حيّاك الغمام وحيّاه أ. سيف الدين جبريل، فقد أتحفنا الشاعر الكبير الأستاذ محمد المكي إبراهيم بباقة ألحان وذكريات ثرية. ذاك ما عشناه وهو يمخر بنا عباب البحر قاصداً أثينا ومنها لألمانيا وعودته لإكمال دراسة القانون ومن ثمّ الولوج للسلك الدبلوماسي وهيامه الكبير بأمته التي كتب فيها أروع الدرر.
لقد تحصلت شخصيا في بواكير أيامي على ديوا أمتي وقرأته لأكثر من مائة مرة حتى إهترأ وتشظى بين يدي، وما من أحدً إلتقيته في تلك الفترة، إلا وكان حافظا لتلك الأشعار عن ظهر قلب. لقد شكلت تلك الأناشيد والقصائد فينا موجةً من الثقة بالنفس، إذ ما دلفت تقرأ اكتوبرياته المفعمة بالثورة والغنائية وقطار الغرب بغرابته وجدته على أشعار ذلك الزمان. لقد كنتُ أقول لأصدقائي دوماً: ومدوا بساط الحب واغتفروا الذنوب وباركوا هذه الشهور الضائعة، وكنا نردد كل أشعاره ونحفظها عن ظهر قلب. حقاً شاعرنا ود المكي عاش عمره كله باراً بشعبه، يغني له ويطبطب عليه ويثور حتى يفلق الحصى ومنه تعلم كثيرون يكتبون الشعر الآن كيف يكون الوفاء للكلمة الحرة، تخرج كالرصاصات الحية في وجه طغاة التأريخ وجبابرته.
وفوق هذا وذاك وكما تفضلت شخصيا، فإن استاذنا الكبير يتمتع بتواضع جم، هو تواضع العلماء و نزعة المتصوفة. إنه إنسانٌ جديرٌ بان يُحتفى به من قِبل أبناء السودان، الذين أحبوا أشعاره الباذخة وأناشيده الصادحة، وهم كثر، يسدون أرجاء الكون، فلماذا لا نأخذ زمام المبادرة سوياً وندعو لتشكيل لجنة قومية تكون من مهامها التحضير لجعل ذلك الحدث الكبير ممكنا، فكم من أُناسٍ رأيناهم يُكرمون وهم أقل قامة وهامة من أديبنا الأريب الذي خدم أمته قرابة الثلاث عقود، سفيرا ومبشرا وشاعراً، إختار التغني لنا، فصار جديراً بالإستقرار في أعماق ذاكرتنا التي شكلها أمثاله من الرائعين الجميلين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة