادي والفلسفة المادية؛ في الكتيب الذي اعاد طبعه الحزب الشيوعي السوداني؛ وجعله واحدا من كتيبات كورس المرشحين الاجباري.
يكتب لينين: <<إن المادية هي فلسفة الماركسية، في غضون كل تاريخ أوروبا الحديث، لاسيما في أواخر القرن الثامن عشر، في فرنسا، حيث كان يجري نضال حاسم ضد كل نفايات القرون الوسطى، ضد الإقطاعية في النهاية، والأمينة لجميع تعاليم العلوم الطبيعية، والمعادية للأوهام ولتصنّع التقوى و... الخ، ولذا بذل أعداء الديموقراطية كل قواهم لـ"دحض" المادية، لتقويضها، للافتراء عليها؛ ودافعوا عن شتى أشكال المثالية الفلسفية التي تؤول ابرادا، على نحو أو آخر، إلى الدفاع عن الدين أو إلى نصرته.
وقد دافع ماركس وانجلس بكل حزم عن المادية الفلسفية وبيّنا مرارا عديدة ما في جميع الانحرافات عن هذا الأساس من أخطاء عميقة، ووجهات نظرهم معروضة بأكثر ما يكون من الوضوح والتفاصيل في مؤلفي أنجلس: "لودفيغ فورباخ" و"دحض دوهرينغ"، اللذين هما، على غرار "البيان الشيوعي"، الكتابان المفضلان لدى كل عامل واع.
ولكن ماركس لم يتوقف عند مادية القرن الثامن عشر، بل دفع الفلسفة خطوات إلى الأمام، فأغناه بمكتسبات الفلسفة الكلاسيكية الألمانية، ولاسيما بمكتسبات مذهب هيغل، الذي قاد بدوره إلى مادية فيورباخ. وأهم هذه المكتسبات، الديالكتيك، أي نظرية التطور بأكمل مظاهرها وأشدها عمقا، وأكثرها بعدا عن ضيق الأفق، نظرية نسبية المعارف الإنسانية التي عكس المادية في تطورها الدائم. إن أحدث اكتشافات العلوم الطبيعية – الراديوم، والالكترونات، وتحوّل العناصر – قد أثبتت بشكل رائع صحة مادية ماركس الديالكتيكية، رغم أنف مذاهب الفلاسفة البرجوازيين ورغم ردّاتهم "الجديدة" نحور المثالية القديمة المهترئة.
وقد عمق ماركس المادية الفلسفية وطوّرها، فانتهى بها إلى نهايتها المنطقية ووسع نطاقها من معرفة الطبيعة إلى معرفة المجتمع البشري. إن مادية ماركس التأريخية كانت أكبر انتصار أحرزه الفكر العلمي، فعلى إثر البلبلة والاعتباط اللذين كان سائدان حتى ذلك الحين في مفاهيم السياسة والتاريخ، جاءت نظرية علمية، روعة في التناسق والتجانس والانسجام، تبيّن كيف ينبثق ويتطور، من شكل معين من التنظيم الاجتماعي، ومن جراء نمو القوى المنتجة، شكل آخر، أرفع، – كيف تولد الرأسمالية من الإقطاعية، مثلاً.
وكما أن معرفة الإنسان تعكس الطبيعة القائمة بصورة مستقلة عنه، أي المادة في طريق التطور، كذلك تعكس معرفة الإنسان الاجتماعية (أي مختلف الآراء والمذاهب الفلسفية أو الدينية والسياسية، الخ.) نظام المجتمع الاقتصادي، إن المؤسسات السياسية تقوم كبناء فوقي على أساس اقتصادي، فإننا نرى، مثلا كيف أن مختلف الأشكال السياسية للدول الأوروبية العصرية هي أداة لتعزيز سيطرة البرجوازية على البروليتاريا.
إن فلسفة ماركس هي مادية فلسفية كاملة، أعطت الإنسانية، والطبقة العاملة بخاصة، أدوات جبارة للمعرفة>>
المرجع: لينين: مصادرالماركسيةالثلاثة وأقسامها المكونةالثلاث نقلا عن موقع ماركسيستس اورغ
يصبح حتما هنا؛ والحال كما قلنا؛ ان يحسم الحزب الشيوعي السوداني أمره؛ بين ان يكون حزبا ايدلوجيا عقائديا؛ يعتنق الماركسية اللينية؛ بفلسفتها المادية؛ ويجبر اعضائه على اعتناقها؛ بتدريسه لها في كورسات المرشحين؛ او ان يكون حزبا برامجيا؛ يضم الناس اليه على اساس برنامجه؛ وليس على اساس عقيدة فكرية مادية او غير مادية؛ مثله مثل اغلب الاحزاب اليسارية والتقدمية في العالم.
دون ذلك فان الحزب سيكون كاللاعب بالبيضة والحجر؛ فالشيوعيون الذين يتبنون الماركسية اللينية بشقها المادي الالحادي؛ ويدرسوها في كورساتهم الاجبارية للمرشحين؛ ينتفضوا ويغضبوا عندما يصفهم خصومهم او قل اخوانهم الاعداء بالالحاد؛ وهم في ذلك انما يحاولوا ممارسة التدليس والتزوير؛ على اغلب الناس وعلى جزء مقدر من عضويتهم والمتعاطفين معهم؛ وعلى الرأى العام؛ وهيهات.
ان الشيوعيين مطالبون بحل هذه الاشكالية؛ بين ان يكونوا حزبا عقائديا ماديا والحاديا؛ وبين ان يخفوا هذا الامر بالمخاتلة والتدليس؛ وطلبنا منهم ليس حرصا عليهم؛ ولكن حرصا على الحياة السودانية؛ من ان يسمموها بخلافاتهم العقائدية العبثية مع اخوانهم الاعداء من السلفيين؛ وان يجروا لنا مهزلة معهد المعلمين مرة اخرى؛ وانقلاب مايو وهاشم العطا مرة اخرى.
ان اصرار عدد كبير من الشيوعيين؛ على انكار الطابع العقائدي لحزبهم؛ والطابع المادي الالحادي لفلسفتهم الرسمية التي يعتنقون؛ انما يثير الأسى؛ وهو لا يصب الا في اطار الانتهازية الفكرية والسياسية؛ وهو يشبه في ذلك زعم منتسبي حزب الامة او الاتحادي الديمقراطي مثلا؛ ان حزباهما غير طائفيان .. وهو في الحق منهج غريب في انكار الحقائق؛ يسكت عنه بعض الناس تأدبا؛ ولكن يجب مواجهته؛ اذا ما اردنا للسياسة السودانية ان تقوم على قواعد من المبدئية والوضوح والتزام الحقائق.
03-06-2010, 04:41 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
وستستمر المباراة الى الابد حتى هزيمة أحد الطرفين؛ لأننا لا نسكت عن الحق وعن حقوق شعب السودان .
Quote: ع عبدالعاطي ومنذ امد بعيد ليست لديه سوى م ابراهيم نقد
ليست لديه ماذا ؟؟ هذه الجملة ناقصة او مبتورة اكملها
Quote: الا يجيد هذا الرجل سوى كيل السباب لرجل عرف قدر نفسه وعرف كل السودانيين قدره. ولنتوخى الصدق عدا شخص واحد
بل يعرفه من يعرفوه بالتآمر واغتيال شخصيات الاخرين وقد كتبها يوسف حسين ( حسن تاج السر ) عن كيف تصفي الحسابات في قيادة حزبكم تحت قيادته ويعرفها الشهيد خضر نصر الذي يسيء اليه الرجل حيا وميتا ويعرفها الشهيد شيبون الذي يسيي ء اليه الرجل حيا وميتا ؛ ويعرفها الخاتم عدلان ويعرفها العشرات من ضحايا تآمر الرجل ؛ ونعرفها نحن في وضعه يده في يد الترابي الملطخة بالدماء بعد ان ادخله دار الحزب الشيوعي وقوله له " خلاص عرفتا الدرب خلاص زورنا طوالي " ودفاعه عن البشير وحبه للسلطة حين عاد بعد اربعين عاما وبعد ان بلغ ارذل العمر (كما وصفه احد الشيوعيين بحق) ليبفرض نفسه على الشيوعيين زعيما لهم ومرشحا للرئاسة متلاعبا بوحدة السودان ومستقبل الاجيال.
Quote: استاذ نقد طيلة حياته لم يفجر في خصومه ولم يشتم احد.
بالله ؟؟ وهل اساءاته لشيبون وخضر نصر احياءا واموات كانت من قبيل المدح ؟؟ نعم هو لا يهاجم من يظنهم قوياء بل يداهنهم (البشير والترابي والصادق) ولكنه يسيء للشرفاء وهذا ما لن نغفره له ابدا ..
Quote: ارعوي ايها العادل وسوف نسأل الله لك الهدايه حتى لاتؤذي
الاخرين .
تدعو لي بالهداية ؟؟ وهل موقفي سببه الله حتى يهديني عنه ام هو موقف فكري سياسي له حيثيات واضحة ؟؟ اها دعوتك دا في اطار صلاة وتهجد ولا دعوة ساي ع الماشي ؟؟ يا اخي واضح ان الشيوعية الكيزانية قد استشرت فيكم حتى خالطت الدم والعصب .
03-11-2010, 01:04 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
بعدين دي اختها وين؟؟!..فكريا ولا دينيا..ولا جماعيا..ولا فرديا..ولا شيوعيا..ولا ليبراليا.ولا شخصيا؟!.
اها بعد تفصل لي وتخد الحبكة الموضوعية بنجي للنقاش وكده.
ولدنا ابو بكر صالح دا مستهبل ساي ؛ وهو عارف البير وغطاها لكن يكابر في الاثم دفاعا عن صنم ؛ حاجة غريبة والله .
يعرف ابو بكر صالح ان حزبنا به قامات شبابية فذة في مجال الفكر والكتابة والابداع .. هو شخصيا دخل في حوارات مع شهاب كرار الذي زللل اسس المادية الجدلية التي بها يؤمنون؛ ضمن كتابات تنويرية عديدة لشهاب . يعرف ابو بكر مقالات وكتابات ميسون النجومي الفذة في السياسة والادب والفلسفة؛ يعرف مساهمات ومقالات عبد العزيز كمبالي التي تنشرها مجلات في حجم التايمز .. يعرف اسهامات نور تاور ومقالاتها الراتبة وكتاباتها منذ السبعينات - يمكن قبل ان يولد هو ذاتو - . يعرف مساهمات د. منال التأسيسية لاطروحات حزبنا في مجال الدستور والاقتصاد . يعرف كل هذا واكثر؛ ولكنه لا يبالي بالتهرب من الموضوع الاساسي ومهاجمة شخصي والحزب الديمقراطي الليبرالي وكأنما هما من أتيا بفرية ان التسلط والدكتاتورية هما بلاء من الله يجب الاستعانة لازالتهما بالدعاء والصلاة .
يا للبؤس .
03-11-2010, 01:37 PM
Abureesh Abureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Abdel Aati
بدر الدين اسحاق احمد
Shazaly Magzoub
Abureesh
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست