هل المؤتمر الوطني يحتضر في البحر الأحمر ؟

Quote: المؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر وحصاد سياسة الإقصاء د. طه بامكار قلتُ من قبلُ في مقالٍ سابقٍ إن المؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر يفتقد الي المنهج والمنهجية وان طريقة تعامله مع عضويته طريقة غريبة تتسم بالعدائية غير المبررة ويغلب النهج الإقصائي لكل تصرفات قادته في الولاية. وللذي يحسب أن الكتابة أمرٌ سهل أقول: هذه المقالات أدفع ثمنها غاليا ولكن لا بأس فالصدع بالحقيقة يحتاج الي صبرٍ ومصابرة..... لم أكن أود أن انشر غسيلنا علي صفحات الصحف ولكن ضاقت بنا مساحات الشوري وغابت عنا منابر المواجهة في الجرح والتعديل في الحزب. حاولت مراراً أن أجد أذنا صاغية للمناصحة والمشاورة والمفاكرة ولكن تم إقصائي وآخرين من مؤسسات الحزب عمدا. أساءت القيادة ظناً فأساءت إجابة. حزب بقامة المؤتمر الوطني لا يمكن أن يدار بهذه العقلية الإقصائية وبهذه النمطية والانطباعية التي لا تصبر علي إبداء الرأي الآخر… حزب غاص الي أخمص قدميه في الجهوية والقبلية لا يمكن أن يواكب التحديات الكبيرة التي نمر بها في السودان......قيادات تسبح عكس التيار وعكس السياسات الكلية للمشروع الحضاري غير جديرة بإدارة ولاية ذات أهمية قصوى مثل ولاية البحر الأحمر..... عودتنا وربتنا الحركة الإسلامية علي مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي والفكر بالفكر مهما كانت درجة اختلافنا مع الآخر… أياً كان هذا الآخر من حزبنا أو من حزبٍ آخر…. هكذا وفي ظل حرية التعبير قويت شوكتنا وكسبنا احترام الآخرين بدون إغراءات الثروة وبدون سطوة السلطة…... فالذي يتقوي بالسطوة والسلطة يخافه الناس ولكن لا يحترمونه ولا يكسب ودهم وتقديرهم أبدا، وقديما قال عمر بن الخطاب: متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا..... الناس كانوا يشهدون ويقرون بأننا كوادر مقتدرة وواعية ومدركة…. ولنا يشهدون بدقة التنظيم في كل محافلنا وتقلباتنا وكان يتسم تنظيمنا بالتفكير الجماعي أو العقل الجمعي، وكنا أقوياء حين كنا نواجه الناس بالعقل الجمعي وبرأي المجموعة، وكنا أقوياء حين كنا لا نهتف أبدا بحياة فرد، وان كان في قامة الترابي أو حسن البنا، وكنا أقوياء حين كان أمرنا متجه الي المقاصد والمعاني والقيم والمبادئ…. ولكن لا أدري ماذا أصاب المؤتمر الوطني بالولاية فهو يترنح في خطواته ويتململ في ترنحاته ويعج ويضج بصوتٍ عالٍ بكثير من الخلافات في داخل عضويته غير المتجانسة، يرسم خطوط سياساته بكثير من التعرجات والتعريجات بعد أن كان القدوة في الترتيب والتدبير والتنظيم.......لا أدري لعلها حظوظ النفس التي جُبلت علي الهلع والجشع...... أكاد أقر وأجزم بان المؤتمر الوطني بالولاية تشرذم (وتشلشل) وأصبح مقسم ومنقسم ويدار في شكل مجموعات (أ)و(ب)و(ج) متنافرة ومتناحرة ومتخاصمة. المجموعة (أ) هم القدامي وأغلبهم علي الرصيف تقريبا، وبالطبع أنا منهم وأمتلك قطعة أرض بشهادة بحث في الرصيف الذي تزداد مساحاته وعضويته كل يوم…. أتحسر وأموت غيظا عندما أري أن الأمر في الولاية آل الي بغاث الطير وخفافيش الظلام..... المؤتمر الوطني علي المستوي الاتحادي لم ولن يكون طيرا مهيض الجناح ولا أحسب أن قادته يهابون ويخافون تحركات الأحزاب، ولا أحسب أنهم يهوون سياسة الإقصاء والفجور في الخصومة.....إنهم يحاورون بجدارة ويمارسون السياسة بطريقة مقبولة.... ولكن لا أدري ماذا أصاب المؤتمر الوطني بالولاية فهو يعتمد سياسة غريبة فيما يخص الإثنيات فالنسيج الاجتماعي بات مهددا وزادت مساحات التنافر والتناحر واصبح للاحتقان والتخاصم مجالا واسعا لدرجة وضع اليد علي الزناد…. وأقولها صادقا وناصحا للحكومة الاتحادية: الأمر في الولاية يحتاج حلول اتحادية. الاحتقان والتنافر والتناثر الاثني في الولاية ليس أقل خطورة من الاحتباس الحراري الذي تتسابق في احتوائه الأمم المتحدة…. أرجو أن يأخذ رائي مأخذ الجد كما أرجو أن تتحرك الحلول الاتحادية قبل ضحي الغد وقبل أن يحتاج الأمر الي ملتقى مثل ملتقى كنانة الذي تداعي له الأخيار لحل قضية دارفور…. بالأمس كانت جلسات هيئة الشورى لاختيار مرشحي الولاية لمنصب الوالي.... أغرب شئ فيها سقوط رئيس هيئة الشورى وهو من أبناء البني عامر المخلصين للمؤتمر الوطني.... نجاحه ضمن السبعة أو الخمسة كان يعني حفظ الحق الأدبي للبني عامر باعتبارهم مكون رئيسي في النسيج الاجتماعي في الولاية وكان يعني كسب سياسي وحنكة للمؤتمر الوطني بالولاية… غياب ممثل البني عامر في القائمة كان خطئا كبيرا سيدفع ثمنه المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة…غياب أو تغييب ممثل البني عامر كان دليل غباء واضح في التنسيق المتعجل..... ويثبت ما نقوله بأن المؤتمر الوطني بالولاية يفتقر الي المنهج والمنهجية ويفتقر الي الكوادر الواعية التي تفهم جيدا مكونات النسيج الاجتماعي بالولاية…. بروز نجم أمين كباشي رغم كل محاولات إطفائه يعني الكثير الكثير…. الذي يعلمه الجميع أن عضوية هيئة الشورى تم تركيبها وتجميعها بدقة متناهية لا تتيح مجالا للذي يبدى رأيه أو يناقش بصراحة ووضوح حتى لا تتفلت عند الحاجة..... والكل كان يحسب أن الجدار الحديدي الذي يحيط بعضوية مؤسسات المؤتمر الوطني غير قابل للاختراق ولكن رغم ذلك اخترقه أمين كباشي وأصبح الرجل الثاني في القائمة متجاوزا نائب الرئيس للتنظيم السياسي بالولاية…. كل المؤشرات تقول أن المؤتمر الوطني بالولاية يفقد مساحات واسعة حتى في عضويته الخاصة جدا ناهيك عن مواطني الولاية كلها.... هذه العضوية بدأت تتململ وتفكر ضد قادتها بصوت عال....بدأ المؤتمر الوطني بالولاية يفقد الكثير من كسبه القديم في السياسة رغم جهوده المقدرة في الناحية التنفيذية بواسطة كسب الوالي…. سلوك المؤتمر الوطني مع مساعد رئيس الجمهورية وعدم استقباله في المطار أمر ترفضه بشدة المجموعة (أ) في المؤتمر الوطني…. هذا التصرف اللاسياسي أكسب ندوات مؤتمر البجا حضورا كبيرا وتعاطفا مقدرا من قبل جماهير البجا عموما…. استفاد مؤتمر البجا من هذا التعاطف وأعلن المجاعة في الولاية مما أكسبه احترام من يموتوا يوميا بالجوع والمسغبة…. أخطأ المؤتمر الوطني المجموعة (ب) حين حاول طمس الحقيقة بنفي المجاعة في أرياف الولاية وحين تواري خجلا خلف المسمي الجديد للمجاعة ( الفجوة الغذائية). علي كل حال موسي لا يستحق هذا القدر من التهميش. قد يفوز المؤتمر الوطني بالولاية في انتخابات الوالي ولكن حينها يكون المؤتمر الوطني قد فقد ماء وجهه وفقد المصداقية وفقد احترام الأحزاب وسوف يكون فوزه استمرار للقهر والظلم والتزوير…. كل الدلائل والمؤشرات تقول ذلك بدأً بالإحصاء السكاني في الولاية وانتهاءً بتوزيع الدوائر الجغرافية والسجل الانتخابي.